ما هي شروط العدة للأرملة

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ١٤:١٣ ، ٢١ يناير ٢٠١٨
ما هي شروط العدة للأرملة

الزواج

جعل المولى -عزّ وجلّ- عقد النكاح ميثاقاً غليظاً استشعاراً لأهمية الرّابطة الزوجيّة وتأكيداً على عدم الاستخفاف بها، واشترطت الشريعة الإسلاميّة لصحة عقد النكاح عدّة شروط من أهمّها شرط التأبيد، فلا يصحّ الزّواج القائم أساساً على حدّ زمني ينتهي به، ويعدّ هذا الشرط بين أهل السنة والجماعة مقبولاً؛ إلّا أنّ عقد النّكاح ينتهي بحالتين هما: التّفريق بين الزوجين سواءً كان ذلك بالطلاق أو بحكم القاضي أو بالخلع الرضائي نتيجةً لما يطرأ في الحياة الزوجيّة من ظروف وأحداث تستدعي إنهاء رباط الزوجيّة، وينتهي رباط الزوجيّة أيضاً بموت أحد الزّوجين، وفي كلا الحالتين يجب على المرأة العدّة، ويبحث هذا الموضوع عدّة الأرملة التي توفي عنها زوجها؛ فما هي العدّة، وكم مدّتها، وما هي أنواعها، وما هي شروطها للمرأة التي مات عنها زوجها؟

العدّة في الإسلام

العدّة في الاصطلاح الشرعي: هي المدة الزمنية التي حدّدتها الشريعة لانتهاء آثار الزواج بعد التّفريق الواقع، فالزوجة بعد حلِّ رباط الزوجية بالتفريق أو الموت تنتظر انقضاء أجل العدّة قبل إجراء زواج جديد،[1] ولا شكّ أنّ الأحكام التشريعيّة في الإسلام لها أبعادها ودلالاتها، وعدّة المرأة الأرملة لها غاياتها ودلالاتها كذلك، واجتهد العلماء في الكشف عمّا خُفِيَ من تلك الحِكَم منها ما يلي:[2]

  • عدّة المرأة تتضمن معنى العبوديّة والاستسلام لأمر الله -تعالى- بامتثال أمره والالتزام بالعدّة التي تعدّ حكماً من أحكام الشريعة الإسلاميّة.

  • التّأكد من براءة الرّحم منعاً لاختلاط الأنساب.

  • ترسيخ مفهوم ميثاق الزوجيّة ومكانته في الإسلام؛ بحيث أنّ الفراق الدائم وتبعاته لا يتم إلّا بالمرور بعدّة مراحل.

  • العدّة للأرملة فيها معنى الوفاء لعِشرة الزوج الميّت.

  • إنّ الفراق بموت الزوج لم يكن باختيار أحدهما فكانت مدّة الوفاء له أطول من مدّة العدّة للمرأة بالطلاق والخُلع والفسخ.

شروط عدّة الأرملة

تحمل مسألة عدّة الأرملة أحكاماً وشروطاً كثيرة، وإجمالها على النحو الآتي:[3]

  • ترك التّزيُّن والحليّ ومسّ الطيب والخضاب، وعدم لبس الثياب المصبوغة، وحُرمة التّعرض لأعين الخاطبين، والحِداد واجب ثابت بالشريعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحلّ لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر تحِدَّ على ميت فوق ثلاث إلَّا على زوج أربعة أشهر وعشراً).[4]

  • يلزمُ الحِداد جميع زوجات المتوفى عنهنّ زوجهنّ إن كان له أكثر من زوجة، فيشمل ذلك الصغيرة التي تحيض والكبيرة التي يئست من الحيض، وتدخل الأرملة الذميّة بوجوب الاعتداد بعد وفاة زوجها، وخالف في حكم الأرملة الذميّة أبو حنيفة فقال لا يلزمها حِداد.

  • الزوجة التي مات زوجها قبل الدخول تلزمها العدّة كذلك خِلافاً للمطلقة قبل الدخول لعموم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا)،[5] وقد أعطاها الشرع حصّة في الميراث.

  • مكان قضاء الأرملة للعدّة على النحو الآتي:
    • المعتمد عند جمهور أهل العلم وعامّة المفسرين أن تعتدّ الأرملة في بيت الزوجيّة ولا يجوز لها أن تَبِيت في غير بيت زوجها؛ إلّا أنّ هذا لا يمنع من جواز خروجها لقضاء حوائجها التي تتضرّر بدونها على أن تقضيها في وقت انتشار الناس، فالدِّين يُسر ويستند هذا الرأي إلى أدلة كثيرة، منها قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لفريعة بنت مالك بن سنان بعد مقتل زوجها: (امكُثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)،[6] فاعتدّت فيه أربعة أشهر وعشراً، وجاء في الخبر أنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يردّ الأرامل عن الحجّ.

    • جاء عن علي بن أبي طالب وابن عباس وجابر وعائشة -رضي الله عنهم- أنّ المتوفى عنها زوجها لا يلزمها أن تعتدّ في بيت الزوجيّة ولها أن تعتدّ أينما شاءت، ومستندهم أنّ الحكم الوارد في قول الله تعالى: (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا)[5] لم يحمل أمر الاعتداد بالبيوت، وهذا مذهب الظاهريّة، وروي عن أبي حنيفة وجاء أنّ عائشة -رضي الله عنها- كانت تُفتي الأرملة بالخروج في عدّتها.

  • المعتمد عند جمهور أهل العلم أنّ مدّة العدّة للأرملة تبدأ من يوم موت الزوج وليس من يوم عِلم الزوجة بخبر وفاة زوجها، وأجمع أهل العلم على أنّ الزوجة لو كانت حاملاً ولم تعلم بوفاة زوجها، ثمّ وضعت حملها تكون عدّتها منقضية، ولا عدّة عليها بعد عِلمها بوفاة زوجها.

  • أجمع العلماء على أنّ من مات بعد أن طلّق زوجته طلقة رجعيّة، وتُوفّي قبل انقضاء عدّتها لزمتها عدّة الوفاة؛ لأنّها تَرِثه وهي ما زالت في عِصمته.

مدّة عدّة الأرملة

عدّة المرأة التي مات عنها زوجها تنعقد مدّتها تِبْعاً لأمرين، وبيان ذلك على النحو الآتي:[3]

  • ذهب الجمهور من العلماء إلى أنّ عدّة المرأة المتوفى عنها زوجها مدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، فالحكم الوارد في قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)[5] ناسخٌ للحكم الوارد في قوله الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ).[7]

  • آية عدّة الأرملة أعطت حكماً عاماً لكلّ من مات عنها زوجها، ولكنّها مُخصّصة بآية أخرى لآلاتِ الأحمال في قول الله تعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)،[8] وهذا يعني استثناء المرأة الحامل التي مات عنها زوجها من عدّة الأربعة أشهر وعشرة أيام، فالمرأة الحامل تعتدّ بأبعد الأجلين إذا مات زوجها، فتختار المدّة الأطول من المدّة الباقية لحملها ومدّة العدّة الأصليّة التي هي أربعة أشهر وعشرة أيام، فإذا كانت مدّة الحمل المتبقيّة قبل وضع الحمل أكثر من أربعة أشهر وعشراً اعتدّت بها، وإلّا فتبقى على المدة الأصل، وهذا مخالف لجمهور أهل العلم، والمُفتى به عند جمهور أهل العلم أنّ عدّة الأرملة الحامل تنتهي بوضع الحمل ولو كانت المدّة يسيرة.

المراجع