أبو جعفر المنصور

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ٢٠:٢٤ ، ٢ ديسمبر ٢٠١٨
أبو جعفر المنصور

يُعَدُّ أبو جعفر المنصور الخليفة الثاني من خُلفاء الدَّولة العبّاسية، وُلِد في الأردن في منطقة الحميمة،[1] عام 95 للهجرة، واسمه الحقيقيّ هو المنصور عبد الله بن محمد بن علي العبّاسي، ويُكنَّى ب(أبي جعفر)، ويُذكَر أنَّ أبا جعفر المنصور هو المُؤسِّس الحقيقيّ للدَّولة العبّاسية؛ فهو الذي أرسى السياسة في الدَّولة، وسَنَّ السُّنَن فيها، وهو الذي جعل لبني العبّاس سَنداً في وراثة الحُكم، إضافة إلى أنّه سَنَّ السياسة الدينيّة للدَّولة العبّاسية، وجعلها أساس الحُكم، وبفضل مُعاشرته للناس، وتعرُّضه للتجارُب، والمِحَن، فقد استطاع المنصور النهوض بالدَّولة العبّاسية، حيث أصبحت مركزاً للحضارة الإسلاميّة؛ بفضل جُهوده، وحُسن تدبيره.[2]

صفاته


يتمتَّع أبو جعفر المنصور بالعديد من الصفات، ومنها:[3]
  • كان المنصور طويلاً، ونحيفاً، وأسمر البشرة.

  • كان رَحب الجبهة، ومُعرق الوجه.

  • كان شُجاعاً حازماً ذا هيبة، ودهاء.

  • كان حريصاً جمّاعاً للمال، ولا يُحبُّ اللهوَ، واللَّعب.

  • كان فقيهاً، وأديباً، كما عُرِف عنه عِلمه، وحُسن مُشاركته.


شخصيّته القياديّة


عُرِف عن أبي جعفر المنصور أنَّه كان خليفة يعمل بكدٍّ، وجدّ؛ فهو لم ينغمس في متاع الدنيا من لَهو، وسُلطة؛ حيث كان يشغل منصبه، وسُلطته للاهتمام بالدَّولة، وشؤونها، كما أنَّه كان على عِلم بقيمة المال، وأهمّيته؛ لذا فقد حرص على أن يُنفق المال فيما ينفع الناس، وكان رافضاً لتضييع الأموال في غير فائدة، وهذا ما جعل المُؤرِّخين يتَّهمونه بالبُخل، كما كان المنصور يهتمّ بالتدقيق على اختيار الوُلاة؛ حتى يستطيع مُتابعة كلّ ولاية في دولته، وكان ينتدب في القضاء، والشرطة من هو أهلٌ لهذه الوظائف، إضافة إلى أنّه كان يُحاسِب كلَّ من يُقصِّر في عَمله.[2]

دوره في إنشاء الدَّولة العبّاسية


تولَّى أبو جعفر المنصور خلافة الدَّولة العبّاسية بعد أبي العبّاس عام 136 للهجرة،[1] ومُنذ استلامه لحُكم العباسيّين اهتمَّ بثلاثة أمور كانت تُعَدُّ خطراً على دولته، وهذه الأمور هي:[4]
  • مُنافسة عمِّه عبد الله بن عليّ له؛ لذلك فقد كان عليه إزالته من هذه المُنافسة، حيث أرسل جيشاً بقيادة أبي مُسلم الخراسانيّ، والتقوا عند حرَّان، وانتصر جيش أبي مُسلم بعد ستَّة أشهر من القتال، وبعد أن فرَّ عبد الله بن عليّ استطاع المنصور الوصول إليه، وحَبسه هو ومن كان معه.

  • اتّساع نفوذ أبي مُسلم الخراسانيّ، ممّا جعله يُشكِّل خطراً على أبي جعفر المنصور؛ ولهذا استعمل أبو جعفر المنصور الدهاء معه، وولّاه على مصر، والشام بدلاً من خراسان.

  • خوف أبي جعفر المنصور من أن يخرج عليه أبناء عمومته من آل عليّ بن أبي طالب؛ لذا فقد اعتقلهم، ووضعهم في سِجن في العراق.


بعد أن تخلَّص أبو جعفر المنصور من كلِّ خطر يُحيط بدولته، شَرع في بناء مركز للعبّاسيّين في مدينة بغداد التي بُنِيت بمبلغ كبير من المال، وقد كانت بغداد مُميَّزة عن غيرها من المُدن، فلا نظير لها في فخامتها، وقَدرها؛ فهي مدينة العُلماء، والأعلام، وقد أصبحت سيِّدة البلاد، ومركز الحضارة الإسلاميّة؛ إذ أحضر المنصور إليها العُلماء من كافّة الدُّول، والأمصار، ووصل عدد سُكّانها إلى المليونَين، وقد بُنِيت بغداد خلال أربع سنوات، وكانت ذات تنظيم دائريّ، ولها ثلاثة أسوار، لكلِّ سور منها أربعة أبواب، هي: باب الشام، وباب البصرة، وباب خراسان، وباب الكوفة، علماً بأنّ المنصور شرععام 151 للهجرة في بناء مدينة لابنه المهديّ، وهي مدينة الرصافة، وجدَّد فيها البيعة لنفسه، ومن بعده المهدي، ومن بعد المهدي عيسى بن موسى.[4][5]

فتوحاته


لم تكن هنالك أيُّ فتوحات في عهد أبي جعفر المنصور، وإنَّما كانت معاركه غزوات مُتكرِّرة، ومن الجدير بالذكر أنَّ (قسطنطين) استطاع أن يدخل مُلكهم عُنوة، وهَدَم سور ملاطية، وتقدَّم في البلاد الإسلاميّة؛ وذلك لانشغالهم بالصراعات الداخليّة، وبعد أن انتهت الصراعات الداخليّة عاد أبو جعفر المنصور إلى الغزو من جديد، واستطاع السيطرة على المناطق القريبة من بلاد الروم، وبعث أبو جعفر جيشاً بقيادة ابنه المهدي؛ لغزو طَبرِستان في عام 141هـ.[4]

حدثت صراعات، وثورات كثيرة شغلت أبا جعفر المنصور، ومن بينها (ثورة سنباذ) عام 137هـ، والتي أشعلها (سنباذ المجوسيّ)؛ حتى يثأر من مقتل أبي مُسلم الخراسانيّ، وقد التفَّ حوله عدد كبير من أهل خراسان، واستطاعوا الهجوم على الريّ، وقومس، ونيسابور، وسَبوا النساء، وقتلوا الرجال، كما أنَّهم غالوا في قولهم؛ إذ قالوا إنَّهم ذاهبون لهدم الكعبة، فما كان من المنصور إلّا أن أرسل إليهم جيشاً بقيادة (جمهور بن مرّار العجليّ) الذي هزمهم، وقضى على ثورتهم، ومن الجدير بالذكر أنَّ المنصور قد واجه حركة غريبة هي (الروانديّة)، وذلك في عام 141هـ؛ وهم قوم اعتبروا أنَّ المنصور هو الإله الذي يُطعمهم، ويَرزقهم، وعندما رفض المنصور أفكارهم، وأمرهم بالابتعاد عنها، انقلبوا ضِدَّه، وثاروا عليه، وأعلنوا الحرب عليه، فقاتلهم الخليفة بنفسه، وانتصر هو ومن سانده من الناس على هذه الحركة.[6]

اهتمامه بالعِلم


أراد أبو جعفر المنصور أن تنهض الدَّولة العبّاسية بالعِلم، والتعليم؛ ولذلك كتب إلى ملك الروم، وطلب منه أن يبعث إليه كُتب تعليم مُترجَمة، فبعث إليه ملك الروم كُتب الطبيعيّات، بالإضافة إلى كتاب إقليدس، كما أنّه فكَّر في إنشاء مكتبة خاصَّة بالمُسلمين، وأمر بالترجمة من الكُتب غير العربيّة، فبدأت حركة الترجمة في عهده من مُختلف اللُّغات (الروميّة، والفارسيّة، والسريانيّة)، كما طلب من العُلماء، والمُتخصِّصين ترجمة كُتب الطبِّ، والرياضيّات، والفلسفة، ومن أشهر الكُتب التي تُرجِمت في عهده كتاب (كليلة ودمنة)، وكذلك كتاب (السند هند)، وكتاب (أرسطاطاليس).[7]

وفاته


تُوفِّي أبو جعفر المنصور في عام 158هـ، وهو في طريقه نحو مكَّة المُكرَّمة؛ لأداء فريضة الحجِّ فيها، وقد دُفِن في مكَّة المُكرَّمة، عِلماً بأنَّ الحاجب (الربيع) لم يُفصِح عن مَوته حتى أخذ البيعة من قادة بني هاشم للمهديّ، ثمّ أعلن وفاته، وتمّ دَفْنه، ويُذكَر أنَّ آخر ما قاله الخليفة أبو جعفر المنصور قبل وفاته هو: (اللهمَّ بارك لي في لقائك).[4]

المراجع