حكمة عمر بن الخطاب

حكم واقوال  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ١٠:٤٢ ، ١٣ مايو ٢٠١٨
حكمة عمر بن الخطاب

عمر بن الخطاب

كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعد بعثته يرى في عمر بن الخطاب رجلاً استثنائياً في جوانب كثيرة في شخصيته؛ فدعا الله -تعالى- أنْ يشرح صدره للإسلام، وأنْ يجعل في إسلامه عزّاً للمسلمين، وقد كان ذلك؛ حيث أعلن إسلامه على الملأ بعد أنْ كان من ألدّ أعداء الدعوة الإسلامية، وسجّلت السيرة النبويّة له مشاهد تضحية ومواقف عزّ، وفي كلّ موقف كان نصيراً للحقّ ولرسالة التوحيد، والتاريخ الإسلامي زاخر بمواقفه الجليلة وسيرته المدهشة، فهو أحد أعلام الإسلام العظماء، تولّى الخلافة بعد وفاة أبي بكر الصدّيق، فكان خير خلفٍ لخير سلف، وقد شهد له النبي -عليه الصلاة والسلام- في غير موقفٍ بالسداد، والفضل، والكرامة، والحكمة، كما كانت خلافته مليئة بما أكرمه به الله من الفراسة والإلهام، وسداد الرأي، وقوة الأخذ بالحقّ، والشجاعة في صدّ الباطل، فما هي المواقف التي اشتُهرت عنه في حكمته وسداد رأيه -رضي الله عنه-.

الحكمة التي آتاها الله -عز وجل- لعمر -رضي الله عنه- جعلت منه رجلاً مُلهَماً، حيث أُخبر بذلك رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-، وممّا يؤكّد ذلك نزول عدّة آيات في القرآن الكريم توافق رأيه في مسائل عدّة؛ منها: موقفه من أسرى بدر، ورأيه في اتّخاذ مقام إبراهيم -عليه السّلام- مُصلّىً.[1] وقد تعدّدت المواقف التي شهدتْ له بسداد الرأي والحكمة، منها:

  • سدّد الله -تعالى- رأي عمر -رضي الله عنه- في مواقف عبّر عنها بحكمته التي عُرف بها، ومن ذلك أنّه أشار على النبي -عليه السلام- بحجاب زوجاته أمهات المؤمنين إذ كان الصحابة يدخلون حجرات النبي، ويستفتونه في كثير من المسائل؛ فنزل القرآن يأمرهنّ بالحجاب،[2] وكان يرى عدم الصلاة على موتى المنافقين، فلما مات عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين قام النبي -صلى الله عليه وسلم- وصلّى عليه، فقال عمر: يا رسول الله، تصلّي عليه وهو منافق؛ فأنزل الله -تعالى-: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ).[3][4]

  • أخذ أبو بكر الصديق بالرّأي الحكيم لعمر -رضي الله عنهما- في مسألة جمع القرآن الكريم، حيث أشار عمر على أبي بكر بجمع المصحف في مكان واحد، حفاظاً عليه بعد أنْ استُشهد عدد من كتبة الوحي في معركة اليمامة.[2]

  • عندما قدم عمر إلى بيت المقدس بعد أنْ أذن الله بفتحها في خلافته زار كنيسة القيامة في القدس، وجلس في منتصفها، وأعطى النّصارى عهد الأمان، ولمّا حان وقت الصلاة، خرج من الكنيسة وأدّى الصلاة بمفرده، خشية أنْ يتّخذ المسلمون من بعده من كنيسة القيامة مسجداً، ويكونوا بذلك قد اعتدوا على حقّ النّصارى بحرية التعبّد في كنائسهم، ونقضوا عهده إليهم.[5]

  • كان عمر -رضي الله عنه- يخشى على معتقد النّاس من أنْ تمسّه بدعة أو تدخله ضلالة، أو تصيبه لوثة شرك ولو دون قصد، فلمّا بلغه أنّ الناس تقصد الشجرة التي بايع النبي -صلى الله عليه وسلم- تحتها المسلمون بيعة الرّضوان أمر بقطعها، لئلّا يتّخذها النّاس معبداً.[6]

  • ظهرت حكمة عمر جليّة في العام السابع عشر للهجرة عندما خرج ومعه جمع كبير من المسلمين، للحاق بجند المسلمين في فتوح الشام، وعند وصوله وادي تبوك شمالاً، أُخْبِر أنّ الطاعون قد ملأ بلاد الشام، وأصاب كثيراً من الخلق؛ فاستشار أصحابه، فكانتْ حكمته سبباً في الحفاظ على أرواح المسلمين، فقد قرّر العودة بمن معه من المسلمين إلى المدينة المنورة حتى يأذن الله بالفرج، وقال يومها قولته المشهورة لأبي عبيدة عامر بن الجرّاح: (نَفِرُّ من قدَرِ اللهِ إلى قدَرِ اللهِ، أرأَيتَ لو كان لك إبِلٌ هبطَتْ وادِيًا له عُدْوَتانِ، إحداهما خِصبَةٌ، والأخرى جَدبَةٌ، أليس إن رَعَيتَ الخِصبَةَ رَعَيتَها بقدَرِ اللهِ، وإن رَعَيتَ الجَدبَةَ رَعَيتَها بقدَرِ اللهِ ؟).[7][8]

وقفة تعريفية بالخليفة عمر بن الخطاب

امتاز أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بخصال كثيرة، جعلت منه شخصاً له حضور مختلف في تاريخ المسلمين الأوائل، ومن ذلك:[9]

  • نسبه ومولده: هو عمر بن الخطّاب العدويّ القرشيّ من أشراف قريش، وكنيته أبو حفص، وكان مولده بعد ولادة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بثلاث عشرة عاماً.

  • صفات عمر الخَلْقيّة: كان عمر -رضي الله عنه- طويل القامة، أصلع الرأس، شديد حمرة الوجه، وعرف بجهامته.

  • صفاته الخُلُقيّة: اتّصف الفاروق عمر في شدّة أخذه للحقّ وقوله، وعُرف برجاحة عقله، والسّداد والتّوفيق في رأيه، وكان حكيماً فطناً، لا يجادل في ذلك أحداً ممّن عرفه، كما كان صاحب غيرة في نصرة المظلومين، ونشر العدل بين الناس.

  • أهمّ مواقفه: أسلم عمر في المرحلة المكيّة، وشهِدَ مع من شهد بيعة الرضوان، وعُرِفَ بلقب الفاروق، وكان أهلاً له، لتفريقه بين الحقّ والباطل بلا هوادة، وهو أحد الذين بشّرهم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بالجنّة، وكان مِن أوائل مَن هاجر إلى المدينة المنوّرة، كما اتّخذه أبو بكر الصديق وزيراً في خلافته، ثمّ تولّى خلافة المسلمين بعده، وكان أوّل من نوديَ بأمير المؤمنين.

  • أهم إنجازاته في الخلافة: يعدّ تدوين الدواوين، ومنح الأعطيات حسب الأسبقيّة في الفضل، والبدء بالتقويم الهجريّ من أهم أعماله الكثيرة زمن خلافته.
شَهِد عمر مع رسول الله -عليه الصلاة والسلام- كلّ الغزوات والوقائع، والتاريخ يشهد أنّ خلافته كانت فتحاً على عامّة المسلمين، فقد اتّسعت آفاق الفتوحات الإسلاميّة، ودخلتْ بلاداً كثيرة في ظلّ دولة الإسلام، وفي عهده المبارك أكرم الله -عز وجل- المسلمين بانهيار دولتي فارس والرّوم.[1]

المراجع