قصة زكريا عليه السلام

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ٠٩:٣٨ ، ٧ يونيو ٢٠١٨
قصة زكريا عليه السلام

زكريا عليه السلام

ورد في نسب زكريا -عليه السلام- أنّه زكريا بن دان بن مسلم بن صدوق، ويمرّ نسبه بسليمان بن داود عليهما السلام، حتى يصل إلى يهوذا وهو ابن يعقوب عليه السلام، وورد أنّ زكريا كان يعمل نجّاراً، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم ثماني مرّاتٍ، وفُصّلت قصته في سورتي مريم وآل عمران، وبُعث نبيّاً في بني إسرائيل، بدعوة التوحيد، وعبادة الله سبحانه، وترك ما دون ذلك، في وقتٍ كثُر فيه إفسادهم وكفرهم، وانتشر الفسوق، والظلم والمنكر بعمومه بينهم، فقد كان ملوك بني إسرائيل حينها كفرة وفجرة، مُلؤوا بُغضاً للدين وأهله، فتسلّطوا على الأتقياء الصالحين، قتلاً وظلماً، وقد طال زكريا -عليه السلام- من بلائهم حين أمر الملك هيرودس بقتل يحيى بن زكريا عليه السلام؛ إرضاءً لعشيقته.[1]عايش زكريا -عليه السلام- انتشار القتل، والظلم في بني إسرائيل، وكان الله -تعالى- قد قدّر لحكمةٍ يعلمها ألّا يُرزق زكريا بالولد، فلمّا أحسّ أن الكبر قد تغشّاه، وأنّه وحيد ليس حوله من يقيم الدين معه، أو يخلفه فيه توجّه لله -تعالى- بالدعاء، فقال الله عزّ وجلّ: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيا*يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)،[2] فاستجاب الله دعوته بأن جعله يكفل مريم -عليها السلام- أوّلاً، ثمّ بُشّر بأنّ زوجته حامل، وسيكون له ولد بإذن الله تعالى.[1]

بلغ زكريا -عليه السلام- مرحلة الضعف والشيب كما وصف في دعائه لله سبحانه، لكنّه بالرغم من ذلك لم ييأس من قدرة الله تعالى، وفضله عليه بأن يرزقه الولد رغم ظروفه، وكان لكفالته مريم -عليها السلام- سبب إضافيّ لذلك اليقين، فزكريا حين كفل مريم -عليهما السلام- رأى لها من الكرامات الشيء العظيم، فقد كان يدخل عندها فيجد أمامها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف؛ تفضّلاً من الله وكرامةً، فزاد هذا من يقينه، ورغبته في أن يكرمه الله -تعالى- بالولد، بالرغم من أنّ زوجته عاقر لا تلد، وقد كبُر هو كذلك.[3]أجاب الله -تعالى- دعوة نبيّه، فبشّره بأن سيكون له ولد، اسمه يحيى، حيث قال الله تعالى: (يا زَكَرِيّا إِنّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسمُهُ يَحيى لَم نَجعَل لَهُ مِن قَبلُ سَمِيًّا)،[4] ففوجئ زكريا -عليه السلام- بالخبر، بالرغم من أنّه كان متوجّه لله -سُبحانه- بالدعاء، فطلب أن يجعل الله له آيةً لهذه البشارة، ودليلاً على وجود الحمل، فكانت آيته السكوت، فلا ينطق ثلاثة أيام بالرغم من اعتدال مزاجه، ومعاشرته للناس، وقد قيل: إنّه كان يستطع ذكر الله -تعالى- فقط، ولا يكلّم الناس، ولقد كان من تمام نعمة الله -تعالى- على نبيّه أن جعل ابنه يحيى صدّيقاً، نبيّاً، بارّاً بوالديه، وآتاه الله -تعالى- الكتاب، والحكم به صبيّاً، حتى جاءه صبيان يريدون اللعب معه وهو فتى، فقال لهم: ما للعب خُلقنا، وكان من النِعم التي حباه الله -تعالى- إيّاها أيضاً في قول الله تعالى: (وَحَنانًا مِن لَدُنّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا)،[5] فكان يحيى -عليه السلام- رحيماً بوالديه، مشفقاً عليهما، بارّاً بهما، كما قال الله -تعالى- أيضاً: (وَسَلامٌ عَلَيهِ يَومَ وُلِدَ وَيَومَ يَموتُ وَيَومَ يُبعَثُ حَيًّا)،[6] فكان الله -عزّ وجلّ- قد سلّم عليه بنفسه، فرُفع شأنه، وعلى قدرُه في الدنيا والآخرة.[3]

كفالة زكريا لمريم

كانت أمّ مريم -عليها السلام- زوجة عمران، امرأة صالحة، تقيّة، لكنّها كانت لا تُنجب، وطال الوقت ولم تُرزق بولد، فنذرت لله -تعالى- إن أعطاها ولداً أن تجعله خادماً لبيت المقدس، وعابداً لله تعالى، فما هو إلّا وقت قصير حتى أجاب الله رجاءها ودعاءها، وبشّرها بحملها، لكنّها عندما وضعت المولود كان أنثى، فحارت فيها؛ كيف لها أن تكون خادمةً للدين، وعابدة لله وهي أنثى، إلّا أنّها أوفت بنذرها، وأخذت مريم -عليها السلام- إلى بيت المقدس، لتجد مَن يكفلها، فاقترع الصالحون من بني إسرائيل لكفالة مريم عليها السلام؛ حبّاً بوالدها الذي كان صالحاً تقيّا من علماء بني إسرائيل، فخرج سهم زكريا عليه السلام، وكان زوج خالتها، فكفلها، وأحسن تربيتها، وأدّبها، وأسكنها في محرابه، وأوصلها إلى عبادة الله -تعالى- وحده، التي تُرضيه عنها.[1][7]

وفاة زكريا عليه السلام

ورد في وفاة نبيّ الله زكريا -عليه السلام- روايتان، كلتاهما تُلخّص بأنّ زكريا -عليه السلام- قد قُتل على يد أفجر الخلق من بني إسرائيل، فإنّهم من عادتهم قتل الأنبياء كما قال -تعالى- في كتابه الكريم، وأولى الروايتين أنّه لمّا شاع خبر ولادة مريم -عليها السلام- ادّعى أناس من بني إسرائيل أنّ زكريا -عليه السلام- أوقعها في الفاحشة، فأقبلوا إليه، فقتلوه على ذلك ظُلماً، حيث نشروه بالمنشار، وأمّا الرواية الثانية فهي أنّه لمّا قُتل نبيّ الله يحيى -عليه السلام- أرسل الملك هيرودس وهو قاتله مَن يبحث عن زكريا عليه السلام، فاختفى زكريا -عليه السلام- عن الانظار، حتى نادته شجرة -بإذن الله- أن يدخل إلى داخلها، فانشقّت، ودخل فيها، فعرف بذلك الشيطان، فأخذ شيئاً من لباس زكريا، وذهب إلى القوم يدلّهم مكانه، فأخبرهم بمكانه داخل الشجرة، وهو يملك الدليل، وهو شيء من ملابس زكريا عليه السلام، فأقبل القوم يقطعون الشجرة، ويضربونها بفؤوسهم، حتى قُتل زكريا عليه السلام.[1]

المراجع