نعمة النوم
امتاز الإسلام بالشموليّة؛ فهو الدين الذي يتوافق مع كل النّاس بجميع أحوالهم، وأماكنهم، وأزمانهم، ولغاتهم، وألوانهم، وهو الدين الذي يشتمل على كل ما يحتاجه الناس في دنياهم وآخرتهم، وحين ينام الإنسان فإن الإرادة والوعي عنده تختفيان، وقد يكون هذا الاختفاء جزئياً، أو يكون كلياً، كما أن التغيّرات التي تتعلّق بالبدن تتوقّف توقّفاً جزئياً؛ كالحركة والكلام، وقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (النومُ أخو الموتِ)،
صفة نوم الرسول عليه الصلاة والسلام
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إذا أراد النوم؛ يتناول فراشه الذي يريد أن ينام عليه، فينفضه ثلاث مرّاتٍ من الجانب الذي يلي بدنه، وقد ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إلى فِرَاشِهِ، فَلْيَأْخُذْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ، فَلْيَنْفُضْ بهَا فِرَاشَهُ، وَلْيُسَمِّ اللَّهَ، فإنَّه لا يَعْلَمُ ما خَلَفَهُ بَعْدَهُ علَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَضْطَجِعَ، فَلْيَضْطَجِعْ علَى شِقِّهِ الأيْمَنِ، وَلْيَقُلْ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبِّي بكَ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي، فَاغْفِرْ لَهَا، وإنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بما تَحْفَظُ به عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ)،
وكان -عليه الصلاة والسلام- ينام في أوّل الليل ويقوم آخره، وقبل أن ينام يدعو دعاء النوم، وحين يستيقظ يدعو دعاء الاستيقاظ، وعندما يأوي إلى فراشه يجمع كفّيه، فينفث فيهما، ثم يقرأ سورة الإخلاص والمعوّذتين، ويمسح بيديه على جسده، ابتداءً برأسه ثم ما استطاع من كامل جسده الشريف، ويفعل ذلك ثلاث مرات، ويتوسّد بوسادةٍ مصنوعة من الجلد ومحشوّة بالليف، وكذلك فراشه، ومن هديه أيضاً أنّ عائشة -رضي الله عنها- قالت له: (يا رَسولَ اللَّهِ: أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقالَ: يا عَائِشَةُ إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ ولَا يَنَامُ قَلْبِي)،
وقت نوم الرسول عليه الصلاة والسلام
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ينام أوّل اللّيل بعد أن يؤدّي صلاة العشاء، ثم يقوم عند بدء النصف الثاني من الليل فيُحيي الثلث منه، ثم ينام في السُّدُس الباقي من الليل، وقد وصف ابن القيّم -رحمه الله- نومه -عليه الصلاة والسلام- في كتابه زاد المعاد بأنّه أنفع نومٍ للجسد، وكان النبيّ ينام وقت القيلولة أيضاً، واقتدى به الصحابة الكِرام في فعل ذلك، وكرِه رسول الله النوم قبل العشاء؛ أي بعد المغرب، كما يُكره النوم في النّهار إلا وقت القيلولة، ولم يكن من عادة الرسول النوم بعد الفجر، لكن إن صعُب على المسلم أن يبقى مستيقظاً بعد الفجر؛ فله أن ينام حتى يقوى على القيام بأعماله.
وقد جاء النهي عن النوم قبل العشاء وعن الحديث بعده في حديثٍ نبويٍّ شريف، فعن أبي برزة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: (كانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، والحَدِيثَ بَعْدَهَا)،
فراش الرسول عليه الصلاة والسلام
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتجنّب النوم على فراشٍ ناعمٍ، لأنّ ذلك يمنعه من قيام الليل، فلمّا سُئلت حفصة عن فراش رسول الله، وصَفته بأنّه خشنٌ مصنوعٌ من الصّوف، يقومون بطيّه على طبقتيْن، فينام عليه، وفي يومٍ من الأيّام قاموا بثنْيه على أربع ثنْيات، فأصبح طريّاً، فنام عليه رسول الله، ولمّا أصبح جعل يسأل عمّا تغيّر في فراشه، فقالت له إنّه كان على أربع ثنْيات، فطلب أن يعيدوه إلى ما كان عليه، فقد منعه ذلك من قيام الليل،
ووصف ابن القيم في كتابه زاد المعاد ما كان ينام عليه رسول الله، فقد كان ينام على الفراش، وعلى الجلد، وعلى الحصير، وعلى الأرض، وعلى السرير، وعلى كساءٍ أسود، أي أنّه كان ينوّع فيما ينام عليه،
المراجع
- 1 - رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 6808، صحيح. .
- 2 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 6314، صحيح. .
- 3 - عبد العزيز السدحان، <i> " النوم حكم وأحكام وسنن وآداب " , ، صفحة 3-5 , عبد العزيز السدحان، .
- 4 - رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2714، صحيح. .
- 5 - محمد عويضة، <i> " فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب " , ، صفحة 59، جزء 10 , محمد عويضة، .
- 6 - محمد السفاريني (1993)، <i> " غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب " , (الطبعة الثانية)، مصر: مؤسسة قرطبة، صفحة 385، جزء 2 , محمد السفاريني (1993)، .
- 7 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1147، صحيح. .
- 8 - محمد زينو (1997)، <i> " مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع " , (الطبعة التاسعة)، الرياض: دار الصميعي، صفحة 319، جزء 1 , محمد زينو (1997)، .
- 9 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 6315، صحيح. .
- 10 - لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية (2009)، <i> " فتاوى الشبكة الإسلامية " , ، صفحة 1431، جزء 9 , لجنة الفتوى بالشبكة الإسلا .
- 11 - هدي النبي في النوم الاستيقاظ ليلا ونهارا، وأردأ أوقات النوم , www.islamweb.net , 6-5-2014، 18-9-2020. بتصرّف. .
- 12 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي برزة الأسلمي نضلة بن عبيد، الصفحة أو الرقم: 599، صحيح. .
- 13 - عبد العزيز بن باز، <i> " فتاوى نور على الدرب " , ، صفحة 112، جزء 10 , عبد العزيز بن باز، .
- 14 - محمد الغنيمي (26-2-2014)، " البرنامج الأمثل للنوم من الكتاب والسنة (إعجاز علمي ونفسى) " , www.ar.islamway.net , محمد الغنيمي (26-2-2014)، .
- 15 - سورة النور، آية: 58. .
- 16 - رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 9870، حسن. .
- 17 - وحيد بالي، <i> " الأمور الميسرة لقيام الليل " , ، المملكة العربية السعودية: دار الضياء، صفحة 68 , وحيد بالي، .
- 18 - رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1761، صحيح. .
- 19 - أحمد حطيبة، <i> " شرح رياض الصالحين " , ، صفحة 13، جزء 35 , أحمد حطيبة، .
- 21 - رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 12417، صحيح لغيره. .
- 22 - عبد الملك القاسم، <i> " يوم في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم " , ، الرياض: دار القاسم، صفحة 40 , عبد الملك القاسم، .