المرأة في الإسلام
جاء الإسلام بأحكامه وشريعته لتكريم الإنسان، وتمييزه وتفضيله على سائر المخلوقات، كما جاء في قول الله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)،
لم يُفرِّق الله تعالى في حُكمه، ومُعاملته، وتكريمه، والأمر بإعمار الأرض بين الذَّكر والأنثى، بل جعلهما مُتساوِيين في التَّكريم والتَّكليف والجزاء من ثوابٍ وعقابٍ؛ كلٌّ حسب سعيه، وعمله، والتزامه بأوامر الله تعالى واجتناب نواهيه، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)؛
وقد خصَّ الله تعالى النِّساء بأحكامٍ تتناسب وطبيعتهنّ التي خلقهنّ عليها وفطرهنَّ بها، ومن بين ما خُصَّت به النِّساء من الأحكام فيما يتعلّق باللباس: الحجاب، وفيما يأتي حديثٌ عن الحجاب؛ تعريفٌ به، وبيانٌ لحكمه، وتوضيحٌ لمواصفاته وشروطه التي حدَّدتها الشريعة، وختامٌ بأهميّةِ الحجاب، وذِكر بعض فضائله.
تعريف الحِجاب
الحِجابُ في اللُّغة من الجذر اللُّغويّ حَجَب، الحاء والجيم والباء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ دالٌّ على المَنْع، يُقالُ: حَجَبهُ عن كذا؛ أي مَنَعهُ عنهُ، وسُمِّي حِجابُ الجَوْفِ في جِسْمِ الإِنسانِ بذلكَ؛ لأنَّه يحجُبُ بينَ القلبِ وسائرِ الجوفِ،
ولا يخرج معنى الحجاب ومدلوله في الاصطلاح الشَّرعيّ عن معناه ودلالته اللغويَّة؛ فحجاب المرأة هو السَّاتر الذي تستُر به جسدها، وفيه حيلولةٌ عن أعيُن النَّاظرين من الرّجال غير محارِمِها.
حُكم الحجاب
اتّفق الفقهاء على أنَّ الحجاب فرضٌ على كلِّ مسلمةٍ بالغةٍ، فإذا بلغت المرأة دخلت سِنَّ التّكليف، وأصبحت مُخاطَبة بالأحكام الشرعيّة، وأصبح الالتزام بها واجباً، ومن بين هذه الأحكام الحجاب، ودليل وُجوبه ما جاء في قوله تعالى في سورة النّور: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)؛
مُواصفات الحجاب الشَّرعيّ
لا بُدَّ أن تتوفّر في حجاب المرأة جُملةٌ من المُواصفات والشّروط، حتّى يصبح حجاباً شرعيّاً صحيحاً، ومن هذه المواصفات والشُّروط:
- أن يستُر بدَن المرأة جميعه، فلا يبدو منها شيءٌ سوى الوجه والكفَّين على قول جمهور الفقهاء.
- أن يكون فضفاضاً واسعاً، فلا يصف الجسد ويُبرز تفاصيله.
- ألّا يكون شفّافاً، فيُظهِر ما تحته من جسد المرأة.
- ألّا يكون في حجاب المرأة تشبُّهٌ بالرِّجال، فقد ورد النَّهي عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- من تشبُّه النِّساء بالرِّجال أو العكس، فيما رواه عبد الله بن عبّاس -رضي الله عنهما- عن النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام: (لعنَ اللهُ المتشَبِّهَاتِ مِنَ النّساءِ بالرّجالِ، والمُتشبِّهينَ منَ الرّجالِ بالنّساءِ).
[12] - ألّا يكون لباس المرأة في ذاته لباسَ شهرةٍ، تتميَّز به عن غيرها من نساء بلدها أو منطقتها.
فضائل الحجاب
إنَّ للحجاب فضائل وفوائد عديدةً، تعود على المرأة المُلتزمة به وعلى المجتمع بوجهٍ عامٍّ، ومن هذه الفضائل:
- في التزام المرأة بالحجاب التزامٌ بأمر الله تعالى، وطاعةٌ له، وتعظيمٌ لحُرُماته، ومن ثمّ الفوز برضاه.
- في التزام الحجاب ما يمنع المرأة ويقيها من إلحاق الأذى بها غالباً.
- في الحجاب حفظٌ لأعراض المسلمين، وصونٌ لها ما قد يلوِّثها.
- في التزام الحجاب نشرٌ لقِيَم الفضيلة والعِفّة في المجتمع، وتعزيزٌ لها.
- في التزام الحجاب تميّزٌ للمسلمة عن غيرها؛ إذ إنّ الحجاب مظهرٌ من مظاهر الهويَّة الإسلاميَّة التي تُميِّز المسلمة.
المراجع
- 1 - سورة الإسراء، آية: 70. .
- 2 - سورة البقرة، آية: 30. .
- 3 - سورة هود، آية: 61. .
- 4 - سورة النحل، آية: 97. .
- 5 - رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عائشة بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم: 5/219، حديثٌ صحيح. .
- 6 - ابن فارس (1979)، <i> " مقاييس اللغة " , ، دمشق: دار الفكر، صفحة: 143، جزء: 2 , ابن فارس (1979)، .
- 7 - سورة فصلت، آية: 5. .
- 8 - ابن منظور (1414هـ)، <i> " لسان العرب " , (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار صادر، صفحة: 298، جزء: 1 , ابن منظور (1414هـ)، .
- 9 - مجموعة من العلماء، <i> " الموسوعة الفقهية الكويتية " , (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة: 5-8، جزء: 17 , مجموعة من العلماء، .
- 10 - سورة النور، آية: 31. .
- 11 - الألباني، <i> " جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة " , ، مصر: دار السلام، صفحة: 37 , الألباني، .
- 12 - رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 5100، صحيح. .
- 13 - صالح بن عبد الله بن حميد، <i> " نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم " , (الطبعة الرابعة)، جدة: دار الوسيلة، صفحة: 1528، جزء: 4 , صالح بن عبد الله بن حميد، .