“الإنسان قنطرة بين القردة والسوبرمان” هذا ما قاله فريدريش نيتشه في مزاح يشبه الجد، أو جد يشبه المزاح! الجينات Genes أو الموروثات هي الفاعل الرئيسي في عملية تطور الكائنات الحيّة، فالجين هو وحدة الوراثة، أو المادة التي تنقل الصفة الوراثية من جيل لآخر، كما أنّه الوحدة الأساسية المشتركة بين الكائنات الحيّة، وبالتالي من الممكن أن تتشابه فيما بينها.
لدى أجسامناثلاثة بلايين كتلة بناء جينية، أو أزواج أساسية منها، تجعلنا نبدو على ما نحن عليه من هيئة الآن، ومن بينهم يوجد مقدار ضئيل جدًا فريد (غير متكرر) بالنسبة لنا، مما يجعلنامتشابهين وراثيًا ببعضنا البعض بنسبة 99.9٪
وفيحديث له عبر منصة TEDأوضح الفيزيائي ورائد الأعمالRiccardo Sabatini أنّ النسخة المطبوعة من الشفرة الوراثية بأكملها تشغل حوالي 262000 صفحة، أو 175 كتابًا كبيرًا! ومن بين هذه الصفحات، سيكون هناك حوالي 500 فقط فريدًا، أي ليس له مثيل بالنسبة إلينا.
هذا؛ لأنّ أجزاء كبيرة من الجينات تؤدي وظائف مماثلة عبر المملكة الحيوانية، ومؤخرًا نشرت مجلة Nature العلمية العريقة بحثًا علميًا حديثًا في الجينات، وثق فيه العلماء الجين المسؤول عن الزعانف في الأسماك، ووجدوا أنّه هو نفسه الجين المسؤول عن الأطراف لدى الفئران، أي أنّ الأسماك والفئران يمتلكان نفس الجين.
الجينات هي كلمة السر
والآن ألقوا معي نظرةً سريعةً على مدى تشابهنا الوراثي مع كل شيء حولنا، بحسب تقرير مصور لطيف جدًا نشره موقعBusiness Insider، لتوضيح ارتباطنا الجيني مع كل شيء من حولنا على ظهر هذاالكوكب
بالنسبة للجنس البشري نحن نتشابه جينيًا. أنت مشابه للشخص الذي يجلس إلى جانبك بنسبة 99.9٪، أمّا الـ 1% المُتبقية من تلك الجينات، فهي تخبرنا عن كل شيء بدءًا من ماهية لون عينيك، إلى ما إذا كُنت تميل إلى الإصابة ببعض الأمراض.
وقد وجدت دراسة أجريت في عام 2005، أنّ قردة الشمبانزي – أقرب أقاربنا التطوريين الأحياء – تشبه الجينات البشرية بنسبة 96٪.
القطط تشبهنا أكثر مما تظن، فقد وجدت دراسة أجريت في عام 2007 أنّ حوالي 90٪ من الجينات الموجودة في القط المنزلي الحبشي Egyptian Mau من فصيلة Abyssinian cat مشابهة للبشر، وقد تم إجراء هذه الدراسة على قطة حبشية تُدعى سينامون.
أمّا عندما يتعلق الأمر بجينات ترميز البروتين Protin-encoding genes، تكون الفئران بنسبة 85٪ مشابهه للبشر، وبالنسبة للجينات غير المشفرة Non-coding genes، فإنّها فقط حوالي 50٪، ويعزو The National Human Genome Research Institute – المعهد القومي لبحوث الجينيوم البشري هذا التشابه إلى أجدادنا القدماء، الذين تشاركوا تلك الجينات منذ حوالي 80 مليون سنة.
إنّ درجة التشابه بين الفأر والإنسان مهمة جدًا؛ لأنّ التجارب العصبية وتجارب الأدوية تُجرى كلها تقريبًا على الفئران أولًا، ومن هُنا تأتي أهمية مشروع Allen Mouse Brain Atlas التابع لمشروعAllen Brain Atlas المدعوم من بول ألين الشريك المؤسس لمايكروسوفت، والذي بدأ ببناء خرائط لأدمغة فأر التجارب، وحديثًا لدماغ الإنسان.
في حين تشاطر الماشية أو الأبقار حوالي 80٪ من جيناتها مع البشر، وهذا وفقًا لتقرير نشر عام 2009 في مجلةScienceالعلمية.
ولكن عندما يتعلق الأمر بحمض النووي DNA للحشرات، فإنّ البشر لديهم قلة قليلة من الجينات المشتركة. على سبيل المثال، يتشارك ذباب الفاكهة نسبة 61٪ من الجينات المسببة للأمراض مع البشر، وهو أمر مهم عندما درست ناسا حشرة البق أو الخنفساء؛ لمعرفة المزيد حول ما قد يفعله السفر عبر الفضاء لجينات البشر.
وبينما يختلف جسم الدجاجة اختلافًا كبيرًا عن جسم الإنسان، من ناحية تغطية جسم الدجاجة بالريش، وأنّها تبيض ولا تلد، فإنّ حوالي 60٪ من جينات الدجاج لديها نظير جيني بشري.
حتى أنّالموزلا يزال يشترك في حوالي 60٪ من الحمض النووي نفسه للبشر!
وهكذا، يومًا بعد يوم يحاول العلماء التوصل إلى كشف سرالإنسان، ومعرفة الكثير عنه على مستوى الجينات على الأقل.
لك أيضًا:
سرقة دفاتر تشارلز داروين: الرجل الذي ألمح أن البشر ينحدرون من القردة
