سورة يوسف
سورة يوسف مكيّة، وعدد آياتها مئة وإحدى عشرة آيةً، وفيها عرضٌ للوقائع والعجائب التي مرّ بها سيّدنا يوسف، مثل: تعبير الرّؤيا، وحسَد الأخوة، ومحاولتهم التّفريق بين سيّدنا يوسف وأبيه، وفيها، أيضاً، تفصيلٌ لصبر يعقوب عليهِ السّلام، وعرضُ رغبةِ زوجةِ العزيز زليخة بسيّدنا يوسف، وحيرة النّساء بحُسن جمال يوسف عليهِ السّلام، كما ذكرت تسلُّمَ يوسفَ لخزائن مصرَ، وقدوم إخوته إليهِ، ورجوعهم بالبشارة إلى أبيهم يعقوب عليهِ السلّام بلقاء أخيهم يوسف عليهِ السلام.
تحدّثت سورةِ يوسف عن مرحلةٍ من أهمِّ المراحلِ، وأدقّها، وأخطرها في حياةِ سيّدنا يوسف عليهِ السّلام، وهي مرحلة تعرُّضهِ للفتنِ والمؤامرات بعد أن بلغ أشُدَّهُ، وآتاهُ اللهُ من الحكمة والعلمِ الشّيءَ الكثير، وقد واجه سيّدنا يوسف عليهِ السّلام هذه الفِتَن بقلبٍ سليمٍ، وخُلُقٍ قويمٍ، فنجّاهُ الله تعالى منها.
مناسبة قوله تعالى (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)
إحدى الفِتَن التي مَرَّ بها سيّدنا يوسف عليهِ السّلام كانت أثناء وجوده في بيت العزيز، والذي أمر امرأتهُ أن تكرّمَ مثواهُ؛ ليتّخذهُ ولداً لهما، إلّا أنّها نظرت إليه بعينٍ تختلفُ عن العينِ التي نظرَ بها زوجها إليه، فاستعملت معه الطُّرق العديدة لمُراودتهِ عن نفسهِ، وتحايُلها عليه مرّاتٍ ومرّات، وبصورةٍ متكرّرةٍ، وبشتّى وسائلِ الإغراءِ؛ لمحاولة الإيقاعِ بهِ، وما كانَ منهُ عليه السّلام إلا الامتناع، ورفض ما تريدهُ؛ خوفاً من اللهِ عزّ وجلّ، فَعَلِمَ العزيزُ ما جرى في بيتهِ، حيث أظهرَ اللهُ براءةَ يوسف عليهِ السلّام ممّا اتّهمتهُ بهِ زوجةُ العزيزِ، وقوله سبحانهُ: (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)،
تفسير قوله تعالى (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)
وُصِف كيدُ النّساءِ بالعظمة في قوله تعالى: (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)،
وقوله تعالى للنّساء: (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)،
الكيدُ علامةُ ضعفٍ
يرى البعضُ أنَّ المكرَ دليلُ ضعفٍ لا دليل قوّةٍ؛ لأنّ من معاني المكرِ التّثبيتُ في الخفاء، والمكر هو الشّجرُ الملتفُّ بعضهُ على بعضهِ الآخر؛ حيث لا نعرف أيَّ ورقةٍ تنمو من أيِّ جذعٍ أو فرعٍ؛ فالضّعفاءُ لا يواجهون لضعفِهم، أمّا الأقوياءُ فيواجهون ولا يبيتون؛ ولذلك يُقالُ: إنَّ الذي يكيد لغيره إنّما هو الضّعيف؛ لأن الإنسان الواضح الصّريح القادر على المواجهة هو القويّ. وهناك من يجعل ضعف النّساء دافعاً لهنَّ على قوّةِ المكر، استناداً إلى قولهِ تعالى: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)،
بما أنّ صفةَ الكيد عظيمةٌ، فالضّعفُ أعظم؛ لأنَّ الضّعيف إذا وجد فرصةً لهُ استغلّها واغتنمها؛ خوفاً من عدم تكرار مثلها ثانيةً، لذلك يندفع إلى قتل خصمه، والانقضاض عليه بقوّته كلّها، أمّا القوي فهو يثق بقوّتهِ وقدراتهِ؛ لذلك قد يترك خصمَه مرّةً، ويعطيهِ فرصاً أخرى للتّراجعِ، وإن أساءَ عاقبَهُ على قدرِ إساءَتهِ، ودليلُ ذلكَ قوله تعالى: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الذين كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ)؛
المراجع
- 2 - التفسير الوسيط للقرآن الكريم , (الطبعة الأولى)، الفجالة-القاهرة: دار نهضة مصر للطباعة , محمد سيد طنطاوي (1998م)، .
- 3 - سورة يوسف، آية: 28. .
- 4 - التفسير الوسيط للقرآن الكريم , (الطبعة الأولى)، الفجالة-القاهرة: دار نهضة مصر للطباعة , محمد سيد طنطاوي (1998م)، .
- 5 - التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج , (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر المعاصر، صفحة 247، جزء , وهبة بن مصطفى الزحيلي ( 1418 ه .
- 9 - سورة النّساء، آية: 28. .
- 11 - رواه محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي، في الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، صحيح البخاري، عن أبي بكرة، الصفحة أو الرقم: 9 / 55. .
- 12 - البدرُ التمام شرح بلوغ المرام , (الطبعة الأولى)، المغرب: دار هجر، صفحة: 32، جزء 10 , الحسين بن محمد بن سعيد اللا .
- 13 - سورة النساء، آية: 76. .
- 14 - سورة الأنفال، آية: 30. .
- 15 - سورة الأنفال، آية: 30. .