تعظيم المسلمين لشعيرة الحجّ
يُعظّم الحجّ شعائر الله في النفوس، ممّا يُؤدّي إلى تحقيق التقوى، ويتمثّل تعظيم شعائر الله في عدّة أمورٍ؛ ذلك أنّ الحاجّ لا يُمكن له ارتكاب شيءٍ ممّا حرّمه الله عليه أثناء أداء الحجّ؛ فلا يأخذ شيئاً من شَعره، ولا يقتل صيداً، ولا يتطيّب، كما أنّ للحجّ أثراً في الجوارح، وأثراً في التعامل مع ما شرعه الدِّين؛ سواء في الجانب المعرفيّ، أو الداخليّ، أو الظاهريّ، وبتعظيم المسلم لشعيرة الحجّ يبتعد عن معصية الله، فلا يتجرّأ على فِعل ما يُغضب الله -عزّ وجلّ-، ويحرص على طاعة الله، ويُعظّم أمرها،
تكبيرات الحَجّ
صيغة تكبيرات الحجّ
اختلف أصحاب المذاهب في صيغة تكبيرات الحجّ، وذهبوا في ذلك إلى عدّة آراءٍ، بيانها فيما يأتي:
- الحنفيّة: قالوا إنّ التكبير يكون بقَوْل: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"، وقالوا بجواز الزيادة على الصيغة السابقة بقَوْل: "الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله وبحمده بُكرةً وأصيلاً، لا إله إلّا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلّا الله، ولا نعبد إلّا إيّاه، مُخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهمّ صلِّ على سيدنا محمّدٍ، وعلى آل سيدنا محمّدٍ، وعلى أصحاب سيدنا محمّدٍ، وعلى أزواج سيدنا محمّدٍ، وعلى ذُريّة سيدنا محمّدٍ، وسلِّم تسليماً كثيراً".
[3] - المالكيّة: قالوا إنّ صيغة التكبير تكون بقَوْل: "الله أكبر" ثلاث مرّاتٍ، ويُعيدها مرّةً بعد أخرى.
[4] - الشافعيّة: قالوا إنّ أفضل صيغة للتكبير هي: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد".
5 - الحنابلة: قالوا إنّ صيغة التكبير تكون بقَوْل: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"، أي التكبير مرّتين؛ وذلك كما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-.
[6]
وقت التكبيرات في الحجّ
يكون التكبير في أيّام العشر من ذي الحِجّة، وأيّام التشريق في عيد الأضحى؛ استدلالاً بقَوْل الله -تعالى-: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)،
- الحنفيّة: يبدأ وقت التكبير من بعد صلاة الفجر من يوم عرفة، إلى ما بعد عصر آخر يومٍ من أيّام التشريق.
[9] - المالكيّة: قالوا إنّ التكبير يبدأ من بعد صلاة الظُّهر من يوم النَّحر، ويستمرّ إلى صلاة الفجر من اليوم الرابع.
[10] - الشافعيّة: قالوا إنّ التكبير في الحجّ يبدأ من ظُهر يوم النَّحْر، ويستمرّ إلى صباح آخر أيّام التشريق؛ إذ إنّ الظُّهر أوّل صلاةٍ تُؤدّى بعد انقضاء وقت التلبية، والفجر آخر صلاةٍ في مِنى.
[11] - الحنابلة: قالوا إنّ التكبير يبدأ من صلاة الظُّهر من يوم النَّحْر، ويستمرّ إلى صلاة العصر من آخر أيّام التشريق.
[12]
وتجدر الإشارة إلى اختلاف العلماء في الصلوات التي يُشرَع بعدها التكبير؛ إذ قال الشافعيّة إنّ التكبير يكون بعد الصلوات؛ سواء كانت فرضاً، أو نافلةً؛ فالتكبير شعارٌ للوقت، ولا يختصّ بصلاةٍ دون أخرى، وقال الحنابلة بخصوصيّة التكبير بعد الفرائض التي تُؤدّى جماعةً؛ فلا يُؤدّى التكبير بعد الصلوات التي تُؤدّى فُرادى، أمّا المالكيّة فقالوا إنّ التكبير مشروعٌ بعد الصلوات التي تُؤدّى في وقتها، أمّا إن كانت الصلوات من باب القضاء، فلا يُشرَع التكبير بعدها،
مواطن ذِكْر الله في الحجّ
للتكبير مواطن عديدةٌ في الحجّ، منها: التكبير يوم النَّحر حين الانتقال من مزدلفة إلى مِنى؛ لرَمْي جمرة العقبة، فقد ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (لقد خَرجتُ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ فما ترَكَ التَّلبيةَ حتَّى رمَى جَمرةَ العقَبةِ إلَّا أن يخلِطَها بتَكبيرٍ أو تَهليلٍ)،
كما يُشرَع التكبير حين رجوع الحاجّ، وحين المرور بمكان مرتفعٍ أثناء المسير؛ إذ أخرج الإمام البخاريّ عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا قَفَلَ مِن غَزْوٍ أوْ حَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ، يُكَبِّرُ علَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الأحْزَابَ وحْدَهُ)،
المراجع
- 1 - محمد الدويش، <i> " دروس الشيخ محمد الدويش " , ، صفحة 15، جزء 44 , محمد الدويش، .
- 2 - شعيرة الحج.. مقاصد وغايات , www.almoslim.net , 24-ذو القعدة-1429هـــ، 27-5-2020. .
- 3 - نجاح الحلبي، <i> " فقه العبادات على المذهب الحنفي " , ، صفحة 115 , نجاح الحلبي، .
- 4 - محمد الخرشي، <i> " شرح مختصر خليل " , ، بيروت: دار الفكر، صفحة 105، جزء 2 , محمد الخرشي، .
- 6 - عيد القادر التغلبي (1983)، <i> " نَيْلُ المَآرِب بشَرح دَلِيلُ الطَّالِب " , (الطبعة الأولى)، الكويت: مكتبة الفلاح، صفحة 207، جزء 1 , عيد القادر التغلبي (1983)، .
- 7 - سورة الحج، آية: 28. .
- 8 - عبد الله الحيد (19-ذو القعدة-1436هـ)، " مواضع التكبير في الحج والعمرة " , www.almoslim.net , عبد الله الحيد (19-ذو القعدة- .
- 9 - نجاح الحلبي، <i> " فقه العبادات على المذهب الحنفي " , ، صفحة 115 , نجاح الحلبي، .
- 10 - أحمد بن غانم الأزهري (1995)، <i> " الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني " , ، صفحة 273، جزء 1 , أحمد بن غانم الأزهري (1995)، .
- 11 - زكريا الأنصاري، <i> " أسنى المطالب في شرح روض الطالب " , ، صفحة 284، جزء 1 , زكريا الأنصاري، .
- 12 - منصور بن يونس البهوتي، <i> " الروض المربع شرح زاد المستقنع " , ، صفحة 165 , منصور بن يونس البهوتي، .
- 13 - وزارة الأوقاف، <i> " الموسوعة الفقهية الكويتية " , (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 250، جزء 27 , وزارة الأوقاف، .
- 14 - محمد ابن عابدين (1992)، <i> " رد المحتار على الدر المختار " , (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الفكر، صفحة 180، جزء 2 , محمد ابن عابدين (1992)، .
- 15 - رواه الإمام أحمد، في مسند أحمد، عن عبدالله بن سخبرة الأزدي أبو معمر، الصفحة أو الرقم: 6/28، إسناد صحيح. .
- 16 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1752، صحيح. .
- 17 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1797، صحيح. .