حقيقة الموت
الموت في اللّغة: زوال القوّة من الشيء، والموتُ يأتي بمعنى خلافُ الحياةِ،
ويُعتبَر الموت هو أوّل منازل الآخرة، ويشمل جميع الخلق؛ لقوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)،
الإيمان بما بعد الموت حقيقة على المسلم أن يؤمن بها إيماناً جازماً وقطعياً، وهي بمعنى آخر الإيمان باليوم الآخر ، والذي معناه: التصديق الجازم بكل ما يحدث بعد الموت بداية من عذاب القبر وما فيه من نعيم، وبالبعث بعد القبر، والحساب والميزان حيث توزن الأعمال، ثم الثواب والعقاب، وآخرها الجنة والنار، وبكلّ شيء ورد ذكره عن يوم القيامة
إنّ سبب تسمية اليوم الآخر بهذا الاسم؛ لتأخّره عن الحياة الدنيا، ويأتي بأسماء كثيرة ورد ذكرها في القرآن، فَمِن هذه الأسماء وأسباب تسميتها ما يلي:
- يوم البعث؛ لأنّ فيه بَعثْ الخلق والحياة بعد الموت.
- يوم الخروج؛ ذلك لأن الناس يخرجون من قبورهم التي كانوا فيها إلى الحياة الأخرى.
- يوم القيامة؛ لأنّه اليوم الذي يقوم فيه الناس للحساب.
- يوم الدّين؛ لأنّ في هذا اليوم إدانة للخلائق؛ حيثُ تتمّ مجازاتهم على أعمالهم التي قاموا بها في الدنيا.
- يوم الفصل؛ حيثُ يقام الفصل بين الناس بعدل الله عزّ وجلّ.
- يوم الحشر؛ لأنّ الخلائق تُجمَع فيه، وتُحشَر في موقف الحساب.
- يوم الجمع؛ لأنّ الله عز وجل يجمع فيه الناس للجزاء.
- يوم الحساب؛ لأنّ محاسبة الناس على أعمالهم السابقة في الحياة الدّنيا.
- يوم الوعيد؛ حيثُ يتحقّق وعيد الله عز وجل للكافرين.
- يوم الحسرة؛ لأنّه يوم حسرة للكافرين.
- يوم الخلود؛ لأنّ الحياة القائمة في هذا اليوم هي حياة خالدة أبديّة ليست كالحياة الدنيا مؤقتة.
- الدار الآخرة؛ لأنها تأتي بعد دار الدنيا، وهي الدار الباقية وليس بعدها انتقال لدار أخرى، ولَهُ أسماء أخرى ورد ذكرها في كتاب الله مثل: الواقعة، والقارعة، والحاقة، والراجفة، والآزفة، والصاخة، ويوم الفزع الأكبر، وكل هذه الأسماء تدلّ على عظيم شأن هذا اليوم، وشدة هوله، وما يجده الناس فيه من الخوف والشدائد و الأهوال ؛ حيثُ قال تعالى: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)
[9]
دليل البعث بعد الموت
تعدّدت أدلة البعث بعد الموت في القرآن الكريم؛ فَمَرّة يُخبِر الله عزّ وجلّ عن الذين أماتهم ثم أحياهم في الحياة الدنيا، قال تعالى: (فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ)
أحداث ما بعد الموت
أحداث ما بعد الموت جليلة وخطيرة؛ منها ما يكون في القبر ، ومنها ما يكون بعد بعث الخلائق من القبور،
ففي القبر يحدث أمران:
فتنة القبر
هي أنّ الميت يُمتحن إذا وضع في القبر، إذ يأتي الميت ملكان يسألانه: من ربك؟ وما هو دينك؟ ومن هو الرجل الذي بعثه الله فيكم؟ فيجيب المؤمن ويقول: ربي الله، ودِيني هو الإسلام ، وأمّا الرجل الذي بعثه الله فيقول: هو عبد الله ورسوله. والكافر يقول: هاه، هاه، لا أدري، ويجيب المنافق أومن خالطه الشك: لا أدري سمعت الناس يتحدثون عن شيء فقلته كما قالوا.
نعيم القبر وعذابه
بعد فتنة القبر إمّا أن يكون المؤمن في نعيم، أو في عذاب إلى أن يأتي يوم القيامة، وهذا الأمر يحصل للروح والبدن جميعاً؛ فتَنعمُ الروح أو تُعذّب وهي متّصلة بالبدن، فيكون نعيم القبر وعذابه عليهما جميعاً
ورد في الصحيحين عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن العبدَ إذا وُضِعَ في قَبرِه، وتولى عنه أصحابَه، وإنه ليسمعُ قَرْعَ نعالِهم، أتاه ملكانِ ، فَيُقعَدانِه فيقولانِ: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ، لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ، فأما المؤمنُ فيقولُ: أشهدُ أنه عبدُ اللهِ ورسولُه، فَيُقالُ له: انظرْ إلى مقعدِكَ من النارِ، قد أبدلك اللهُ به مقعدًا من الجنةِ، فيراهما جميعًا. قال قَتادَةُ وذكر لنا: أنه يُفْسحُ في قبرِه، ثم رجع إلى حديثِ أنسٍ، قال: وأما المنافقُ والكافرُ فَيُقالُ له: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ ؟ فيقولُ: لا أدري، كنتُ أقولُ ما يقولُ الناسُ ، فَيُقالُ: لا دَريتَ ولا تَليتَ، ويُضْرَبُ بِمَطارِقَ من حديدٍ ضربةً ، فيصيحُ صيحةً، يَسمعُها من يليِه غيرَ الثقلين)
يأتي عذاب القبر على نوعين؛ فمنه ما يكون دائم، كما في قوله تعالى: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا)
- نفخة الفزع وهي النفخة الأولى؛ حيثُ يضطرب فيها العالم ويفسد نظامه، قال تعالى في كتابه العزيز: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ)
[21] - نفخة الصعق: فيها يَهلُك كل شيء في العالم، ودليل ذلك قوله تعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ)
[22] - نفخة البعث والنشور: في هذه النفخة يقوم الناس من قبورهم؛ حيثُ ذكرها تعالى في كتابه فقال: (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ)
[23] .
آثار الإيمان بما بعد الموت
الإيمان باليوم الآخر يحفّز المسلم على العمل والاستعداد لهذا اليوم؛ كما قال سبحانه وتعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)،
المراجع
- 2 - الفوائد العوالي المؤرّخة من الصحاح والغرائب لمحمد بن علي الصوري , ، دار الإيمان، صفحة 267، جزء 1 , محمد بن علي بن عبد الله (1406ه .
- 3 - سورة البقرة، آية: 259. .
- 4 - الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة , ، بيروت: دار الكتب العلميّة، صفحة 49، جزء 1 , محمد بن أبي بكر بن أيوب بن س .
- 5 - سورة آل عمران، آية: 185. .
- 6 - منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة , (الطبعة الأولى)، دار ماجد عسيري، صفحة 808، جزء 1 , تامر محمد محمود متولي (1425هـ .
- 9 - سورة عبس، آية: 34، 37. .
- 10 - سورة البقرة، آية: 55. .
- 11 - سورة يس، آية: 79. .
- 12 - سورة الروم، آية: 27. .
- 13 - سورة التوبة، آية: 29. .
- 14 - لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية , (الطبعة الثانية)، دمشق: مؤسسة الخافقين ومكتبتها، صفحة , شمس الدين، أبو العون محمد ب .
- 16 - سورة إبراهيم، آية: 27. .
- 17 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1374، خلاصة حكم المحدث : صحيح. .
- 18 - سورة غافر، آية: 46. .
- 19 - شرح العقيدة الطحاوية , (الطبعة العاشرة)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 582، جزء 2 , صدر الدين محمد بن علاء الدي .
- 21 - سورة النمل، آية: 87. .
- 22 - سورة الزمر، آية: 68. .
- 23 - سورة الزمر، آية: 68. .
- 24 - سورة الكهف، آية: 110. .
- 25 - سورة يونس، آية: 7، 8. .