ما هو مرض الوباء الكبدي

طب وصحة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ٠٧:٥٦ ، ١٠ أغسطس ٢٠٢٠
ما هو مرض الوباء الكبدي

مرض الوباء الكبدي

يُعرّف مرض الوباء الكبدي، أو مرض الكبد الوبائيّ، أو التهاب الكبد الوبائيّ، أو التهاب الكبد الفيروسيّ (بالإنجليزية: Viral hepatitis) على أنّه عدوى تُصيب أنسجة الكبد مُسبّبةً التهابه، وانتفاخه، وتلفه، ويُعزى حدوثها إلى فيروساتٍ مُختلفة؛ بما في ذلك فيروسات التهاب الكبد الوبائي (أ)، و(ب)، و(ج)، و(د)، و(هـ)،[1] وقد يُعزى التهاب الكبد في بعض الحالات إلى أنواعٍ أخرى من الفيروسات؛ مثل الفيروس المضخم للخلايا (بالإنجليزية: Cytomegalovirus)، وفيروس إبشتاين بار (بالإنجليزية: Episten Bar virus)، وفيروس الهربس البسيط (بالإنجليزية: Herpes simplex virus)،[2] ويُمكن تصنيف التهاب الكبد إلى نوعين رئيسيين؛ وهما التهاب الكبد الحاد (بالإنجليزية: Acute hepatitis) الذي يستمر لمدّةٍ أقلّ من ستّة أشهر، والتهاب الكبد المزمن (بالإنجليزية: Chronic hepatitis) الذي يستمر لمدّةٍ أكثر من ستّة أشهر وربّما مدى الحياة ما لم يتمّ علاجه.[3]

بشكلٍ عامّ، يتعافى معظم الأشخاص من الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي، ولكن قد تؤدي هذه الحالة إلى الإضرار بأعضاء الجسم الأخرى خاصّةً في حال عدم تلقي العلاج المُناسب، فقد تتسبّب بتدمير أنسجة الكبد، وفشل الكبد، وإضعاف المناعة، ومن الممكن أن يتطور إلى سرطان الكبد (بالإنجليزية: Liver cancer) في بعض الحالات، وعلاوةً على ذلك فإنّ مرض التهاب الكبد الوبائي قد ينتشر بسهولةٍ بين الأشخاص، ومع ذلك فإنّ الوقاية من المرض أمر ممكن ويُمكن تحقيقه باتخاذ الإجراءات التي سيتمّ بيانُها لاحقًا في هذا المقال،[1][2] ووفقًا لدراسةٍ نشرتها مجلة "World Journal of clinical cases" عام 2018م فإنّ إجمالي عدد الأشخاص المصابين بواحد أو أكثر من فيروسات الكبد يبلغ قرابة 2.3 مليار شخص حول العالم.[4]

أنواع مرض الوباء الكبدي

كما ذكرنا سابقًا أنّ هناك خمسة أنواع رئيسية من فيروسات التهاب الكبد، وعلى الرغم من أنّها جميعًا تُسبّب التهاب الكبد إلّا أنّه توجد فروقات بينها، ويمكن بيانُها على النّحو الآتي:[5][6]

  • التهاب الكبد الفيروسي (أ): (بالإنجليزية: Hepatitis A)، واختصارًا (HAV)، تنتقل العدوى بهذا النّوع عبر البراز، ويحدث ذلك عندما يتمّ لمس الأشياء أو تناول الأطعمة أو المشروبات الملوثة ببراز شخصٍ مُصاب بهذا الفيروس، وتتراوح مدة الإصابة بهذا النّوع بين بضعة أسابيع في الحالات الخفيف إلى عدّة أشهر في الحالات الشديدة.

  • التهاب الكبد الفيروسي (ب): (بالإنجليزية: Hepatitis B)، واختصارًا (HBV)، وينتقل هذا النّوع من شخصٍ سليم إلى مُصاب عن طريق الدم، أو السّائل المنوي، أو سوائل الجسم الأخرى، وقد يحدث من خلال طرق عدّة؛ من بينها الاتّصال الجنسي، أو مشاركة الإبر وغيرها من معدات الحقن، أو من الأم إلى طفلها أثناء الولادة.

  • التهاب الكبد الفيروسي (جـ): (بالإنجليزية: Hepatitis C)، واختصارًا (HCV)، وينتقل عن طريق الدم بالدرجة الأولى؛ من خلال عمليات نقل الدم واستخدام الحقن الملوثة بالفيروس أثناء الإجراءات الطبية أو تعاطي المُخدرات، ويُمكن أن ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي ولكنه أقلّ شيوعًا مُقارنةً بالدم.

  • التهاب الكبد الفيروسي (د): (بالإنجليزية: Hepatitis D)، واختصارًا (HDV)، وينحصر انتقاله بين الأشخاص المُصابين بالتهاب الكبد الوبائي؛ أيّ أنّه لا ينتقل من مُصابٍ إلى سليم من الوباء الكبدي، وتجدر الإشارة إلى أنّ الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي من النوعين (ب) و(د) في ذات الوقت يزيدان من خطورة الحالة وسوء المضاعفات المُترتبة على ذلك.

  • التهاب الكبد الفيروسي (هـ): (بالإنجليزية: Hepatitis E)، واختصارًا (HEV)، ويعدّ السبب الأكثر شيوعًا لتفشي التهاب الكبد الوبائي في الدول النامية، كما أنّه أصبح مُسببًا مُهمًّا لالتهاب الكبد الوبائي في الدول المتقدمة، حيثُ ينتقل هذا الفيروس عن طريق الطعام، والشراب، والمياه الملوثة بالفيروس.
ولمعرفة المزيد عن طرق انتقال مرض الوباء الكبدي يمكن قراءة المقال الآتي: (طرق انتقال فيروس الكبد الوبائي).

ولمعرفة المزيد عن التهاب الكبد الوبائي ب يمكن قراءة المقال الآتي: (فيروس الكبد ب).

ولمعرفة المزيد عن التهاب الكبد الوبائي ج يمكن قراءة المقال الآتي: (التهاب الكبد c).

أعراض مرض الوباء الكبدي

قد لا يُدرك العديد من الأشخاص إصابتهم بالتهاب الكبد الوبائي نظرًا لعدم ظهور الأعراض التي يُستدلّ منها على إصابتهم بالمرض، وفي حال ظهورها فإنّ ذلك يتمّ في الغالب بعد التعرّض للعدوى بفترةٍ تتراوح بين أسبوعين إلى ستّة أشهر في حالات التهاب الكبد الوبائي الحادّ، وبعد عقودٍ في حالات الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي المُزمن،[7] وأمّا عن طبيعة أعراض مرض الكبد الوبائي التي قد تظهر في مرحلة متقدمة من المرض فنذكر منها ما يأتي:[8]

  • الغثيان.

  • التقيؤ.

  • فقدان الشهيّة.

  • ارتفاع درجة حرارة الجسم.

  • اليرقان (بالإنجليزية: Jaundice)؛ والذي يعني اصفرار الجلد والمنطقة البيضاء من العيون.

  • الإعياء.

  • آلام المعدة.

  • النسيان.

  • تقلبات المزاج.

  • ظهور البول باللون الداكن.

  • نزيف الأمعاء؛ ويُمكن الاستدلال على ذلك عن طريق مُراقبة البراز الذي قد يظهر باللون الأسود في حال وجود نزيف في الأمعاء.
ولمعرفة المزيد عن أعراض مرض الوباء الكبدي يمكن قراءة المقال الآتي: (أعراض مرض التهاب الكبد الوبائي).

تشخيص مرض الوباء الكبدي

يُمكن تشخيص مرض الكبد الوبائي لدى الغالبية العظمى من الحالات باستخدام اختبارات الدم البسيطة بكلّ سهولةٍ ويُسْر، أمّا خزعة الكبد (بالإنجليزية: Liver biopsy) فتعدّ أحد الإجراءات التي يُمكن استخدامها في الحالات التي يصعُب تشخيصها أو في حال الحاجة لاتخاذ قرارٍ علاجيٍّ بناءً على شدّة تندّب الكبد،[3] وبالرّجوع إلى الاختبارات البسيطة المُستخدمة في تشخيص مرض الكبد الوبائي فإنّها تشمل ما يأتي:[9]

  • اختبارات الدم، وفيما يأتي بيان لأبرزها:
    • اختبارات وظائف الكبد (بالإنجليزية: Liver Functions tests)، المعنية بالكشف عن مستويات البيليروبين (بالإنجليزية: Bilirubin)، وإنزيمات الكبد؛ تحديدًا ناقلة أمين الأَسبرتات (بالإنجليزية: Aspartate Transaminase) واختصارًا (AST)، وناقلة أمين الألانين (بالإنجليزية: Alanine Transaminase) واختصارًا (ALT).

    • اختبارات تخثر الدم؛ من بينها قياس زمن البروثرومبين (بالإنجليزية: Prothrombin time).

    • اختبارات وظائف الكلى (بالإنجليزية: Renal Functions tests).

    • اختبار قياس سكر الدم.

    • اختبار مصل الدم (بالإنجليزية: Serology)، ويهدف إلى الكشف عن الأجسام المضادة للغلوبيولين المناعي "م" (IgM) التي تظهر في مرحلةٍ مُبكرةٍ من الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي الحادّ، والأجسام المُضادة للغلوبيولين المناعي "ج" (IgG) والتي تظهر في وقت لاحقٍ من الإصابة بالعدوى.

  • اختبار البيليروبين في البول.
ولمعرفة المزيد عن تشخيص مرض الوباء الكبدي يمكن قراءة المقال الآتي: (تشخيص الكبد الوبائي).

علاج مرض الوباء الكبدي

يختلف علاج التهاب الكبد الوبائي باختلاف الفيروس المُسبب للحالة، ويمكن توضيح ذلك كما يأتي:[10][11]

  • التهاب الكبد الوبائي (أ): تتمثّل الخطّة العلاجيّة لهذا النوع من الالتهاب بشرب كمياتٍ كبيرةٍ من السوائل، وتناول الغذاء الصحّي، والحصول على الراحة، والامتناع عن شرب الكحول أو استخدام الأدوية التي قد تضرّ بالكبد، وتجنّب ممارسة التمارين الشاقّة حتّى انتهاء فترة الالتهاب الحادّ؛ وتأتي هذه الخطّة انطلاقًا من فكرة أنّ هذا النوع من الالتهابات يزول دائمًا من تلقاء نفسه ولا يحتاج إلى علاجٍ دوائي.

  • التهاب الكبد الوبائي (ب): كما الحال مع النوع (أ)؛ فإنّ الخطّة العلاجية لالتهاب الكبد الفيروسي (ب) تشمل الراحة، والتغذية الصحية، وشرب الكثير من السوائل، إذ إنّ هذه الإجراءات هامّة في حالات الالتهاب الحادّ لتمكين الجسم من التّصدي للعدوى، ويُشار إلى أنّ النوع الحادّ منه يختفي من تلقاء ذاته دون الحاجة لإجراءٍ طبي، أمّا الحالات الأشدّ خطورة فقد تحتاج إلى العلاجات المُضادة للفيروسات أو الإقامة في المستشفى تجنّبًا للمُضاعفات،[12] ويكون علاج التهاب الكبد (ب) المُزمن طويل الأمد وربما طوال الحياة تجنّبًا لنقل العدوى إلى الآخرين، ولتقليل خطر الإصابة بأمراض الكبد الأخرى، ويشمل العلاج ما يأتي:[13]
    • الأدوية المضادّة للفيروسات، والتي تؤخذ تحت إشراف الطبيب بهدف محاربة الفيروس وإبطاء قدرته على إتلاف الكبد، ومن أنواعها الفموية: الإينتيكافير (بالإنجليزية: Entecavir)، والتينوفوفير (بالإنجليزية: Tenofovir)، والأديفوفير(بالإنجليزية: Adefovir)، والتيلبيفودين (بالإنجليزية: Telbivudine)، واللاميفودين (بالإنجليزية: Lamivudine).

    • حقن الإنترفيرون (بالإنجليزية: Interferons injections)؛ وتُستخدم بصورةٍ أساسية للشباب المُصابين بالتهاب الكبد الفيروسي "ب" غير الراغبين بالعلاجات طويلة الأمد، أو السّيدات اللاتي يرغبن بالحمل خلال بضع سنوات بعد إتمام دورة العلاج، مع ضرورة الانتباه إلى عدم إمكانية استخدام حقن الإنترفيرون أثناء الحمل.

    • زراعة الكبد (بالإنجليزية: Liver transplantation)؛ ويُمكن اللجوء لهذا الخيار في حال كان الكبد قد تضرر بشكلٍ كبير.

  • التهاب الكبد الوبائي (ج): ويقتصر العلاج المُتاح على النوع المزمن منه فقط، وعلى الرغم من توافر العديد من الأدوية المستخدمة في علاج التهاب الكبد (ج) المُزمن إلّا أنّها لم تعدّ ذات فائدة في الوقت الحالي نتيجةً لتطوّر المرض، ويُستعاض عنها بأدوية أخرى تُعطى تحت إشراف الطبيب، ويتمّ اختيار الأنسب منها اعتمادًا على عواملٍ عدّة؛ من بينها السيرة المرضية للمُصاب؛ بما في ذلك إصابته بأمراض الكبد أخرى أو فيروس العوز المناعي البشري (بالإنجليزية: Human immunodeficiency virus)، ويؤخذ بالاعتبار أيضًا العلاجات السابقة ونتائج استخدامها، والتداخلات والحساسية الدوائية، والنّمط الجيني، وما إن كان الشخص قد خضَع مُسبقًا لزراعة الكبد أم لا، وحول الخيارات الدوائية المُتاحة في هذه الحالة فهي تؤخذ ضمن مجموعات مُختلفة، ولا يُعطى دواء مُعين لوحده، وتتضمّن حقن الإنترفيرون، وأنواع مُعينة من الأدوية الفموية؛ مثل الريبافيرين (بالإنجليزية: Ribavirin)، والإلباسفير(بالإنجليزية: Elbasvir)، والغرازوبريفير (بالإنجليزية: Grazoprevir)، والليديباسفير (بالإنجليزية: Ledipasvir).[14][11]

  • التهاب الكبد الوبائي (د): يُعالج هذا النّوع عن طريق إعطاء المريض دواء بيغنتيرفيرون ألفا (بالإنجليزية: Pegylated interferon alpha)‏ لمدّة 48 ساعة على الأقلّ بغضّ النظر عن نمط الاستجابة أثناء تلقي هذا العلاج، وفي حالات التهاب الكبد الخاطِف (بالإنجليزية: Fulminant hepatitis) (*) أو المراحل النهائية من مرض الكبد فقد يُلجأ إلى إخضاع الشخص لزراعة الكبد.[15]

  • التهاب الكبد الوبائي (هـ): كما الحال مع النوعين (أ) و(ب)؛ فإنّ الخطّة العلاجية لالتهاب الكبد الفيروسي (هـ) الحادّ تشمل أيضًا الراحة، والتغذية الصحية، وشرب الكثير من السوائل، والامتناع عن شرب الكحول، وقد يُلجأ لاستخدام أنواع مُعينة الأدوية؛ كالريبافيرين أو دواء بيغنتيرفيرون ألفا-2(أ)، ويجدُر بالمريض عدم استخدام أيّ أنواع من الأدوية، أو الفيتامينات، أو المكمّلات الغذائية، أو الوصفات العشبية دون استشارة الطبيب، نظرًا لامتلاك بعضها تأثيرًا ضارًّا في الكبد، كما يُنصح بمراجعة الطبيب بشكلٍ دوري إلى أن يتمّ التأكد من تعافي المريض بشكلٍ تامّ.[16]
ولمعرفة المزيد عن علاج مرض الوباء الكبدي يمكن قراءة المقال الآتي: (علاج التهاب الكبد الفيروسي).

الوقاية من مرض الوباء الكبدي

يُمكن تقليل خطر الإصابة بمرض الكبد الوبائي باتباع جميع النّصائح الوقائية، والتي نذكر منها ما يأتي:[17]

  • الحصول على المطاعيم للوقاية من خطر الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي من النوعين (أ) و(ب)، ويُعنى بذلك الأشخاص بشكلٍ عامّ، وعلى وجه الخصوص من يملكون عوامل خطر للإصابة بحالة الكبد الوبائي، والذين يعانون من مشاكلٍ صحيّةٍ أخرى، والعاملين ضمن مجال الرعاية الصحية أو السلامة العامّة، أمّا النوع (ج) من فيروس التهاب الكبد فليس له مطعوم، ويُمكن استشارة الطبيب لتقييم مدى الحاجة إلى الحصول على هذه المطاعيم.

  • غسل اليدين جيدًا بعد استخدام الحمام أو تغيير حفاضات الأطفال، كما يجب غسلهما جيدًا قبل إعداد الطعام أو تناوله.

  • تجنّب العلاقات الجنسية غير الشرعية لتقليل خطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًّا (بالإنجليزية: Sexually Transmitted Infections)؛ ومن ضمنها التهاب الكبد الوبائي الذي ينتقل عبر دم الطّمث، والسّوائل المهبلية، والسّائل المنوي.

  • تجنّب مشاركة الإبر والمحاقن مع الآخرين.

  • الانفراد باستخدام الأغراض الشخصية التي يُمكن أن تتلطّخ بالدم؛ مثل شفرة الحلاقة، أو مقصّ الأظافر، أو جهاز قياس سكر الدم، أو فرشاة الأسنان، وعدم السماح للآخرين باستخدامها، وكذلك عدم استخدام أغراضهم الشخصية.

  • ارتداء القفازات الواقية إذا كانت هناك ضرورة للتعامل مع دم شخصٍ آخر.

  • الالتزام بمبادئ السلامة العامّة واتّباع طُرق مكافحة العدوى وممارسات الحقن الآمن.
ولمعرفة المزيد عن الوقاية من مرض الوباء الكبدي يمكن قراءة المقال الآتي: (الوقاية من الكبد الوبائي).



الهوامش:
(*) التهاب الكبد الخاطِف: مُتلازمة سريرية تتمثل بحدوث ضعف شديد في وظائف الكبد، الأمر الذي يؤدي إلى الدخول في غيبوبة الكبد، وتدني القدرة الإنتاجية للكبد، وتتطوّر هذه الحالة في غضون ثمانية أسابيع من بدء حدوث التهاب الكبد.[18]

المراجع