عادة ما يتم تعريف الاستثمار بمفهومه التقليدي الاقتصادي بما يعني المؤسسات الربحية أو هو النفقات التي يتم صرفها من أجل شراء سلعة معينة ، ثم الاستثمار في هذه السلعة وتوقع عوائد مالية أكبر من النفقات أو الشركات الخدمية مقابل الربح وهكذا ، ولكن مفهوم الاستثمار الاجتماعي يختلف تمامًا وهو ما نحن بصدده في هذا المقال .
الاستثمار الاجتماعي هو نوع من المساهمات التي تهدف إلى تحقيق المنفعة العامة ، وذلك من خلال جانبان أساسيان ، الجانب الأول وهو التحقق من كون هذه المساهمات هي استثمارات ولكن لم تنشأ لأغراض استهلاكية ، مما يعني أن فكرة الاستثمار الاجتماعي مطابقة لمفهوم الاستثمار الاقتصادي من جانب توفير نفقات أو وجود أحد العناصر ذات القيمة التي لها عائد مالي ما في المستقبل ، أو توفير خدمة معينة أو فرص عمل .[1]من الجانب الثاني يعني الاستثمار الاجتماعي أنه تلك الإجراءات الخاصة التي يقوم بها فرد أو جماعة أو ” المستثمر الاجتماعي ” التي تعود بالنفع على نطاق واسع من المجتمع وليس بالضرورة أن يعود بالنفع على المستثمر نفسه ، فهو عبارة عن المساهمات العينية و النقدية كما يشمل العمل التطوعي مثل استثمار الوقت والمعرفة لتعليم الطلاب ، ونقل المهارات ، والمشاركة المدنية مثل استثمار الوقت ، والأرض ، والمواد ، والمهارات اللازمة لتنمية حديقة مجتمعية ، ويشمل أيضًا على حتى جلب رأس المال الاجتماعي مثل توفير وقت الاستثمار والوجود الاجتماعي و بناء العلاقات لإنشاء شبكات الدعوة أو مجموعات العمل ، لذا فإن الفرق الرئيسي بين الاستثمار الاقتصادي الاجتماعي والتقليدي هو أن الاستثمارات يجب أن تحقق عوائد مقصودة تتجاوز تلك التي تعود بالفائدة على المستثمر أو المانح ، وأن كلا من الاستثمارات والعائدات المتوقعة تنطوي على أكثر من المعاملات والتحويلات النقدية بل عليها أن توفر نفعًا للمجتمع ككل .[1]اهم تعريفات الاستثمار الاجتماعيتمت صياغة مفهوم الاستثمار الاجتماعي في السنوات الأخيرة بطرق عديدة ، نذكر منها الآتي :
هي مؤسسات تريد أن تحصل على ذلك التعريف الإيجابي لمجموعة من المؤسسات والمنظمات الخاصة التي تقوم بالإجراءات التي توفر منافع عامة ، بالرغم من كونها تستخدم بالفعل تلك المصطلحات مثل “غير الهادفة للربح ” أو ” غير الحكومية ” ، فقد توحي بما لا يمثل السبب الجوهري لوجودها ، وفي السياق ذاته تريد تلك المصطلحات الإشارة إلى معناه الموضوعي بشكل أكبر من المصطلحات الفنية .[1]الاستثمار الاجتماعي هو الحاجة إلى مصطلح يشمل المستوى الفردي مثل المشاركة المدنية ، العمل التطوعي ، التبرعات ، وكذلك مستوى المنظمة مثل المنظمات غير الربحية ، الجمعيات التطوعية ، الحركات الاجتماعية وأيضا المستوى المؤسسي مثل الأعمال الخيرية .[1]أيضا هو ذلك المصطلح الحديث للأنشطة التي تسعى إلى تحقيق القيمة المالية والاجتماعية والعوائد في المواقف ذات المنفعة مثل الأعمال الخيرية أو الأعمال الخيرية محدودة للغاية .[1]كذلك يعد الاستثمار الاجتماعي بحاجة إلى مصطلح محايد لتعزيز المقارنات بين البلدان ، كـ المفاهيم الحالية مثل مصطلح الكيانات المعفاة من الضرائب في الولايات المتحدة ، ومصطلح الجمعيات الخيرية وقطاع العمل التطوعي في المملكة المتحدة ، ومصطلح قطاع المنفعة العامة في ألمانيا ، ومصطلح الاقتصاد الاجتماعي في فرنسا ، وفي اليابان وإيطاليا ترتبط المفاهيم ارتباطًا وثيقًا نتيجة مرور البلدين بتجارب وظروف وطنية معينة .[1]يرجع الغرض من ربط أجندة البحث والتدريس والسياسة الحالية بشأن المنظمات غير الربحية والعمل الخيري والمشاركة المدنية مع الاهتمامات الرئيسية للأوساط الأكاديمية والتي تتمثل في العلوم الاجتماعية والدراسات القانونية والإدارة .يعد الاستثمار الاجتماعي هو التطلع إلى تحويل رؤية المنافع والمسؤوليات العامة من التركيز على النفقات المالية والإيرادات إلى الاستثمارات الاجتماعية ، أي إلى إنشاء الأصول الاجتماعية ، وتعزيز القدرة المجتمعية على حل المشكلات ، مع الوضع في الاعتبار أهمية استدامة هذه الرؤية .[1]الاستثمار الاجتماعي في نظر السياسة يتمثل في تصنيف النفقات التعليمية على أنها تكاليف جارية أو مصروفات في الميزانية السنوية وليس كاستثمارات ، ومثلها تعد المخصصات لتلك المناطق المحرومة بيئيُا لا توضع في قائمة الاستثمارات .بينما لدينا هذا التعريف لمفهوم الاستثمارات الاجتماعية فهناك تعريفًا آخر أكثر شمولًا ، وهو الذي يرى أن الاستثمار الاجتماعي أقل ارتباطًا بأنواع محددة من الشركات الاقتصادية ولكن مع مجموعة أوسع من المؤسسات عمومًا ، بما في ذلك السلوك الفردي ، ويتضمن التعريف الأكثر شمولًا للاستثمار الاجتماعي رؤى للنظرية الاقتصادية مثل نظريات السلع العامة وفشل السوق ، والنظرية السياسية مثل نظرية فشل الإدارة ، والنظرية التنظيمية مثل السلوك التنظيمي للشركات غير السوقية ، والنظرية الاجتماعية مثل مناهج رأس المال الاجتماعي ، والنظرية الفلسفية مثل نظرية القيد القاطع ، ونظرية الأخلاق وكذلك القانون مثل القانون الضريبي لمساهمات المنفعة العامة والقانون الدستوري أيضًا ، ومن هذا المنطلق تم اقتراح تحديد الاستثمار الاجتماعي بناءً على خمسة عناصر ، هم كما يلي:[1] الحكم الذاتي . الطبيعة التطوعية النابعة من التقدير . عدم القيد في التوزيع . العوامل الخارجية الإيجابية . توافر قاعدة القيمة المعيارية .
تحديات الاستثمار الاجتماعي في اوروبا
تواجه الدول على خريطة اوروبا تحديات هائلة تتمثل في أنها تعاني من الأزمة الاقتصادية ، حيث بلغت معدلات البطالة والفقر والإقصاء الاجتماعي إلى مستويات قياسية ، لذا يمثل الاستثمار الاجتماعي عبء كبير على الموارد البشرية في أوروبا إذ أنها تتعرض لضعف في الميزانيات العامة .[2]كما تعد التغيرات الديموغرافية أحد أهم أسباب الإعاقة للاستثمار الاجتماعي ، حيث يتقلص عدد الشباب الذين مازلوا في سن يسمح لهم بالعمل ، بينما تتزايد نسبة كبار السن في أوروبا ، لذا يلزم البحث عن حلول لضمان أنظمة الحماية الاجتماعية المستدامة والكافية .[2]
محاولات أوروبية نحو الاستثمار الاجتماعي
تقوم حزمة الاستثمار الاجتماعي في أوروبا (SIP) بعمل الآتي :
يقوم الاتحاد الاوروبي باستخدام الميزانيات الاجتماعية الخاصة بالبلدان الأعضاء استخدامًا ذو فعالية من أجل ضمان حماية اجتماعية كافية ومستدامة . كما تسعى حزمة SIP نحو تعزيز القدرات الحالية والمستقبلية للناس ، وتحسين فرصهم للمشاركة في المجتمع وسوق العمل . وتركز على مجموعة متكاملة من المزايا والخدمات التي تساعد الناس طوال حياتهم وتحقيق نتائج اجتماعية إيجابية دائمة . تشدد على مفهوم الوقاية الصحية بدلاً من العلاج ، عن طريق تقليل الحاجات بحيث في حالة احتاجت الناس إلى الدعم ، يمكن أن يقوم المجتمع بتحمل تكلفة المساعدة . ويدعو إلى الاهتمام بشكل أكبر وأكثر فعالية بالأطفال والشباب ، كونهم هم المستقبل ولابد من زيادة فرصهم في الحياة .[2]