شعر الحب
يدور الشعر عادة عن مجموعة من الأغراض المختلفة؛ كالحنين، وحب الوطن، والغزل والاشتياق للمحبوبة، والفخر، ويعتبر شعر الحب والغزل المرتبط بالعواطف المتصلة بهما من أشهر أنواع الشعر، والذي نظم حوله الشعراء الكثير من القصائد منذ القدم؛ فالحب يُعتبر من أقوى العواطف الإنسانية التي تعبّر عن دفين مشاعر الإنسان عندما يقع في الحب، وفي هذا المقال نُقدّم لكم مجموعة من شعر الحب والغزل
دعوة إلى حفلة قتل
- الشاعر نزار قباني شاعر سوري معاصر ولد في دمشق وهو من شعراء العصر الحديث أصدر أول ديوان شعري له في عام 1944م بعنوان (قالت لي السمراء)، ومن قصائد نزار قباني في الغزل:
[1]
كلُّ حبٍّ غيرُ حبي لكِ حبّ مستحيلْ
فلماذا أنتِ يا سيدتي باردةٌ
حين لا يفصلني عنكِ سوى
هضبتيْ رملٍ وبستانيْ نخيلْ
ولماذا
تلمسينَ الخيلَ إن آنتِ تخافين الصهيلْ
طالما فتشتُ عن تجربةٍ تقتلني
وأخيراً جئتِ يا موتي الجميلْ
فاقتليني نائماً أو صاحياً
أقتليني ضاحكاً أو باكياً
أقتليني كاسياً أو عارياً
فلقد يجعلني القتلُ وليا مثل كلّ الأولياءْ
ولقد يجعلني سنبلةً خضراءَ أو جدولَ ماءْ
وحماما
وهديلْ
أقتليني الآنَ
فالليلُ مملٌّ وطويلْ
أقتليني دونما شرطٍ فما من فارقٍ
عندما تبتدىءُ اللعبةُ يا سيدتي
بين من يـَقتلُ أو بين القتيلْ
قراءة في وجه حبيبتي
- محمود درويش من أهم الشعراء الفلسطينين الذين ارتبط اسمهم بالثورة والوطن، وهنا يصف الشاعر وجه محبوبته.
[2]
أرى مدناً ضائعة
أرى زمناً قرمزيا
أرى سبب الموت والكبرياء
أرى لغة لم تسجل
وآلهة تترجل
أمام المفاجأة الرائعة
وتنتشرين أمامي
صفوفا من الكائنات التي لا تسمى
وما وطني غير هذي العيون التي
تجهل الأرض جسما
وأسهر فيك على خنجر
واقف في جبين الطفولة
هو الموت مفتتح الليلة الحلوة القادمة
وأنت جميلة
كعصفورة نادمة
وحين أحدق فيك
أرى كربلاء
ويوتوبيا
والطفولة
وأقرأ لائحة الأنبياء
وسفر الرضا والرذيلة
أرى الأرض تلعب
فوق رمال السماء
أرى سببا لاختطاف المساء
من البحر
والشرفات البخيلة
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي
- أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي، ولد في عام 915م وتوفي في عام 965م، وتدور معظم قصائده حول مدح الملوك.
[3]
- وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي
- وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ
- مَجَالٌ لِدَمْعِ المُقْلَةِ المُتَرَقرِقِ
- وَفي الهجرِ فهوَ الدّهرَ يَرْجو وَيَتّقي
- شَفَعْتُ إلَيها مِنْ شَبَابي برَيِّقِ
- سَتَرْتُ فَمي عَنهُ فَقَبّلَ مَفْرِقي
- فَلَمْ أتَبَيّنْ عاطِلاً مِنْ مُطَوَّقِ
- عَفَافي وَيُرْضي الحِبّ وَالخَيلُ تلتقي
- وَيَفْعَلُ فِعْلَ البَابِليّ المُعَتَّقِ
- تَخَرّقْتَ وَالمَلْبُوسُ لم يَتَخَرّقِ
- بَعثنَ بكلّ القتل من كلّ مُشفِقِ
- مُرَكَّبَةٌ أحْداقُهَا فَوْقَ زِئْبِقِ
- وَعن لذّةِ التّوْديعِ خوْفُ التّفَرّقِ
- قَنَا ابنِ أبي الهَيْجاءِ في قلبِ فَيلَقِ
- إذا وَقَعَتْ فيهِ كنَسْجِ الخدَرْنَقِ
- تَخَيَّرُ أرْوَاحَ الكُمَاةِ وتَنْتَقي
- وَتَفري إليهِمْ كلَّ سورٍ وَخَندَقِ
- وَيَرْكُزُهَا بَينَ الفُراتِ وَجِلّقِ
- يُبَكّي دَماً مِنْ رَحمَةِ المُتَدَقِّقِ
- شُجاعٌ متى يُذكَرْ لهُ الطّعنُ يَشْتَقِ
- لَعُوبٌ بأطْرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ
- كعاذِلِهِ مَنْ قالَ للفَلَكِ ارْفُقِ
- وحتى أتاكَ الحَمدُ من كلّ مَنطِقِ
- فَقامَ مَقَامَ المُجْتَدي المُتَمَلِّقِ
- لأدْرَبَ منهُ بالطّعانِ وَأحْذَقِ
- قَريبٍ على خَيْلٍ حَوَالَيكَ سُبّقِ
- فَمَا سارَ إلاّ فَوْقَ هامٍ مُفَلَّقِ
- شُعَاعُ الحَديدِ البارِقِ المُتَألّقِ
- إلى البَحرِ يَسعى أمْ إلى البَدْرِ يرْتَقي
- بمِثْلِ خُضُوعٍ في كَلامٍ مُنَمَّقِ
- كَتَبْتَ إليْهِ في قَذالِ الدّمُسْتُقِ
- وَإنْ تُعْطِهِ حَدّ الحُسامِ فأخلِقِ
- حَبِيساً لِفَادٍ أوْ رَقيقاً لمُعْتِقِ
- وَمَرّوا عَلَيْها رَزْدَقاً بعدَ رَزْدَقِ
- أنَرْتُ بها مَا بَينَ غَرْبٍ وَمَشرِقِ
- أراهُ غُبَاري ثمّ قالَ لَهُ الحَقِ
- وَلكِنّهُ مَن يَزْحَمِ البَحرَ يَغرَقِ
- وَيُغضِي على عِلْمٍ بكُلّ مُمَخْرِقِ
- إذا كانَ طَرْفُ القلبِ ليسَ بمطرِقِ
- وَيا أيّهَا المَحْرُومُ يَمِّمْهُ تُرْزَقِ
- ويا أشجَعَ الشجعانِ فارِقْهُ تَفْرَقِ
- سعى جَدُّهُ في كيدهم سعيَ مُحْنَقِ
- إذا لم يكُنْ فضْلَ السّعيدِ المُوَفَّقِ
جارة الوادي
- ألّف الشاعر أحمد شوقي هذه القصيدة عند زيارته لمنطقة زحلة في لبنان قائلاً:
[4]
- ما يشبـهُ الأَحـلامَ مـن ذكـراكِ
- والذِّكرياتُ صَدَى السّنينَ الحَاكـي
- غَـنَّـاءَ كنـتُ حِيالَهـا أَلقـاكِ
- لـما خَطَـرْتِ يُقبِّـلان خُطـاكِ
- حتـى ترفَّـق ساعـدي فطـواكِ
- واحـمرّ مـن خَفَرَيْهمـا خـدّاكِ
- ولثمـتُ كالصّبـح المنـوِّرِ فـاكِ
- من طيب فيك ، ومن سُلاف لَمَـاكِ
- فِي العاج من أَي الشِّعـابِ أَتـاكِ
- صِنِّيـنَ والحَـرَمُـونَ فاحتضنـاكِ
جفون العذارى من خلال البراقع
- عنترة بن شداد بن قراد العبسي، من أشهر شعراء العرب، ومعروف بغزله العفيف لعبلة، ومن قصائده هذه القصيدة من البحر الطويل.
[5]
- أَحَدُّ مِنَ البيضِ الرِقاقِ القَواطِعِ
- مَحاجِرُهُ قَرحى بِفَيضِ المَدامِعِ
- وَشُلَّت يَداهُ بَعدَ قَطعِ الأَصابِعِ
- وعَلَّقَ آمالي بِذَيلِ المَطامِعِ
- وَداعَ يَقينٍ أَنَّني غَيرُ راجِعِ
- إِذا غِبتَ عَنّا في القِفارِ الشَواسِعِ
- وَلا غَيَّرَتني عَن هَواك مَطامِعي
- وَعِش ناعِماً في غِبطَةٍ غَيرِ جازِعِ
- وَلَو عَرَضَت دوني حُدودُ القَواطِعِ
- فَما يَدخُلُ التَفنيدُ فيهِ مَسامِعي
- وَأَنظُرُ في قُطرَيكَ زَهرَ الأَراجِعِ
- وَسُكّانَ ذاكَ الجِزعِ بَينَ المَراتِعِ
- وَنَرتَعُ في أَكنافِ تِلكَ المَرابِعِ
- عُبيلَةَ عَن رَحلي بِأَي المَواضِعِ
- وَحَيِّ دِياري في الحِمى وَمَضاجِعي
- عَلى تُربَتي بَينَ الطُيورِ السَواجِعِ
- سِوى البُعدِ عَن أَحبابِهِ وَالفَجائِعِ
- صُدورَ المَنايا في غُبار المَعامِعِ
- وَقَيدٍ ثَقيلٍ مِن قُيودِ التَوابِعِ
- وَلَكنَّني أَهفو فَتَجري مَدامِعي
- وَقَد شاعَ ذِكري في جَميعِ المَجامِعِ
- عَنِ اللَومِ إِن اللَومَ لَيس بِنافِعِ
- وَقَد أُضرِمَت نارُ الهَوى في أَضالِعي
القصيدة المتوحشة
- ومن أشهر قصائد الحب للشاعر نزار قباني.
[6]
وضيعي في خطوط يدي
أحبيني لأسبوع لأيام لساعات
فلست أنا الذي يهتم بالأبد
أنا تشرين شهر الريح
والأمطار والبرد
أنا تشرين فانسحقي
كصاعقة على جسدي
أحبيني
بكل توحش التتر
بكل حرارة الأدغال
كل شراسة المطر
ولا تبقي ولا تذري
ولا تتحضري أبدا
فقد سقطت على شفتيك
كل حضارة الحضر
أحبيني
كزلزال كموت غير منتظر
وخلي نهدك المعجون
بالكبريت والشرر
يهاجمني كذئب جائع خطر
وينهشني ويضربني
كما الأمطار تضرب ساحل الجزر
أنا رجل بلا قدر
فكوني أنت لي قدري
وأبقيني على نهديك
مثل النقش في الحجر
أحبيني ولا تتساءلي كيفا
ولا تتلعثمي خجلا
ولا تتساقطي خوفا
أحبيني بلا شكوى
أيشكو الغمد إذ يستقبل السيفا
وكوني البحر والميناء
كوني الأرض والمنفى
وكوني الصحو والإعصار
كوني اللين والعنفا
أحبيني بألف وألف أسلوب
ولا تتكرري كالصيف
إني أكره الصيفا
أحبيني وقوليها
لأرفض أن تحبيني بلا صوت
وأرفض أن أواري الحب
في قبر من الصمت
أحبيني بعيدا عن بلاد القهر والكبت
بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت
بعيدا عن تعصبها
بعيدا عن تخشبها
أحبيني .. بعيدا عن مدينتنا
التي من يوم أن كانت
إليها الحب لا يأتي
إليها الله لا يأتي
أحبيني ولا تخشي على قدميك
سيدتي من الماء
فلن تتعمدى امرأة
وجسمك خارج الماء
وشعرك خارج الماء
فنهدك بطة بيضاء
لا تحيا بلا ماء
أحبيني بطهري أو بأخطائي
بصحوي أو بأنوائي
وغطيني
أيا سقفا من الأزهار
يا غابات حناء
تعري
واسقطي مطرا
على عطشي وصحرائي
وذوبي في فمي كالشمع
وانعجني بأجزائي
تعري واشطري شفتي
إلى نصفين يا موسى بسيناء
برد نسيم الحجازِ في السحر
- قال عنترة بن شداد في محبوبته عبلة:
[7]
- إِذا أَتاني بِريحهِ العَطرِ
- مِنَ اللَآلي وَالمالِ وَالبِدَرِ
- ما غابَ وَجهُ الحَبيبِ عَن نَظَري
- شَرَبَّةِ الأُنسِ وابِلُ المَطَرِ
- مُبَرقَعاتٍ بِظُلمَةِ الشَعَرِ
- أَسادُ غاب بِالبيضِ وَالسُمُرِ
- مَكحولَةُ المُقلَتَينِ بِالحَوَرِ
- كَأسَ مُدامٍ قَد حُفَّ بِالدُرَرِ
- وَباتَ لَيثُ الشَرى عَلى حَذَرِ
- تُخجِلُ بِالحُسنِ بَهجَةَ القَمَرِ
- تَرمي فُؤادي بِأَسهُمِ الشَرَرِ
- قَضَيتُ لَيلي بِالنَوحِ وَالسَهَرِ
- وَخُضتُها بِالمُهَنَّدِ الذَكَرِ
- تَخوضُ بَحرَ الهَلاكِ وَالخَطَرِ
- أُطيقُ دَفعَ القَضاءِ وَالقَدَرِ
المراجع
- 1 - نزار قباني (1993)، <i> " أحبك أحبك والبقية تأتي " , ( الطبعة السابعة)، بيروت: منشورات نزار قباني، صفحة 28 , نزار قباني (1993)، .
- 2 - محمود درويش، " قراءة في وجه حبيبتي " , www.adab.com , محمود درويش، .
- 3 - المتنبي، " لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي " , www.adab.com , المتنبي، .
- 4 - علي هاشم (1988)، <i> " تسعون قصيدة غزل " , (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر العربي للطباعة والنش , علي هاشم (1988)، .
- 5 - عنترة بن شداد، " جفون العذارى من خلال البراقع " , www.aldiwan.net , عنترة بن شداد، .
- 6 - نزار قباني، " القصيدة المتوحشة " , www.adab.com , نزار قباني، .
- 7 - عنترة بن شداد، " برد نسيم الحجاز في السحر " , www.poetsgate.com , عنترة بن شداد، .