آلة الإنيغما (Enigma Machine)، آلة تشفير حققت شهرةً واسعةً في السابق، وهي عبارةٌ عن آلةٍ كهروميكانيكيةٍ جمعت بين الوظائف الميكانيكية والكهربائية، وتشبه في شكلها الآلة الكاتبة، لكن بحجمٍ أكبر.[1]
تاريخ آلة الإنيغما
ربما كانت الإنيغما من أفضل آلات التشفير التي عُرفت سابقًا، حيث استخدمها الألمان في الحرب العالمية الثانية ، وكانت الغاية منها نقل الرسائل السرية المشفرة، حيث كان من الصعب على الدول الأخرى فك الشيفرة الألمانية، لأن الإنيغما تتمتع بالكثير الكثير من طرق تشفير الرسائل، فكان من الصعب جدًا على الأعداء اختراق هذه الرموز التي بدت وكأنها مستحيلةُ الكسر، إلى أن قام البولنديون أولًا بتغيير هذه النظرية بكسرهم للإنيغما.آنذاك، بدأت الجهود البريطانية بالعمل لفك شيفرة الإنيغما، إذ قام عددٌ من الباحثين ـ منهم آلان تورنغ (Alan Turing) عالم الحاسوب البريطاني ـ باكتشاف ثغراتٍ في تطبيق كود إنيغما مكنتهم من الوصول للمخطوطات الألمانية، وحينها اكتشفوا تصميمًا ذكيًّا استطاع التغلّب على أكثر إصدارات وتعقيدات إنيغما وسمّي باسم Bombe. كان هذا الاكتشاف ـ برأي معظم المؤرخين آنذاك ـ نصرًا كبيرًا للحلفاء الذين استطاعوا من خلاله فك الكثير من الشيفرات ومعرفة العمليات والتحركات الألمانية بشكلٍ خفيٍّ، ودون إثارة شكوك الألمان حولهم بمعرفتهم للأسرار والاتصالات الألمانية، فكانوا يمررون بعض الهجمات بالرغم من معرفتهم ذلك مسبقًا.[2]
مكونات آلة الإنيغما
لآلة الإنيغما خمس ركائزَ تقوم عليها، وهي المكونات الأساسية لها:
لوحة توصيل: قد تحتوي على كابلاتٍ سلكيةٍ مزدوجةٍ، من صفر إلى ثلاثة عشر كابلًا.ثلاثة دوارات: منظمة وفق ترتيبٍ معينٍ (من اليسار إلى اليمين)، تعمل على إيصال ست وعشرين نقطة اتصالٍ مدخلة إلى ست وعشرين نقطة اتصالٍ مخرجة موجودة على أوجه بديلةٍ للقرص.مسننات: يبلغ عددها ست وعشرين مسننة موجودة حول محيط الدوارات؛ الأمر الذي يساعد المشغل على تحديد مركز الدوران الأولي للدوارات.حلقة منقولة: موجودة على كل من الدوارات، وهي المتحكمة في أداء الدوران باتجاه اليسار.عاكس نصف دوار: لا يدور بالمعنى الحقيقيّ للكلمة، وإنما يقوم بإعادة طي المدخلات والمخرجات على نفس وجه نقاط الاتصال.[3]
آلية عمل الإنيغما
كما ذكرنا في الأعلى مكونات آلة الإنيغما لكن الأجزاء الرئيسية الميكانيكية فيها هي أربعة، يمر من خلالها التيار الكهربائي، وهي:
لوحة المفاتيح.لوحة التوصيل (سنترال الهاتف).الدوارات.لوحة المصباح.تبدأ العملية عند الضغط على أي مفتاحٍ عشوائيٍّ في لوحة المفاتيح (مثلًا المفتاح L)، فتتولد إشارةٌ كهربائيةٌ تنتقل عبر الأقسام الأربعة لتتم عملية التشفير للأحرف المكتوبة وفق آليةٍ محددةٍ. حيث تنتقل الإشارة إلى لوحة التوصيل (وهي المحطة الأولى في رحلة تلك الإشارة الناتجة عن L)، المتصلة بأحرف أخرى (مثلًا حرف M) التي تنتقل من خلاله الإشارة إلى الجزء الثالث وهو الدوار الثابت (المحطة التالية) ذو التأثير المنعدم على الإشارة، لكن مهمته تتجسد في تحويل الأسلاك إلى نقاط الاتصال؛ لأن الإشارة لا يمكن أن تمر إلا عند لمس نقاط الاتصال حيث يكون مخرج الدوار الثابت هو مدخل الدوارات المتحركة، والتي ضمنها تحدث معظم المهمة.مبدأ عمل الدواراتتضم آلة الإنيغما ثلاث دوارات وهي سريع (الأيمن)، بطيء وهو المتوسط، والأيسر وهو الأبطأ، و تحتوي هذه الدوارات على مقياسٍ مرقمٍ من 1 إلى 26.تسافر الإشارة الكهربائية عبر هذه الدوارات الثلاثة بدايةً من الأسرع فالبطيء فالأبطأ إلى أن تُنهي رحلتها وتخرج. فمثلًا؛ عند الضغط على حرف L في لوحة المفاتيح، تنتقل الإشارة الكهربائية إلى الدوار السريع فتتغير قيمة الرقم على المقياس الخاص به، وعند إتمام دورة واحدة تنتقل الإشارة إلى الدوار المتوسط ومن ثم الدوار الأيسر.لتبسيط الفكرة يمكننا تشبيه نظام عمل الدوارات بعمل الساعة؛ حيث يمثل الدوار السريع عقرب الثواني، والمتوسط عقرب الدقائق، والأيسر عقرب الساعات، وعند إتمام 60 ثانيةً يتحرك عقرب الدقائق، وعند إتمام 60 دقيقةً يتحرك عقرب الساعات، وهكذا تنتقل الحركة بين الدوارات على نفس المبدأ.أخيرًا بعد خروج الإشارة من الدوار الأيسر تمر عبر عاكسٍ تدخل منه بحرفٍ معينٍ لتخرج منه بحرفٍ آخر وتنتهي الإشارة أخيرًا بلوحة المصباح، وهو الجزء الأساسي الرابع، حيث يضيء مصباحٌ كهربائيٌّ تابع لحرف من 26 حرفًا في اللوحة بعد المرور بالدارة بأكملها، فعند تشفير حرف L بحرف A، سيضيء الضوء الخاص الموجود أسفل حرف A.
[4]
