قوم عاد
يُعدّ قوم عاد من العرب العاربة، وقد كانوا في زمانهم أقوى الأُمَم وأعظمها، ممّا دفع بهم نحو الطغيان والتجبّر وعبادة الأصنام، قال الله في بيان ذلك: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)،
كان قوم عاد على درجة عالية من الرقيّ في العمران والبناء، وكانت بيوتهم ومساكنهم في غاية الروعة والإبداع والجمال، وكانت أراضيهم جناتٍ خضراء ترعى فيها المواشي وتزيد، وبذلك تفيض الأموال ويكثر الأبناء، قال تعالى: (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ*وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)،
عذاب قوم عاد
لمّا كذّب قوم عاد رسولهم وسخروا منه ورفضوا الإذعان لدعوة الله تعالى والخضوع له كما أخبر سبحانه في القرآن الكريم: (وتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)،
ونزلت بهم تلك الريح فعلاً، فسلّطها الله عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيامٍ حسوماً، فلم تنقطع عنهم لحظةً أبداً، وكانت كلها ريحاً عقيماً ليس فيها شيء من الخير أو البركة، فلم تلقّح الشجر ولم تحمل أيّ مطر، بل كانت شديدة البرودة، وكان صوتها مفزعاً مرعباً، قد وصفها الله تعالى قائلاً: ( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا)،
دروس وعِبَر من قصّة قوم عاد
في قصّة قوم عاد ورسولهم هود عليه السلام عبر ودروس عظيمة، منها ما يأتي:
- ضرورة التوكل على الله عز وجل والالتجاء إليه، فهذا ما فعله نبي الله هود عليه السلام عندما رأى من قومه تكذيبهم ومعاداتهم له، ولم يكن له طاقة بهم، ففوّض أمره إلى الله عز وجل، وطلب منه النصر والعون والتأييد.
- لا يهمل الله الظالمين أبداً، بل إنّه يستدرجهم ويمهلهم ويظلّ لهم بالمرصاد إلى أن يأخذهم فيهلكهم.
- قد يتأخر نصر الله تبارك وتعالى وتأييده للمؤمنين الصالحين، ولكنّ ذلك لا يكون إلا لحكمة أرادها سبحانه، ومن ثمّ يأتي نصره في الوقت المناسب.
- النصر لا يأتي إلا مع الصبر والتأنّي، ولا بُدّ من عُسر يسبق اليسر، وإذا شاء الله تعالى أن يبزغ الفجر ويلوح لعباده المؤمنين فإنه يسبق ذلك بكرب شديد يلجؤون فيه إليه سبحانه.
- طلب النصر والعون من الله تعالى هو نهج المرسلين عليهم السلام، فهود عليه السلام عندما كذبه قومه طلب النصر من الله تعالى، فقال كما جاء في القرآن الكريم: (رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ).
[14] - التوبة إلى الله تعالى واستغفاره عمّا اقترف الإنسان من آثام سبب في حصول الأمن والرخاء له، قال هود عليه السلام لقومه كما جاء في القرآن الكريم: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ).
[15] - قوّة الإنسان وجبروته وطغيانه مهما علا وازداد، لا يمكنه أن يردّ أو يمنع عذاب الله.
المراجع
- 1 - سورة فصلت، آية: 15. .
- 2 - خبر قوم عاد وثمود , www.fatwa.islamweb.net , 2005-3-23، 2018-4-29. بتصرّف. .
- 3 - فهد بن عبد الله الصالح (2017-12-20)، " قصة هود عليه السلام " , www.alukah.net , فهد بن عبد الله الصالح (2017-12 .
- 4 - سورة الفجر، آية: 6-8. .
- 5 - سورة الشعراء ، آية: 133-134. .
- 6 - سورة هود، آية: 59. .
- 7 - سورة الأحقاف، آية: 24. .
- 8 - سورة الأحقاف، آية: 24. .
- 10 - سورة الأحقاف، آية: 25. .
- 11 - سورة الذاريات، آية: 42. .
- 12 - سورة الحاقة، آية: 7. .
- 13 - سورة الأحقاف، آية: 25. .
- 14 - سورة المؤمنون، آية: 26. .
- 15 - سورة هود، آية: 52. .