تشخيص مرض أديسون

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ٠٩:١٩ ، ٥ أكتوبر ٢٠٢٠
تشخيص مرض أديسون

مرض أديسون

يُعرّف مرض أديسون (بالإنجليزية: Addison's disease)، أو ما يُعرف بالقصور الكظري الأولي (بالإنجليزية: Primary adrenal insufficiency)، أو قصور الغدة الكظرية الأساسي، أو قصور الكظر (بالإنجليزية: Hypoadrenalism) على أنّه فشل كامل أو جزئي في قدرة هرمونات قشرة الكظرية على أداء وظائفها،[1] ويترتب على ذلك انخفاض مستويات هرمون الكورتيزول والألدوستيرون في الدم، ولفهم هذا المرض لا بُدّ من بيان أنّه توجد في جسم الإنسان فوق كل كلية غدة تُعرف بالغدة فوق الكلوية أو الغدة الكظرية، وتتكون الغدة الكظرية من قسمين رئيسيين هما الداخلي ويعرف باللبّ، والخارجي الذي يُعرف بقشرة الكظر، حيث يُنتج اللب هرمون الأدرينالين بينما تُعد قشرة الكظر المسؤولة عن إفراز الكورتيزول (بالإنجليزية: Cortisol)، والألدوستيرون (بالإنجليزية: Aldosterone)، والأندرُوجين (بالإنجليزية: Androgens) الذي يعرف بالهرمون الذكري، وإنّ تعرض هذه الغدد للضرر أو التلف يُسبب نقصاً في إفراز هذه الهرمونات.[2][3]ولمعرفة المزيد عن مرض أديسون يمكن قراءة المقال الآتي: (مرض اديسون).

تشخيص مرض أديسون بشكل عام

لفهم تشخيص مرض أديسون لا بُد من بيان ما يأتي: إنّ قصور الكظرية الأولي المعروف بمرض أديسون يحدث نتيجة تلف في الغدة الكظرية نفسها، أما القصور الثانوي (بالإنجليزية: Secondary adrenal insufficiency) فيحدث نتيجة خلل في عمل الغدة النخامية (بالإنجليزية: Pituitary Gland) التي تتحكم بإفراز هرمونات الغدد الكظرية، حيث إنّ الغدة النخامية تفرز الهرمون الموجه لقشر الكظر (بالإنجليزية: Adrenocorticotropic hormone) واختصاراً ACTH، فتستجيب الغدة الكظرية لذلك بإفراز هرمون الكورتيزول، وعليه فإنّ عدم تصنيع النخامية لكمية كافية من الهرمون الموجه لقشر الكظر يتسبب بعدم تصنيع الكظرية لكمية كافية من الكورتيزول، وهذا ما يؤدي مع مرور الوقت إلى صغر الكظرية وانكماشها في حالة القصور الثانوي،[4] وإنّ تشخيص الإصابة بمرض أديسون يتطلب معرفة الأعراض والعلامات التي تظهر على الشخص المعنيّ وتقييمها، بالإضافة إلى أهمية إجراء بعض التحاليل الطبية، وسيأتي بيان ذلك أدناه.[5]

مراجعة الأعراض والتاريخ الطبي


يُعدّ تشخيص الإصابة بمرض أديسون في المراحل المُبكّرة أمراً صعباً نظراً لبطء تطور أعراض المرض آنذاك، حيث يعتمد الطبيب المختص على معرفة الأعراض التي يشكو منها المصاب قبل التوجه إلى طلب التحاليل الطبية، هذا بالإضافة إلى ضرورة معرفة التاريخ الصحيّ للمصاب،[5] ومن أهمّ الأعراض التي تُرافق مرض أديسون وتظهر بشكل تدريجيّ ما يأتي:[6]
  • الشعور بألم في البطن.

  • اضطراب أو عدم انتظام الدورة الشهرية.

  • الجفاف.

  • الشعور بالكآبة.

  • فقدان الشهية.

  • انخفاض مستوى السكر في الدم.

  • الإسهال.

  • التهيج.

  • اشتهاء الأطعمة المالحة.

  • الشعور بالدوخة وثقل الرأس عند الوقوف.

  • انخفاض ضغط الدم (بالإنجليزية: Low blood pressure).

  • ضعف العضلات.

  • الغثيان والتقؤ.

  • الحساسية تجاه الطقس البرد.

  • خسارة الوزن بصورة غير مخطط لها.

  • ظهور بقع داكنة اللون، وخاصة حول المفاصل، وثنيات الجلد، وفي مواطن وجود الندب.

  • الشعور بالتعب بشكل شديد للغاية.


الفحوصات والتحاليل


يلجأ الطبيب بعد معاينة أعراض مرض أديسون والتاريخ الصحي للمصاب إلى طلب مجموعة من فحوصات الدم التي تُعنى بقياس مستوى الصوديوم، والبوتاسيوم، والكورتيزول، والهرمون الموجه لقشر الكظر في الدم،[7] كما يلجأ الطبيب إلى طلب فحوصات وتحاليل أخرى بهدف تأكيد انخفاض مستوى هرمون الكورتيزول في الدم ومعرفة السبب الكامن وراء ذلك، ومنها ما يأتي:[7][8]
  • فحص تحفيز الهرمون المُوجِّه لقشرِ الكظر: (بالإنجليزية: ACTH stimulation test)، يُعدّ هذا الاختبار أكثر الاختبارات التشخيصية لمرض أديسون دقة، ويتم بإعطاء حقنة من الهرمون الموجه لقشرة الكظر المُصنّع، ويتم قياس مستوى هرمون الكورتيزول بالدم أو البول قبل إعطاء هذه الحقنة وبعدها، وقد يُجرى هذا الاختبار على خطوتين أو يُكتفى بالخطوة الأولى منه فقط بحسب النتائج، ويأتي توضيح ذلك أدناه:[9]
    • الخطوة الأولى: تُعرف هذه الخطوة باختبار تحفيز الهرمون الموجّه لقشرة الكظر القصير، ويقوم مبدأ هذا الاختبار على قياس مستوى الكورتيزول في الدم أو البول، ثمّ إعطاء حقنة من الهرمون الموجه لقشرة الكظر المُصنّع، ثمّ إعادة قياس مستوى هرمون الكورتيزول بعد مرور ثلاثين إلى ستين دقيقة على الفحص، والأصل أن ترتفع مستويات الكورتيزول ارتفاعاً ملحوظاً، ولكن في حال حدوث ارتفاع طفيف أو عدم حدوث ارتفاع على الإطلاق فإنّ ذلك يدل على وجود قصور في الغدة الكظرية، ولمعرفة فيما إن كان القصور أولياً (أي أن الشخص يُعاني من مرض أديسون) أو قصوراً ثانوياً تُجرى الخطوة الثانية من الاختبار.

    • الخطوة الثانية: يُجرى هذا الفحص في حال كانت نتيجة الفحص السابق غير طبيعية، ويتم بقياس مستوى هرمون الكورتيزول في الجسم، ثم يُعطى الهرمون الموجه لقشرة الكظر المُصنّع عن طريق حقنة وريدية أو عضلية، وذلك على مدار 48-72 ساعة، ثمّ يتم قياس مستوى هرمون الكورتيزول خلال هذين اليومين أو الثلاثة أيام من إعطاء الكورتيزول، وفي حال كانت الاستجابة طبيعية خلال اليوم الثاني أو الثالث فإنّ القصور ثانوي، ولكن إذا لم يرتفع مستوى الكورتيزول خلال الثلاثة أيام، فإنّ قصور الكظرية قصور أوليّ بمعنى أنّ الشخص مصاب بمرض أديسون.

  • فحص تحمل الإنسولين: (بالإنجليزية: Insulin Tolerance Test)، والذي يُعرف أيضاً بفحص نقص السكر المحَرّض بالإنسولين (بالإنجليزية: Insulin Induced Hypoglycemia Test)، ويُعدّ هذا الفحص معياراً ذهبياً لتشخيص الإصابة بقصور الكظرية بنوعيه، وقد جاءت فكرته من قاعدة مفادها أنّ انخفاض مستوى السكر في الدم يُعدّ منبهاً قوياً للغدة النخامية لإفراز الهرمون الموجه لقشر الكظر، ولخطورة هذا الفحص فإنّه يُمنع إجراؤه في حالات قصور القلب، وفي حال كان مستوى الكورتيزول شديد الانخفاض، وفي حال الإصابة بالصرع، وحتى في الحالات التي يُسمح فيها إجراؤه يجب أن يتم تحت إشراف طبيب مختص، وأمّا بالنسبة لآليته؛ فيتم بقياس مستوى الكورتيزول والغلوكوز ابتداءً ثم يُحقن الشخص المعني بالإنسولين لخفض مستوى السكر في الدم، ويُقاس مستوى الكورتزول والغلوكوز بعد 30، و45، و90 دقيقة، وتكون الاستجابة الطبيعية بانخفاض مستوى الغلوكوز مع ارتفاع مستوى الكورتيزول، وفي حال الانتهاء من الفحص يُعطى الشخص وجبة خفيفة.[10][9]

  • فحص تحفيز الهرمون المُطلق لموجهة القشر: (بالإنجليزية: CRH Stimulation Test)، إنّ الهرمون المطلق لموجهة القشر (بالإنجليزية: Corticotropin Releasing Hormone) يُحفّز الغدة النخامية لإفراز الهرمون الموجه لقشر الكظر، والذي بدوره يُحفز الكظرية لإفراز الكورتيزول، ويُجرى هذا الفحص بقياس مستوى الكورتيزول في الدم، ثم يُحقن الهرمون المطلق لموجهة القشر المصنّع، ثمّ يُقاس مستوى الكورتيزول كل نصف ساعة لمدة ساعة ونصف، وفي حال كانت استجابة الهرمون الموجه لقشر الكظر طبيعية ولكن هرمون الكورتيزول غير طبيعي فإنّ الشخص يُعاني من مرض أديسون، ولكن في حال كانت نتيجة الهرمون الموجه لقشر الكظر غير طبيعية فإنّ المصاب يُعاني من قصور الكظر الثانوي.[10]

  • فحص الأجسام المضادة لمرض أديسون: تُعرّف الأجسام المضادة بأنّها بروتينات يُصنّعها جهاز المناعة بهدف مواجهة البكتيريا والفيروسات والأجسام المُمرضة التي قد يتعرض لها، وفي الحالات التي يكون فيها مرض أديسون ناجماً عن مرض مناعي ذاتي فإنّ الأجسام المضادة تظهر في تحليل الدم غالباً، وفي حال ظهرت هذه الأجسام فيمكن تأكيد الإصابة بمرض أديسون دون الحاجة لإجراء أي فحوصات أو تحاليل أخرى.[8]

  • فحص وظائف الغدة الدرقية: (بالإنجليزية: Thyroid function test)، توجد الغدة الدرقية في الرقبة، وهي مسؤولة عن إفراز مجموعة من الهرمونات التي تتحكم بعمليات الأيض والنمو في الجسم، وإنّ المصابين بمرض أديسون عادة ما يُعانون من قصور أو خمول في الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Hypothyroidism)، أي أنّ الغدة الدرقية تُنتج هرموناتها بمستويات أقل من المطلوب، وبإجراء تحليل وظائف الغدة الدرقية يمكن الكشف عن هذا القصور إن وُجد.[11]

  • فحوصات السل: لأنّ مرض أديسون قد يكون ناجماً عن الإصابة بمرض السل كما ذُكر سابقاً، فإنّ الطبيب قد يطلب إجراء فحوصات السل، بما فيها فحص البول الذي يكشف عن البكتيريا المُسببة لهذا المرض، وفحص الجلد (بالإنجليزية: TB skin test) الذي يتم بحقن البكتيريا المُسببة للمرض بصورتها الخاملة، ومراقبة التفاعل الذي يحدث، ففي حال حدث انتفاخ وتورم فهذا يعني أنّ الشخص مصاب بالسل بشكله الخامل، ومن فحوصات السل أيضاً: تصوير الصدر بالأشعة السينية (بالإنجليزية: Chest x-ray).[8]

  • الفحوصات التصويرية: تُساعد الفحوصات التصويرية ومنها: الأشعة المقطعية أو التصوير الطبقي المحوري (بالإنجليزية: Computed tomography (CT) scan) لمنطقة البطن، أو التصوير بالرنين المغناطيسي (بالإنجليزية: MRI scans) للدماغ في الكشف عن وجود أي تغيرات في حجم أو شكل الغدد الكظرية أو الغدة النخامية، ولكن يجدر العلم أنّ اختبارات التصوير عموماً تساهم في تشخيص قصور الغدة الكظرية بتوفير مزيد من المعلومات الداعمة دون الاعتماد عليها وحدها في تشخيص هذا الاضطراب بشكل نهائي؛ إذ إنّ فحوصات الهرمونات هي التي تؤكد تشخيص قصور الكظرية بشكل نهائي.[12][10]

تشخيص مرض أديسون خلال نوباته

في الحديث عن مرض أديسون يجدر بيان ما يُعرف بالنوبة الأديسونية (بالإنجليزية: Addisonian crisis) والتي تُسمّى أيضاً النوبة الكظرية (بالإنجليزية: Adrenal Crisis)، أو قصور الكظرية الحاد (بالإنجليزية: Acute adrenal insufficiencyِ)، وتتمثل النوبة بظهور الأعراض بصورة سريعة مُسببة حالة شديدة وخطيرة، وخاصة في حال التعرض لتوتر شديد أو مرض، ويجدر طلب المساعدة الطبية على الفور تجنباً للمضاعفات المُحتملة، ويمكن تشخيص الإصابة بهذه الحالة بإجراء فحوصات الدم وملاحظة الأعراض التي تظهر على المصاب، والجدير بالعلم أنّ العلاج قد يتم بصورة فورية حتى قبل الحصول على نتائج اختبارات الدم، ومن أعراض الأزمة الكظرية ما يأتي:[12][6]

  • الشعور بالارتباك، والقلق، وبعض التغيرات النفسية.

  • الشعور بضعف شديد.

  • شحوب لون البشرة.

  • الشعور بألم مفاجئ في الجزء السفلي من البطن، والظهر، والساقين.

  • التقيؤ الشديد والإسهال.

  • الحُمّى الشديدة.

  • مواجهة صعوبة في البقاء مستيقظاً، أو فقدان الوعي بشكل كامل.

طبيعة مرض أديسون

لفهم ما يُسببه هذا المرض لا بُدّ من بيان دور الهرمونات التي تنقص عند المعاناة منه، فمثلاً تكمن أهمية هرمون الكورتيزول في استجابة الجسم للتوتر، بالإضافة إلى تنظيم أيض البروتينات والكربوهيدرات والدهون، فضلاً عن أهميته في المحافظة على ضغط الدم وعمل جهاز القلب والدوران، والسيطرة على الالتهاب، وأمّا بالنسبة لهرمون الألدوستيرون فهو يساعد الكلى في المحافظة على توازن الماء والأملاح في الجسم، وعند انخفاض مستواه عن المعدل الطبيعيّ فإنّ الكلى تفقد القدرة في السيطرة على تحقيق التوازن في مستوى الماء والملح في الجسم، فينخفض الضغط عن المعدل الطبيعيّ.[13]

تجدر الإشارة إلى أنَّ الالتزام بالعلاج على الوجه الصحيح يساعد المصاب على عيش حياة طبيعية، ويتمثل علاج هذه الحالة باستخدام العلاج بالكورتيكوستيرويدات البديلة؛ وقد يتضمن ذلك استخدام الهيدروكورتيزون لتعويض النقص في هرمون الكورتيزول بحيث تكون بدائه البريدنيزولون (بالإنجليزية: Prednisolone) أو الديكساميثازون (بالإنجليزية: Dexamethasone)، ويوصف الفلودروكورتيزون (بالإنجليزية: Fludrocortisone) لتعويض النقص في هرمون الألدوستيرون، وقد يوصف ديهيدرو إيبي أندروستيرون (بالإنجليزية: Dehydroepiandrosterone) في حالات وجود نقص في هرمون الأندروجين،[14] وأمّا بالنسبة لمدى شيوع مرض أديسون، فقد تبيّن بالاستناد إلى ملخص بحثٍ أجرته كل من جامعة كولورادو في دينفر (بالإنجليزية: University of Colorado Denve) وجامعة روكي فيستا (بالإنجليزية: Rocky Vista University) في عام 2014 م، أنّ شخصاً واحداً من بين كل 20,000 يُصاب بمرض القصور الكظري الأولي أو مرض أديسون في الولايات المتحدة الأمريكية وغرب أوروبا.[15]

المراجع