تعريف التفكير الناقد

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ١٢:٢٦ ، ٢ يناير ٢٠٢٠
تعريف التفكير الناقد

التفكير الناقد

التفكير هو عملية عقليةٌ يومية مهمة تصاحب الإنسان وتتضمن سلسلة من النشاطات الذهنية التي يقوم بها الدماغ عند التعرض لمثيرٍ ما يتم استقباله بإحدى الحواس الخمس، وتتم هذه العملية بشكل يعكس الطبيعة المعقدة للدماغ البشري.[1]
وقد تم اعتبار هذا النوع من التفكير كمتطلب رئيسي لجميع فئات المجتمع بغض النظر عن اختلاف مراحلهم العمرية أو ثقافتهم أو ما يشغلونه من أعمال؛ نظراً لأهميته الآتية من اعتبار الفرد الذي يمتلك تلك القدرات فرداً مستقلاً في تفكيره، وواعياً للأنظمة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها من المتغيرات في وطنه، لذا فقد لاقى مفهوم التفكير الناقد اهتماماً كبيراً من قبل التربويين مما دفعهم لدراسة جوانبه المتعددة فبحثوا في ماهيته، ومهاراته، وطرق قياسه ومعرفة العوامل المؤثرة على اكتسابه، بالإضافة إلى تحديد الميول والنزاعات التي تدفع الفرد لتوظيفه.[2]

يُعدُّ مصطلح التفكير الناقد من المفاهيم الشائكة التي لم يتفق فيها علماء النفس على مفهوم واحد، فقد عرفه الفيلسوف جون ديوي بأنه تفكير تأملي، أما جليسر فقد رأى أنّ التفكير الناقد يتضمن الأخذ بعين الاعتبار عامل الخبرة التي تتكون عند الفرد نتيجة الصعوبات التي سبق أن تعرض لها، بالإضافة إلى معرفته بمناهج التقصي والاستدلال بالمنطق، والقدرة على استخدامه للمهارات في تطبيق المعرفة السابقة.
وقام الباحث روبرت إنيس بتعريف التفكير الناقد بأنّه تفكير عقلاني تأملي مبني على اتخاذ القرارات حول ما يجب فعله في موقف ما، فيما تعرف ديانا هالبرن التفكير الناقد بأنّه نمط من التفكير الهادف الذي يتم من خلاله استخدام المهارات المعرفية وطرق الاستدلال لتحديد الاحتمالات الممكنة التي تساهم في الوصول إلى نتائج ملائمة تساعد على اتخاذ القرارت الصحيحة.[3]وعُرِّف التفكير الناقد كما حدده المجلس الوطني للتفكير الناقد بأنّه عبارة عن عملية ذهنية منضبطة تتمثل في استيعاب وتحليل وتقييم المعلومات المأخوذة عن طريق الملاحظة أو التجربة، أو نتيجة التواصل والاتصال كدليل على الاعتقاد و العمل، ويُعدُّ النموذج المثالي للتفكير الناقد هو التفكير الذي يُبنى على قيم فكرية عالمية كالوضوح، والدقة، والاتساق، والملائمة، والعمق، والأدلة الصحيحة، والاتساع، والإنصاف.[4]وعرَّف زيادات التفكير الناقد بأنّه مجموعة من المهارات التي يكتسبها الفرد لتساعده على إمكانية التحليل الموضوعي للأخبار والمعارف، بالشكل الذي يصبح فيه قادراً على التمييز بين الفرضيات والتعليمات، وبين الحقائق والآراء بطريقة منطقية وواضحة،
أمّا لي فقد عرّف التفكير الناقد بأنّه القدرة على تطبيق بعض أو كل المهارات التي تتعلق في تحديد المسائل الرئيسية والفرضيات في أي نقاش، وإدراك العلاقات المهمة بينها، مما يقود إلى وضع استنتاجات صحيحة بناء على البيانات الموجودة، وتحديد خلاصتها، بالإضافة إلى تقييم الأدلة المتوفرة.
أما فاشيون فقد أشار إلى أنّ التفكير الناقد يتضمن نوعين من المهارات وهما: المهارات الوجدانية، والمهارات المعرفية، ووصف المهارات المعرفية بأنها جوهر المهارات الوجدانية، فهي تتكون من:[5]

  • التفسير: يُبني على التصنيف ومن ثم تلخيص النتائج.

  • التحليل: يُبني على فحص الآراء الموجودة، وكشف الحجج وتحليلها.

  • التقويم: يُبني على مهارتي تقييم الإدعاءات والدلائل.

  • الاستدلال: يُبني على تتبع الأدلة ووضع البدائل المحتملة، ثم التوصل إلى استنتاجات.

  • الشرح: يُبني على تقديم النتائج وإعلانها وتبرير الإجراءات وعرض الحجج.

  • تنظيم الذات: يُبني على مهارتي تقويم الذات وتصحيحها.

نشأة التفكير الناقد

قام الفيلسوف جون ديوي باستخدام مصطلح التفكير التأملي أو المعاكس (بالإنجليزية: Reflective Thinking) في الفترة ما بين 1910م-1939م، حيث توصل إليه بالاعتماد على مفهوم الاستقصاء في الأسلوب العلمي، ووصف ديوي جوهر التفكير الناقد بأنه التأني
في إصدار الأحكام إلى حين التحقق من الأمر، وقام إدوارد جلسر باستخدام مفهوم التفكير الناقد بشكل موسع، فقد شمل فحص كل من العبارات، و المعتقدات، والاقتراحات بكفاءة وفعالية مع الأخذ بعين الاعتبار الأدلة المتوافرة، والتي تعززها الحقائق المتعلقة بها بدلاً من اللجوء إلى إصدار النتائج بشكل عشوائي.

ومما يجدر ذكره أنه تم استثناء مهارات حل المشاكلات من كونها ضمن مهارات التفكير الناقد لدى روبرت إنيس وزملاؤه، فقاموا بالاعتماد على الأسلوب العلمي المبني على مهارات القياس والتقويم.[2]

أهمية التفكير الناقد

تكمن أهمية التفكير الناقد في كونه يعتمد على بناء طريقة سليمة في الحكم على الأشياء من خلال طرح الأسئلة للمساعدة على توضيح الصورة الكلية، ومن ثم عقد المقارنات بين الخيارات المتوفرة عن طريق دراسة كافة الحقائق التي تخص القضية، وتصنيفها لتحديد الاستنتاج الأنسب والأكثر صحة لحل المشكلة.[5]، بالإضافة إلى ما يلي :[6]

  • يُعدّ التفكير الناقد ميزة مهمة في مختلف المجالات العلمية، فالقدرة على التفكير بوضوح وتسلسل منطقي تساهم في حل المشكلات بشكل منهجي وعقلاني، وهو الأمر الذي يشكل إضافة تنافسية في أي مهنة.

  • يشكَّل الفكر النقدي عاملاً رئيساً في ظل تطور الاقتصاد المعرفي الجديد الذي يعتمد على المعلومات والتكنولوجيا بشكل أساسي، حيث يساهم التفكير الناقد في التعامل مع التغيير السريع في مختلف المجالات بشكل مرن وفعال بناءً على المهارات الفكرية التي تشمل تحليل المعلومات ودمج مصادر المعرفة المتنوعة في حل المشكلات.

  • يساهم التفكير الناقد في تحسين مهارات اللغة والإلقاء، إذ يؤدي التفكير بوضوح ومنهجية إلى تعزيز مهارات التعبير عن الأفكار وتحسين طريقة التفكير، من خلال تعلم تحليل بنية النصوص بمنطقية وعمق، والذي بدوره ينعكس بإيجابية على قدرات الفهم الفردي والتعبير عن الذات.

  • يساعد التفكير الناقد على تعزيز الإبداع والابتكار في حل المشاكل من خلال القدرة على طرح أفكار جديدة متعلقة بقضية البحث واختيار الحلول الأنسب، وتعديلها إن لزم الأمر للوصول إلى المنفعة القصوى.

  • يُعدّ التفكير الناقد وسيلة لتطوير وصقل الذات، من خلال توفير أدوات تساهم في تأمل القيم والأفكار، والقرارات الشخصية والاستفادة منها مستقبلاً.

  • يُعدُّ التفكير النقدي أساساً للعلم والديمقراطية، حيث يعتمد العلم على التحليل والتجريب لتأكيد النظريات وإثباتها أو نفيها، و يساهم التفكير الناقد بتفعيل الديمقراطية من خلال التأكيد على الحكم السليم بدون تحيز أو تحامل.

عناصر التفكير الناقد

تتلخّص عناصر التفكير الناقد مما يلي:[7]

  • تحديد الفرضيات: يقوم المفكرون الناقدون بتقسيم الحجج إلى بيانات أولية لاستخلاص تداعيات منطقية منها.

  • توضيح الحجج: يكون بتحديد مواطن الغموض بالحجج المذكورة آنفاً بالإضافة إلى تحديد الاقتراحات.

  • تأسيس الحقائق: يتم فيه تحديد ما إذا كانت الحجج ممكنة ومنطقية، بالإضافة إلى النظر في المعلومات المقدمة والتحقق من صحتها، وجمع المعلومات الناقصة أو المستترة، وتحديد التناقضات إن وجدت.

  • تقييم الفرضيات: تشمل تحديد قابلية دعم الفرضيات للاستنتاجات، حيث تَصح الاستنتاجات إذا ما صحّت الفرضيات في الحجج القائمة على الاستنباط، أما فيما يخص المنهج الاستقرائي فتكون الاستنتاجات مرجحة فحسب في حال كانت الفرضيات صحيحة.

  • التقييم النهائي: يعتمد المفكرون الناقدون مبدأ الموازنة بين الحجج والبراهين، حيث تُعتبر البيانات الداعمة، والمنطق، والأدلة، كلها أدوات تزيد من وزن الحجج المقترحة، ومن الجدير بالذكر أنّ عدم وضوح الاقتراحات، أو ضعف المنطق المُتّبع عند وضعها، أو وجود أدلّة تعاكسها في المحتوى، أو تهميشها لمعلومات أساسية تخص المشكلة، يؤدي إلى استبعادها واعتبارها اقتراحات غير صالحة.

معايير التفكير الناقد

يتّصف التفكير الناقد الجيد بأن له مقاييس عدّة منها:[8]

  • الوضوح: حيث يشمل قدرة الشخص على توضيح ما يقصد، وتقديم الأمثلة لتعزيز وضوح الفكرة الخاصة به.

  • الدقة: تشمل التأكد من صحة المعلومات المتوفرة، وإمكانية خضوعها للفحص، حيث يتم تحديد ما إن كانت تتناسب مع سياق الأحداث أم لا.

  • التحديد: أي إمكانية تحديد التفاصيل المتعلقة في الفكرة المطروحة؛ لتكون متخصصة بدقة في المشكلة مضان البحث.

  • الاتساق: أي تحديد مدى ارتباط الفكرة بالمشكلة ومدى تأثيرها عليها وكيف تساعد على حلها.

  • العمق: أي الاطلاع على العوامل التي أدت إلى حدوث المشكلة، ليتمكن الشخص من تحديد العقبات والمصاعب التي تحتاج إلى معالجة.

  • الاتساع: أي تحديد الزوايا المختلفة للنظر في المشكلة من خلال البحث في ما إذا كان هنالك طرق ووجهات نظر أخرى متاحة لأخذها بعين الاعتبار عند الحكم على المشكلة.

  • المنطقية: تتضمن تحديد مدى ارتباط الأفكار المتسلسلة ببعضها البعض، والتأكيد على أنّ المقدمات المطروحة عن القضية تتناسب مع النتائج أو الحلول التي تم التوصل إليها، وبأنّها جميعها مرتبطة بأدلة منطقية تتعلق بالمشكلة نفسها.

  • المغزى: يتمثل في القدرة على تحديد مدى أهمية المشكلة، بالإضافة إلى تحديد النقاط المركزية ذات التأثير الأكبر عليها، وتسليط الضوء على الحقائق التي تتعلق فيها بشكل مباشر.

  • الإنصاف: يشمل القدرة على تحديد ما يبرر الحل الذي تم طرحه؛ أي تعيين سياق الأحداث الذي أدى إلى اختياره، وإثبات الحيادية والعدل باتخاذ الإجراءات المناسبة للموقف بغض النظر عن التوجهات الخاصة للمفكر، أو أي نفوذ يميل لأحد الأطراف على الاخر.

مهارات التفكير الناقد وكيفية تطويرها

رغم عدم وجود معايير محددة للمهارات التي يمتلكها المفكّر الناقد، إلا أنّه يمكن تلخيص أهمها في عدة نقاط، وهي كالآتي:[9]

  • تحديد المشكلة: تتمثل في تحديد موقع الخلل وتعيين العوامل المؤثرة فيه، حيث يتيح توافر معلومات تخصّ الموقف، والأشخاص، والعوامل المؤثرة فيه تشكيل صورة واضحة للمشكلة، مما يساعد على التعمق فيها وفي الحلول الممكنة لها، ويمكن للباحث الإجابة عن الأسئلة التالية للتأكد من صحة تحديد المشكلة بدقة، وهي:
    • من يفعل ماذا؟

    • ما السبب الذي أدى إلى حدوث الخلل؟

    • ما هي النتائج النهائية؟ وكيف يمكن تغييرها؟

  • البحث: ويقصد به البحث المستقل الذي يتضمن العثور على حجج مقنعة من مصادر موثوقة للتحقق من صحة ارتباط الأسباب المقترحة بالمشكلة بدون تزييف بأي شكل من الأشكال، ولغايات تطوير البحث يجب الابتعاد عن أي مصادر غير موثوقة قد تتسبب بالتشويش وتغطية الحقائق، كما يجب التأكيد على ضرورة إدراك الفرق بين المصادر العلمية والمصادر الشائعة أثناء عملية البحث.

  • كشف التحيز: تُعد هذه المهارة من أصعب المهارات التي يجب اكتسابها، حيث يسعى المفكرون بجدٍّ ليستطيعوا الحكم على الأشياء بموضوعية وحيادية، ويمكن التغلب على التحيُّز من خلال التحلي بالشجاعة لمواجهة الأفكار والمعتقدات الخاصة ووضعها تحت الاختبار قبل التسليم بها، مما يساعد على النظر للأمور بشكل مختلف، فيما يُقترح طرح عدّة أسئلة لتجنب التحيز قدر الإمكان، وهي :
    • من يستفيد من هذا؟

    • هل يقوم مصدر المعلومات بتسليط الضوء على جزء محدد من المعلومات، أو هل يتجاهل بعض المعلومات التي لا تدعم معتقداته؟

    • هل يستخدم هذا المصدر لغة غير ضرورية للتأثير على تصوُّر الجمهور للحقيقة؟

  • الاستنباط: يجب على الباحث التحلي بقدرة تحليلية لاستخلاص النتائج من المعلومات المتوفرة بناءً على البيانات الأولية لدى المفكر الناقد، ويتم هذا بالاستدلال من خلال جمع كل المعلومات المتوافرة عن القضية مثل: العناوين الرئيسية، والصور، والإحصاءات المتعلقة بالظاهرة قبل إصدار الاستنتاجات.

  • تحديد الأهمية: ويقصد بها تحديد المعلومات الواردة تبعاً لمدى ارتباطها بالمشكلة، مما يُعد تحدياً حيث يجب معرفة أولوية مختلف البيانات المتاحة، لذا فالحل الأمثل يكمن من خلال تحديد الهدف من جمع البيانات، مثل هل يجب إيجاد حل لمشكلة ما؟ أم أنّ المطلوب إيجاد علاقة ما بين ظاهرة ما أو توجه إجتماعي عام؟ ومن ثم ترتيبها كقائمة تبدأ من المعلومات الأكثر صلة بالمشكلة إلى الأقل شيئاً فشيئاً.

  • حب الإستطلاع: يُعدّ فضول المفكّر من أهم المهارات التي تعزز التفكير الناقد وتنميه، إذ إنّ كل ما يتطلبه الأمر هو القيام بمحاولات واعية لطرح الأسئلة حول الأشياء الموجودة بشكل دائم وبديهي، فهي تعد كخطوة أولى لاكتساب نظرة مختلفة عن المألوف.

خصائص التفكير الناقد

للتفكير الناقد خصائص عدّة يمكن إجمالها فيما يأتي:[10]

  • التحفيز على الإنتاج والإيجابية: ويكون ذلك من خلال دور التفكير الناقد في فهم القيم والسلوكيات التي تنبع من وجهات نظر مختلفة حسب البُنى الاجتماعية والأشكال الفنية في عالم متنوع، فإنّه يعد عملاً حقيقي يؤدي إلى احترام الآخر والتسامح بين أفراد المجتمع، كما يتعدى التفكير الناقد كونه نقداً يقتصر على معناه السلبي فحسب بل يتعداه لينتج عنه رد فعل ملموس مَردّه العملية النقدية الفكرية.

  • التفكير الناقد عملية مستمرة لا نهائية: تُعد هذه الخاصية إحدى الخصائص الأساسية للتفكير النقدي حيث إنّها تتطلب الشك في كل المسلمات، فلا يصل الفرد فيها إلى حالة من الثبات النقدي.

  • اختلاف مظاهر التفكير الناقد باختلاف المحيط الذي يحدث فيه: تختلف مستويات التغيير الناتجة عن التفكير الناقد حسب سلوكيات الأفراد وطرق تعاملهم مع المشكلات، حيث إنّ نتائج اتباع مهارات التفكير الناقد تختلف من مكان لأخر حسب الظروف الخارجية المحيطة بالفرد، و السمات الشخصية الخاصة به.

  • الأحداث الإيجابية والسلبية: يُعدُّ ما يتعرّض له الفرد من في مواقف صعبة، أو صدمات حرجة، مما يضطره لإعادة التفكير في سلوكياته وطريقة حكمه على الأمور، كذلك الأمر بالنسبة للمواقف الإيجابية التي تعتبر نوعاً من المحفزات الذاتية للتقدم والتطور.

  • ارتباط التفكير الناقد بالانفعالات بالإضافة إلى ارتباطه بالجوانب المعرفية: إذ يترافق السعي نحو تطبيق عمليات النقد والتمحيص في الحياة اليومية بالعديد من الانفعالات كالقلق والخوف من نتائج إعادة التفكير في طرق العيش والتفاعل السائدة في مكان ما، حيث أن الانفعالات تعد كنواتج مصاحبة للمعارف ويمكن تعديلها وتبديلها طبقاً للمعارف المكتسبة.

معوقات التفكير الناقد

من أهم العقبات التي تحول دون القدرة على تعليم التفكير الناقد:[11]

  • عدم وجود تقييم مناسب: أي عدم وجود مقياس مناسب لقياس قوة أو ضعف عملية التفكير هذه بفعالية وموضوعية.

  • الغموض في مفهوم التفكير الناقد: يُعدّ مفهوم التفكير الناقد من المفاهيم الشائكة التي حيّرت العلماء، وأوقفهم للإجابة على أسئلة عدّة منها: هل يعد التفكير الناقد قابل للقياس؟ وما هي الطرق والأدوات المناسبة لقياسه؟

  • عدم وجود تسلسل منظّم في تعليم التفكير الناقد: إنّ انعدام وجود منهج منظم لتعليم التفكير النقدي يعدّ واحداً من أهم العوائق بالنسبة لمعلميه.

  • التهديد الذي يصاحب ممارسة التفكير الناقد: إذ يقال أنّ التفكير النقدي يهدد الوديّة المفترضة أثناء التفاعل بين الأشخاص.

  • قلة تدريب المعلمين: إنّ عدم إلمام المعلمين بجوانب التفكير النقدي، وأساليب تدريسه ستجعلهم غير قادرين على تزويد الطلاب بهذه المهارة المهمّة.

أبعاد التفكير الناقد

يستلزم التفكير في مشكلات الحياة وقضاياها توفّر خمسة أبعاد يقوم عليها جوهر التفكير الناقد وهي:[12]

  • تحليل الفكر.

  • تقييم الفكر.

  • ميول الفكر.

  • مهارات الفكر وقدراته.

  • العقبات أو الحواجز التي تحول دون التفكير النقدي.

خطوات التفكير الناقد

يُنصح باتّباع خطوات عدّة لاكتساب مهارة التفكير الناقد، وهي:[13]

  • جمع المعلومات عن قضية البحث.

  • استعراض الآراء المختلفة المتعلقة بالموضوع.

  • مناقشة الآراء التي تم جمعها وتحديد الصحيح من الخاطئ منها.

  • تحديد نقاط القوة والضعف في الآراء المتعارضة.

  • تقييم الآراء بطريقة موضوعية وحيادية.

  • البرهنة على صحة الحجج والدلائل.

  • جمع المزيد من المعلومات إن اقتضى الأمر.

  • الانتباه لأدق الأحداث التي تخص موضوع البحث.

  • تقييم الموضوعات بشكل موضوعي.

  • إصدار التقييمات بنزاهة وموضوعية.

سمات المفكر الناقد

من الصفات التي يجب على المفكر الناقد التحلّي بها ما يأتي:[14]

  • الإلمام بالحالة: وتعني التيقّظ والانتباه إلى كل مجريات الأحداث التي يتزامن وقوعها بنفس الفترة في موقف معين، ولا يقصد بذلك الفهم من وجهة نظر مادية فقط، بل يجب تجاوزها إلى فهم العوامل النفسية والسياسية للحالة مما يؤدي إلى ربط جميع المعلومات ببعضها البعض للوصول إلى نتائج منطقية ذات منفعة.

  • الوعي الذاتي: يتميّز المفكر الناقد بقدرته على فهم نفسه، وتحليل ميوله الشخصية سعياً منه إلى تمييز التحيزات الخاصة به ووضعها جانباً؛ حتى يستطيع التفكير بشكل أكثر شمولية بالمعلومات المقدمة إليه، حيث يزيد هذا كله من تثمينه لمفهوم الوعي الذاتي وضرورة التحلي به، لا سيما أنّ التحيُّز يأتي بأشكال عديدة.

  • الانفتاح على تنوع الأفكار والآراء: من المهم إدراك أهمية اختلاف الآراء والاستماع إليها بصدر رحب، حيث إنّ المفكر الناقد لا يهتم بالشخص الذي صدرت عنه فكرة ما بقدر اهتمامه باختيار الفكرة الأفضل لموقف معين.

  • التحلي في الثقة بالنفس: إنّ التفكير بشكل منطقي لا يُعتبر أمراً كافياً لوحده، بل يتحتّم على المفكّر أن يكون واثقاً في تطبيقه للتفكير المنطقي بموقف معين.

  • التركيز على المستقبل: أي النظر إلى الوضع الحالي والأخذ بعين الاعتبار تأثير القرارات الحالية على المستقبل.

  • الملاحظة والتعبير: تشمل القدرة على مراقبة الموقف بدقة، واتخاذ جميع الإجراءات الخاصة فيه، والتحلي بالصدق في توضيح الموقف للآخرين دون تشويه للمعلومات، والذي يتم بإضافة معلومات لا تمت للحقيقة بصلة أو بحذفها أو بتغييرها عن قصد أو عن غير قصد.

  • الاستجواب العميق: تتضمن القدرة على طرح الأسئلة الصحيحة وتحليل الإجابات والاستمرار في طرح الأسئلة، إلى تحقيق الهدف من الاستجواب.

استراتيجيات التفكير الناقد

يمكن تلخيص أهم الطرق المتّبعة لتحفيز التفكير الناقد لدى الطلاب كما يلي:[15]

  • مواجهة عدم اليقين من خلال مناقشة تطور التفكير، ويكون ذلك بتقييم التفسيرات ووجهات النظر البديلة، والدفاع عنها كجزء من المناقشة الصفيّة، وتوضيح فكرة قيام الباحثين والدارسين بوصف العالم كما يفعلون الآن بدلاً من تقديم الفكر كمادة نظرية وحسب.

  • توضيح المعايير والضوابط اللازمة لبناء الحجج ودعم التفسيرات من خلال بيان طريقة العلماء في ضبط الحجج وتقييمها في هذا المجال، وتعيين الأسئلة التي يجب المحاولة في إيجاد إجابات لها.

  • تبسيط الأفكار الكبيرة والمعقدة للمبتدئين؛ لمراعاة صعوبة قدراتهم على تحديد المفاهيم المهمة من الهامشية، وذلك من خلال تحديد مجموعة من الأسئلة التي تساعد على توجيه أفكار الطلاب إلى المسائل المهمة التي يجب التفكير بها.

  • مساعدة الطلاب على التعلم من أخطائهم من خلال تخفيف عبء العلامات المخصصة في التقييم العام، وذلك لتجنب استحواذ الدرجات على تفكيرهم، أو السماح لهم بإعادة الإختبار لتمكينهم من اكتساب مهارة جديدة، أو تحفيزهم على التحدي لتعزيز عقلية النمو لدعم الدافع الداخلي لديهم.

  • بناء جلسات نقاشية تساهم في تعزيز المشاركة الطلابية لممارسة التفكير الناقد عن طريق تحديد موضوع للقراءة، ليقوموا بتلخيص حجة المؤلف وتقييم دعم الحجة التي قدمها بناءً على معايير الأدلة، ومقدار الإثبات المطلوب، ليستطيعوا البت فيما إذا كانت حجة المؤلف مناسبة أم لا.
أما فيما يخص تحفيز التفكير الناقد على المستوى الشخصي، فهنالك استراتيجيات عدّة يمكن اتّباعها مثل:[16]
  • الحرص على التعلم المستمر، والسعي إلى التثقيف الذاتي من خلال القراءة والتحدث مع الأخرين، أو حضور المؤتمرات العلمية التي من شأنها أن تحفز الوعي للتفكير الناقد.

  • اتخاذ القرار الصحيح تبعاً لرأي الأغلبية مع تحييد الرغبات الفردية، فالهدف الأهم هو اختيار قرار واضح وعقلاني يصب في مصلحة الجماعة.

  • الاستماع لكافة الآراء والأخذ بالأراء غير التقليدية منها لإيجاد حلول جديدة للمشاكل القديمة، حيث إنّ المفكرين الناقدين يرون أنّ التعاون مع فريق العمل أو المنافسين وسيلةً لإيجاد أفضل الحلول.

  • تجنب العجز التحليلي الذي ينتج بسب النظر في الصورة الكبيرة وتفاصيلها في الوقت ذاته، وهو الأمر الذي يتتسبب بالتشتت، فالمفكرون الناقدون يعلمون أنهم لا يستطيعوا الحصول على جميع المعلومات بشكل كامل، بل يقوموا بإصدار القرارت في ظل الظروف الراهنة مع الأخذ بعين الإعتبار إمكانية ضبط وتعديل القرارات لاحقاً إن اقتضى الأمر.

  • تحليل الذات حيث يسعى المفكرون الناقدون إلى تطوير مهارتهم التي تقوم على شرح كيفية وصولهم إلى استنتاج محدد للآخرين، لمتابعة الأحداث، وتغيير القرارت أو تعديلها إن توفرت معلومات إضافية.

علاقة التفكير الناقد بغيره من أنواع التفكير

يقوم النقاد عادة بمقارنة التفكير النقدي بأنواع التفكير الأخرى عند تحليل النصوص الأدبية والكتب، حيث إنّ أنواع التفكير تختلف باختلاف المستوى الخاص بها، فيما يمكن تصنيفها ضمن فئتين: فئة أنوع التفكير ذات المستويات الدنيا وهو التفكير المصاحب للأعمال الروتينية العامة مثل تعبئة الأرقام بالمعادلات البسيطة، أو سرد المعلومات التي تم حفظها مسبقاً، وفئة أنواع التفكير ذات المستوى المرتفع حيث يتطلب القدرة على تحليل وتفسير المعلومات المتوفرة من خلال ربطها ببعضها البعض للوصول إلى استنتاجات منطقية واضحة.[17]وفي إحدى الدراسات تم تحديد أربعة مجالات للتفكير تضمنت شرح مهارات التفكير وأغراضه في تلك المجالات كما يلي:[17]
















أنواع التفكير الهدف مهارات التفكير طبيعة
العلاقة
التفكير الناقد تقييم الآراء المعاكسة وتوضيح الأفكار التعريف بالحالات والأفكار، تحليل الأراء المعاكسة، تقييم الأدلة يعد ضرورة لجميع مهارات التفكير
التفكير الإبداعي ابتكار أفكار جديدة أو منتجات جديدة تحديد الأفكار، إعادة تنظيم المشكلة، تحديد الاحتمالات الممكنة يتم تقييم المنتج الجديد أو الفكرة الجديدة من خلال مهارات التفكير الناقد
اتخاذ القرار القيام بالإعلان عن قرار معين التفكير بالمعلومات المتوفرة، وتحديد البدائل، ثم اتخاذ القرار يُعدّ التفكير الناقد أحد الخطوات المهمة في عملية إتخاذ القرار
حل المشكلات إيجاد حل أو مجموعة حلول لمشكلة محددة التعريف بالمشكلة، وتوضيحها، واختيار الاستراتيجية المناسبة وتطبيقها ثم تقييمها يشمل التفكير الناقد جمع وتقييم جميع المعلومات والأفكار والأحداث التي ترتبط بالمشكلة للوصول إلى حل مناسب


المراجع