تكيف الكائنات الحية مع البيئة

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ٠٨:٣٤ ، ٢١ يوليو ٢٠٢٠
تكيف الكائنات الحية مع البيئة

مفهوم التكيّف

يُعرَف التكيّف (بالإنجليزية: Adaptation) في علم الأحياء بأنَّه العمليات التي تُصبح بها الكائنات الحية مُتلائمة للعيش في بيئاتها،[1]، وتجدر الإشارة إلى أنّ معظم تعريفات التكيّف تُشير إلى أنّه يحدث نتيجة الانتقاء الطبيعي أو الانتخاب الطبيعي (بالإنجليزية: Natural Selection) المسؤول عن تطور الصفات والميزات التكيّفية،[2] بناءً على التباين الوراثي ضمن سلسلة من أجيال الكائنات الحية،[1] كما أنّ التكيّف خاصية مشتركة بين جميع الكائنات الحية؛ لأنّه يقدِّم بعض الوظائف المُحسَّنة، لذا فإنّ فهم عمليات تكيّف الكائنات الحية يتطلب فهم عملية تطورها عن طريق الانتقاء الطبيعي.[2]

يشمل التكيّف عمليتين أساسيّتين، هما: ملاءمة الكائنات الحية مع بيئاتها، وإنتاج خصائص مميزة ومناسبة تماماً للبيئات التي تعيش فيها،[2] إذ تتكيّف الكائنات الحية مع بيئاتها بعدة طرق متنوعة تتضمن تركيبها الجسدي، والفسيولوجي، والجينيّ، وطرق انتقالها، وتكاثرها، بالإضافة إلى وسائل دفاعها عن أنفسها وهجومها على أعدائها.[1]

تكيّف الكائنات الحية مع البيئة

تعيش الكائنات الحية في أنظمة بيئية مختلفة تُشكِّل مواطنها الطبيعية، إذ إنّ لكلّ كائن حي نظام بيئيّ خاص به يعيش فيه ويُقدّم له الاحتياجات الأساسية من الماء، والطعام، والمأوى للحماية من الظروف المناخية، ومكاناً للتزواج وتربية صغاره،[3] ويلعب التكيّف دوراً هاماً وحيوياً في حياة الكائن الحي، حيث تكمن حاجة الكائنات الحيّة جميعها إلى التكيّف مع بيئاتها من أجل البقاء على قيد الحياة، وتمتلك كلّ مجموعة من النباتات والحيوانات تكيّفات خاصة بها، لذا فإنّ هذه الأمر يجعل تحديد المجموعة التي ينتمي إليها الكائن الحي أمراً سهلاً، فعلى سبيل المثال تُقسَّم الحيوانات إلى خمس مجموعات رئيسية، هي: الأسماك، والبرمائيات، والزواحف، والطيور، والثدييّات، ويُمكِّن تحديد مجموعة أيّ حيوان اعتماداً على التكيّف الخاص بطريقة انتقاله من مكان إلى آخر.[4]

يشمل التكيّف الخصائص الجسديّة والسلوكيّة، ويُقصَد بالتكيّف الجسدي أيّ نوع من التعديلات التركيبيّة والهيكيلة لجزء من جسم الكائن الحي، منها تكيّف أجزاء الجسم، وأغطية الجسم، بينما يُشير التكيّف السلوكي إلى أيّ عمل يقوم به الكائن الحي استجابة لبعض المؤثرات الخارجية، ويتمثّل فيما يتناوله الكائن الحي من طعام، وكيفية حركته، ووسائل حمايته لنفسه،[4] بحيث تُقسَّم السلوكيات إلى: السلوكيات التي تولد مع الإنسان، والسلوكيات المُكتسبة، وتتضمن السلوكيات المُكتسبة أيّ سلوك يتعلمه الكائن الحي من أبويه، أو من خلال تفاعله مع بيئته، فعلى سبيل المثال يتعلّم الطائر التغريد من خلال الاستماع إلى الطيور الأخرى، أمّا السلوكيات التي يولدّ الكائن الحي وهو يفعلها بشكل طبيعي فتُسمى الغرائز، ومن الأمثلة على ذلك تولد العناكب وهي قادرة على غزل شباكها بنفسها دون أن يُعلِّمها أحد ذلك.[5]

أمثلة على تكيّف الكائنات الحية مع البيئة

تكيّف الحيوانات


تمتلك الحيوانات العديد من التكيّفات الجسدية والسلوكية، وفيما يأتي مجموعة من الأمثلة على ذلك:[6]

التكيّف السلوكي


فيما يأتي مجموعة من التكيّفات السلوكية لدى مجموعة من الحيوانات:[6]
  • تُهاجر الإوزة الكندية في فصل الشتاء؛ للبحث عن الطعام طوال العام.

  • يجمع السنجاب الطعام ويخزنه لفصل الشتاء.

  • يتظاهر حيوان الأبوسوم (بالإنجليزية: Opossums) بأنَّه ميت؛ لإرباك الحيوانات المُفترسة وإيقاعها في حيرة.

  • يدخل المرموط أو ما يُسمّى خنزير الأرض (بالإنجليزية: Woodchucks) في سُبات طوال فصل الشتاء.

  • تتمايل حشرة الوارقات (بالإنجليزية: Leaf Insect) أثناء حركتها وانتقالها حتى تبدو وكأنّها أوراق تهبُّ مع الرياح.

  • يرفع الظربان ذيله وينشر السمُّ؛ لحماية نفسه من الأعداء.

  • يُحدد دُب الكوالا مناطقه وأراضيه عن طريق خدش على الأشجار.

  • تعيش الحمر الوحشية في قُطعان؛ ليُسهل عليه رصد الحيوانات المُفترسة.

  • تُساعد طيور البجع بعضها البعض عن طريق السباحة معًا على شكل أسراب وتضرب أجنحتها سطح الماء؛ لتدفع الأسماك إلى المياه الضحلة.

  • يدحرج حبوان المدرّع أو الأرماديللو (بالإنجليزية: Armadillos) نفسه على شكل كرة؛ لحماية أطرافه وجوانبه السفلية أثناء الحركة.

  • تتجمع البطاريق في قارة أنتاركتيكا أو القارة القطبية الجنوبية على شكل مجموعات؛ لمشاركة بعضهم البعض الدفء في فصل الشتاء.[7]


التكيّف الجسدي


وفيما يأتي مجموعة لبعض التكيّفات الجسدية لدى الحيوانات:[4]
  • تمتلك العديد من الحيوانات البريّة والمائية على حدّ سواء مخالب حادة تُمكِّنها من القيام بأغراض مُختلفة، حيث تستخدِمها الحيوانات العاشبة؛ للبحث عن طعامها كالتوت، والجذور، والأعشاب، كما تَستخدِمها للحفر وبناء المساكن، بينما تَستخدِمها الحيوانات آكلات اللحوم؛ لقتل فرائسها وتمزيق اللحم، إلى جانب استخدامها للجري بسرعة كبيرة كما هو حال حيوان الفهد مثلاً، إضافةً إلى ذلك تستخدِمها الحيوانات للدفاع عن نفسها، فهي بمثابة تحذير كافٍ للمفترسين أو المنافسين، ومن الأمثلة على الحيوانات التي تمتلك مخالب حادة الدببة والسنوريات، ومن الحيوانات المائية أسد البحر الكاليفورني.

  • تمتلك العديد من الحيوانات المائية أقداماً غشائية (بالإنجليزية: Webbed) تساعدها على السباحة، فمن خلالها تستطيع أن تدفع نفسها في المياه بسهولة، كما تُمكِّنها من الإمساك فريستها والهروب من الأعداء؛ كونها تسطيع السباحة بشكل أسرع، وتُمكِّنها من السباحة لمسافات طويلة والحفاظ على طاقتها أثناء السباحة، ومن الأمثلة على الحيوانات التي تمتلك أقداماً غشائية بعض أنواع البطاريق التي يُطلق عليها اسم (Rockhopper Penguin)، كما أنّ الدُّب القطبي وثعلب الماء تمتلك أقداماً غشائية بعض الشيء.

  • تُعدّ المناقير الكبيرة والحادة ميزة لآكلات اللحوم والأعشاب للحصول على طعامها، فعلى سبيل المثال يُساعد المنقار الكبير طائر المكاو (بالإنجليزية: Macaw) -أحد أنواع الببغاء- على فتح المُكسرات الكبيرة والوصول إلى اللُّب الموجود بداخلها، بينما يُساعد المنقار الكبير لطائر وحيد القرن (بالإنجليزية: Rhinoceros Hornbill) على تمزيق اللحم الذي يجمعه من مخلفات لحوم الحيوانات النافقة.


تكيّف غطاء الجسم


يُعدّ غطاء الجسم أحد التكيّفات الهامة بالنسبة للحيوانات، وفيما يأتي مجموعة من الأمثلة على تكيّفات غطاء الجسم وأهميتها بالنسبة إليها: [4]
  • يُعدّ الفراء المُخطط أحد أشكال التكيّف الخاص بالتمويه، حيث يُساعد معظم الحيوانات على الاندماج في بيئاتها من خلال مطابقتها للبيئة المُحيطة بها، الأمر الذي يجعلها غير مرئية، وبالتالي يُقدِّم للحيوانات فوائد عديدة أهمها الهروب من الأعداء أو التسلُّل للإمساك بالفريسة.

  • تمتاز الطيور في الغابات الاستوائية المطيرة بامتلاكها الريش الملوّن، يحيث يُساعده بعدة طرق متنوعة، منها: الدفاع عن النفس، والتمويه، والتزواج، فعلى سبيل المثال يَستخدِم ذكر الطاووس ريشه الملوّن لجلب الإناث للتزواج، فيما تسخدمه الإناث للاختباء أثناء حراستها لعُِشها وحماية صغارها.

  • يُعدّ وجود الحراشف أمراً هاماً للعديد من الحيوانات كأفاعي الأناكوندا (بالإنجليزية: Anaconda)؛ لحماية أجسادها من التضاريس المتنوعة التي قد تمشي عليها، إضافة إلى توفير الحماية من بعض الظروف المناخية القاسية كالجفاف، حيث تُساعدها على تقليل فقدانها للمياه.


تكيّف النباتات


تتكيّف العديد من النباتات مع بيئاتها، وفيما يأتي مجموعة من هذه التكيّفات:[8]
  • نباتات الغابات الاستوائية: تشمل التكيّفات الخاصة بالنباتات الاستوائية امتلاك النباتات أوراقاً عريضة تُساعدها على إنزال الماء إلى أرض الغابة على شكل قطرات، إذ تستقبل الغابات الاستوائية كميات من الأمطار تتراوح بين 200-254 سم سنوياً، كما تمتلك بعض النباتات غطاءً دهنيّاً مُقاوماً للماء؛ للتخلُّص منه، إلى جانب ذلك تُساعد الأوراق السميكة لبعض النباتات على امتصاص أكبر كمية مُمكنة من أشعة الشمس؛ لأنّ النباتات الاستوائية تعيش في مناطق مظللة ناتجة عن تشابك وامتداد الأوراق والأشجار التي تمنع أشعة الشمس من الوصول إليها، إضافةً إلى ذلك يتحرك سُويقات الورقة (بالإنجليزية: Stalk) في أشجار الغابات الاستوائية مع اتجاه حركة الشمس؛ لتحقيق أكبر استفادة من أشعة الشمس.

  • النباتات الصحرواية: تتمثّل التكيّفات الخاصة بالنباتات والزهور الصحرواية بإسقاط الأوراق والبتلات عندما تكون المياه قليلة؛ لتجنُّب فقد المياه جرَّاء عمليات التبخر من خلال مسامات الأوراق، إضافة إلى ذلك تمتاز الأزهار الصحراوية بدورة زهرية تكاثرية قصيرة؛ لتتمكن من الاستفادة من الأمطار القليلة، إلى جانب ذلك تقوم الزهرة بتغيير شكلها بعد عملية الإخصاب؛ لدفع الملقحات وحبوب اللقاح نحو الأزهار غير المُخصّبة.

العوامل المؤثرة على التكيّف مع البيئة

تتلاءم الكائنات الحية مع بيئاتها بدرجة عالية، بحيث يُمكنها التنبؤ بها والتعامل معها بسهولة حتى عند حدوث تغيُّر بطريقة منتظمة طالما أنّ هذه التغيّرات ليست ضارّة، لكن يصبح التكيّف أكثر صعوبة في البيئات التي تتغيّر بطرق غير متوقعة، لذا فإنّ التكيّف في البيئات المضطربة يكون أمراً مُستحيلاً، كما تقوم الكائنات الحية بتطوير صفاتها في مراحل خاملة من حياتها استعداداً للظروف غير الملائمة والتي لا يُمكن التنبؤ بها، الأمر الذي يُمكِّنها من الحفاظ على بقائها ووجودها، ومن الأمثلة على ذلك تُحارب بيوض الروبيان الملحي (بالإنجليزية: Brine Shrimp) البقاء على قيد الحياة لسنوات طويلة في القشرة المالحة للبُحيرات الصحراوية الجافة، لكن عندما تسقط مياه الأمطار في هذه البحيرات -وهو أمر من النادر الحدوث- يفقس البيض وتنمو الروبيان بسرعة كبيرة، ويُنتِج بدوره الكثير من البيض، إضافة إلى ذلك لا تزال بعض بذور النباتات المعروفة مُنذ عِدة قرون قادرة على العيش والإنتاج في البيئات الجديدة.[9]يتأثر التكيّف بقدرة الكائن الحي على إدامة نفسه وبقاء نوعه من خلال قدرته على التكاثر، ويتأثر التكاثر بعدة عومل منها: أن يكون الكائن الحي متزوجاً أو غير متزوج، أو ترتيبه داخل السلَّم الهرمي لنوعه، كما يتأثر التكاثر بجميع الارتباطات المُتعددة بين أنواع الكائنات الحية، وخاصة المجتمع الذي يوجد ضمنه، ويجب على جميع الأنواع من الكائنات الحية أن تتبع التطورات والتغيُّرات البيئية وتتكيّف معها؛ لأنّ عملية الانتقاء الطبيعي تُفضِل الحيوانات المُفترسة، والطفيليات، لذا تلجأ الفرائس والكائنات المُستضيفة التي يُمكنها مقاومة عدوى الطُفيليات للهروب، الأمر الذي يُحسّن من قدرتها على التكاثر، وبالتالي ضمان استمرار سباق التسلُّح إلى أجل غير مُسمى.[9]علاوةً على ذلك يُمثّل التكيّف الصفات والميزات الفسيولوجية والسلوكية القائمة على الجينات، حيث إنّ بعض الصفات غير قابلة للتكيّف لكنّها تُمثّل بقايا آثار لصفات كانت قابلة للتكيّف، بينما من المُمكن أن تتواجد العديد من الصفات القابلة للتكيّف سابقاً ثمّ اختفت، واختيرت الآن كأساس جديد في ظلّ الظروف البيئية الجديدة.[9]

مميزات التكيّف مع البيئة

يُقدّم التكيّف للكائنات الحية العديد من المميزات والفوائد، منها: [2]

  • يؤدي إلى إنتاج أفراد جديدة فريدة تحمل بعض الخصائص والسمات التكيّفيّة من الأبوين، حيث إنّ جميع أنواع الكائنات الحية التي تتكاثر جنسياً يرث الأبناء فيها الحمض النووي (DNA) من الأبوين، مثال على ذلك قدرة بعض الأشخاص على ثني لسانهم على شكل اسطوانة عند حملهم جيناً معيناً من الأبوين، وعدم قدرة بعض الأشخاص على القيام بذلك.

  • يأتي التكيّف في الكائن الحي على شكل وظيفة مُحدّدة، فعلى سبيل المثال تكيّف مِفصل الكتف لحيوان الشمبانزي؛ ليُمكِّنه من التأرجح على فروع الأشجار.

  • يزيد التكيّف من قدرة الكائنات الحية على الإنجاب والتكاثر، ومثال ذلك وصلت عيون ذكر النَوْضَرِيَّات أو الذباب ذات العينين الساقية (بالإنجليزية: Stalk-eyed Flies) بعيداً عن مُقدمة رأسه لدرجة أنّه لم يُعدّ قادراً على رؤية وِجهته، وعلى الرغم من ذلك تُفضّل إناث هذا الذباب وجود هذه الصفة للتزواج، الأمر الذي يحفظ هذه الصفة في الحمض النووي لسلالة الأفراد الجديدة.

  • يُمكِّن التكيّف الكائنات الحية من القيام بأداء وظيفة حالية بدلاً من القيام بوظيفة سابقة، فمثلاً تكيّف الريش لدى الطيور كانت وظيفته التأقلم مع درجات الحرارة، فيما أصبح في وقت لاحق وظيفته الطيران.

فيديو تصنيفات الكائنات الحية

تعرف على تصنيفات الكائنات الحية من خلال مشاهدة الفيديو الآتي:[10]


وللتعرف أكثر على معلومات حول البيئة يمكنك قراءة مقال تعريف البيئة ومقال موضوع عن البيئة

المراجع