رجاءً.. توقف عن رفع المحاكم ونصب المشانق للآخرين

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/10/24
رجاءً.. توقف عن رفع المحاكم ونصب المشانق للآخرين

على الرغم من الجهود الحثيثة التي نبذلها في سبيل التركيز على أنفسنا، إلا أننا جميعًا بشكل أو بآخر وعلى اختلاف الدرجة والقوة نمارس حقًا وهميًا وغير موهوب، وهو الحكم على الآخرين.


قد يكون ذلك على أشياء صغيرة وبسيطة مثل أن تردد في سرّك: “آه ما غابة الملابس المتحركة هذه التي ترتديها فلانة!”، أو “لمَ كل هذا الوقت الذي يستغرقه زميلي في العمل لإنجاز مهمة ما أستطيع أنا إنهاءها في غضون دقائق معدودة؟!”. في الحقيقة طالما وأننا لسنا مدراء تنفيذيين ولسنا “فاشنستز” موكّلين بإبداء رأينا الرفيع، فقد تُعتبر هذه التساؤلات الصامتة أفكاراً سافرة وغير مبررة، ناهيك عن أولئك الذين يُعدون المحاكم بقضاتها وسجانها وينصبون المشانق ويفرشون أوراق الدساتير الاجتماعية ويحشرون أنوفهم الطويلة في أدقّ خصوصيات حياتك، كتقييم اختيارك لزوجك/تك، أو تأخر سن الزوج وغيرها، ليبدأ تتر الأحكام الغيابية المسبقة والاستنتاجات تنزل تباعًا عبر شاشات أعينهم والتي تفضح أفكارهم مهما حاولوا إخفاءها.


رجاءً.. توقف عن رفع المحاكم ونصب المشانق للآخرين


مزعج كل هذا أليس كذلك؟ وأكثر من كونه مزعجًا فهو حقًا مؤذٍ للآخرين و مؤذٍ لنا وللرباط المجتمعي ككل. هنا سوف نستعرض 5 عواقب تنتج عن ممارسة الحكم على الآخرين


أنت تجرح الناس عمدًا


ربما تكون أفكارنا صامتة أو أمام أشخاص آخرين ليس لديهم أي اهتمام في النميمة أو نقل كلامنا إلى الشخص المعنى الذي أصدرنا في حقه للتو حكمًا قضائيًا حول طريقة تعامله أو طريقة حياته، قد نظن هنا أننا في مأمن طالما أنه لم يعلم بهذا. ولكن الأمور لا تجري دائمًا على هذا النحو، ربما ينعكس حديثنا بشكل أو بآخر مما قد يسبب جرحًا بالغًا للناس.


ببساطة فكّر قبل أن تطلق العنان للسانك، هل تستطيع أن تتفوه بنفس الكلمات أو المصطلحات في وجه المحكوم عليه مباشرة وبلا حرج؟ إذا بدا الأمر طبيعياً فتحدث، وأما إذا كان الجواب لا، فهنا يُعدّ الصمت عين الخير.


أنت أيضًا تشعر بالسوء


عندما تصدر أحكامك على الآخرين (أو على الأقل عندما أفعل أنا هذا) فإن الشعور بالسوء وعدم الرضا عن نفسك يقبض على منافذ تفكيرك لفترة ليست بالقصيرة. ليس هذا فحسب، بل إن الأمر يتجاوز إلى الشعور بالذنب، ناهيك عن تصاعد وتيرة هذا الإحساس عندما تتجلى أمامك الظروف التي قد تجيب على تساؤلاتك وتردّ أحكامك عليك، لتكتشف كم كان الأمر مختلفاً وكم كان حكمك صبيانيًا ومحدودًا متجردًا من الإنصاف ومبتعداً عن الكثير من الحقائق.


خلق صورة نمطية دائمة


كلما استمر الناس بإطلاق أحكامهم على كل شاردة وواردة سينتهي الحال بخلق صورة نمطية عن كل شيء. ليس هذا فحسب، بل قد تتحول إلى أحكام ذات طابع عرقي أو ديني أو مذهبي أو مناطقي تتخذ منهج التعميم المنبوذ لتتحول إلى صورة نمطية مستدامة وغير محببة.


كلما ازدادت الأحكام في العالم، كلما تمّ تشكيل المزيد من القوالب النمطية التي يحاول الناس أن يتجنبوها. إنها تجبر الناس (بما فيهم أنت!) على الشعور كما لو أن هناك معايير يجب عليهم مواجهتها ومطابقتها بدلاً من عيش حياة سعيدة وبسيطة بعيداً عن كل هذه التعقيدات. لذلك لطفًا، لا تكن جزءًا من إدامة بعض هذه الصور النمطية بإصدار أحكامك الخاصة.


عالم أكثر سلبية


حتى إذا افترضنا أن كل القرارات التي نطلقها على الناس – مهما كبرت أو صغرت – حكيمة ورشيدة وصائبة تمامًا فهي لا تجلب أي شيء جيد لهذا العالم. بل على العكس، إنها تضع الناس في الأسفل وتجعل من هذا الكوكب مكاناً متشبعاً بالسلبية وتجعله أكثر تعاسة. هل يمكنك أن تتخيل لو أننا جميعًا قادرون على أن نتقبل ونحب بعضنا بعضاً؟ هل يمكنك تخيل ما سيكون عليه العالم إذا حاولنا فهم الآخرين بدلاً من الحكم عليهم؟


حكمك على الآخرين سيقودك للحكم على نفسك أيضاً ثم إلى جلد ذاتك


إذا كنت تحاكم الآخرين، فمن المحتمل أنك تحاكم نفسك وبقسوة أيضًا.


بالنسبة لي، أعرف أن هذا هو الحال. على سبيل المثال، أحكم على ما يرتديه الآخرون، وكنتيجة لذلك، أشعر بالقلق الشديد إزاء ما أرتديه. أقضي الكثير من الوقت في مراقبة ملابسي ومظهري، وأراهن أنني كنت سأستهلك وقتاً أقل لفعل هذا الأمر إذا لم أكن أحكم على الآخرين بقسوة شديدة. مما يدفعني لتقييد نفسي بأشياء أخرى أكبر من هذا ثم إذا أخطأت قد يقودني هذا إلى جلد الذات .


شاهد هذا الفيديو:


حسنا.. كيف يمكن أن نتوقف عن محاكمة الناس؟ هنا نقدم لك عزيزي القارئ خطوات مهمة كفيلة بأن توقف هذي الأفكار غير الخلاقة وغير المنتجة إلى الأبد:


رجاءً.. توقف عن رفع المحاكم ونصب المشانق للآخرين


 


* ابحث عن أبسط أشكال الخير في الناس. لن يحدث هذا فجأة بل ربما سيأخذ وقتاً طويلاً لممارسته وتطبيقه، حيث نحتاج أن نمنع عقولنا عن البحث عن العيوب وكل ما هو سلبي واستبدال هذه العملية بالعثور على شيء جيد عن الشخص الآخر.


* كرر هذه التعويذة “إنه مثلي تماماً”. عندما تجمح نفسك لانتقاد شخص ما والتنظير عليه وعلى مواقفه، قل لنفسك دائماً “إنه مثلي تماماً”. تذكّر دائماً أننا نحن البشر أكثر شبهاً من كل اختلافاتنا. نحن نخطئ ونرتكب ذات الأخطاء التي يفعلها الآخرون، وربما لا يتعلق الأمر بالأخطاء فقط بل وحتى في وجهات النظر والظروف التي تحيط بنا، قد ننتقد أحدهم لأنه اتخذ هذا القرار الذي فعلناه من قبل عن رضا وطيب خاطر في الماضي ولكن الأنا العليا أنستنا اليوم ما قد مضى وانقضى. حدث موقف معي أن أحدهم كان ينتقد بشدة وبقسوة قرار شخص آخر بزواجه من سيدة تكبره في العمر، ونسي محدثي تماماً أنه وقبل بضع سنوات فقط تزوجت أخته هو من رجل شاب يصغرها عقداً من الزمان، ولست ضد الزيجتين بالطبع ولكن لماذا نلعن اليوم ما باركناه بالأمس!!


* إعادة فهم الأمور. عندما يقوم شخص ما بشيء لا تراه أنت مناسباً كاعتناق فكرة غريبة أو انحياز لتيار سياسي لا تستسيغه أو حتى تشجيع فريق رياضي خصم، فليس من الضروري أن يكون تبرير ما فعله هو أنه لا يفهم أو أنهم لابدّ وقد اشتروا ذمته في الخفاء وهلمّ جرّا من هذه الأحكام التي لا ترضي إلا أصحاب العقول الضحلة.


نحن نقف على هذه المنطقة العربية الملتهبة ونرى كل يوم العجب العجاب، سيكون مرهقاً جداً ومبدِّداً للوقت إن حشرت نفسك في ذات الأحكام المسبقة. كن خلاقاً وحرر عقلك وافترض أن كل شخص يسلك طريقه الخاص وينظر للأمور من زاويته هو فقط، وإذا لم تكن هي نفسها زاويتك فهذا ليس مبرراً لتنصب نفسك قاضيًا عليه.


* التمس العذر. قال أحدهم ذات مرة، لا أحد يستيقظ في الصباح ويقول لنفسه: “أعتقد أنني سأكون غاضباً اليوم”. جميعنا يبذل قصار جهده من خلال الموارد المتاحة له ليبدو في أفضل حال، فإذا ما حصل شيء خارج هذه الخطة الافتراضية فلابد أن هناك سبباً يقف وراء هذا، وسيكون جميلًا وشفافاً إذا حاولنا جاهدين أن نقدر هذه الأسباب، حتى وإن بدت هذه الممارسة صعبة ولكنها مثمرة في النهاية.


* اشعر بالرضا عن نفسك. إذا كنت تشعر بالرضا عن خياراتك فلن تهتم بالحكم على خيارات الآخرين. إذا شعرت بالرضا عن جسدك ووزنك (مثلًا)، فلن تسخر من وزن الآخرين أو مظهرهم. نحن نعمل بجدّ على انتقاد ومحاكمة بعضنا بعضاً كقاعدة تنطلق من عجزنا المدرك.


* ركّز على حياتك الخاصة. لا تقلق بشأن ما يفعله الآخرون أو ما يرتدون وكيف يتصرفون. فكّر في حياتك الخاصة، على ما تريده ويجب أن تتبعه. عندما تحاول تجنب مشاكلك ستجد أنه من السهل انتقاد الآخرين ونسيان نفسك.


 


شاهد هذا الفيديو:


وأخيرًا.. تذكر أن الحكم على شخص ما لن يحدد من يكون أو كيف سيكون هو، وإنما سيحدد من تكون أنت وماذا ستكون عليه.