علاج مرض بهجت

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ١٥:٤٥ ، ٣١ مايو ٢٠٢٠
علاج مرض بهجت

مرض بهجت

يُعدّ مرض بهجت (بالإنجليزية: Behcet’s syndrome)، أو متلازمة بهجت، أو مرض طريق الحرير، أحد أمراض المناعة الذاتية التي تؤثر في أداء الجهاز المناعي فيقوم بمهاجمة الأوعية الدموية في جسم الإنسان مُسببًا التهابها وانتفاخها، ومن شأنه التأثير في أيٍّ من الأوعية الدموية التي تضخّ الدم حول أنحاء الجسم المُختلفة،[1][2] ويُشار إلى ظهور ثلاثة أعراض رئيسية في حالات الإصابة بمرض بهجت؛ ألا وهي قرحات الفم المتكررة، والقرحات التناسلية، والتهاب عنبية العين (بالإنجليزية: Uveitis)،[3] ويُصنّف من الأمراض المزمنة التي تستمر مدى الحياة، وقد عُرف مرض بهجت بهذا الاسم نسبةً للطبيب التركي خلوصي بهجت والذي قام بوصف المرض في عام 1930م، وتجدر الإشارة إلى أنّ أغلب المُصابين بهذا المرض يُمكنهم التعايش معه، وينعمون بقدرة إنتاجية تامّة فهُناك خُطط علاجية عدّة من شأنها التخفيف من الأعراض التي تنتج عنه وتقليل حدوث نوباته،[2][1] وفي كثيرٍ من الأحيان تتحسّن أعراض مرض بهجت مع مرور الوقت والتقدم في العمر بحيث يُمكن للشخص الاستغناء عن الأدوية،[4] وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ مرض بهجت يُعتبر أكثر شيوعًا في دول الشرق الأوسط وآسيا، وهو نادر الحدوث في الولايات المُتحدّة الأمريكية.[2]ولمعرفة المزيد عن مرض بهجت يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هو مرض بهجت).

لغاية الآن لم يتم التوصل لعلاج نهائي لمرض بهجت، وتعتمد الخطة العلاجية المُتّبعة في هذه الحالات على استخدام بعض الأدوية والعلاجات التي تُخفف من الأعراض وتُقلل من نسب حدوث المضاعفات، وبجميع الأحوال يتمّ تحويل المُصاب بعد تحديد إصابته بداء بهجت لطبيب مختص لتحديد النمط العلاجي المناسب للحالة حيثُ يتم تحديد العلاج بناءً على نوع الأعراض وشدتها، فهُناك بعض المرضى تستلزم حالاتهم الخضوع للعلاج الدوائي بشكلٍ مُستمر للسّيطرة على أيّ مضاعفات خطيرة مُحتملة؛ مثل فقدان القدرة على النظر، وحالات أخرى قد تحتاج للأدوية عند حدوث النوبات فقط،[5] وفي هذا السّياق يُشار إلى توافر مجموعة من الأدوية المُستخدمة للسّيطرة على الأعراض التي تنتج عن الإصابة بمرض بهجت، ويُمكن تقسيمها كما يأتي:[6]

الستيرويدات القشرية


الستيرويدات القشرية (بالإنجليزية: Corticosteroids) أو كما تُسمى بالكورتيكوستيرويدات، وهي أدوية مُصنّعة تُستخدم كمضاد للالتهاب، وتُستخدم بهدف تخفيف الالتهابات التي تنتج عن الإصابة بداء بهجت، حيثُ يتمّ تحديد الأعراض المرافقة للمرض وبناءً عليها تُوصف الكورتيكوستيرويدات والشكل الصيدلاني الأنسب للحالة؛ فتُوصف الأقراص أو الكبسولات التي تؤخذ عن طريق الفم أو الأنواع التي تُعطى عن طريق الحقن بهدف تقليل الالتهابات في أنحاء الجسم المختلفة، أمّا تلك المتوافرة على شكل كريمات موضعية أو جل أو قطرات للعين فهي تُقلل الالتهابات بشكلٍ موضعي، ومن الجدير ذكره أنّ الآثار الجانبية المُترتبة على استخدام الستيرويدات القشرية تعتمد بصورةٍ أساسيةٍ على الشكل الصيدلاني المُستخدم، وبشكلٍ عامّ يرتبط ظهور الآثار الجانبية باستخدامها على فتراتٍ زمنيةٍ طويلة، كحدوث ترقق الجلد المُرتبط باستخدام الكورتيكوستيرويدات الموضعية لفتراتٍ طويلة،[6] وبشكلٍ عامّ قد تؤدي الستيرويدات القشرية إلى حدوث زيادة الوزن، والشعور بحرقة المعدة، وارتفاع ضغط الدم، وهشاشة العظام.[7]

مُثبطات المناعة


كما تُظهر التسمية فإنّ مثبطات المناعة (بالإنجليزية: Immunosuppressants) تُمثل أدويةً تعمل على تثبيط عمل الجهاز المناعيّ؛ ولأجل ذلك فهي تُعدّ علاج رئيسي للمصابين بمرض بهجت، فمن شأنها التخفيف من عملية الالتهاب المُصاحبة لهذا المرض، وبالتالي السّيطرة على الأعراض المُرافقة للالتهاب، وتتوفر مثبطات الالتهاب بعدة أشكال؛ منها الموضعيّة والتي تكون على شكل جل أو مرهم أو كريم، ومنها الحقن التي تؤخذ بالوريد، ونوع آخر يؤخذ عن طريق الفم على شكل أقراص أو كبسولات،[8] ومن الأمثلة على مثبطات المناعة: الآزاثيوبرين (بالإنجليزية: Azathioprine)، والسيكلوسبورين (بالإنجليزية: Cyclosporine)، والسيكلوفوسفاميد (بالإنجليزية: Cyclophosphamide)، ومن الجدير بالذكر بأنّ استخدام مثبطات المناعة بأنواعها المختلفة قد يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالعدوى نظرًا لكونها تُقلل من فعالية جهاز المناعة، إلى جانب احتمالية ظهور بعض الآثار الجانبية، مثل: انخفاض تعداد الدم، وارتفاع في ضغط الدم، وحدوث مشاكل في الكلى والكبد.[7]

العلاجات البيولوجية


تُعد العلاجات البيولوجية (بالإنجليزية: Biological therapies) إحدى الطرق التي يُلجأ إليها في حالات مرض بهجت نظرًا لفعاليتها في تخفيف الالتهابات المُرافقة لهذه الحالة، وفيما يأتي بيان لأبرز الأمثلة عليها:[9][10]
  • الإنترفيرون ألفا-2ب: (بالإنجليزية: Interferon alfa-2b) الذي يُنظّم عمل الجهاز المناعيّ ويُسيطر على الالتهابات، وقد يُوصف لوحده أو إلى جانب العلاجات الأخرى للسيطرة على تقرحات الجلد والتهاب العين وآلام المفاصل التي قد تظهر على المُصابين بمرض بهجت، إلاّ أنه من الممكن أن ينتج عنه بعض الآثار الجانبية الشبيهة بأعراض الإنفلونزا؛ كألم العضلات والتعب.

  • مثبطات عامل نخر الورم: (بالإنجليزية: Tumor necrosis factor inhibitors)، مثل دواء أداليموماب (بالإنجليزية: Adalimumab)، وإنفليكسيماب (بالإنجليزية: Infliximab)، وإيتانيرسيبت (بالإنجليزيّة: Etanercept)، وسرتوليزوماب (بالإنجليزيّة: Certolizumab)، وتُستخدم في بعض حالات مرض بهجت التي يُعاني فيها الشخص من أعراضٍ أكثر شدّة أو مُقاومة للعلاجات الأخرى، حيثُ تعمل هذه الأدوية على تثبيط إحدى البروتينات التي تلعب دورًا في حدوث الالتهاب وتطوّر المرض، إلاّ أنه من الممكن أن ينتج عن استخدام هذا النّوع من الأدوية بعض الآثار الجانبية؛ مثل الصداع، والطفح الجلدي، وزيادة خطر الأصابة بالعدوى.

علاج أعراض مرض بهجت

يُصاحب مرض بهجت مجموعة من العلامات والأعراض، وقد يقوم الطبيب بوصف علاجات مُعينة تهدف إلى التخفيف من عَرَضٍ مُعين منها، وفيما يلي بيان لكلٍّ من الأعراض الجانبية للمرض والعلاج المُتبعة للسّيطرة عليها.[11]

الطفح والتقرحات الجلديّة


يمكن علاج التقرحات والطفح الجلدي الذي قد يظهر على الأعضاء التناسلية ومنطقة الفم لدى بعض المصابين بمرض بهجت بأدوية الكورتيكوستيرويدات التي تكون على شكل مراهم أو كريمات أو غسولات موضعية على الجلد في حال كانت التقرحات خفيفة، أو باستخدام عقار الثاليدوميد (بالإنجليزية: Thalidomide) أو الدابسون (بالإنجليزية: Dapsone) أو دواء الكولشيسين (بالإنجليزية: Colchicine) إذا كانت التقرحات أكثر شدّة، أمّا في الحالات الشديدة جدًا والتي لم تُجدي فيها العلاجات السابقة فعاليةً في التخفيف من شدّتها فيُمكن اللجوء لمُثبطات المناعة بما فيها الحبوب الفموية من الكورتيكوستيرويدات، أو الآزاثيوبرين، أو الميثوتريكسات (بالإنجليزية: Methotrexate)، ومن الجدير بالذكر أنّ هناك عدة خيارات دوائية تُستخدم كغسول للفم يُخفف بشكلٍ مؤقتٍ من آلام الفم؛ مثل البروكائين (بالإنجليزية: Procaine) أو المُستحضرات التي تحتوي على مزيجٍ من البسموث سبساليسيلات (بالإنجليزية: Bismuth Subsalicylate) مع ديفينهيدرامين (بالإنجليزية: Diphenhydramine) وليدوكائين (بالإنجليزية: Lidocaine).[11]

التهاب العين


يُسبب مرض بهجت التهابات في العين لدى بعض المُصابين بهذا المرض، وهذا أمر يستدعي الخضوع للتدخل والعناية الطبية الخاصّة من قِبل طبيب العيون تجنّبًا لتطوّر الالتهاب وحدوث مُضاعفاتٍ أكبر تؤدي إلى فقدان البصر والعمى، وعادةً ما يتمّ وصف العلاج المناسب بناءً على طبيعة الأعراض ومدى شدّتها، ومن هذه العلاجات ما يأتي:[12]
  • قطرات العين الستيرويدية.

  • مثبطات المناعة التي تؤخذ عن طريق الفم، ويُعتبر عقار السيكلوسبورين من أكثر الأنواع استخدامًا في حالات التهاب العين المُرتبط بمرض بهجت.

  • مثبطات المناعة التي تؤخذ عن طريق الوريد، ومن أهمها السيكلوفوسفاميد، وغالباً ما يتمّ وصفها لحالات الالتهاب الشديدة جداً والتي من الممكن أن تُسبّب فقدان للنظر.


آلام المفاصل


تُعد آلام المفاصل من الأعراض التي تُصيب العديد من مرضى بهجت، ومن الممكن تحقيق السيطرة عليه باتباع نفس النّهيج المُعتمد في علاج آلآم المفاصل الناتجة عن الإصابة بحالات التهاب المفاصل (بالإنجليزية: Arthritis)، وغالباً ما يبدأ الطبيب باتباع خطة تدريجية للعلاج تبدأ بوصف مسكنات الألم المُعتادة كالبارسيتامول (بالإنجليزية: Paracetamol)، وفي حال لم يُجدي ذلك مفعولًا، فقد يُلجأ لوصف إحدى مُضادات الالتهاب اللاستيرويدية؛ مثل النابروكسين (بالإنجليزية: Naproxen) والديكلوفيناك (بالإنجليزية: Diclofenac)، وينصح الأطباء باستخدام الأنواع ضمن مثبطات كوكس-2 (بالإنجليزية: COX-2 inhibitors) من مُضادات الالتهاب اللاستيرويدية نظرًا لكونها تُسبّب إضرارًا أقل ببطانة المعدة مُقارنةً بالأنواع الفرعية الأخرى، ومن الجدير بالذكر أنّ استخدام مُضادات الالتهاب اللاستيرويدية لفتراتٍ زمنيةٍ طويلةٍ قد ينتج عنها بعض الآثار الجانبيّة، مثل: قرحة المعدة وعسر الهضم، أمّا في حال كان ألم المفاصل شديدًا جداً ولم تُجدي العلاجات السابقة نفعاً يمكن وصف الحقن الستيرويدية والتي تُعطى في المفصل المُتأثر مباشرة.[8]

مشاكل الجهاز الهضمي


ينجم عن مرض بهجت في بعض الأحيان مشاكل في الجهاز الهضمي؛ كالتهاب الأمعاء والمعدة، ولتخفيف هذه المشاكل والأعراض يُمكن وصف بعض الأدوية، مثل: الكورتيكوستيرويدات ومثبطات المناعة والعلاجات البيولوجية المختلفة، إلّا أنه في الحالات المتقدمة من المرض قد يُسبب التهاب الأمعاء نزيف في الأمعاء يتمّ علاجه بالطرق الطبية المختلفة، وفي بعض الأحيان قد يتم اللجوء للجراحة لإزالة الجزء المُصاب من الأمعاء ووقف النزيف، ولعلّ دواء ميسالازين (بالإنجليزية: Mesalazine) من الأدوية المُستخدمة لتقليل الالتهابات التي تُصيب المعدة والأمعاء ويُمكن أن يؤخذ على شكلين إمّا أقراص وإمّا تحاميل.[6][12]

آلام الرأس


يتمّ علاج آلام الرأس والصّداع (بالإنجليزية: Headache) التي تُرافق مرضى بهجت في بعض الأحيان بنفس الطرق التي يُعالج بها مرضى الصداع النصفي (بالإنجليزية: Migraine)، فغالباً ما تُوصف الأدوية العرضية؛ كمُضادات الالتهابات اللاستيرويدية والتريبتانات (بالإنجليزية: Triptans) التي تهدف إلى تخفيف أعراضه والحدّ من عواقبه عند حدوثه، بالإضافة إلى الأدوية الوقائية التي يتمّ أخذها بشكلٍ منتظم لمنع ظهور الصداع والوقاية منه؛ ومن الأدوية الوقائية المُستخدمة حاصرات مستقبلات بيتا (بالإنجليزية: Beta blockers).[8]

التجلطات الدموية


تُستخدم الأدوية المضادة للتخثر (بالإنجليزية: Anticoagulant Medications) لعلاج جلطات الدم التي قد تحدث لدى بعض المُصابين بمرض بهجت، ويُذكر أنّ هُناك نوعين رئيسيين من مضادات التخثر المُستخدمة في حالات بهجت، وهما: الهيبارين (بالانجليزية: Heparin) والوارفارين (بالانجليزية: Warfarin)، ومن الممكن أن يتم وصف مضادات الصفيحات الدموية (بالإنجليزية: Antiplatelet Medication) أيضاً؛ كالأسبرين (بالإنجليزية: Aspirin) والتي تُخفف بالدم وبالتالي تثبط تكوّن الخثرات الدمويّة وتمنع حدوث التجلطات مُستقبلًا.[8]

تمدد الأوعيّة الدمويّة


يُعاني بعض مصابي مرض بهجت من حدوث تمدد في الأوعية الدموية (بالإنجليزية: Aneurysms)، والذي يُعالج بهدف الحدّ من التهابات الأوعية الدموية ومنع تمددها وزيادتها سوءًا، ويتمّ ذلك غالباً إمّا بمزيجٍ من الكورتيكوستيرويدات والأدوية المثبطة للمناعة، وإمّا باستخدام حقن السيكلوفوسفاميد المُعطاة عن طريق التسريب الوريدي (Intravenous Infusion)، وفي بعض الحالات يُمكن اللجوء لإجراءاتٍ أخرى أو للحلّ الجراحي لإصلاح الأوعية الدموية التالفة؛ بما يتضمّن تركيب الدّعامات (بالإنجليزية: Stents) في بعض الحالات.[13]

التهاب الجهاز العصبي المركزي


يُسبب داء بهجت لبعض المُصابين التهابًا في الجهاز العصبي المركزيّ، وتتفاوت الأعراض التي تنتج عن هذا النوع من الالتهابات ما بين البسيطة؛ كالنّعاس وازدواجيّة الرؤية، وهذه الأعراض قد تتلاشى لوحدها دون الحاجة لأيّ تدخل طبي ودوائي، وما بين الأعراض الشديدة كفقدان السيطرة على الأمعاء والمثانة والإصابة بالشلل وتستدعي هذه الحالات التدخل الدوائي والذي غالباً ما يكون على شكل حقن الستيرويدات، أو مثبطات المناعة التي تؤخذ عن طريق الوريد.[12]

فترة الهدأة لمرض بهجت

تُعرّف حالة الهدأة أو المغفرة (بالإنجليزية: Remission) في حالات مرض بهجت على أنّها الفترة التي تختفي فيها الأعراض لمدّةٍ زمنيةٍ مُعينة، مع إمكانية عودة ظهورها مرةً أخرى فيما بعد، ويستحيل معرفة وقت بدء فترة الهُدأة، وعلى الرغم من أنّ العلاجات قد تُساعد على تخفيف الأعراض لفتراتٍ طويلة وتُساعد على السّيطرة بشكلٍ جيد على علامات المرض، إلّا أنّه وفي بعض الأحيان قد تندلع نوبات الأعراض مرةً أخرى وبخاصةٍ عند تخفيف جرعات الأدوية أو التوقف عن تناول العلاجات اللازمة، وللحفاظ على فترة الهدأة قدر الإمكان قد يصِف الطبيب مثبطات المناعة لسنواتٍ عدّة، مع إمكانية إضافة أدوية الكورتيكوستيرويدات بحسب ما يراه الطبيب مناسباً، ومع مرور الوقت يستجيب أغلب المصابين للعلاج وينعمون بفتراتٍ طويلةٍ بعيداً عن الأعراض وقد يتحسّن البعض منهم لدرجةٍ تُمكّنهم من التوقف عن تناول الأدوية لمدةٍ زمنيةٍ طويلة.[4]

المراجع