فن الخطابة والمناظرة ولم عليك أن تدرسهما لطلابك

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2021/02/06
فن الخطابة والمناظرة ولم عليك أن تدرسهما لطلابك

لا بدّ أنك قد سمعت من قبل بفن الخطابة والمناظرة، لكن هل خطر لك من قبل أنك تستخدمهما بشكل يومي دون أن تدرك! ففي كلّ مرة تحاول إقناع شخص بفكرة عن طريق مناقشته وتفنيد حجته تستخدم المناظرة (حتى إن كانت الفكرة التي تحاول ضحدها “سنأكل حساء العدس اليوم لأن الجو بارد”)، وفي كلّ مرة تقف أمام مجموعة من رفاقك لتقص عليهم حدثاً أو واقعة فتحاول إدهاشهم وإثارة فضولهم وتحفّزهم للاستماع لك فأنت يا صديقي تستخدم فن الخطابة.


لكن الفرق بين كلّ ذلك وما سنتحدث عنه اليوم، أننا سنتناول هذان الموضوعان من وجهة نظر أكاديمية، وسنتحدّث عن كيفية تطبيقهما ضمن المدارس، ولم علينا أن نسعى ليكونا جزءاً من خطتنا التعليمية.


فن الخطابة وأساسياته:


يتمحور فن الخطابة أو ما يعرف بالـ “Public Speaking” حول نجاح المؤدي في إيصال رسالته بشكل فعّال إلى الجمهور، وفيما نلاحظ من حولنا أشخاصاً -أو قد تكون أنت نفسك- موهوبين بالفطرة بالتحدّث أمام مجموعة من الناس سواء كان المتحدّث يعرفهم أم لا، فالحقيقة أن الخطابة مهارة يستطيع أحدنا تعلّمها والتمكّن منها.


يتّصف المتحدث البارع بقدرته العالية على التواصل، كما يحتاج لأن يكون واثقاً من نفسه وقادراً على التعبير عن أفكاره بوضوح وصفاء، وجميعها مهارات قابلة للتعلّم وأكثر ما يساعد في تعزيزها التدريب الدائم المستمر لفترات زمنية معتبرة.


لا يمكن أن يكون المتحدّث ناجحاً إذا افتقد إحدى تلك الصفات، إذ أنه إن لم يكن قادراً على التواصل الفعّال فلن ينجح بنقل فكرته، وإن لم يكن واثقاً من نفسه سيشعر الجمهور بذلك ولن يقدّروا سماع شخص ليس متأكداً من مقدراته، وسيربك تعقيد الفكرة وعدم شرحها بوضوح المستمعين ليس إلا. وبدل أن نعطيك أمثلةً عن مشاهير من المتحدثين البارعين والفاشلين ندعوك لأن تتذكر أساتذتك في المدرسة والجامعة، وأذهب خطوةً أبعد بأن تؤدي التمرين التالي:


ارسم عمودين تضع في أحدهما أستاذاً كانت دروسه ممتعة وسهلة الفهم وفعالة وآخر كان قد امتلك مخزوناً ثقافياً مهماً لكن درسه كان مملاً وصعب التركيز فيه، اكتب ما الذي جعلك تتحمّس بشأن دروس الأول، وما الذي دفعك لأن تغفو رغماً عنك في دروس الثاني. سيساعدك ذلك في أن تدرك بنفسك الصفات التي ستجعل منك متحدّثاً ناجحاً.


نصائح تساعدك عند الوقوف على خشبة المسرح:


بعد أن جهزت خطابك وجعلت أفكارك واضحةً ومتسلسلة حان الوقت لتقف أمام الجمهور وتبهره، لكن ما إن تصعد خشبة المسرح حتى تبدأ بالتلعثم وتشرع الأفكار تتوه عنك؛ صدّقنا، لا يوجد إنسان لا يتوتر حين يقف أمام جمهور -حتى صديقك المنطلق الذي لا يدخل لسانه إلى حلقه- لكن بعض الأشخاص برعوا في إخفاء علامات التوتر والرهبة، واستحكموا لغة جسدهم.


إليك بعض النصائح التي ستساعدك:


  • كن مستعداً، تدرّب مراراً وتكراراً لوحدك، أمام المرآة، سجّل فيديو لك وأن تتحدث، اجمع عائلتك وألقِ عليهم خطابك. أعد هذه الخطوة إلى أن تشعر بالثقة وتبدأ كلماتك تنساب من فمك دون أن تفكّر بها حتى.

  • احرص على لغة جسدك، قف منتصباً ولا تُلصق قدميك ببعضهما؛ لا تقف جامداً في مكانك، وتحرّك لكن بطريقة مدروسة (لا تجعلك حركتك كالنواس فذلك سيصيب جمهورك بالنعاس)؛ لا تتكتف ولا تشبك يداك ولا تضعهما في جيبك.

  • انتبه لصوتك، احرص على أن يسمعك الجميع وخصوصاً في حال عدم وجود مكبر صوت؛ لا تتحدث كالروبوت كي لا يشعر المستمعون بالملل، غيّر نبرة صوتك مع الحرص على أن تتماشى مع ما تقوله؛ تدرب على مخارج الحروف واحرص أن يكون نطقك سليماً؛ خذ استراحة قصيرة (لعدة ثوان) بين الفينة والأخرى لن يساعدك ذلك على تجميع أفكارك وحسب بل سيسمح للجمهور بأن يستوعب ما قلته لذا احرص أن تكون الاستراحة في الموضع المناسب بعد انتهاء كلّ فكرة.

  • لا تشرب أيّ مشروب يحتوي على الكافيين قبل صعودك إلى المسرح، فذلك سيزيد من توترك.

  • ابتعد عن تدوين ملاحظات وجلبها معك إلى خشبة المسرح، صدقني سيشتتك ذلك أكثر مما سيساعدك؛ إن كنت قد تدرّبت جيداً على خطابك فلن تحتاج لملاحظاتك.

  • النصيحة الأخيرة والأهم، لا تخبر جمهورك بأنك متوتر.

المناظرة وأساسياتها:


تُعرف المناظرة على أنها منافسة بلاغية، حيث يتواجه شخصان أو فريقان فيتولى أحدهما إثبات الحجة فيما يكون على الآخر نفيها، وليس بالضرورة أن يكون الشخص أو الفريق الذي يتولى الدفاع عن فكرة مسانداً لها فعلاً والعكس صحيح.


للمناظرة صيغ متنوعة وقواعد تختلف بين جهةٍ منظّمة وأخرى، لكن هدفها واحد: على أحد الطرفين المتنافسين إقناع لجنة التحكيم بحجته وتفنيد حجة الطرف الآخر.


تمتحن المناظرة إمكانية الأشخاص على التفكير السريع المنطقي، ومدى قدرتهم على حلّ المشاكل. كما أنها تختبر قدرتهم على ضبط أعصابهم وتحمّل الضغط، فمن الممكن جداً أن تقف مدافعاً عن فكرة أنت في واقع الحال من أشرس المعارضين لها؛ ولذا إن كنت تبحث عن شيء يحفّز عقلك ويساعدك على ضبط نفسك ومشاعرك ننصحك بالتأكيد باختبار تجربة المناظرة.


لعل أشهر المناظرات التي نراها باستمرار تلك التي لها طابع سياسي، وأبرزها المناظرات التي تحدث بين الرؤساء الأمريكيين حين يحين موعد الانتخابات كلّ أربع أعوام.


نصائح تساعدك في تحقيق الفوز:


  1. حضّر جيداً قبل بدء المسابقة، واحصل على معلوماتك من مصادر موثوقة. ولا تنس أن تذكر مصدر معلوماتك حين تستخدمها في المحاججة أمام لجنة الحكم والجمهور.

  2. انتبه إلى لغة جسدك دوماً، لا تتحرك كثيراً وكن واثقاً في وقفتك.

  3. اقتنص أيّ خطأ يرتكبه الفريق المقابل، حتى لو لم يكن للأمر علاقة مباشرة بحجّتك فذلك سيضعف شعورهم بالثقة وسيزيد من توترهم.

  4. استعن بالجمهور واطرح عليه الأسئلة، لكن احرص أن تكون الأسئلة تلك التي يجاب عنها بالإيجاب أو النفي؛ اجعل سؤالك بسيطاً واضحاً واحرص على أن تصيغه بطريقة تجعل إجابته لصالحك دوماً. (مثلاً، لا تسأل “كم ساعةً تستعملون هاتفكم النقال خلال اليوم؟” عدّل السؤال ليصبح: “ليرفع يده كلّ من يستخدم هاتفه النقال لأكثر من 3 ساعات يومياً”.

لم عليك أن تتقن فن الخطابة والمناظرة؟


بشكل عام سيساعدك إتقان المهارتين على:


  • تحسين قدرتك على توصيل أفكارك بسرعة واختصار وفاعلية مهما كان من يقف أمامك.

  • زيادة ثقتك بنفسك، وإشعارك بالرضا عن نفسك.

  • تحقيق دعم في حياتك المهنية وتوفير فرص أفضل، إن كان في مرحلة التقديم على وظيفة، أو في طلب زيادة على الراتب، أو حتى إن كنت مديراً يطرح فكرةً ما على موظفيه.

وعلى وجه الخصوص تساعد المناظرة على:


  • تحسين القدرة على تحليل المعطيات بشكل سريع وفعّال.

  • تحسين مهارة الاستماع.

  • تطوير مهارة العمل الجماعي (في حال كان نظام المناظرة يعتمد على الفرق).

  • تفعيل القدرة على التفكير النقدي، والقدرة على إيجاد نقاط الضعف والهفوات في حجج الآخر.

كيف يمكنك كمدرس تضمين فن الخطابة والمناظرة في المنهاج المدرسي؟


بالإضافة إلى جميع الفوائد الفردية التي تحدّثنا عنها سابقاً والتي سيستفيد منها طلابك، سيساعد تفعيل فن الخطابة والمناظرة طلابك بأن يشعروا بأنهم مرئيين وأن هناك من يسمعهم وأن مشاركاتهم وأفكارهم قيّمة ومقدّرة، وسينعكس كلّ ذلك على المزاج العام للطلاب وعلى أدائهم الصفيّ، فهم لم يعودوا مجرّد متلقين يأتون إلى المدرسة كلّ يوم لسماع الدروس بل أصبحوا جزءاً فاعلاً ومشاركاً في العملية التعليمية.