كل البشر غريبو الأطوار … ما كنت تعتقده قد ثبت علميًا بالفعل

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/10/24
كل البشر غريبو الأطوار … ما كنت تعتقده قد ثبت علميًا بالفعل

في كل يوم يسأل ملايين الأشخاص حول العالم صديقهم الصدوق غوغل الكثير من الأسئلة من نوع “هل أنا طبيعي و عادي؟”، وأصبح الإنترنت ملجأ الكثير منا لمعرفة ما إذا كان سلوكنا و أجسادنا و عواطفنا خارجةً عن المألوف، أو أنّها ضمن النطاق المتعارف عليه.


الكثير منّا يكتبون “هل من الطبيعي أن أتحدث إلى نفسي؟” أو “كم مرةً يمارس الزوجان الجنس؟” يبحثون عن أجوبة طبيعية للكثير من الأسئلة على متصفحات الإنترنت لمعرفة ما إذا كان كل ما يمرون به طبيعي، فإذا كنت تعتقد أنّ بيانات محركات البحث تبدو قاعدةً واهيةً لتحديد ما إذا كنت غريبًا أو لا؟ فلدينا أخبار جيدة لك، حيث أكدت أبحاث جامعة ييل أنّها تحمل الكثير من الصحة.


الوضع الطبيعي هو حالة نسبية تعتمد على الزمان والمكان والظروف، ولا توجد طريقة صحيحة لكي تحدد فيما إذا كان الإنسان طبيعيًا!! هذا هو السبب في أنّ علماء الأعصاب يدعون إلى المزيد من الاعتراف بالحالة الطبيعية الغريبة لجميع البشر.


كشفت دراسة جديدة نُشرت في مجلة Trends in Cognitive Sciences في 20 فبراير 2018 عن أسطورة الحياة الطبيعية للبشر والحيوانات “أسطورة الكمال في علم الأعصاب السريري” هذه الدراسة تمت من قبل “أفرام هولمز” و “لورين باتريك” من قسم علم النفس في جامعة ييل، حيث تعتمد هذه الدراسة على نظرية التطور لإظهار أنّ الانتظام في أدمغتنا بالأساس غير طبيعي تمامًا، فخلال 3.5 مليار سنة من التطور الوجودي على الأرض كان التغيير و التنوع في الكائنات والبيئات الأكثر شيوعًا في الحياة.


التطور هو القدرة على التكيف مع المتغيرات، فهو يتغير مع الظروف و الأزمان؛ لأنّ كل شيء من الأشجار إلى الناس إلى البلدان والقارات في حالة تغيّر مستمر، الحالة الثابتة الوحيدة هي حالة متغيرة باستمرار، هذا يعني أنّ أي سلوك يمكن أن يكون جيدًا أو سيئًا، مناسبًا أو غير مناسب، وذلك تبعًا للظرف الذي يحدث فيه، وقد قام باحثو جامعة ييل بتحليل العديد من الحالات النفسية للعديد من الاختلافات التطورية، واستنتجوا أنّه لا يوجد ملف تعريفي عالمي لأداء الدماغ، وأنّ القوى التطورية التي تحدد شكل جنسنا تختلف اختلافًا مذهلًا في السلوكيات البشرية.


لذلك، اقترحوا أنّه بدلًا من فحص السلوكيات بشكل معزول، يمكن فهم الأمراض النفسية بشكل أفضل من خلال دراسة أنماط السلوك، والتغييرات المعقدة المرتبطة بها عبر أنظمة الدماغ الموزعة.


بعبارة أخرى، إنّ محاولة تعريف وتحديد الناس بطريقة واحدة من وجهة نظر الطب النفسي هي محاولة فاشلة تمامًا، حيث يقوم الطب النفسي الكلاسيكي بتصنيف الناس بطرق محددة، في حين أنّ العالم بطبيعته واسع النطاق. لذلك، فهم يقترحون بدلًا من ذلك أن يتم تقييم كل فرد وفهمه بشكل فردي من وجهة نظر نفسية، ولكن وفقًا لمجموعة واسعة من السلوكيات  والاتجاهات المختلفة.


ومن خلال هذه الدراسة بيّن التقرير الذي نشره هذان العالِمان بأنّنا جميعًا غريبون بعض الشيء، وكوننا غريبين هو في الواقع أمر طبيعي تمامًا.


تهدف دراسة جامعة ييل إلى تفسير أنّ العالم ليس مقسمًا بشكل أنيق إلى صحّي أو غير صحّي، مثالي أو غير مثالي، ومن خلال دراسة تحليل مجموعة من السمات يظهر الباحثون أنّ هذه الصفات موجودة على طول سلسلة تعرضت للعديد من التطورات، وأن فصل “الطبيعي” عن “غريب الأطوار” أمر مستحيل، مثلًا: شعورك بأنّ التحدث إلى نفسك غريب، يجب أن تعلم أنّ عدم التحدث إلى نفسك ليس أفضل بشكل موضوعي، وبالنسبة إلى سؤال مثل: “كم مرةً يمارس معظم الأزواج الجنس؟” من المنطقي أن تفكر أنّ هناك مجموعةً مختلفةً من السلوك الجنسي التي تعتبر مشتركةً وعاديةً للجميع، هناك بالطبع حالات متطرفة تكون فيها بعض الخصائص أو السلوك غير صحيحة بشكل واضح، ولكن على الرغم من جميع حالات سوء التكيف الأكثر وضوحًا، هناك دائمًا مزيج من النتائج الجيدة والسيئة في كل اختلاف معين.


خذ القلق على سبيل المثال: هل من الغريب أو السيّئ إذا كنت تشعر بالقلق حيال معظم الأشخاص الآخرين الذين تعرفهم في حياتك؟ حسنًا، يُظهر العلم أنّ القلق ربما يجعلك أكثر أمانًا، مما يدفعك إلى أن تكون مستعدًا بشكل أفضل في مجالات مهمة في حياتك، وتحسين ذاكرتك حتى ولو لم تشعر بأنّ ذلك جيد في كثير من الأحيان، هل يعتبر ذلك فوزًا أم خسارةً؟ انظر إلى المخاطرة أيضًا، من المحتمل أن تكون فرصتك في مواجهة بعض الحوادث الخطيرة التي تهدد حياتك، هي فرصتك لتحقيق حلمك وتغيير حياتك، إنّ نقاط القوة والضعف مرتبطة بشكل وثيق معًا.


يقول أفرام هولمز: “لا يوجد وضع طبيعي ثابت، هناك مستوى من التباين في كل سلوك من سلوكياتنا، أي سلوك ليس سلبيًا تمامًا ولا إيجابيًا تمامًا، هناك دائمًا فوائد محتملة لكليهما، اعتمادًا على السياق أو الموقف الذي وُضعت فيه”.


يختتم هولمز حديثه: “إنّنا جميعًا نسعى نحو بعض النماذج المصطنعة والنمطية، سواءٌ كان في المظهر المادي أو الشبابي، في الذكاء أو الشخصية، لكننا بحاجة إلى إدراك أهمية التباين و الاختلاف، سواءً في أنفسنا أو في محيطنا”.


إذا كنت تعتقد أنّك غريب الأطوار فذلك أقرب إلى الطبيعي؛ لأنّ الجميع كذلك. لذلك، توقف عن الشعور بالقلق أو الغضب أو الخجل من شخصيتك غير المثالية، نقاط ضعفك التي تعتقدها قد تكون نقاط القوة الخاصة بك، توقف عن التفكير في الصفات السيئة كما لو أنهّا عيوب غريبة، فكّر بأنّ هذه الصفات هي مظاهر متطرفة لبعض الصفات الجيدة لديك، يمكنك التركيز على ضبط هذه السلوكيات بدلًا من أن تكره نفسك.