مقدّمة
إنّ اللسان هو عضوٌ مهمٌّ جداً من أعضاء جسم الإنسان؛ وذلك لأنه يقوم بالعديد من الوظائف المهمّة، وسنتناول في مقالنا هذا بعضاً من المعلومات عن هذا العضو، مكوّناته، ووظائفه، وكيفيّة المحافظة عليه من الآفات الماديّة والمعنويّة.
ممّ يتكوّن اللسان
يتكون اللسان من:
- ألياف عضليّة تقدّر بآلاف الألياف، وتتخلّل هذه الألياف خلايا دُهنيّة.
- النسيج الطلائي الحرشفي، وهو غشاء مخاطي يغطي اللسان بالكامل.
- نتوءات بارزة تنتشر على سطح اللسان بشكل كبير، وبهذه النتوءات توجد فتحة البراعم الذوقيّة.
ما هي وظائف اللسان
اللسان له العديد من الوظائف التي يؤدّيها، وهي وظائف مهمّة للإنسان، وهي كالتالي:
- وظيفة التذوّق، وسنذكر في السطور القادمة الطرق والوسائل التي يتذوّق فيها اللسان الأطعمة.
- المضغ، فاللسان يساعد الأسنان على مضغ الطعام وتحريكه.
- البلع، لولا اللسان لما استطاع الإنسان بلع الطعام.
- الكلام، وهي الوظيفة الأكثر أهمية بالنسبة للإنسان كونه مخلوقاً اجتماعيّاً، حيث أن الكلام هو الوسيلة الأولى للتواصل الاجتماعي بين الناس.
كيف يتذوّق اللسان الأطعمة
إن الأطعمة أنواع كثيرة، فمنها ما هو حلو المذاق، ومنها ما هو مرّ، ومنها ما هو مالحٌ، ومنها ما هو حامض المذاق، فكيف يمكن لعضلة اللسان أن تتذوّق هذه الأطعمة؟
إن اللسان يحتوي _كما أسلفنا سابقاً_ على براعم ذوقيّة، وهذه البراعم منتشرة على سطح اللسان، وعن طريقها يمكن للسان أن يتذوّق الأطعمة، وفيما يلي سنتعرّف على كيفيّة تذوّق اللسان للأطعمة:
- طرف اللسان يحتوي على براعم ذوقيّة مسؤولة عن تذوّق الطعم الحلو.
- حافتيّ اللسان والسطح الجانبي له تحتوي على براعم ذوقيّة مسؤولة عن تذوّق الطعم المالح والحامض.
- مؤخّرة اللسان تحتوي على براعم ذوقيّة مسؤولة عن تذوّق المذاق المرّ.
كيف تتمّ وظيفة الكلام
إنّ الكلام هو وسيلة التواصل الاجتماعيّ الأبرز بين الناس، واللسان هو العضو المسؤول عن وظيفة الكلام، ولكنّه يشترك مع مخارج أخرى لنطق الأصوات، وبطبيعة الحال فاللسان كغيره من الأعضاء يتلقّى الإشارة من الدماغ ليقوم بوظيفته، فإن كان هناك خلل ما في الجزء المسؤول عن النطق في الدماغ، ينعكس ذلك على اللسان فيصبح غير قادر على الكلام، أما مخارج الأصوات والحروف فهي علمٌ قائمٌ بذاته، لا يتّسع المقال لشرحه، يسمّى بـ (علم الأصوات)، ولكنّ ما نودّ الإشارة إليه هو أنّ اللسان وإن كان المسؤول عن وظيفة الكلام، هناك أعضاء أخرى تشترك مع اللسان في نطق الأصوات، وأيّ خلل في تلك الأعضاء قد يؤثّر على نطق الأصوات بشكل سليم.
هل هناك أمراض تصيب اللسان
اللسان عضوٌ كسائر أعضاء الإنسان، يصيبه ما يصيب الإنسان، وأشهر ما يمكن أن يصيب اللسان: هو تراكم البكتيريا في اللسان، وذلك يؤدي إلى انبعاث رائحة كريهة للفم كما سنتحدث في السطور القادمة، أمّا التغيّر في لون اللسان، فذاك يعني أن هناك خللاً في عضو آخر من أعضاء جسم الإنسان، فمثلاً إن مال لون اللسان إلى الزرقة، فذلك يعني مرضاً في القلب أو الجهاز التنفّسي، إن مال لونه إلى الاصفرار، فذلك يعني أنّ نسبة الصفار في الدّم عالية، إن كان أبيض اللون، فهذا يعني أن هناك خللاً في الجهاز الهضمي، أو ارتفاع في درجة الحرارة... وهكذا.
فاللسان عضو يتأثّر بما يصيب الأعضاء الأخرى من أمراض، فكيف نحمي هذا اللسان من الأمراض؟ هذا ما سنتناوله مفصّلاً في الفقرة القادمة إن شاء الله.
إن اللسان عضلة من أقوى عضلات جسم الإنسان، إن لم تكن أقواها على الإطلاق، وهي عضلة مهمّة جداً للإنسان، فكيف نحافظ على ألسنتنا؟
قبل أن نتحدّث عن كيفية المحافظة على ألسنتنا، علينا أن نعلم أنّ آفات اللسان نوعان: آفات ماديّة، وآفات معنويّة، وسنتحدّث عن كيفية المحافظة على ألسنتنا وفق هذين النوعين.
* المحافظة على ألسنتنا من الآفات الماديّة:هناك الكثير من الأمراض التي قد تصيب اللسان، والوقاية خير ألف مرّةٍ من العلاج، ونستطيع المحافظة على ألسنتنا من الأمراض عن طرق اتّباع الطرق التالية:
- تنظيف اللسان بشكلٍ مستمر، وذلك بواسطة المِسواك، أو فرشاة الأسنان، فذلك يساعد على حماية اللسان من البكتيريا التي يمكن أن تستوطن اللسان الذي يعدّ بيئة خصبة ومثاليّة للبكتيريا، وتلك البكتيريا تؤدي إلى انبعاث روائح كريهة للفمّ.
- عدم تناول المأكولات أو المشروبات شديدة السخونة، فإنها تحرق اللسان فتؤثّر على حاسّة التذوّق.
- التغذية الصحيحة، فإنّ لصحة التغذية دوراً كبيراً في الحفاظ على الجسم بشكل عام، وعلى أجهزة الجسم كالجهاز الهضمي والتنفسي بشكل خاص، فإن أي خلل في وظائف أجهزة الجسم قد تؤثر على اللسان، فيتغيّر لونه.
ونعني هنا بالآفات المعنويّة: أي الآفات التي تضرّ الإنسان في دينه وخُلُقه، ونستطيع المحافظة على ألسنتنا من خلال اتّباع الطرق الآتية:
- ترطيب اللسان بذكر الله، إن أكثر ما يفيد المرء للمحافظة على لسانه من الزّلات هو إشغاله بذكر الله تعالى، وذلك بقراءة القرآن، والأذكار المأثورة عن الرسول الكريم _صلّى الله عليه وسلّم_، كأذكار الصباح والمساء، وأذكار ما بعد الصلاة، وأذكار ما قبل النوم، وغيرها من الأذكار، إضافة إلى الاستغفار الكثير، فإن له فوائد عظيمة تعود بالخير على الإنسان.
- تذكُّر أن أكثر ما يُدخل الناس النار هو اللسان، فقد قال رسول الله _صلّى الله عليه وسلّم_ لمعاذ _رضي الله عنه_ "وهل يكبّ الناس على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم".
- حفظ اللسان من الوقوع في الكذب، والنميمة، وشهادة الزور، والغيبة، واللعن، والقذف، فكل تلك الآفات هي آفات خطيرة على الإنسان، تكسبه السيّئات في صحيفته دون أن يشعر، وتجعله منبوذاً في مجتمعه.
- تذكّر أن اللسان كغيره من الجوارح تشهد على صاحبها يوم القيامة، قال الله تعالى: "يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون".
- تذكّر أنّ قليل الكلام، يمتلك شخصيّةً ساحرةً، وهيبةً ووقاراً بين من يعرف من الناس، وقد قال الصادق الأمين _صلوات الله وسلامه عليه _: "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت".
- عدم الخوض في ما لا يعلم، فالمتفلسف منبوذٌ بين الناس.
- عدم مجادلة الأحمق، فترك جداله أفضل، فذلك لأنّ جداله كالنفخ في قربةٍ مثقوبة، ليس له نتيجةً سوى أن يظن الناس أنّ كلاكما أحمق.
وختاماً لابدّ لنا من أن نتذكر قول الله تعالى : "ما يلفظ من قولٍ إلّا لديه رقيب عتيد"، فيجب أن ننتبه جيّداً لما نقول، فرُبّ كلمة يقولها الإنسان تهوي به في النّار سبعين سنة كما أخبرنا رسول الله _صلوات ربي وسلامه عليه_، هناك الكثير من الناس من يهتمّ بصحة لسانه من آفات البكتيريا، ويهمل آفاتٍ كثيرةً، كالغيبة والنميمة، وقول الزور، فوالله الذي لا ربّ سواه، إنّ آفةً واحدةً من التي تضرّ بأخلاق الشخص، لهي أخطر من كلّ أمراض الدنيا، لا تعمّروا دنياكم على حساب آخرتكم، فالدنيا فانية، وليس لنا منها إلّا ما قد قدّمنا من الأعمال.
أسأل الله العظيم، ربّ العرش العظيم، أن يحفظ ألسنتنا عن كل قول يغضبه، وأن يحفظ جوارحنا عن كلّ عمل فيه معصية، وصلّ اللهم على خير البشر محمّد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على دربه، وبارك وسلّم.