اسأل علماء النفس ما هو الذكاء، و سوف يبدأون في مناقشة طويلة و معقدة حول مهاراتك في حل المشكلات العامة، تليها مناقشة أطول حول عدة أنواع أو مكونات الذكاء البشري. لكن هذا الموضوع يطول الكلام عنه، في هذا المقال، ينصب تركيزنا على الذكاء باعتباره طاقة كامنة داخل كل فرد، و كيف يمكن لنا تعزيزه و تقويته مع ألعاب الفيديو.
يقولون أن الذكاء شيء يولد به جميع البشر. ومع ذلك، هناك حجج مقنعة للغاية ضدّ الإدّعاء بأن جميع البشر يولدون متساويين من حيث الذكاء. و يدعون أنه إذا كان هذا صحيحًا، فمن المفترض أن نرى الجميع يتشاركون مستوى الذكاء نفسه، أو مستوى حاصل الذكاء. لكن هذا ليس صحيحًا في أغلب الأحوال.
هناك العديد من العناصر أو العوامل المحددة التي تشرح الاختلافات في مستويات ذكاء الأشخاص. يشير البعض إلى علم الوراثة – Epigenetics، حيث يولد الشخص الذكي نتاج لشخصين يتمتعان بذكاء أعلى أو فوق المتوسط، و علي هذا المنوال، يتمتع هذا الطفل بنفس المستوى من الذكاء أو مستوى أعلى من الذكاء مقارنة بوالديه. هناك مدارس فكرية أخرى تقول أن الذكاء يتأثر أيضًا بنوع التعلم والتطوير الذي نمر به. ربما يكون أحد أكثر الحجج إقناعا التي تدعم الإدعاء حول الأشخاص الذين لديهم مستويات متفاوتة من الذكاء له علاقة بالذكاء الذي يتم تشكيله بشكل كبير عن طريق علم الوراثة والبيئة المحيطة. و هو ما يطلق عليه في علم النفس مفهوم التغذية و الطبيعة Nature & Nurture.
يشير مفهوم “التغذية و الطبيعة” إلى قدرة المرء على التعلم والتفكير و الفهم وأشكال أخرى مماثلة من النشاط العقلي. فهو يصف قدرتك على تعلم وفهم ومعالجة المعلومات، وحتى كيف تتعامل مع مواقف جديدة و غير مألوفة. هذا المفهوم لا يتعلق فقط بكيفية اكتسابك للمعرفة، لكن كيف تقوم بتطبيق تلك المعرفة التي اكتسبتها كذلك.
تكلمنا من قبل عن تأثير “الطبيعة” علي الذكاء، و معناها أن الذكاء ربما يحمل زاوية وراثية، موجودة في التركيبة الجينية الطبيعية لأجسامنا منذ وقت طويل. لكن إذا نظرنا إلي الجانب الآخر “التغذية أو التنشئة“، سوف نلاحظ كيف يمكن للتأثيرات البيئية – سواء كانت بيولوجية أو ثقافية أو اجتماعية أن تشكل الذكاء. في اللحظة التي نولد فيها ، نبدأ في التفاعل مع العالم الخارجي، والعوامل الخارجية العديدة حولنا. هذا هو المكان الذي يأتي فيه جزء “التنشئة“.
ماذا يعني هذا الكلام؟ هذا يعني أنه حتي لو ولدنا بقدرات عقلية متأخرة عن الآخرين، يمكننا بالتأكيد اللحاق بهم و ربما تجاوزهم من خلال تغذية القدرات العقلية الكامنة بداخلنا. ربما لم نكن قد ولدنا بنفس القدر من الذكاء، ولكن يمكننا أن نفعل شيئًا لجعله حقيقة.
الآن، كيف يمكننا “تغذية” الذكاء؟ ربما يمكنك أن تأتي بقائمة طويلة من الأشياء التي يمكنك القيام بها من أجل تعظيم إمكاناتك المعرفية وتعزيز ذكائك. الذهاب للمدرسة. تحدى النفس مع خبرات تعليمية جديدة. السعي بإستمرار للمعرفة ربما يكون هو الحل السهل و المنطقي عندما تفكر في هذا السؤال.
ولكن هل تعلم أن الألعاب (بكل أنواعها إلكترونية أو غير إلكترونية) تم وصفها أيضًا بأنها إحدى الطرق التي يمكن أن تساعد في تعزيز ذكائك؟ تعالوًا نرى معًا كيف يكون ذلك.
الألعاب و الذكاء
ألعاب التفكير، الألغاز، مسابقات المنطق و التمارين العقلية. كل هؤلاء هم فقط بعض أشكال أو أنواع ألعاب الذكاء المعروفة. ربما سمعت عن بعض أو كل هذه الأشياء من قبل. و بالتأكيد كنت قد لعبت شيئًا منهم مرة واحدة على الأقل في حياتك. في الواقع، هذه الألعاب هي تمارين ذهنية وعقلية تم تصميمها تحت ستار الترفيه عنك و إتاحة قضاء وقت ممتع في هذه العملية العقلية. السؤال الكبير هو: كيف تعمل ألعاب الذكاء هذه في إعطاء ذكائك دفعة قوية؟
1. تعزيز الوعي البصري
يمكن القول إن الملاحظة هي إحدى الطرق الأولى للشخص للحصول على المعلومات والمعرفة. يؤدي لعب ألعاب الذكاء – أو الألعاب بشكل عام – إلى تعزيز قوة الملاحظة ، وفي هذه العملية، يحسّن وعيه البصري. مع تمرين عينيك سوف تتمكن من ملاحظة حتى أصغر التفاصيل. هذه الرؤية المحسنة ستكون مفيدة أكثر عندما يتعلق الأمر بعمليات التفكير الأساسية.
إن أهم نقطة في بداية تطوير الذكاء و الإدراك للفرد هي العمل على تحسين التحسن العمليات البصرية الأساسية له، وتحديدًا حساسية التباين، أو القدرة على تمييز حتى أكثر الفروق الدقيقة في ظلال اللون مثل اللون الرمادي. مثال علي ذلك هو ألعاب الأكشن مثل Devil May Cry، و التي تحتاج فيها مستوي متقدم من الوعي البصري، لكي تستطيع التعامل مع النمط السريع و القوي لهذه اللعبة.
2. مستويات محسّنة من التركيز
هذه النقطة تظهر في حالة ألعاب الفيديو التي تتطلب اليقظة المستمرة من اللاعبين و التي غالبًا ما تتطلب اتخاذ قرارات سريعة. مع التدريب المستمر، سوف تتمكن من تحديد الأهداف المتحركة و تتبعها حتي في أقصى حالات الفوضى و الضوضاء. كانت هناك دراسة أظهرت أن الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة dyslexia أظهروا تحسنًا كبيرًا عندما تم جعلهم يلعبون ألعاب الفيديو لمدة لا تقل عن 12 ساعة. و كان الفضل في ذلك هو كيف كانت اللعبة تسترعي الانتباه البصري للأطفال و تقوّي إهتمامهم بالتفاصيل.
3. تعزيز التحكم والمرونة
إن كونك متسرعًا، خاصة في اتخاذ القرارات، لا يمكن لأي شخص أن يسمي ذلك خطوة “ذكية”. على الجانب الآخر، فإن ممارسة ألعاب الفيديو لن تجعلك أكثر مهارة بصريًا، ولكن ستكون أكثر عقلانية أيضًا عند تحديد كيفية الاستجابة للتحفيز البصري. عندما تواجه التحديات المختلفة في الألعاب، سوف تبدأ في تغيير طريقة تفكيرك و تفكر جيدًا في القرارات التي سوف تتخذها قبل أن تندفع و تخسر. وهذا من شأنه تسهيل عملية صنع القرار بشكل أفضل.
هذا ليس كل شيء، القدرة على التعامل مع المهام المتعددة، هي قدرة مهمة سهل اكتسابها عن طريق لعب ألعاب الفيديو، حيث يتم تقسيم انتباهك بين التحكم بعصا التحكم و الأزرار، و الإجراءات التي تحدث على الشاشة، والأوامر التي يجب تنفيذها. تحفيز القدرة على القيام بمهام متعددة تعمل على تطوير التركيز على المدى الطويل .
