“لا تأكل بمفردك” هي كلمة السر للنجاح

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/10/24
“لا تأكل بمفردك” هي كلمة السر للنجاح

لا… ليست مقالة عن العادات الصحية لتناول الطعام ولا وسيلة جديدة لمحاربة الاكتئاب المتفشي عن طريق الأكل الجماعي، ولكن بما أنّ غالبية شعوبنا – للأسف – لا يجتمعون إلّا لملء بطونهم. لماذا لا نستغل عادات الأكل الجماعي إذًا ونطبقها على علاقاتنا الاجتماعية المُدَمَّرَة؟


في كتابه (لا تأكل بمفردك)، يقدم لنا كيث فيرازي بعضًا من أسرار النجاح بشكل عام، والتي تتمثل في تكوين علاقات اجتماعية بشكل خاص، ولأنّ العلاقات الاجتماعية السليمة أصبحت مهضومة الحق في عصرنا هذا؛ انتقينا لك أهم النصائح التي يجب أن تضعها نصب عينيك من اليوم لتبني علاقات تدوم لسنوات.


ابنها، وسّعها ثم اربطها


 تعرف هذا الصديق الذي تلجأ إليه كلما حلت بك مصيبة ولا يتأخر عنك بنصيحة أو زيارة أو حتى أذن صاغية؟ أو ذاك الذي يتبنّى وظيفة سائقك الشخصي فيصطحبك إلى أي مكان في طريقه؟ تعاملات هذه النوعية المميزة من الأصدقاء على الأرجح لا تقتصر عليك فحسب، ولكن تمتد لشبكة من الزملاء والمعارف الذين ينتفعون بخدمتهم وتعاونهم.


لا نشعر عادةً بقيمة مساعدة الآخرين إلّا عندما نوضع في مأزق، ونتمنى من تراب الأرض أن يمد لنا يد العون! وعندما تنظر إلى هؤلاء الأصدقاء السابق ذكرهم وهم في ورطة، ستشهد على أنّ كل استثماراتهم في الناس تعود عليهم أرباحًا وقت الحاجة؛ ذلك بأنّ الاهتمام ببساطة يولد اهتمامًا.


عندما يقابلك إعلان عن دورة تدريبية لست بحاجة إليها حاليًا، لا تبخل على زملائك بنشرها بينهم، فيومًا ما ستحتاج لدورة أخرى وسيدلك عليها من استفاد بمنشورك من أصدقائك!


لا تؤتي شبكات المعارف ثمارها إلّا إذا كانت تضيف لك شيئًا، وتضيف لمن تتعامل معهم شيئًا آخر. وليتحقق ذلك، لا تجعل معارفك يقتصرون على أصدقاء الابتدائية الذين تربيت معهم وأكلت من بيوتهم، بل وسّع هذه الشبكة لتشمل أناس يختلفون عنك وعن بيئتك وانظر إلى الدنيا بعدساتهم، فحتمًا ستجد فرصًا لم تخطر على بالك من قبل.


علاقاتك أشبه بعضلاتك أيّها الشاب، لن تولد قادرًا على حمل 100 كيلو في نفس الوقت، ولكن هذا لا يقلل من أهمية عضلاتك وقدرتها على حمل هذا الوزن في المستقبل مع التمرين والمثابرة. كذلك هي العلاقات، ابذل لها الوقت والاهتمام الكافيين حتى تزيد الثقة بين أطرافها وتقوى روابطها.


كلما اجتمعت مع أصدقائِك أو زملاء عملك على مائدة طعام، تذكر أنّهم هم الخشب الذي يبني مائدة علاقاتك، وما أشهى الموائد الواسعة التي تضم أشكالًا وألوانًا من الأطباق، يربط الناس حولها دافع واحد هو حاجتهم لهذا الطعام.


لا تستغل الناس باسم الصداقة


معرفتك بفلان منذ زمن لا تعطيك الحق في الأكل من طبقه وأنتم على المائدة دون إذن منه!


كلنا نعرف هذه الفئة الاستغلالية من الناس، ينساك أحدهم لشهور ووقت يحتاجك ينتهز كل الفرص ليحصل على كامل اهتمامك. ربما لا يهتم هذا الشخص بعملك الجديد ولا ينوي تهنئتك عليه، ولكن إذا فتحت شركتك هذه فرص عمل جديدة ورأى حاجته لمثل عملك، سيمطرك بوابل من المكالمات حتى يعتصر كل إجابة ممكنة من دماغك، ثم يتلذذ بمشروب خبرتك ليضمن اقتناص الوظيفة.


احذر ثم احذر من استغلال وضع شخص لتحقيق أهدافك الشخصية دون توضيح المنفعة التي ستعود عليه من ذلك؛ لأنّه في الواقع، وبعيدًا عن العاشقين المخلصين، لا تبنِ علاقة إلّا لأجل منفعة. فإذا كانت المنفعة متبادلة ومتساوية تعززت العلاقات وقويت، وإن وجد الناس أنّك تسلب طاقاتهم وخبراتهم دون مقابل فسيتجاهلونك أولًا، ثم يعاملونك بجفاء إن تماديت في طلباتك!


إن كنت لا تصدقني في أنّ علاقاتنا مبنية على منفعة متبادلة، فجرب أن تجرد شريكك المقرب من كل مميزاته… هل أصبح شريكًا لك بعد الآن؟!


كن مميزًا


إذا دُعيت إلى حفل عشاء، فأنت على الأغلب ستتبنى موقفًا من ثلاثة: إمّا أن تحضُر ولا تقدم شيئًا ووقتها سيكون حضورك مساويًا لغيابك، وإمّا أن تُحضِر صنفًا مألوفًا من الطعام ووقتها ستكون مساويًا للعشرين الآخرين الذين حضروا الحفل مثلك، وإمّا أن تقدم طَبَقًا لا يستطيع أحد ضبط مقاديره غيرك. وقتها سيكون حضورك مختلفًا تمامًا وسيجذب اهتمام الناس ويثير إعجابهم بك.


قبل أن تفكر في توطيد علاقاتك مع غيرك، ابذل قصارى جهدك في كسر الحواجز بينك وبين ذاتك الحقيقية. تعرف على نفسك، اسألها: من أنا؟ ولِمَ أنا؟ لا بد وأنّ فيك شيء مميز، وإلّا فما الجدوى من تعدد البشر إذا كانوا على نفس القدر من الكفاءة؟ ولا أجد نصيحة أكثر عملية من التجربة. جرب ثم جرب ثم جرب حتى تبلغ التجارب منتهاها، فالميزة الفريدة في التجارب أنّه لا ملل معها ولا مألوف. ومع التجربة ستنجذب إلى أشياء وتنفر من أخرى، وتكتشف مواهبك في بعض منها وتنمي غيرها.


ووقت تصل إلى نقطة تميزك، ستقوى روابط علاقاتك تلقائيًا؛ لأنّ أطراف هذه العلاقات سيلمسون منك شيئًا جديدًا كل يوم مما يشعرهم بأنّهم مدينون لك طوال الوقت.


لا تمش في الأرض مرحًا


من حكمة الله أن جعلنا متفاوتين في التميز والمقدرة، وهذا تسهيل رباني يساعدنا على تشكيل علاقات مع الآخرين؛ لأنّه بالاختلاف نتجاذب تمامًا كما تنجذب الشحنة السالبة إلى الموجبة فقط لأنّها تختلف عنها، فلماذا نعقّد الأمور ونوهم أنفسنا بأنّنا الأفضل دائمًا؟


لا تكن كطالب الإعدادية الذي يستحق التقدير والاحترام من الآخرين لتفوقه، ولكنه في الواقع غير مرغوب فيه؛ لأنّه كلما مرّ بأصدقائِه الأقل منه تفوقًا اتهمهم بالفشل، ولا تستغرب إذا امتنع الناس عن شكرك على الوجبة الشهية التي طهوتها لهم ذاك المساء، فهذا طبيعي بعد أن صدّعت رؤوسهم بمقارنة طبخك بطبخ زميلك الذي قدم لكم طعامًا شديد الملوحة ذات مرة منذ خمس سنوات!


غرورك يسمم علاقاتك، والناس أكثر ما يكرهون هو شعورهم بأنّهم دونك في القدرات أو الإمكانيات. لذا، استغل هذه المميزات الخاصة بك في بناء علاقات فريدة تشجع من حولك على التقرب منك، فإنّما خُلِقت المواهب والمميزات لتُوَظّف لا لتتباهى بها. وتذكر أنّك مهما بلغت من العظمة، فلن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولًا.


استرجع آخر مرة شعرت فيها بالسعادة تغمر قلبك. ستجد أنّها على الأرجح وقت ساعدت عجوزًا في عبور الشارع، أو أعطيت صغيرًا بالونًا لتمسح الدمع من عينيه، أو وقت أنقذتِ صديقتكِ المنهارة قبل امتحان الفيزياء اللعين بثلاثة أيام. كلها مواقف اجتماعية طارئة. قد ينتج عنها شبكات طويلة أو قصيرة المدى، ولكنها تتطلب منك أولًا وأخيرًا رسم السعادة على قلوب محتاجين، وكلنا محتاجون! فكل ردة فعل تصدر منك تؤثر فيمن حولك بصورة ما، ثم تنعكس على نفسك. إن أحسنت رأيت سعادة في نفسك، فالناس في الواقع مرآة لك، وإن أسأت فلا تلومنّ إلّا نفسك!