لماذا سمي المسجد الحرام بهذا الاسم

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ٠٨:٥٤ ، ٢٩ مارس ٢٠١٨
لماذا سمي المسجد الحرام بهذا الاسم

مكانة المسجد الحرام في الإسلام

يعدّ المسجد الحرام أعظم مساجد المسلمين على الإطلاق، فالصلاة فيه تَعْدل أجر مئة ألف صلاة في أي مسجد آخر، وهو أوّل المساجد الثلاثة التي تشدّ إليها الرّحال، بالإضافة إلى المسجد النبويّ الشّريف في المدينة المنوّرة، والمسجد الأقصى في القدس، ويقع المسجد الحرام في قلب مكّة المكرّمة، في الغرب من شبه الجزيرة العربيّة، ويضمّ المسجد الحرام في رحابه عدداً من المعالم التي لها علاقة ببعض الشعائر التّعبديّة؛ حيث تتوسّطه الكعبة المشرّفة، وهي أوّل بيت وُضع لعبادة الله -عزّ وجلّ- في الأرض، وقد اختارها المولى -سبحانه وتعالى- لتكون قبلة المسلمين التي يتّجهون إليها في صلواتهم، وفي إحدى زوايا الكعبة وُضع الحجر الأسود، وفي المسجد الحرام مقام إبراهيم عليه السّلام، ومكان السّعي بين الصّفا والمروة كذلك، ولكن؛ ما هي حدود المسجد الحرام، ولماذا سُمّي بهذا الاسم، وما هي الأحكام المتعلّقة به؟

سبب تسمية المسجد الحرام

لا شكّ أنّ لتسمية المسجد الحرام بهذا الاسم دوافع شرعيّة تستحقّ التّأمل بها؛ حيث إنّ هذه التّسمية ترتّب عليها أحكاماً، كما أنّها تركتْ آثاراً ودلالات عظيمة.


سبب التّسمية


سُمّي المسجد الحرام في مكّة المكرّمة بهذا الاسم؛ لأنّ الله -عزّ وجلّ- حرّم القتال فيها إلى يوم القيامة؛ فلا يجوز فيها القتال وإسالة الدّماء، ونهت الشّريعة الإسلاميّة عن تنفير صيدها، أو قطع شجرها وإيذائه بالإتلاف، ولا يصحّ التّعرّض لنباتها بالأذى والتّخريب، ونهى الإسلام عن التقاط اللقطة من أرض الحرم إلّا على سبيل التّعريف به والإعلام عنه، وقد جاء في الحديث أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال يوم فتح مكّة: (إنَّ هذا البلدَ حرَّمَهُ اللهُ يوم خلقَ السماواتِ والأرضِ، فهو حرامٌ بحرمةِ اللهِ إلى يومِ القيامةِ، وإنَّهُ لم يَحِلَّ القتالُ فيهِ لأحدٍ قبلي، ولم يَحِلَّ لي إلّا ساعةً من نهارٍ، فهو حرامٌ بحرمَةِ اللهِ إلى يومِ القيامةِ، لا يُعْضَدُ شوكُهُ، ولا يُنَفَّرُ صيدُهُ، ولا يُلْتَقُطُ لقطتُهُ إلّا من عرَّفها، ولا يُخْتَلَى خلاهُ، فقال العباسُ: يا رسولَ اللهِ، إلّا الإذخرُ، فإنَّهُ لِقَيْنِهِمْ ولبيوتهم، قال: إلّا الإذخرُ).[1][2]

أثر التّسمية


إنّ لحُرمة بيت الله الحرام آثار ودلالات كثيرة، منها:[3]
  • ضرورة إحساس النّاس في المسجد الحرام بالأمن النفسيّ، حيث جاء الأمر بالنّهي عن حمل السلاح فيها لغير ضرورة أو حاجة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:(لاَ يَحِلُّ لأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ بِمَكَّةَ السِّلاَحَ).[4]

  • الحرص على خصوصية ومشاعر المسلمين بمنع دخول المشركين إلى المسجد الحرام، قال الله تعالى:(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا).[5]

  • الأمر بعدم التقاط اللّقطة في المسجد الحرام؛ لإشعار النّاس بالأمان على أموالهم.

  • الأمر بعدم التّعرض للحيوانات والأشجار في مكّة المكرّمة لا يخلو من دلالةٍ على ضرورة أنْ البلد الحرام آمناً من كلّ الوجوه.

  • التّغليظ على ارتكاب المعاصي بالمسجد الحرام دلالة على خصوصية المكان ومكانته، وأنّ الله -سبحانه وتعالى- أراده مكاناً للطائفين والقائمين والرّكع السجود، قال الله تعالى:(وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم)،[6] ومن استهان بحرمة بيت الله الحرام، وتجرّأ على المعصية فيه فقد عرّض نفسه إلى خطرٍ عظيمٍ، ونزل به البغض من الله تعالى؛ حيث قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (أبغضُ الناسِ إلى اللهِ ثلاثةٌ: ملحدٌ في الحرمِ، ومبتغٍ في الإسلامِ سُنَّةَ الجاهليةِ، ومُطَّلِبُ دمِ امرئٍ بغيرِ حقٍّ ليُهريقَ دَمَه).[7]

الفرق بين المسجد الحرام والبيت الحرام

من المعلوم أنّ المسجد الحرام هو أوّل مسجد وضعه الله -تعالى- وارتضاه لعبادته في الأرض، وعلى هذا فهو البيت الحرام نفسه، قال الله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ)،[8] والأمر الإلهيّ الذي جاء بتحويل القبلة حيث خاطب الله -سبحانه وتعالى- النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بالتّوجّه إلى المسجد الحرام، وقصد بذلك البيت الحرام، حيث قال: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)،[9] وقد رُوي أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أُسري به ليلة الإسراء والمعراج من بيت أمّ هانئ، ولكنّ النصّ القرآني قال: من المسجد الحرام؛ لأنّ الحرم المكيّ كلّه مسجد، لذا قد يأتي اللفظ بالمسجد ويُقصد به الحرم كلّه، قال الله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى)،[10] ثمّ إنّه ورد ذِكْر البيت الحرام بالقرآن الكريم وقُصد به كلّ الحرم، قال الله تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً)،[11] وبناءً على ذلك فالبيت الحرام هو ذات المسجد الحرام، ويُمكن أنْ يُعدّ البيت الحرام الكعبة المشرّفة التي تحوي الحجر الأسود، ويكون المسجد الحرام هو المسجد المحيط بها من كلّ الجهات.[12]

آداب دخول حرم مكّة المكرّمة

هناك بعض الآداب التي ينبغي للمسّلم أن يحرص عليها عند دخول البلد الحرام؛ وذلك من باب تعظيم شعائر الله تعالى، ومن ذلك أنّه يستحبّ لغير المُحرم بحجّ أو عمرة أن يُحرم لدخولها من باب الاستحباب من غير وجوب، وأن يستقبلها بنهارٍ إن استطاع، وأن يغتسل قبل دخولها إن تمكّن؛ وذلك لفعل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وأن يستحضر زائرها عَظَمِة المكان؛ فلا يؤذِ النّاس أو يسبّب لهم زُحاماً، وأن يحرص على ذكر الله -سبحانه وتعالى- وتعظيمه فيها، وإذا كان مُعتمراً أو حاجّاً يبدأ دخوله بالطّواف حول الكعبة.[13]

المراجع