الإسراء والمعراج
لم يدّخر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- طوال عشر سنين أيّ جهدٍ في سبيل نشر الدعوة التي أنزلها الله -تعالى- عليه، وسلك كلّ طريقٍ يظنّ أنّه سبيلٌ لهداية قومه ونقلهم من الشرك إلى التوحيد، وبالرغم من عظم محاولات النبي مع قومه، إلّا أنّهم لم يقابلونه إلّا بكلّ إساءةٍ واستهزاءٍ وتعذيبٍ، وما زاد على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- صعوبة أيامه وشدّة كربه وفاة عمّه أبي طالب؛ وهو من كان يذبّ عن النبي الأذى، ويحميه، وإضافة إلى ذلك توفيت زوجته خديجة رضي الله عنها؛ مؤنسته، وداعمته.
أحداث ليلة الإسراء والمعراج
بدأت أحداث ليلة الإسراء والمعراج حينما كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- نائماً، فأتاه آتٍ، فشقّ قلبه، وأخرجه وملأه حكمةً وإيماناً، ثمّ جاءت دابةٌ عظيمةٌ تسمّى البراق؛ لتحمل النبي والملك جبريل -عليهما السلام- في رحلتهما، فانطلقت بهما إلى بيت المقدس، ودابة البراق سريعةٌ جداً، حيث كانت تضع خطواتها عند منتهى نظرها، فدخل النبي المسجد الأقصى، فلقي جميع الأنبياء، فأمّهم بركعتين، ثمّ خرج بعد ذلك، فإذا بجبريل -عليه السلام- يخيّره بين كأسين؛ أحدهما الخمر، والآخر فيه لبنٌ، فاختار النبي -صلّى الله عليه وسلّم- اللبن، فأخبره جبريلٌ بأنّه قد اختار الفطرة.
كيف نواجه عقلنا الباطن الذي يحاول عدم تصديق المعجزات إلا برؤيتها؟
دروس مستفادة من رحلة الإسراء والمعراج
أراد الله -تعالى- إيصال العديد من الدروس والعبر من رحلة الإسراء والمعراج ، وفيما يأتي بيان بعضها:
- الاطلاع على قدرة الله -تعالى- وبديع خلقه، ففي قطع المسافة بين القدس ومكة في ليلةٍ واحدةٍ والمعراج إلى السماوات ثمّ العودة؛ دلالةٌ على قدرة الله تعالى، ولذلك فقد أثار ذلك الكثير من الجدل مع الكفار، وأثار لديهم تساؤلاتٍ كثيرةٍ، وكذلك فإنّ ممّا يدركه المسلم حين يعرف تفاصيل رحلة الإسراء والمعراج، حكمة الله تعالى، ويطمئن المسلم أيضاً بأنّ ربّه -عزّ وجلّ- لن يكله إلّا لخير وصلاح أمره في الدنيا والآخرة إذا اتصل فيه وأطاعه.
- مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين، فقد توثّقت علاقة المسجد الاقصى بالاسلام، وذلك في ليلة الاسراء والمعراج، حيث إنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان إماماً الأنبياء في المسجد الأقصى، فكان المسجد الأقصى قبلة الأنبياء قبل مجيء النبي صلّى الله عيله وسلّم، والقبلة التي صلّى إليها النبي صلّى الله عليه وسلّم، قبل أن يتم تغيّرها إلى مكة، والمسجد الاقصى المسجد الثالث الذي تشدّ إليه الرحال، كما ذكر النبي صلّى الله عيله وسلّم.
- التأكيد على أنّ الرسالات كلّها من عند الله الواحد، ومُبتغاها واحدٌ؛ وهو عبادة الله وتوحيده، حيث قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ).
[4] - الإسلام دين الفطرة، ففي تخيير جبريل للنبي -عليهما السلام- للنبي بين الخمر واللبن، واختيار النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للبن؛ دلالةٌ على أنّ الدين دينٌ يتماشى مع فطرة الإنسان، ويوازن بين المصالح والمفاسد، وبين الروح والجسد، وبين الدنيا والآخرة، وذلك من أهم الأسباب التي تجعل الإسلام ينتشر بسرعةٍ وسهولةٍ بين الناس؛ فيُقبلون عليه.
- مكانة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- العظيمة، إذ وصل النبي مكاناً في السماوات العلا، لم يصله بشرٌ من قبله؛ وهو سدرة المنتهى، وذلك تشريفٌ ورفعةٌ للنبي صلّى الله عليه وسلّم.
المراجع
- 1 - الإسراء والمعراج , www.alukah.net , 2018-10-27. بتصرّف. .
- 2 - الإسراء والمعراج تكريم للنبي عليه الصلاة والسلام , www.fatwa.islamweb.net , 2018-10-27. بتصرّف. .
- 3 - الإسراء والمعراج.. دروس وعبر , www.alukah.net , 2018-11-5. بتصرّف. .
- 4 - سورة الأنبياء، آية: 25. .