المحتويات
تعريف الإيمان
يُشير لفظ الإيمان في اللغة إلى التصديق، وقد جاء ذلك المعنى في قَوْله -تعالى- على لسان إخوة يُوسف -عليه السلام-: (قالوا يا أَبانا إِنّا ذَهَبنا نَستَبِقُ وَتَرَكنا يوسُفَ عِندَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئبُ وَما أَنتَ بِمُؤمِنٍ لَنا وَلَو كُنّا صادِقينَ)،
أركان الإيمان
الإيمان بالله
الإيمان بالله -تعالى- يعني: التصديق بوجود الله، وتوحيده، وأنّه -سُبحانه- وحده المسّتحَق للعبادة، والإيمان بكلّ ما أثبته الله -تعالى- لنفسه من صفات الكمال والجلال، والانقياد الكامل والتسليم التامّ لكلّ ما أمر الله به من الأوامر والأحكام، واجتناب كلّ ما نهى عنه، بقلبٍ مطمئنٍ بإيمانه، فالإيمان بالله يشتمل على تصديق القلب بربوبيّة الله، ووحدانيته، وإفراده -سُبحانه- بالألوهيّة، والإيمان بأسمائه وصفاته العُلى،
وممّا يدلّ على أهميّة الإيمان بالله -تعالى-؛ حديث القرآن عمّا يستلزمه تحقيق الإيمان في النُّفوس؛ من اتّباعٍ لأوامر الله، وانتهاءٍ عمّا نهى عنه، كما تطرّقت آيات القرآن للحديث عن أثر الإيمان بالله -تعالى- حينما تحدّثت عن مصير المؤمنين بالله؛ حيث يدخلون الجنّة، وينالون الجزاء الأوفر،
الإيمان بالملائكة
خلق الله الملائكة من النّور، وجعلها كائناتٍ لطيفةٍ تستطيع التشكّل والظُّهور في صورٍ عدّةٍ، وهي غير محتاجةٍ للأكل والشُّرب كحال البشر، وهي مخلوقاتٌ مسخرةٌ لطاعة الله، وتنفيذ أوامره، فلا تعصيه أبداً،
ومن حقوق الملائكة على العباد: وجوب الإيمان بهم، فالإيمان بالملائكة الرّكن الثاني من أركان الإيمان فلا يكتمل إيمان العبد دون وجوده وتحقّقه، وتتجلّى أهميّة الإيمان بالملائكة باعتباره دليلاً على إيمان المرء بما وُكلت الملائكة بتنزيله من الوحي والكتب السماويّة، كما ينبغي على المسلم الحرص على البُعد عن الذّنوب والمعاصي، وعن كل ما تكرهه الملائكة، وتنفر منه، وممّا يجب في حقّ الملائكة إظهار المحبّة لهم، وعدم الانتقاص من أيٍّ منهم، أو سبّهم، أو شتمهم.
ومن شأن الإيمان بالملائكة أنّ يؤدّي إلى إدراك عظمة الله -تعالى-، وحُسن تدبيره، كما أنّ الإيمان بهم يدلّ قوة إيمان المسلم، إذ يؤمن بأمرٍ غيبيٍ لا تراه الأبصار، وإنّما تُدركه العقول والأفئدة، كما أنّ الإيمان بهم يحمل المسلم على مجاهدة نفسه في طاعة الله، وحَمْل النَّفس على مخالفة الهوى؛ لإيمانه بأنّ الملائكة تراقب أعماله، وتسجّل حسناته وسيئاته، كما يحمل الإيمان بهم النَّفس على زيادة العمل؛ اقتداءً بهم في طاعتهم المُطلقة لله.
الإيمان بالكتب السماويّة
الكتب السماويّة؛ هي: كلام الله، ووَحْيه الذي أنزله على أنبيائه ورُسله -عليهم السلام-،
الإيمان بالرُّسل والأنبياء
الإيمان بالرُّسل والأنبياء الذين بعثهم الله؛ ركنٌ من أركان الدِّين، ويُقصد به: التصديق بكلّ ما جاؤوا به من الأخبار عن الله -تعالى-، والإيمان بالمعجزات التي أجراها الله على أيديهم؛ تأييداً لهم، ودلالةً على صدق تبليغهم عن الله، والإيمان بأنّهم قد بلّغوا رسالة ربّهم تمام التبليغ، مع حفظ حقوقهم على العباد؛ ومنها: وجوب احترامهم، وعدم التفريق بينهم،
- الذُّكورة: فقد قّدر الله وشاء أن يكون أنبياؤه ورُسله من الذُّكور، فلم يرسل نساءً، ولا ملائكةً، ولله الحكمة البالغة في ذلك؛ لأنّ مهمّة الرسالة والنبوّة تتطلّب صفاتٍ معيّنةٍ؛ منها: القدرة على تحمّل المشاقّ، والسَّفر، وجهاد الأعداء، وذلك ما لا تستطيعه المرأة بطبيعتها.
- الصدق: فأنبياء الله ورُسله يتّصفون بالصدق الذي يدلّ عليه تبليغهم لرسالة ربّهم كما أُمروا، دون مخالفةٍ أو عصيانٍ، فيبلّغون عن ربّهم كل شيءٍ، ولا يكتمون شيئاً من عند الله.
- الكياسة والحكمة وقوة الحُجّة على المخالفين: فالأنبياء والرُّسل كانوا مثالاً في قوّة حُجّتهم أمام الخصوم، ومثال ذلك: إبراهيم -عليه السلام-، حينما حطّم أصنام القوم، وأقام الحُجّة على بطلان معتقد قومه في عبادتهم إيّاهم، حيث أشار إبراهيم -عليه السلام- إلى كبير الأصنام، مُعرضاً بأنّه هو مَن حطّم الأصنام، فرجع القوم إلى أنفسهم ليُدركوا بطلان معتقدهم، وظهور الحقّ على باطلهم.
- الكمال والعِصمة: باتّصاف الأنبياء والرُّسل بصفات الكمال، وعِصمتهم عن كلّ ما يسيء إلى صورتهم بين الناس، أو يُنقص من شأنهم، أو يُنفّر الناس عنهم، فمهمّة الأنبياء تتطلّب اجتماعاً دائماً مع النّاس؛ لتحقيق هدف الرسالة والتبليغ.
- البشريّة: فأنبياء الله ورُسله من جنس البشر، ومادة خلق الإنسان، فلا يتّصفون بصفات الألوهيّة، وإن كانوا صفوة البشر في أخلاقهم وتعاملهم، ومن مقتضيات إنسانيّة الأنبياء؛ عبوديتهم الكاملة لله، وافتقارهم إليه، وعدم امتلاكهم لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، ولا يعلمون من الغيب إلّا ما شاء الله أن يعلموه، ويعتريهم ما يعتري البشر من حالات الغضب، والفرح، والحزن، والهمّ، كما يتعرّضون للمرض والبلاء ويشتغلون بما يشتغل به البشر من حِرفٍ وصناعاتٍ، ولهم حاجات كحال البشر، فهم ينامون، ويأكلون، ويشربون، ويتزوّجون النساء، وينتهي أَجَلهم بالموت كما ينتهي أَجَل البشر.
وتتجلّى أهميّة الإيمان بالرُّسل؛ في أنّها دلالةٌ على سِعَة رحمة الله بالبشر، فغاية بعثة الرُّسل والأنبياء تتمثّل في هداية النّاس إلى طريق النُّور والهداية، وإخراجهم من ظلمات الجهل والغواية، وتلك نعمةٌ كبرى لا بدّ من شُكر الله عليها، كما يستلزم الإيمان بالرُّسل محبّتهم؛ لِما بذلوه من الجهد، وما تحلّوا به من الصبر أمام الصعاب والمشقّات في سبيل الدّعوة والتبليغ.
الإيمان باليوم الآخر
الإيمان باليوم الآخر؛ هو: أحد أهمّ أركان الدِّين الذي يُحدّد فيه مصير الخلائق، والإيمان به يعني التصديق بكلّ ما جاء به الله -تعالى- وجاء به نبيّه -عليه الصلاة والسلام- من أخبارٍ غيبيةٍ متعلّقة بذلك اليوم، ومنها: علامات الساعة الدالّة على قُرب وقوع يوم القيامة، ومرحلة ما بعد الموت وبَعْث الخلائق، ومسيرها إلى أرض الحشر، ووقوفها للعرض والحساب، ثمّ وضع الميزان والصراط، ثمّ المصير الأخير،
الإيمان بالقَدَر
الإيمان بالقَدَر؛ هو: ركنٌ من أركان الإيمان، والقَدَر في اللغة يأتي بمعانٍ عدّةٍ، فيُشير إلى مبلغ الشيء ومنتهاه، كما يأتي بمعنى الحُكم أو الفَصْل، وتقدير الشيء كذلك؛ قياسه وحسابه، أمّا الإيمان بالقضاء والقدر في الاصطلاح الشرعيّ؛ فهو: التصديق بأنّ الله -تعالى- قد قدّر كلّ ما هو كائنٌ إلى يوم القيامة منذ القدم، وأنّه -سُبحانه- عالمٌ بكلّ ما سيكون ويحدث، مع كتابة جميع ما قدّر الله حصوله على الصورة التي يريدها، وأنّ كلّ ما يقدّره يكون بمشيئته ورضاه وتكوينه، ومن الأدلّة على القَدَر قَوْله -عزّ زجلّ-: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا)،
وتتجلّى أهميّة الإيمان بالقَدَر في علاقته الوثيقة بالإيمان بالله -تعالى-، فالإيمان بالقَدَر يعني التصديق بمراتب القَدَر التي تُثبت قدرة الله، وعلمه، وإرادته، ومشيئته، فإذا أثبت العبد تلك الصفات لله، وآمن بها؛ فإنّ ذلك يعني إيمانه بالله -تعالى-، واعتقاده بوحدانيّة الله في الربوبيّة والألوهيّة، كما أنّ الإيمان بالقَدَر يعدّ سبيل معرفة العقيدة الصحيحة، وحصول الطمأنينة، والرضا بِما قدّره الله، فالمسلم مُوقنٌ بأنّ كلّ ما يحصل ويقع له من تقلبّاتٍ في الحياة الإنسانيّة، وكلّ ما يُعاينه العباد من آلامٍ وابتلاءاتٍ؛ إنّما هي من قِسمة الله وتدبيره، وذلك يبعث في نَفْس العبد الطمأنينة والسكينة؛ لأنّه يؤمن بقَدَر الله -تعالى- الذي يعدّ بمثابة محكٍّ لاختبار إيمان العباد، دون التعرّض لأيٍ من الشُبهات والغوايات، وإنّما يضع المسلم حدّاً لكلّ ذلك بإيمانه ويقينه الذين لا يتسلّل إليه أي شكٍّ، بثقته بربّه، وما قدّر له من أمور حياته الدُّنيا، وذلك كلّه ممّا يدلّ ويبيّن أهميّة الإيمان بالقَدَر بكلّ ما فيه.
المراجع
- 1 - سورة يوسف، آية: 17. .
- 2 - رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح. .
- 5 - عمر سليمان الأشقر (1999)، <i> " العقيدة في الله " , (الطبعة الثانية عشر)، الأردن: دار النفائس، صفحة 67 , عمر سليمان الأشقر (1999)، .
- 6 - مجموعة من المؤلفين ، <i> " مجلة البحوث الإسلامية " , ، صفحة 87، جزء 78 , مجموعة من المؤلفين ، .
- 7 - أحمد حسن الزيات، <i> " مجلة الرسالة " , ، صفحة 23، جزء 142 , أحمد حسن الزيات، .
- 8 - الشوكاني (1414)، <i> " فتح القدير " , (الطبعة الأولى)، دمشق: دار ابن كثير، صفحة 420، جزء 6 , الشوكاني (1414)، .
- 9 - د. علي محمد الصلابي (2011)، <i> " الإيمان بالملائكة " , (الطبعة الثانية)، بيروت: دار المعرفة، صفحة 182-186 , د. علي محمد الصلابي (2011)، .
- 10 - د. محمود فتوح محمد سعدات، <i> " أهمية الإيمان بالملائكة وعلامته النفسية والاجتماعية والخلقية " , ، صفحة 43 , د. محمود فتوح محمد سعدات، .
- 12 - سورة المائدة، آية: 48. .
- 13 - محمد بن إبراهيم الحمد، <i> " رسائل الشيخ الحمد " , ، صفحة 2-3، جزء 5 , محمد بن إبراهيم الحمد، .
- 14 - محمد بن علي بن آدم بن موسى (2006)، <i> " مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه " , (الطبعة الأولى)، الرياض: دار المغني، صفحة 288، جزء 2 , محمد بن علي بن آدم بن موسى (2 .
- 15 - د.علي محمد الصلابي (2011)، <i> " الإيمان بالرسل والرسالات " , (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المعرفة، صفحة 68-71، 79-88، 100-102 , د.علي محمد الصلابي (2011)، .
- 17 - محمد بن إبراهيم التويجري (2009)، <i> " موسوعة الفقه الإسلامي " , (الطبعة الأولى)، الأردن: بيت الأفكار الدولية، صفحة 216، , محمد بن إبراهيم التويجري (20 .
- 18 - تامر محمد محمود متولي (2004)، <i> " منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة " , (الطبعة الأولى)، السعودية: دار ماجد عسيري، صفحة 806-807 , تامر محمد محمود متولي (2004)، .
- 19 - سورة الفرقان، آية: 2. .
- 20 - د.علي محمد الصلابي (2011)، <i> " الإيمان بالقدر " , (الطبعة الثانية)، بيروت: دار المعرفة، صفحة 17-21 , د.علي محمد الصلابي (2011)، .
- 21 - أحمد بن علي الزاملي، <i> " منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي وجهوده في تقرير العقيدة والرد على المخالفين " , ، السعودية : جامعة الإمام محمد بن سعود، صفحة 509-510، جزء 1 , أحمد بن علي الزاملي، .