سورة الأنفال
أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن على نبيه محمد صلّى الله عليه وسلم، وقد كان نزوله بحسب الحوادث والمناسبات التي تمرّ بالدولة الإسلاميّة آنذاك، ولذلك فإنّ لكل سورة سبباً في النزول وقصةً مقترنةً بها، وذلك لكل سور القرآن الكريم على الإطلاق، بل ربما أنّ بعض السور قد حوت عدداً من أسباب النزول لا سبباً واحداً مجملاً للسورة كلّها، وذلك يرجع إلى تنوّع مواضيع السورة وطول آياتها، ونزول بعض السور على عدة مراحل، فقد كان لكل مرحلة آياتها الخاصة التي نزلت ملازمةً لها، وقد وضع علماء الأمة علماً مستقلاً بذاته أسموه علم أسباب النزول يتعلّق بأسباب نزول السور والآيات، وقد أعان ذلك في فهم وتفسير وتحليل الكثير من السور والآيات، وساعد على استخراج الأحكام الفقهيّة والشرعيّة منها، وأظهر الحكم والعبر من القصص النبويّ، وقد كان من بين تلك السور سورة الأنفال، التي نزلت على أكثر من مرحلة، وكانت لها أسباب نزولٍ خاصةٍ بها، فما هي الأنفال؟ وما سر ورودها في تلك السورة وتسميتها بها؟
معنى الأنفال لغةً
الأنفال في أصل اللغة مشتقّة من الجذر الثلاثي: نَفَل، وهو يدلّ على العطاء والإعطاء. ومن ذلك النافلة: وهي عطيّة التطوّع أو الطوع، من حيث إنّها غير واجبة، فإنما أدّاها المسلم نفلاً بطوعه واختياره، ومثالها نافلة الصلاة، والنوفل: الرجل الكثير العطاء، والنفل: الغنيمة. والجمع أنفال، وذلك أنّ الإمام ينفل المحاربين، أي يعطيهم مما غنموه. يُقال: نفلتك: أعطيتك نفلاً.
الأنفال معناها القرآنيّ وسبب تسمية السورة بها
التعريف بسورة الأنفال
جاء ذكر الأنفال في قوله تبارك وتعالى في سورة الأنفال: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلهِ وَالرَّسُولِ).
معنى الأنفال عند المفسرين
اختلف علماء التفسير وأهله والفقهاء في المراد بالأنفال في قوله تعالى: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلهِ وَالرَّسُولِ).
- رُوِي أنّ ابن عباس ذهب إلى القول في بعض الروايات: إنّ المرادُ بالأنفال أنّها ما شذَّ عن المشركين وانتقل إلى المسلمين بلا قتال من أموالهم، وقال إنّ أمر تلك الأموال عائدٌ إلى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يضعها حيثُ يشاء وكيفما شاء.
- ذهب مجاهد إلى أن المقصود بالأنفال في الآية الخُمس، وقال جماعةٌ من أهل العلم في ذلك: أنهم عندما سألوهُ عن الخُمس نزلت الآية.
- ذهب بعض المفسرين إلى أنَّ المراد بالأنفال: السَّلب الذي يأخذه المقاتل أو الغازي زائداً عن سهمه من الغنائم ترغيباً لهُ في الاندفاع إلى القتال، ومقاله ما رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يومَ بدر: (من قتلَ قتيلًا فلَه سَلَبُه)،
[5] وعن سعد بن أبي وقَّاصِ قال: (لمَّا كان يومُ بدرٍ، وقُتل أخي عُمَيرٌ، وقتلتُ سعيدَ بنَ العاصِ وأخذتُ سيفَه، وكان يُسمَّى ذا الكَتيفةِ، فأتيتُ به نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: اذهبْ فاطرحْه في القبضِ. قال: فرجعتُ وبي ما لا يعلمُه إلَّا اللهُ من قتلِ أخي وأخذِ سلبي. قال: فما جاوزتُ إلَّا يسيرًا حتَّى نزلت سورةُ الأنفالِ، فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اذهبْ فخذْ سلبَك)،[6] قال القاضي: إنّ الآية تحتمل كلُّ الوجوه سابقة الذكر، وليس في الآية دليلٌ على ترجيح رأي منها دون الآخر.
سبب نزول السورة وتسميتها
روي عن ابن عباس رضي الله عنه في سبب نزول سورة الأنفال قوله: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ)
المراجع
- 1 - معجم مقاييس اللغة , ، بيروت: دار الفكر، صفحة 455-456، جزء 5 , أحمد بن فارس بن زكرياء القز .
- 2 - سورة الأنفال، آية: 1. .
- 3 - تفسير القرآن المعروف بتفسير السمعاني , (الطبعة الأولى)، الرياض: دار الوطن، صفحة 246-247، جزء 2 , أبو المظفر، منصور بن محمد ب .
- 5 - رواه الشافعي، في الأم، عن أبو قتادة الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 5/307، ثابت معروف. .
- 6 - رواه أحمد شاكر، في عمدة التفسير، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم: 2/97، أشار في المقدمة إلى صحته. .
- 7 - رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 5/63، ضعيفٌ يحتج به. .