تشير دراسات بحثية جارية عن أن الأجنة من الممكن أن تتعلم وهي ما زالت داخل الرحم. فعلى الرغم من الاعتقاد بأن هذه الظاهرة محدودة لوجود قيود لإحساس الجنين بالموجودات من حوله. إلا أن علوم الجينوم تقترح أنه من الممكن أن نكيف الأجنة ونحفر بداخلهم سمات أصيلة كالشهية وتفضيلات الطعام.
هل يمكن أن يتعلم الجنين الحركة؟
تقول هايدي ميركوف وشارون مازيل في كتابهما “What To Expect When You’re Expecting”، أن الأم يمكن أن تعلم الجنين أن يستجيب لها. فإذا ما بدأ يركل فإنها تلمس مكان الركلة وتقول شيئًا تشجيعيًا مثل “اركل أو هيا”، وأن تكرار هذا لعدة مرات يجعل الطفل يتعلم في النهاية أن يركل في المنطقة من البطن التي تلمسها الأم وتقول له “اركل”.
استماع الأصوات والموسيقى
يبدأ الجنين في سماع الأصوات في الشهر الرابع، والتي عادة ما تكون مكتومة ومشوشة. إلا أن صوت المرأة الحامل يترجرج داخل أنحاء جسدها، ويصل للجنين بوضوح أكثر؛ ولذلك يفضل أن يستمع لصوتها أكثر من أي صوت آخر.
هناك إشارات قليلة حول أن سماع الأطفال للموسيقى يجعلهم أكثر ذكاء؛ إلا أن الأطفال حديثي الولادة يبدون أكثر هدوءًا واسترخاء عندما يستمعون لنفس الموسيقى التي كانت تسمعها الأم أثناء حملها.
تعلم اللغات
توضح بعض الدراسات أن استماع الجنين للغة معينة يزيد من سهولة تعلم نفس اللغة لاحقًا. فالطفل يتفاعل مع الأصوات التي يسمعها داخل الرحم بانتظام ويتعرف عليها عند ولادته. فعند قراءة قصة ما له داخل بطنك فسيتعرف على إيقاع القصة عند قراءتها له كي ينام. كما أنه يبدأ في تشكيل روابط مع الطريقة التي تتفاعل بها الأم مع الأصوات ويتعلم توقع رد الفعل مع الصوت.
تعلم المذاق والروائح
يتعلم الجنين أيضًا المذاق والروائح؛ فعند مرور سبعة أشهر تكون براعم التذوق عند الجنين قد تكونت بالكامل. ومستقبلات الشم تقوم بوظائفها. وتنتقل نكهات الأطعمة التي تتغذى عليها المرأة الحامل للجنين عبر سائل المشيمة، والتي يمتصها الجنين باستمرار. فعلى ما يبدو أن الجنين يتذكر ويفضل هذه الأطعمة المألوفة لديه بعد الولادة وعند الفطام. فإذا ما كانت المرأة الحامل تأكل الكثير من الفواكه والخضروات الصحية فمن المحتمل أن يعتاد الطفل على طعمها أيضًا.
هل تؤثر الحمية الغذائية للأم على المستقبل الصحي للجنين؟
توفر حمية المرأة الحامل بجانب مستويات تعرضها للتوتر معلومات حول الظروف المحيطة. فإبان الحرب العالمي الثانية وخلال الحصار الألماني لهولندا الغربية. تعرض الهولانديون لمجاعة استمرت لشهور وأودت بحياة عشرة آلاف شخص.
وبعد مضي عقود من هذه المجاعة وثق العلماء حالات الأمهات اللواتي كن حوامل خلال هذه الفترة فوجدوا أن الأطفال الذين ولدوا خلال الحصار كانوا أكثر بدانة، وأكثر نسبة إصابة بمرض السكري وأمراض القلب خلال حياتهم عن أولئك الذين تلقوا غذاء طبيعي خلال فترة الحمل.
عالم من الوفرة أم من الحرمان؟
فعلى ما يبدو أن المجاعة التي تعرض لها الجنين قبل الولادة قد غيرت من أجسامهم بطرق متعددة حيث كانوا من ذوي الضغط المرتفع، ولديهم نسب كوليسترول سيئة، وحساسية أكثر تجاه الجلوكوز وهو أحد أسباب مرض السكري.
وتفسير ذلك أن الجنين يسجل معلومات حول العالم الذي سيولد فيه عما إذا كان يتسم بوفرة المواد أما بالندرة وما إن كان سيكون آمنًا أم مهددًا. فيبدأ في تعديل عمليات الأيض والعمليات الفسيولوجية الأخرى ليعد نفسه للبيئة التي تنتظره.
فغذاء الأم يعلم الطفل إذا ما كان سيأتي في عالم يتسم بالوفرة أو في عالم من الحرمان.
هل ممكن أن ينتقل المرض النفسي من الأم للجنين؟
تؤثر الحالة النفسية للأم على الجنين؛ فالأمهات اللواتي كنّ حواملًا وتعرضن لأحداث مركز التجارة العالمي 11/9 وأصيبوا باضطراب ما بعد الصدمة؛ وجد العلماء أنهم قد ورثوا لأبنائهم عامل بيولوجي يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب.
فما تواجهه المرأة الحامل خلال حياتها اليومية، بداية من الهواء الذي تتنفسه والشراب والطعام الذي تأكله، وما تتعرض له من مواد كيميائية، وحتى الأحاسيس التي تشعر بها تُشارك بشكل ما مع جنينها.
وتشكل هذه التأثيرات مجتمعة مجموعة من التغييرات داخل جسد الجنين، بل ومن الممكن أن تورثه مجموعة من المعلومات البيولوجية حول العالم من حوله.
المصادر
LEARNING FROM INSIDE THE WOMB: HOW BABIES ACQUIRE SKILLS BEFORE BIRTH
How to Teach a Baby in the Womb
هل تفيد بالفعل محاولات تحفيز تطور الجنين داخل الرحم؟
