نظرية الكر والفر

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020-05-02
نظرية الكر والفر

نظرية الكر والفر تُجسد المعنى الحرفي لجملة ” الحرب خَدْعَة ” ؛ فمن خلال هذه المناوشات التي تتم بين القوتين المتحاربتين يتعرف كل منهما على نقاط الضعف الموجودة لدى القوى الأخرى ، ويتمكن من كسب الوقت لصالحة ، وقد تم استخدام هذه النظرية في حروب عدة .

نظرية الكر والفر هي فكرة استراتيجية يتم من خلالها استخدام الهجمات بشكل مفاجئ وقصير ، ثم الانسحاب السريع قبل تمكن العدو من الرد على الهجوم ، وتقوم على المناورات المستمرة لتجنب المشاركة مع العدو بشكل كامل ، وهذه الاستراتيجية لا يكون الغرض الأساسي منها هو هزيمة العدو بشكل قاطع ، ولكنها تعمل على إضعاف قوات العدو ببطء عن طريق المناورات المستمرة ، وهذه النظرية تعمل على كشف نقاط الضعف الدفاعي لدى العدو ، والتأثير السلبي على معنويات قواته .هي النظرية الأساسية التي تقوم عليها حرب العصابات ، والحركات الإرهابية ، وحركات المقاومة المسلحة ؛ وذلك لأن في هذه المناورات يُبالغ العدو في الرد على القوة المهاجمة له .تقوم أساليب الجيوش النظامية على استخدام طريقة الكر والفر على المدى القصير ، وفي أغلب الأوقات ما يتم استخدامها كنوع من الاستعداد للمواجهة بشكل واسع النطاق مع قوات العدو ، ومن أشهر الأمثلة على هذه المناورات هي هجمات الكوماندوز ، وما يُماثلها من هجمات القوات الخاصة ، أو الهجمات الجوية .نظرية الكر والفر تظهر جلية في حروب الفرسان حيث استخدم رماة الأحصنة المسلحة ، وكانت أغلبها نماذج من الشعوب الأوراسية .[1]

الفكرة الأساسية للكر والفر

من خلال استخدام تكتيك الكر والفر من قِبَل قوة أضعف من القوة التي يتم مواجهتها تتحقق الكثير من النتائج الهامة لهذه القوات مع تعرضهم للإصابات الطفيفة ، وعلى المدى الطويل تتمكن هذه العمليات المتكررة المستمرة من إضعاف العدو ، وتشتيته ، وإضعاف موقع التمركز الخاصة به ، بالإضافة إلى إضعاف الحالة النفسية للعدو ، وهي من أهم التكتيكات التي لها أكبر الأثر في خوض الحروب ضد الإرهاب .[2]الخطط بعيدة المدى التي تعتمد عليها حرب العصابات الفعالة هي الخطط التي يتم تصميمها بشكل خاص للعدو ؛ وذلك بهدف كسب أكبر قدر ممكن من الوقت الذي يُستخدم في تطوير القوات القوات العسكرية للتمكن من هزيمة قوات العدو ، ويُمكن أن تؤدي ممارسة هذه الخطط إلى إشغال العدو بعدد من الضغوط العسكرية والسياسية الداخلية والخارجية أيضًا ؛ الأمر الذي يدفع العدو لتحقيق السلام .يُمكن لهذه الاستراتيجية أن تُحقق الكثير من الأهداف الاجتماعية ، والسياسية ، والنفسية ، والاقتصادية أيضًا ، ولكن هذا لا يُقلل من المواجهة العسكري للقوات .[3]

الاستخدام التاريخي لنظرية الكر والفر

الحروب اللوسيتانية من أوائل الشعوب التي واجهت استراتيجيات الكر والفر هو الشعب الروماني ، وذلك في الحروب اللوسيتانية ؛ وذلك حين استخدم اللوستيانيون الخطة المسماة ” الصاخبة ” ؛ فقد قاموا باستدراج الخطوط الأمامية من جيش العدو بهدف التراجع في اشتباك بسيط ؛ وذلك ليتبعه المزيد من الهجمات على الجيش الروماني ؛ بهدف كسر تنظيمهم ، وإيقاعهم في فخ الحرب ، وخداعها .[1]السلاجقةمن أهم الجيوش التي حققت الانتصارات من خلال استخدام خطط الكر والفر العسكرية هي الجيوش السلجوقية في حروبها ضد الإمبراطورية البيزنطية ، وبشكل خاص في معركة ” مانزيكيرت ” ؛ حيث تم استخدام مناورات الكر والفر من قِبَل سلاح الفرسان في جيش السلاجقة ، والذي تمكن من إرباك الجيش البيزنطي ، وتحقيق جزء كبير من النصر .[1]الفرس والساسانرماة جيوش الفرس ، والجيوش الساسانية أيضًا استخدمت هذه الاستراتيجية التي تمكنت من تحقيق العديد من الانتصارات الهامة في معركة أديسا ، ومعركة كارهاي أيضًا .السكيثيونفي آسيا الوسطى تمكن السكيثيون الرحل من تحقيق الانتصار على الإمبراطورية الفارسية الإخمينية ” إمبراطورية داريوس ” ، وأيضًا الإمبراطورية المقدونية ” إمبراكورية الإسكندر الأكبر ” ؛ وذلك من خلال استخدام خطط الكر والفر المختلفة .الجيوش الإسلاميةكما تمكنت الجيوش الإسلامية عن طريق اتباع استراتيجيات الكر والفر بقيادة القائد العسكري التركي بيبرس  الذي يشتهر في عالمنا العربي باسم ” الظاهر بيبرس ” من الانتصار في معركة عين جالوت التي قلبت موازين القوة في العالم الإسلامي  في ذلك الوقت ؛ حيث كانت الهزيمة الأولى للإمبراطورية المغولية في العالم على الإطلاق .الحروب الفرنسية والهنديةمن أهم الاستراتيجيات التي استخدمتها الجيوش الفرنسية هي استخدام غازات الكر والفر ، وذلك في الحروب الفرنسية الهندية .الأتراكخلال حرب الاستقلال التركية استخدم الأتراك نظرية الكر والفر ضد الجيش اليوناني ، وذلك قبل تمكنهم من إنشاء جيش نظامي .الهنودقامت إمبراطورية مارثا بقيادة شيفاجي وحلفاؤه باستخدام تكتيكات الكر والفر ضد الإمبراطورية المغولية ، وتمكنوا من الانتصار عليهم ، وذلك خلال القرن التاسع عشر الميلادي .حرب فيتناممن أشهر الحروب في القرن العشرين هي حرب فيتنام ، وقد استخدمت قوات الفيتكونج الفيتنامية التكتيكات العسكرية القائمة على الكر والفر وحرب العصابات ، والتي حققت الكثير من المكاسب ضد قوات العدو المعادية للشيوعية .الحرب السوفيتية الأفغانيةتم استخدام هذه الاستراتيجية أيضًا من قِبَل القوات المتمردة أثناء الحرب السوفيتية الأفغانية .العراققامت الكثير من القوات العراقية بالتصدي نحو العدو الأمريكي في العراق من خلال استخدام نظرية الكر والفر .

فشل تطبيق نظرية الكر والفر

على مر التاريخ كثيرًا ما تم الاستهانة بنظرية حرب العصابات ، أو الكر والفر من قِبَل العديد من القادة حول العالم سواء من ناحية التنظيم ، أو من ناحية الإيمان بفاعليتهم ، أو سهولة مواجهتها ، أو من خلال التطبيق الهمجي الخاطئ لهذه النظرية ؛ مما يُفقدها فاعليتها ؛ الأمر الذي أدى بهم في نهاية المطاف إلى الوقوع في موقف لا يُحسدون عليه .ومن أهم أمثلة هذه القوات ما يلي :الحرب الأهلية اليونانيةخسارة حزب المقاتلين الشيوعيين اليونانيين في الحرب الأهلية اليونانية ضد الحكومة اليونانية التي امتدت من عام 1946 ، وحتى عام 1949 ؛ وذلك بسبب فقدهم للدعم الشعبي في شمال اليونان بسبب سلوكهم الغير مقبول تجاه الرهائن ، واختطاف الأطفال ؛ الأمر الذي أدى إلى رفض الشعب لهم ، وفاعلية حروب العصابات آنذاك .الفلبينتعرض رجال العصابات في كل من الفلبين ، والميلاو ، وإندونيسيا في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي للفشل ؛ بسبب نقص الدعم للقيام بعمليات الكر والفر .أوروجوايفي كل من الأوروجواي وجواتيمالا لم تتمكن التنظيمات المتمردة من صد الخطط الإرهابية القائمة على حرب العصابات .إسبانيابسبب الفهم الخاطئ لنظرية الكر والفر لرجال العصابات الباسكية الإسبانية تناقصت شعبيتهم وقُبِلوا بالرفض ؛ نتيجة للاغتيالات الوحشية التي قاموا بها .المغرب العربيفي كل من ليبيا ، والجزائر لم تتمكن قوات البوليساريو من تحقيق النصر في حربهم ضد المغرب في الصحراء الغربية ؛ وذلك بسبب الدعم الذي لم يكن كافيًا لهم .أيرلندافي أيرلندا تعرض الجناح المؤقت للجيش الجمهوري للصد والمعارضة العامة له ؛ وذلك بسبب الخطط العشوائية الإرهابية المرفوضة التي قاموا بها ؛ الأمر الذي تعرضهم للخسارة الجزئية الخاصة بالدعم المالي من قِبَل الداعمين لهم .