وفاة عبدالرحمن بن عوف

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ٠٨:٠١ ، ١٢ نوفمبر ٢٠١٧
وفاة عبدالرحمن بن عوف

عبدالرحمن بن عوف

ليس من صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- أحدٌ إلا وله ما له مكانة ومنزلة في الإسلام، وله ما لَهُ من المواقف البطوليّة التي تُحسَب ويُشهّد له بها إلى قيام الساعة، ومن بين هؤلاء الصحابة كان الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه؛ حيثُ تكثر الوقائع والمشاهد في التاريخ الإسلامي والتي كان لعبد الرحمن بن عوف فيها أثرٌ أو موقفٌ واضح وبصمة مؤثّرة حتّى تكلّم عن مواقفه القاصي والداني، فمن هو عبدالرحمن بن عوف؟ وما هي قصة حياة هذا الصحابي العملاق بمواقفه الخالدة؟ وكيف ومتى وأين تُوفِّي؟

نسبه ومولده

  • اسمه ونَسَبُه: هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي الزهري، كنيته أبو محمد، وقد كان في الجاهلية يُطلَق عليه ويُسمّى عبد عمرو، وقيل بل كان اسمه حينها عبد الكعبة، وقد سمّاه النبي الله -صلى الله عليه وسلم- بعد إسلامه بعبد الرحمن، أمّا أمّه فهي الشفاء بنت عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة.[1]

  • مولده: وُلِدَ الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قبل البعثة، وكان وقت مولده تقريباً بعد واقعة الفيل (هجوم أبرهة الأشرم على الكعبة) بعشر سنين.[1]

إسلامه

كان إسلام عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قبل دخول الرَّسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى دار الأرقم في مكة، وقد كان عبد الرحمن حينها أحد الثمانية السبَّاقين إلى الإسلام، وهو من الخمسة الذِيِْنَ هداهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى الإسلام، فأسلموا على يده، كما أنَّ عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- كان أحد الذين هاجروا إلى الحبشة، فهو من المُهاجِرين الأولين، كما هاجر إلى المدينة المنورة، وجرت المؤاخاة بينه وبين الصحابي الأنصاري الجليل سعد بْن الربيع واللَّذان آخى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.2

وفاته

في المرض الذي تُوفّي فيه عبد الرحمن بن عوف وقبل وفاته بكى رضي الله عنه بكاءً شديداً، فسأله من كان حوله عن سبب بكائه، فقال: (إنَّ مصعب بن عمير كان خيراً مني، تُوفّي على عهد رسول الله، ولم يكُنْ له ما يُكفَّنُ فيه، وإن حمزة بن عبدالمطلب كان خيرًا مني لم نجد له كفناً، وإنّي أخشى أن أكون ممن عُجِّلت له طيباته في حياته الدنيا، وأخشى أن أُحتبَس عن أصحابي بكثرة مالي)، فقد كان يخشى أن يكون ماله الذي آتاه الله له في الدنيا تعجيلاً في النعيم وسبباً يُبعده عن الخيرة من الصحابة.[3]

أما وقت وفاته (تأريخاً) فقد كان في العام الحادي والثلاثين من الهجرة النبوية، وقيل في الثانية والثلاثين، وكان عمره حين وفاته خمس وسبعين سنة، وقد توفِّي رضي الله عنه بالمدينة المنورة ودفن بالبقيع إلى جوار الصحابة الكرام رضوان الله عنهم أجمعين، وصلّى عليه سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، فكان قد أوصى أهله بذلك.[3]

وصيته وتركته

  • وصيّته: كان للصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- أموالٌ كثيرة، أوصى منها قبل وفاته بمبلغ خمسين ألف دينارٍ ذهبي تُوزَّع في سبيل الله، وأوصى بتجهيز ألف فرسٍ في سبيل الله، وأوصى لِمَن بَقِي من الصحابة رضوان الله عنهم وكان قد شَهِد بدراً بأربعمئة دينار ذهبية، وقد كانوا حينها مئة رجل، فأخذوا ذلك المبلغ تطبيقاً لوصيّته رضي الله عنه، وكان ممّن أخذ ذلك المبلغ من الصحابة الذين شهدوا بدراً عثمان رضي الله عنه.

  • تركته: خَلّف عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه مالاً عظيماً حتى بعد نفاذ وصيّته، فكانت معظم أمواله من التجارة، وكان ممّا ترك من المال قطيعاً من البعير يبلغ عدده ألف بعير، وثلاثة آلاف من الشياه بالبَقِيع، وترك مئة فَرَس كانت تَرعى بالبقيع، وكانت له أيضاً مزرعة بالجُرْف على عشرين ناضِحاً كانت تُدرُّ عليه وعلى أهله قُوت كُلّ سَنَة تكفيهم، وقد كان نصيب تُمَاضِر بنت الأصْبَغ من تركته رُبع الثُّمن، وهي إحدى أربع زوجاتٍ له كان قد طلّقها قبل وفاته، فخرجت بمئة ألف، كما تَرَك ثلاث نِسوة غيرها، فكان نصيب كُلّ واحدة منهن من تَركته مبلغ ثمانون ألفًا، وعلى فرض بَلَغ مقدار رُبع الثُمن لكل واحدةٍ من زوجاته من تَرِكته مائة ألف درهم على الأكثر وثمانين ألف درهم على الأقلّ، فإنّ مجموع تَرِكة عبدالرحمن بن عوف -رضي الله عنه- تكون ما يقارب (3200000) درهم على التقدير الأعلى، أو تكون على التقدير الأقل (2560000) درهم، وهو مَبلَغ كبيرٌ جداً وتركة عظيمة القدر خصوصاً في تلك الأيام التي كان فيها المال شبه معدوم، ومع كل تلك المبالغ التي تركها عبدالرحمن بن عوف؛ إلّا أنّه كان كثير الإنفاق، كما أنه لم يُقصِّر مُطلقاً في دَفْع زكاة أمواله ولا دفع الصدقات والعطايا وغير ذلك مما كان ينفقه، وكان مَصدَر جميع ثروته حَلالاً.[4]

جهاده

شارك الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في الكثير من المعارك والغزوات في عهد النبوة وبعد وفاة النبي في عهد الخلفاء الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان إلى أن توفّاه الله، وكان من جهاده وغزواته ومواقفه فيها ما يلي:5

  • مشاركته في غَزوة بدرٍ الكُبرى: شارك عبد الرحمن بن عوف في معركة بدر الكبرى، فكان بدريّاً قتل من المشركين من قتل وأسر منهم من أسر، وكان يتعاقب هو وأبو بكر وعمر بن الخطاب على بعيرٍ واحدٍ بسبب قلّة البعير، فقد كان حالُهم حالَ جميع المشاركين في معركة بدر.

  • مشاركته في غزوة أحد: كان عبد الرحمن بن عوف أحد المشاركين في غزوة أحد التي كانت في شهر شوّال من السنة الثالثة للهجرة، وقد برز خلالها عبد الرحمن وأبدى فيها شجاعةً منقطعة النظير؛ حيثُ استَقتَل في الدِّفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثَبَت كالجبال الراسية في مَوقِفٍ من أخطر المواقف التي تعرّض لها النبي صلى الله عليه وسلم، فأَدّى عبد الرحمن رضي الله عنه واجبه حق الأداء في الدِّفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم.6

  • مشاركته في الغزوات الأُخرى: شَهِد عبد الرحمن بن عوف جميع المَشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، فشارك في غزوة بني النَّضير، كما شارك في غزوة الخَندَق وغزوة بني المُصْطَلق، وغزوة بني قُرَيْظة، وغزوة ذي قَرَد، وكان قائداً لسَريّة دُومة الجَنْدَل التي حدثت في شهر شعبان من السنة السادسة للهجرة، وشَهِد غزوة الْحُدَيْبِية، كما كان أَحَد شُهود صُلح الحُدَيبِية المعقود بين المسلمين وقريش، وشارك في غزوة خَيْبَر، كما شارك في فتح مكة، وفي غزوة حُنَين، وغزوة تَبوك.7

  • جِهاده بالمال: مهما قيل في إنفاق عبد الرحمن بن عوف من أمواله على الجهاد فلن يوفّى حقه؛ حيثُ كان له السبق دائماً في هذا الباب، وممّا يُسجّل له في هذا الباب أنّه تَصدّق بشطر ماله في عَهْد رسول الله صلى الله عليه لتجهيز جيش المسلمين، وكان يبلغ شطر ماله حينها أربعة آلاف دِرهم، وقد تَصدّق بعد ذلك بأربعين ألف درهمٍ أخرى، ثم تَصدّق مرةً أخرى بأربعين ألف دينار في وقتٍ لاحق، ثم جهَّز خمسمئة فَرَس في سَبيل الله، ثم بعدها جهَّز خمسمئة راحِلة أخرى كذلك في سبيل الله.8

المراجع