العقيقة
العقيقة في اللغة تُطلق على عدّة معانٍ، فيقال: عقيقة للذبيحة التي تُذبَح عن المولود عندما يُحلق شعره، وتُطلق أيضاً على الشعر الذي يَنبُت للمولود من الناس والبهائم وهو في بطن أمّه، والخرزة الحمراء من الأحجار الكريمة أيضاً تُسمّى عقيقة، وتُعرّف في الاصطلاح الشرعي بأنّها ما يُذبَح حمداً لله -تعالى- على المولود، وتكون بنيّة وشروط مخصوصة، واستحبّ بعض الشافعية تسميتها نسيكة أو ذبيحة بدل اسم عقيقة.
شروط العقيقة ومواصفاتها
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الذي يُشترَط في الأضحية يُشترَط في العقيقة؛ من حيث جنس العقيقة، وسنّها، وسلامتها من العيوب، وفي ما يأتي توضيح ذلك:
جنس العقيقة
وردت في العقيقة بعض الأحاديث التي ذُكِر فيها الغنم دون غيره كبيان لجنس العقيقة، ومن هذه الأحاديث ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمرهم عن الغلامِ شاتانِ مُكافَئَتانِ ، وعن الجاريةِ شاةٌ)،
سلامة العقيقة من العيوب
العقيقة قربة لله -تعالى-، فلا بدّ أن تكون طيبة سليمة من العيوب؛ لذا ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بأنّه يُجتنَب في العقيقة ما يُجتنَب في الأضحية من العيوب، وهناك أربعة عيوب لا تجوز في الأضاحي، وقد بيّنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ العوراءُ بيِّنٌ عورُها والمريضةُ بيِّنٌ مرضُها والعرجاءُ بيِّنٌ ظلعُها والكسيرُ الَّتي لا تَنقى)،
السّن المُعتَبر في العقيقة
من شروط صحة العقيقة عند جمهور الفقهاء أن تَبلُغ العقيقة السنّ المُعتَبر شرعاً كما هو الحال في الأضحية؛
الأفضل في العقيقة
يُفضَّل في العقيقة ما يُفضَّل في الأضاحي؛ من حيث جنسها ولونها ووزنها؛
- القول الأول: الغنم أفضل؛ إذ إنّه لم يرد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه عقّ بغيرها، وهذا يدلّ على أفضليتها، وهو مذهب المالكية والحنابلة.
- القول الثاني: الأفضل الإبل، ثم البقر، ثم الغنم؛ وذلك قياساً على الأضحية؛ فالأعظم فيها هو الأفضل، وهو مذهب الشافعية.
مسائل مُتعلّقة بشروط العقيقة
دعاء ذبح العقيقة
ذهب جمهور العلماء إلى أنّه يُشرَع عند ذبح العقيقة ما يُشرَع في غيرها من الذبائح؛ من وجوب التسمية، والتكبير،
من يَعقّ عن المولود
إنّ لأهل العلم في مسألة مَن تُسَنّ في حقّه العقيقة أقوالاً متعدّدة، وخلاصتها فيما يأتي:
- المالكية والحنابلة: ذهبوا إلى أنّ العقيقة تكون من مال الأب، وإنْ كان للمولود مال، بل إنّ الإمام أحمد يرى جواز الاقتراض إنْ كان الأب مُعسراً وأراد إحياء هذه السُّنة، ولا يُسنُّ أنْ يعقّ عن المولود غير أبيه، إلا إذا منع ذلك مانع كالموت، وانطلاقاً من هذا الرأي فقد أوّلوا ما ثبت من عقِّ النبي -عليه السّلام- عن الحسن والحسين بعدّة تأويلات، منها أنّ ذلك كانَ تبرعاً منه عليه السلام بإذن أبيه.
- الشافعية: تُسَنّ العقيقة في حقّ من تَلزمه نفقة المولود، ولا يُعَقّ عن اليتيم من ماله.
- ابن حزم: تُسَنّ العقيقة في حقّ المولود؛ ذكراً كان أم أنثى إن كان له مال، ولا تكون في حقّ الأب إلّا إذا رغب في ذلك، أمّا إن لم يكن للمولود مال، فتكون في حقّ الأب، أو الأم.
العدد الذي يُذبَح عن الذكر والأنثى في العقيقة
تُشرَع العقيقة في حقّ الأنثى كما تُشرَع في حقّ الذكر باتّفاق جمهور الفقهاء؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وعَنِ الجَارِيَةِ واحدةٌ)،
- القول الأول: تكون السُنّة بذبح شاتَين عن الذكر، وهو قول الشافعية والحنابلة وابن حزم، واستدلّوا بحديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أمرَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، أن نعقَّ عنِ الغلامِ شاتَينِ).
[18] - القول الثاني: تكون السنّة بذبح شاة واحدة عن الذكر، وهو قول الحنفية والمالكية،
[19] واستدلّوا على ذلك بما رواه عبدالله بن عباس -رضي الله عنه-: (أنَّ النبيَّ عقَّ عن الحسنِ والحُسينِ كبشًا كبشًا).[20] [17]
العقيقة عن التوأم
أجمع العلماء على أنّ من وُلِد له توأم في بطن واحد فلا تُجزئ عقيقة واحدة عنهما بلا خلاف، وقد بيّن ابن القيّم علّة ذلك بأنّ الذبيحة تكون فداء للمولود، فإنّ المشروع في ذلك أن تكون إراقة الدم عن كلّ مولود؛ أي كلّ نفس (العقيقة مُقابل نفس المولود)، وإراقة الدم تقع عن واحد فقط.
حُكم الاشتراك في العقيقة
مسألة جواز الاشتراك في العقيقة عند أهل العلم على قولين، إذا كانت من الإبل أو البقر، وبيانهما فيما يأتي:
- المالكية والحنابلة: لا يصحّ الاشتراك في العقيقة؛ حيث لا تُجزئ إلّا عن نفس واحدة، واستدلّوا بقول رسول الله: (مع الغُلَامِ عَقِيقَةٌ)،
[4] فقد جعل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لكلّ غلام عقيقة مُستقِلّة. - الشافعية: يصحّ الاشتراك في العقيقة من سبعة أشخاص، أو أقلّ إذا كانت بُدنة*، أو بقرة، بحيث تُجزئ عن سبع عقائق؛ وذلك لأنّها تُجزئ عن سبعٍ من الغنم، فتُؤدّى السُنّة بالسُّبع منها كما تُؤدّى بالشاة كاملة، وكان قياس العقيقة على الأضحية والهدي هو ما استدلّ به الشافعية؛ لأنّ الاشتراك في الأضحية والهدي جائز، فيصحّ الاشتراك في العقيقة بجامع أنّ كلّاً منهما من القربات.
حُكم الجمع بين الأضحية والعقيقة
اختلفت آراء الفقهاء في صحّة اجتماع الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة على قولَين، كما يأتي:
- القول الأول: لا تُجزِئ الأضحية عن العقيقة، وهو مذهب المالكية والشافعية ورواية عن الإمام أحمد؛ وذلك لأنّ السبب في ذبح العقيقة مختلف عن السبب في ذبح الأضحية؛ فلا تُجزئ إراقة دم واحد عن إراقة دَمَين.
- القول الثاني: تُجزِئ الأضحية عن العقيقة، وهو مذهب الحنفية ورواية عن الإمام أحمد؛ وعللّوا ذلك بأنّ المقصود فيهما واحد؛ وهو التقرُّب إلى الله -تعالى-.
للمزيد من التفاصيل عن العقيقة وأحكامها الاطّلاع على المقالات الآتية:
- ((ما هي العقيقة)).
- ((حكم العقيقة)).
- ((كيفية تقسيم لحم العقيقة)).
- ((متى تكون العقيقة للمولود)).
- ((ما الحكمة من العقيقة)).
الهامش
* الجذع من الضأن: وهو الصغير من الضأن الذي يبلغ عمره أكثر من ستّة أشهر.
* البُدنة: وتعني الإبل أو البقر في الأضحية، وهي كلمة خاصّة بالإبل.
المراجع
- 1 - وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، <i> " الموسوعة الفقهية الكويتية " , (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة ، صفحة 276، جزء 30 , وزارة الأوقاف والشؤون الاس .
- 2 - حسام الدين عفانه (1424هـ - 2003م)، <i> " المفصّل في أحكام العقيقة " , (الطبعة الأولى)، فلسطين: جامعة القدس ، صفحة 74 , حسام الدين عفانه (1424هـ - 2003م .
- 3 - رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1513 ، صحيح. .
- 4 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن محمد بن سيرين، الصفحة أو الرقم: 5471 ، صحيح. .
- 5 - رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6/490، حسن. .
- 6 - أسماء آل طالب (1433هـ - 2012م)، <i> " أحكام المولود في الفقه الاسلامي " , (الطبعة الأولى)، الرياض: دار الصميعي، صفحة 548-554 , أسماء آل طالب (1433هـ - 2012م)، .
- 7 - رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن عبيد بن فيروز الديلمي، الصفحة أو الرقم: 2802 ، صحيح. .
- 8 - حسام الدين عفانه (1424هـ - 2003م)، <i> " المفصّل في أحكام العقيقة " , (الطبعة الأولى)، فلسطين: جامعة القدس، صفحة 80-83 , حسام الدين عفانه (1424هـ - 2003م .
- 9 - محمد المنجد، <i> " 43 فائدة في أحكام المولود " , ، صفحة 15-16 , محمد المنجد، .
- 10 - حسام الدين عفانه (1424هـ - 2003م)، <i> " المفصّل في أحكام العقيقة " , (الطبعة الأولى)، فلسطين: جامعة القدس، صفحة 86 , حسام الدين عفانه (1424هـ - 2003م .
- 11 - حسام الدين عفانه (1424هـ - 2003م)، <i> " المفصّل في أحكام العقيقة " , (الطبعة الاولى)، فلسطين: جامعة القدس، صفحة 160 , حسام الدين عفانه (1424هـ - 2003م .
- 12 - أسماء آل طالب (1433ه - 2012م)، <i> " أحكام المولود في الفقه الاسلامي " , (الطبعة الاولى)، الرياض: دار الصميعي، صفحة 574 , أسماء آل طالب (1433ه - 2012م)، .
- 13 - ما يقال عند ذبح العقيقة وهل يشرع إحضار المولود , www.islamweb.net , 19-11-2008، 15-2-2020. بتصرّف. .
- 14 - مريم هندي، <i> " العقيقة في الفقه الاسلامي " , ، صفحة 54-55 , مريم هندي، .
- 15 - رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم كرز الخزاعية الكعبية، الصفحة أو الرقم: 1516 ، صحيح. .
- 16 - العقيقة عن الأنثى , www.al-eman.com , 16-2-2020. بتصرّف. .
- 17 - مريم هندي، <i> " العقيقة في الفقه الاسلامي " , ، صفحة 104-105 , مريم هندي، .
- 18 - رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2578 ، صحيح. .
- 19 - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، <i> " الموسوعة الفقهية الكويتية " , (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 280، جزء 30 , وزارة الأوقاف والشؤون الإس .
- 20 - رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1167 ، صحيح. .
- 21 - محمد المنجد، <i> " 43 فائدة في أحكام المولود " , ، صفحة 20 , محمد المنجد، .
- 22 - هل تَكفي عَقيقةٌ واحدةٌ عن تَوءَمَينِ؟ , www.dorar.net , 13-2-2020. بتصرّف. .
- 23 - حكم الجمع بين الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة , www.islamqa.info , 11-12-2007، 15-2-2020. بتصرّف. .
- 24 - تعريف و معنى جذع في معجم المعاني الجامع , www.almaany.com , 3-3-2020. بتصرّف. .
- 25 - تعريف و معنى البدنة في معجم المعاني الجامع , www.almaany.com , 3-3-2020. بتصرّف. .