يُعتبر العلم والمعرفة هما سلاح العصر دون منازع ، ولذلك ؛ لا بُد على جميع الدول والهيئات والمؤسسات التعليمية ومؤسسات العمل بوجه عام أن تعمل على نشر المعرفة العلمية والاجتماعية والسلوكية والإدارية وجميع أنواع المعرفة بشكل صحيح ومنظم من أجل توصيل القدر الكافي من المعرفة العلمية إلى جميع الأجيال وفي كافة المؤسسات ، ومن هنا جاءت الحاجة إلى نظريات وطرائق يُمكن من خلالها إدارة فروع المعرفة وهي التي تُعرف باسم استراتيجيات إدارة المعرفة .إن استراتيجية إدارة المعرفة وبالإنجليزية Knowledge management strategy تُعني قيام أي مؤسسة أو هيئة بوضع خطة عمل من أجل تحديد كيف سوف يتم إدارة المعلومات والبيانات وعناصر ووسائل المعرفة داخل الشركة ، وهذا من شأنه بالطبع أن يُساعد على تحسين مدى كفاءة وإنتاجية الشركة ، ويُذكر أن فكرة ونظام إدارة المعرفة قد ساعد بشكل كبير وُمجرب على على تحقيق جزء كبير من أهداف وتنمية الشركة وخصوصًا عند تطبيقه على الأقسام الفردية بها[1].
مكونات استراتيجية إدارة المعرفة
هناك بعض الأجزاء الرئيسية التي دائمًا ما تشتمل عليها نظرية إدارة المعرفة عند الرغبة في تطبيقها في أي مكان ، وهي[2]:تحديد الأهداف التجاريةمثل توضيح المنتجات أو الخدمات المُراد تقديمها عبر المشروع ، تحديد الفئة المستهدفة من العملاء والمستهلكين ، قنوات ووسائل توزيع المنتجات الأفضل ، توضيح الرسالة أو بيان الرؤية ، والإدارة الهيكلية لمؤسسة ) .تحديد الأعمال المطلوبةكما يجب أن يتم في ضوء تطبيق إدارة المعرفة أيضًا أن يتم تحديد أهم الأعمال والأنشطة التي تحتاج إليها الشركة سواء الفريق الإداري أو الفريق التنفيذي وفريق التسويق والعلاقات العامة ، وما هو مدى الحاجة إلى إلى الأفكار الابتكارية والإبداع داخل الشركة ، إلى جانب التعرف على مدى الحاجة إلى ضخ مزيد من المعلومات الجديدة إلى صفوف أفراد العمل بالشركة .تحديد عناصر رأس الماللا يُمكن لأي مشروع أن يستقيم ويستمر وينجح ؛ إلا إذا تم تحديد مصر رأس المال ومصد التمويل المؤقت أو الدائم وحجم الأرباح المتوقعة وهكذا ، حيث يجب أن يتم تحديد قيمة رأس المال الأساسي وقيمة رأس المال الخاص بالبنية التحتية للمشروع ، وغيرهم من أنواع صور الدعم المال ورأس المال الأخرى .استغلال الموارد المتاحةكما يجب على صاحب مؤسسة العمل أن يعرف جيدًا على جميع الموارد المتاحة له في مكان أو منطقة إقامة المشروع والموارد التي يُمكنه الحصول عليها بسهولة والتي تحتاج إلى المزيد من افراءات والوقت من أجل الحصول عليها ، وفي ضوء توفر هذا النوع من البيانات والمعلومات المعرفية حول موارد الشركة ؛ سوف يتم إدارة تلك المواد واستغلالها بالشكل الأمثل والذي يُحقق الصالح العام لمؤسسة العمل .
أهم أنواع المعرفة
لقد قام العلماء في مجال إدارة المعلومات والأعمال بتقسيم إدارة المعرفة وأنواع المعلمات المعرفية التي تعتمد عليها أي مؤسسة عمل سواء صغيرة أو كبيرة إلى قسمين رئيسيين ، هما :معرفة ضمنيةالمعرفة الضمنية وهي المعروفة بالإنجليزية بـِ Tacit Knowledge تُشير إلى مجموعة من المعلومات وأشكال المعرفة غير الظاهرية أي التي تتطلب توفر قدر من المهارات والخبرة من أجل الوصول إليها ، وقد عبر البعض عن المعرفة الضمنية في أنها تنبع من تراكم الخبرات المعرفية حول مجال ما وخصوصًا لأصحاب التخصص به .كما تأتي أيضًا من الدرة على التفكير وطرح وجهات النظر المختلفة وتعتمد كذلك على مدى الكفاءة والمهارة وفهم طبيعة وأسرار العمل إلى جانب الفهم التام لكل ما تملكه المؤسسة من معلومات وبيانات ، غير أن تلك المعرفة تتضمن أيضًا قدر من الثقافة التنظيمية داخل المؤسسة والتي ينتج عنها رفع كفاءة ومعرفة جميع العاملين بشكل تلقائي .وقد أشار بعض الخبراء أيضًا إلى أن اكتساب المعرفة الضنية يعتمد في المقام الأول على مهارات كل شخص والتفاعل الإيجابي الذي يتم بين أفراد أقسام العمل وبعضهم البعض ، وقد تكون هذه المعرفة إدراكية او فنية ، ونظرًا إلى أن اكتساب المعرفة الضمنية قائم في الأساس الأول على مدى المهارة والذكاء والخبرة ؛ فإن اكتساب هذا النوع من المعرفة يكون بطيء نوعًا ما .معرفة ظاهريةفي حين أن المعرفة الظاهرية أو Explicit Knowledge تحمل معنى مختلف كثيرًا عن النوع السابق ؛ حيث أنها تُشير إلى جميع المعلومات والبيانات المتوفرة بشكل مادي أو معنوي لكل أفراد وأقسام العمل ويُمكن لأي شخص أن يطلع عليها بسهولة دون الحاجة إلى وجود مهارة أو ذكاء من أجل اكتشافها ، ودائمًا ما تكون تلك المعلومات محفوظة في أرشيف المؤسسة وهي إما أن تكون في صورة تقارير أو ملفات أو كتيبات أو صور أو رسومات بيانية أو غيرها من وسائل توصيل المعلومات الأخرى .
خصائص نظرية إدارة المعرفة
ومن جهة اخرى ؛ هناك بعض الخصائص التي تأتي بها نظرية إدارة المعرفة ، مثل[3]:-تعمل هذه الاستراتيجية بشكل فعال على تحقيق الفكر الإبداعي في مؤسسة العمل من خلال مثل اكتساب الخبرة والاكتشاف والإبداع من أجل التوصل إلى أفكار جديدة يُمكن من خلالها تعزيز قوة ونجاح الشركة .-ومن خلال إدارة المعرفة أيضًا ؛ يتم تحويل المعرفة الضمنية إلى معرفة ظاهرية ؛ حتى يتمكن أكبر عدد هائل من الموظفين وأفراد العمل من الاستفادة بها ، فضلًا عن مشاركة المعلومات والبيانات والخبرات بين الأفراد وبعضهم البعض ، ومن ثَم ؛ رفع كفاءة كل طاقم العمل ، وهذا بل شك يصب بالكامل في مصلحة الشركة .-تتبنى استراتيجية إدارة المعرفة أيضًا مبدأ وعملية التخريج أو Externalization وهي التي تُعني العم على استغلال الخبرات والمواهب الفكرية لأفراد العمل والموجودة في شكل معلومات ضمنية إلى أفكار جديدة يتم تطبيقها داخل الشركة ومن خلال يتم رفع كفاءة باقي أفراد العمل .-غير أن هذه الاستراتيجية أيضًا تُشير إلى ضرورة عدم الاكتفاء بمدى مهارة وخبرات فريق العمل فحسب ؛ بل إنها تُشير أيضًا إلى أهمية أن تحرص إدارة المؤسسة على استقدام الخبرات الأخرى مثل الخبراء في مجال العمل من أجل الاستفادة من ارائهم الخاصة والتي يُمكن من خلالها المُضي قدمًا نحو تطور ونمو مؤسسة العمل ، بل إنه سوف يُسعد على رفع كفاءة طاقم العمل بأكمله أيضًا بشكل ملحوظ وأكبر كثيرًا عن ذي قبل .-كما قد تطرقت الاستراتيجية أيضًا إلى ضرورة عدم الاكتفاء بنشر المعرفة فقط بين أفراد العمل ؛ لأن ذلك لن يكون مُجديًا ولن يؤثر بأي شكل إيجابي على المؤسسة ؛ وإنما لا بُد من الحرص على تطبيق تلك المعرفة بشكل عملي من أجل ترسيخ المعلومات واكتساب المهارات بشكل أسهل وأسرع ، ومن ثم فإنه من اللازم أن يتم نشر المعرفة أولًا ثم تطبيقها ثانيًا لأنه لا فائدة لأي منهما دون الأخرى .ويُذكر أن الحرص على تنفيذ مبادئ استراتيجية إدارة المعرفة في مؤسسات العمل بمختلف أنواعها سواء كبيرة أو صغيرة قد ساعدت بشكل فائق على تطبيق أفضل معايير الجودة وتحقيق النجاح والنمو والتطور السريع للمشروع بمجهود بإمكانيات ومجهود أقل ، وهذا يُفسر حرص كبرى شركات العمل على تعيين خبراء ومتخصصين في إدارة المعرفة بها .