اللاجئون والتكنولوجيا … كيف أثر كل منهما على الآخر؟!

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/10/24
اللاجئون والتكنولوجيا … كيف أثر كل منهما على الآخر؟!

إن كنتم قد عبرتم طريق الموت انطلاقًا من إحدى الدول المتضررة من الحرب، كسوريا أو العراق، أو إحدى الدول الإفريقية باتجاه أوروبا ستتذكرون على الفور كيف كان هاتفكم الذكي المساعد الأمين في هذه الرحلة الشاقة التي كانت ربما لن تنجح لولاه.


فخرائط غوغل كانت الوسيلة الوحيدة لإيجاد الطرق الآمنة التي تصل إلى الحدود، والممرات الآمنة لعبورها، ولا ننسى أخبار الأحوال الجوية والعواصف وخدمة GPS، وتطبيقات الترجمة التي ساعدت اللاجئين أثناء التواصل مع المتطوعين والسكان المحليين، ووسائل الإعلام الاجتماعية ولاسيما فيسبوك، والتي ساعدت بعض المجموعات ضمنه في تبادل المعلومات الهامة، والنصائح والخبرات الشخصية. باختصار لولا كثير من هذه الأمور لزاد عدد الذين لقوا حتفهم أضعاف مضاعفة، ولما تمكن الكثيرون من الوصول إلى بر الأمان.


كل هذا بفضل الهواتف الذكية والتكنولوجيا المتطورة التي توفرها لا سيما أنّ هذه الهواتف انتشرت بشدة وأصبحت شيئًا أساسيًا، حيث تذكر تقارير مختلفة أنّ نسبة عدد الهواتف الذكية التي يمتلكها اللاجئون مرتفعة، ففي مخيم الزعتري في الأردن وهو ثاني أكبر مخيم للاجئين في العالم، وصلت نسبة الشباب الذين يمتلكون هواتف ذكية إلى 86٪ في المئة في عام 2015، ونسبة أكثر من 50٪ من أولئك الشباب يستخدمون هواتفهم الذكية في تصفح الإنترنت يوميًا.


ليست هذه هي الطريقة الوحيدة التي تفاعل اللاجئون من خلالها مع التكنولوجيا الحديثة، وإنّما هنالك طرق أُخرى سلطت صحيفة theguardian الضوء عليها من خلال تقرير نشرته على موقعها الرسمي، ناقشت من خلاله العلاقة التي تربط اللاجئين مع التكنولوجيا.


تكنولوجيا تُسهّل الحياة اليومية


هدف التكنولوجيا الأول هو جعل الحياة أسهل، ولذلك تحاول عدد من المنظمات توظيف التكنولوجيا في إيجاد طُرق مبتكرة لحل بعض المشاكل العالقة، فعلى سبيل المثال استضافت المؤسسة الاجتماعية التي تُدعى”techfugees” في الشهر الماضي مسابقةً تقنيةً في الأردن. حثت هذه المسابقة الناس على التعاون معًا وإيجاد بعض الحلول التقنية للمشاكل في مخيم الزعتري، وكانت نتيجتها النهائية فوز اثنتين من اللاجئات اللواتي طوّرنَ تطبيقًا للهواتف الذكية اسمه “WaterWatch”، ويعتمد هذا التطبيق على الجهد الجماعي في تحديد تسرّب المياه في الأنابيب العامة؛ مما يساعد في معالجة مشكلة نقص المياه. حيث يقوم أي شخص يرى تسريب للمياه بتصوير مكان التسريب، ومن ثم يتولى التطبيق إرسال الصورة إلى الجهة المعنية.


وبفضل هذا النجاح تقوم techfugees حاليًا بإنشاء منصة إلكترونية تساعد في تبادل الخدمات بين المبتكرين والمنظمات الخيرية، حيث يمكن للمبتكرين تقديم حلولهم للمؤسسات الخيرية، ويمكن لهذه المؤسسات طلب المساعدة التقنية من المبتكرين.


مسابقة Innovate for Refugees، هي مسابقة تقنية أُخرى نظمها معهد ماساتشوستس في العام الماضي، وهي عبارة عن مبادرة عالمية لتشجيع الإمكانيات التكنولوجية للقطاعات المختلفة، بما في ذلك الرعاية الصحية وقطاع الطاقة.


تمّ اختيار سبعة فائزين في حفل توزيع الجوائز في تشرين الأول الماضي، وتمّ اختيار هؤلاء السبعة من ضمن أكثر من 1600 طلب من جميع أنحاء العالم. في المجموع، كان نسبة 15 في المئة من بين المتقدمين لاجئين، اثنان منهم من بين الفائزين.


كانت من بين هذه المشاريع شركة تدعى Recycle Beirut التي تتخذ من لبنان مقرًا لها، وهي شركة اجتماعية تركز على فكرتين أساسيتين: الأولى مساعدة اللاجئين، أمّا الثانية فهي حل مشكلة النفايات في البلاد. توظف الشركة اللاجئين بهدف فرز ومعالجة المواد القابلة لإعادة التدوير في منطقة بيروت الكبرى، وتكرير النفايات هو أمر مشابه لما تقوم به كُبرى الدول الاقتصاديّة.


الفكرة الفائزة الأُخرى كانت تعني بإيجاد حل لمشكلة المراحيض التي تعاني منها المخيمات، فخرجوا بفكرة Change Water Labs، والتي من الممكن أن تساعد في تحسين الظروف الحياتية للاجئين.


تكنولوجيا لرسم المستقبل


لا تتدخل التقنية فقط في المشاكل اليومية المؤقتة، لكنها كذلك تساعد في الشؤون الكبيرة المصيرية كرسم المستقبل مثلًا، فمع وجود فرص تعليمية وعمل محدودة للغاية، لا يوجد مستقبل يذكر للاجئين؛ لذلك أطلق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مؤخرًا مركز Refugee ACTion Hub أو اختصارًا مركز (ReACT)، والذي يهدف إلى إيجاد فرص تعليم رقمية عن طريق الإنترنت لجيل كامل من الأطفال الذين فقدوا فرص التعليم النظامية نتيجة عمليات التهجير القسري.


مؤسس مبادرة (ReACT) أدمير ماسيتش Admir Masic، هو الآخر كان لاجئًا، وفقد كل شيء خلال الحرب في يوغوسلافيا. وهو يقول:


“كان الحصول على قدر كبير من الدعم الإنساني، مثل الغذاء والملابس والمأوى أمرًا ممكنًا، ولكن ما غير حياتي هو الحصول على التعليم، وخلافًا للعديد من الأطفال الآخرين في مخيم اللاجئين، وجدتُ فرصةً لإثبات موهبتي، وانتهى الأمر بتغيير حياتي.”


يعمل ماسيتش حاليًا كأستاذ مساعد في معهد ماساتشوستس، وهو يعمل جاهدًا بهدف ضمان حصول اللاجئين على التعليم الجيد، وخلق أساس قوي لهم لتحقيق أحلامهم. إنّها باختصار وكأنّ المدرسة والجامعة هي من تأتي إليهم بدلًا من أن يذهبوا إليها.


كمثال آخر على التكنولوجيا التي من الممكن أن تغير مصير اللاجئين فكرة Refugee Open Ware لصاحبها “دان ليفين”، وفكرة 3Dmena لصاحبها لؤي ملحمة. شارك كل من ليفين وملحمة معًا في منظمة Syria Relief وضمن المشروع الوطني السوري للأطراف الاصطناعية، حيث يهدف هذا المشروع إلى استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد، لصناعة أطراف اصطناعية رخيصة، فضلًا عن طباعة النموذج الأولي لجهاز تحديد الموقع الجغرافي الّذي سيسمح للأشخاص ضعاف البصر في التنقل بحرية.


إلى هنا يكون التقرير الذي نشرته الصحيفة قد انتهى، ولكن لم تنتهِ مشاكل اللاجئين، ولن تنتهي إلّا بحلول ابتكارية أُخرى تضاف إلى تلك التي ذكرها التقرير، وإن كنتم قد لاحظتم فإنّ معظم الحلول هي من ابتكار اللاجئين أنفسهم؛ لأنّ أهل مكة أدرى بشعابها، فهي دعوة إلى التحلي بالأمل والانتقال من استهلاك التكنولوجيا إلى إنتاجها، لأنّها الحلّ.