الوجه المحظوظ للأرض بعد مئة عام

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/10/24
الوجه المحظوظ للأرض بعد مئة عام

الأرض التي نعرفها الآن ليست ذاتها التي كانت قبل ملايين السنين، فقد طرأت عليها أعداد لا تحصى من التغيرات حتى أصبحت على ما هي عليه. لكن التغيرات السابقة شيء بسيط أمام التغيرات الحالية، فأعدادنا وأفعالنا نحن البشر قد أحدث فروقات هائلة خلال السنوات الماضية وسيحدث مثلها خلال السنوات القادمة وربما أكثر.


كيف ستبدو الأرض بعد 100 عام يا ترى؟


يصادف أن اليوم هو يوم  إعادة التدوير في أمريكا، أمّا الداعي لهذا اليوم الأخضر فهو جيد: إنّ التدوير يساعد في تخليص الشوارع من القمامة، وهذا أمرٌ يعرفه الجميع، كما يقلل الحاجة إلى عمليات التعدين والاستخراج من المناجم، ويرفد سوق العمل بطاقاتٍ جديدة.


هناك جانبٌ على قدرٍ هائل من الأهمية، إذ تعمل هذه الممارسة أيضًا على تقليل نسب غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعثة إلى الهواء والتي تسبب احترار الكوكب،  فكل طن من علب الألمنيوم المدورة (تعادل ما عدده 64000 ألفًا منها)، تمنع انطلاق 10 طن من غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، وذلك وفقًا ل Popular Mechanics. بالطبع قد لا يخطر في ذهننا أنّ هناك علاقةٌ بين علبةٍ معدنيةٍ فارغة وكارثة تبنّاها الجميل ليوناردو دي كابريو وأصبح يتحدث بها في المحافل الدولية.


رغم ذلك، علينا ألّا نتفائل كثيرًا، فإعادة التدوير ليست ترياقًا. فالفكرة الأفضل دون منازع هي الحد من انبعاثات الكربون، وسنذكر هنا أنّ رئيس واحدةٍ من أكبر مسببات هذه الانبعاثات، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد تعهد بالانسحاب من معاهدة باريس للمناخ، بالطبع أثبت ترامب أنّه ملك مثل هذه القرارات، لذا لا يمكننا التعويل كثيرًا على قواه العقلية.


المضحك المبكي في هذا القرار المستَنكر عالميًا أنّه يأتي في أعقاب أشد الأعوام التي شهدتها الأرض حرارة منذ عام 1880- وهو العام الذي بدأ فيه العلماء بالاحتفاظ بسجلات درجات الحرارة العالمية-  وهو السجل الحراري السنوي الخامس في السنوات العشر الماضية. ففي عام 2016، سجلّت الأرض ارتفاعًا يُقدّر ب2،3 فهرنهايت (1،26 درجة سيليزيوس) فوق درجة الحرارة المسجلة في عصر ما قبل الثورة الصناعية، وهو يقترب كثيرًا من الـ1،5 درجة سيليزيوس، وهو الحد الخطر لدرجة الحرارة الذي وضعه صنّاع القرار.


الوجه المحظوظ للأرض بعد مئة عام


يقول غافن شميدت Gavin Schmidt، عالم المناخ ومدير معهد غودارد للدراسات الفضائية التابع لناسا:


“لن يتوقف الاحترار العالمي، وكل ما حدث حتى الآن هو خبْزٌ ممنهج”.


حديث شميدت يعني أنّه حتى لو انخفضت انبعاثات الكربون إلى الصفر غدًا، فإننا سنستمر في مشاهدة التغيرات المناخية التي يسببها البشر فاعلةً لقرون، مع معرفتنا جميعًا بانّ الانبعاثات لن تتوقف فورًا.  يضيف شميدت:


” ما يهمنا الآن هو إبطاء التغير المناخي بما يكفي للسماح لنا بالتكيف على نحو غير مؤلم قدر الإمكان”.


وتوضح هذه الصورة كيف يمكن أن تبدو الأرض بعد مئة عام إذا نجحنا في كبح التغيرات المناخية. يبدو أنّنا سنعيش في أتونٍ محكم.


رغم ذلك يبقى شميدت متفائلًا حول منع درجات الحرارة من الارتفاع بمقدارٍ أكثر من 3،6 درجة فهرنهايت، أو 2 درجة سيليزيوس. وهي الزيادة التي تأمل الأمم المتحدة بتجنبها.


لنفترض أنّنا رسونا على درجة حرارة بين هذين الحدّين، ففي نهاية القرن سنشهد عالمًا تفوق درجة حرارته ما نحن عليه الآن بمقدار متوسطه 3 درجات فهرنهايت.


لكن درجة حرارة السطح لوحدها لا ترسم صورةً كاملة، فشذوذات درجة الحرارة- وهي المقدار الذي تنحرف فيه درجة الحرارة في منطقةٍ محددة عمّا سيكون “طبيعيًا” في تلك المنطقة- ستتأرجح على نحوٍ مريع.


الوجه المحظوظ للأرض بعد مئة عام


لنقدم مثالًا على ذلك، في عام 2016 ارتفعت درجة الحرارة في الدائرة القطبية فوق درجة التجمد ليومٍ واحد، ويُعدّ ذلك جوًّا حارًّا يفوق المعتاد في الدائرة القطبية. بالطبع هذه الأنماط من الشذوذات ستشرع في الحدوث بوتيرةٍ أكثر، ويعني ذلك انّ أعوامًا مثل عام 2016 الذي شهد أخفض امتدادٍ مسجل للجليد البحري، سيغدو أمرًا مألوفًا، وستكون أيّام الصيف في غرينلاند خاليةً من الجليد بحلول عام 2050.


وبالحديث عن غرينلاند، ففي عام 2012 بدأ 97% من الجليد السطحي لشرائح غريلاند الجليدية بالذوبان. ومن الناحية المنهجية، يُعدّ ذلك حدثًا يحدث مرةً في القرن، لكنّنا سنشهد ذوبانًا سطحيًّا أشد كهذا يحدث كل ستة أعوام بحلول نهاية القرن.