تحويل ويندوز إلى خدمة … الحل الوحيد للقضاء على الفقر والتخلف في الشرق الأوسط!

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/10/24
تحويل ويندوز إلى خدمة … الحل الوحيد للقضاء على الفقر والتخلف في الشرق الأوسط!

عندما سمعت بالخبر لأول مرة صُدِمت فعلًا، يالها من شركة جشعة رأسمالية سليلة إقطاع لاهم لها سوى ملء جيبوها على حسابنا، الموز لأمريكا … الموز لمايكروزفت! لكن لاحقًا تبين لي أنّ هذا هو الحل الوحيد لجميع مشاكل هذه المنطقة البائسة. نعم وبدون أي مبالغة هي الحل لجميع مشاكلنا.


بالطبع أنا لا أفشي سرًا عندما أقول أنّه لا أحد تقريبًا في كل هذه الدول الـ 22 يستخدم نسخ ويندوز مرخصة؛ وذلك لارتفاع ثمنها خاصةً عندما نقارن ذلك بدخل المواطن الذي لايكفيه ثمن الطعام والشراب، فعن أي ويندوز تتحدث ياهذا؟! قد أتمكن من بلع هذه الحجة بشكل أو بآخر خاصةً أنه لولا هذا (الويندوز المقرصن) فمن المؤكد أنّنا لم نكن لنتعرف على هذا الشيء المسمى (كمبيوتر) إلى اليوم، ولم نضع بصمتنا المؤثرة في هذا المجال إلى اليوم! ولكن ماذا  عن الكثير من المؤسسات الحكومية في الدول العربية هي أيضًا تستخدم نسخ ويندوز وحتى حزمة برامج أوفيس مقرصنة؟! لماذا ياترى؟ هل الحكومات أيضًا فقيرة؟! أم أنّهم يشترونها على الورق فقط


انتقلت منظومة الفساد الذي نعيش فيه في الدول العربية إلى نطاق التكنولوجيا أيضًا، حتى أصبحت قرصنة البرامج أمرًا عاديًا بل أصبح اقتناء أي برنامج برخصة أصلية مدعاة للسخرية (هل أنت مجنون لتصرف 200 دولار على برنامج يمكنك شراؤه بدولار واحد من عند أبو عبدو أو من عَبّارة السيديات؟) لقد أثر ذلك على حياتنا اليوم، وساهم بلامبالغة في إبعادنا عن سباق الأمم التي ستسافر إلى المريخ بغرض الإقامة العام القادم، وسأخبرك الآن كيف ذلك:


عندما يكون بإمكان أي شخص تحميل برنامج الفوتوشوب الذي صرفت شركته المصنعة ملايين الدولارات لتطويره بشكل مجاني بالطبع لن يكون لديه أي مشكلة إن قام بعمل (هوية بصرية متكاملة تتضمن شعارًا وبطاقات أعمال وبروشورات والخ الخ الخ) بمبلغ يعادل 5 دولارات أمريكية، وهو بذلك الشاطر الذي سيكسب الكثير من الزبائن، وسيقوم بعمل لايكلفه أي شيء خاصةً مع وجود القوالب الجاهزة التي يمكن لها سرقة المدفوع أيضًا بشراء قرص DVD آخر من عند أبو عبدو يتضمن 10 آلاف تصميم PSD مسروق من موقع Graphic River، وماذا ستكون نتيجة هذه البربرية سوى القضاء على أمل المصممين الحقيقيين بتحقيق دخل مناسب لهم؟ أولئك الذين يصرفون شهورًا وسنوات يتعلمون التصميم على أصوله ليقدموا أعمالًا فنية حقيقية تقدم قيمة مضافة فعلية على الأعمال التي ستسهم بدورها في تحسين المجتمع. بعد فترة من الزمن تلقائيًا سيرمي كل ماتعمله في سلة المحذوفات ويدخل المنافسة في سوق الـ5  دولار إلى جانب صديقنا الشاطر المذكور أعلاه، وسيأتي أحد أصحاب الكروش من التجار ممتعضًا: (لماذا تريد أن تأخذ مني المبلغ الفلاني؟ كلها 5 دقائق وتكبيس زرار!!)


ملاحظة: معدل رواتب المصممين في الدول الحقيقية يصل إلى 80 ألف دولار أمريكي.


يمكنك أن تنسخ ذات المشهد أعلاه على عالم صناعة البرمجيات غير الموجود أساسًا في دولنا، والسبب في ذلك هو أن المبرمج أو المطور متأكد مسبقًا أنّ أي مشروع يقوم به ويصرف عليه من وقته وجهده وصحته وعافيته سيأتي أحد الشُطار ليسرقه لا ليستعمله لنفسه فقط بل ويعيد بيعه وتوزيعه أيضًا، والساخر الباكي أنّ كل مايتم إعادة بيعه يذهب إلى جيب الشاطر الثاني، ولاشيء للمبرمج نفسه! فلماذا يعذب نفسه ويصرف وقته على هكذا مشاريع (لا تؤكل خبزًا)؟


ملاحظة 2: معدل رواتب المبرمجين في الدول الحقيقية يصل إلى: 100 ألف دولار أمريكي.


تأثير هذه الحوادث على المجتمع كبير لدرجة فعلًا لم يعد هناك مستقبل لشاب طموح لديه أي فكرة لتطوير المجتمع خاصةً في مجال التقنية الذي أصبح هو المحرك الأساسي للعالم أجمع، ولذلك لايجد الشاب أمامه سوى الهجرة إلى أحد الدول الحقيقية إلى أن تعي حكوماتنا فعلًا، والتي توجد فيها بالمناسبة وزارة خاصة بالاتصالات والتقانة أهمية الحفاظ على حقوق الناس في هذا المجال وكل المجالات الأخرى، ويتم تطبيق عقوبات على لصوص المحتوى بأنواعه وحتى مستخدمي المحتوى المقرصن سواءً كان نظام تشغيل تصنعه مايكروسوفت الإمبريالية الغاشمة، أو برنامج الفوتوشوب، أو حتى صورة بصيغة PSD أو ملف موسيقي بصيغة MP3! ومع الأسف لايبدو لي أنّ ذلك سيحدث في وقت قريب، خاصةً أنّ الأولويات انخفضت من تأمين تكنولوجيا حقيقية إلى (تخفيف ساعات تقنين الكهرباء اليومي و تأمين مياه شرب نقية … ماذا عن الثورات والحروب؟!) مع العلم أنّه في حال أمِنَ العلماء على حقوقهم وأنّ عملهم  على الأقل لن يُهدَر ويحارب ستظهر الحلول لمشاكل الكهرباء وكل المشاكل الأخرى بسرعة وسهولة، وهذا سيكون ردي على كل من يقول أنّه من البَطَر التحدث عن شراء برمجيات أصلية ونحن لانجد قوت يومنا!


كيف ستجد قوت يومك إن كان عملك الذي تقوم به يوميًا هو مجرد تكبيس أزرار وجلوس خلف المكتب من وجهة نظر أحدهم، ولاتستحق أن تحصل مقابله على معاش مجزي؟


ما الذي سيحل بنا في حال قامت مايكروسوفت بتنفيذ وعدها وتحويل نظام ويندوز من برمجية عادية يمكن قرصنتها إلى برمجية كخدمة تعمل بشكل سحابي أو شبه سحابي؟


هنالك سيناريوهان اثنان لماسيحدث


الأول: بعد توقف الدعم عن أنظمة التشغيل السابقة قد تقاوم نسخ الويندوز والأوفيس الموجودة لدينا لبعض الوقت، ولكن سيأتي يوم تصبح فيه عديمة الفائدة فعلًا، وسنضطر آسفين إلى الرضوخ لإجراءات مايكروسوفت المجرمة والترقية إلى خدمة ويندوز الجديدة التي ستدفع لقائها مبلغًا وقدره بالدولار بشكل شهري أو سنوي أي أنّ جميع عروض (فورمات كمبيوتر مع تنزيل ويندوز وألعاب وبرامج تصميم ومونتاج مقابل 5 دولار) ستصبح من الماضي السحيق؛ وذلك لأنّ النظام سيكون متاحًا للمستخدمين المسجلين فقط، ويعمل على عدد معين من الشاشات في نفس الوقت بحسب الترخيص، تمامًا كما تفعل نتفليكس الآن بتحديد عدد الشاشات التي يمكنها المشاهدة من نفس الحساب في نفس الوقت.


وبعد ذلك حتى لو تمكن أحد الفهلوية من الوصول إلى حساب ويندوز بشكل ما سيكون من السهل جدًا اكتشافه وطرده من قبل الشركة، وبعد فترة سيضطر الجميع إلى شراء النسخ الأصلية، وبما أنّ العمل كله سيصبح سحابيًا سنصبح بحاجة ماسة إلى إنترنت سريع سيجبر الحكومات على تأمينه بسرعات أعلى وأسعار أقل (مجبر زعيمك لابطل).


ولمن يشتكي أنّه لاتوجد لدينا طرق للدفع في الدول العربية، في ذلك الموقف ستكون الحكومات بعد توقف عملها وأعمال الأخوة المواطنين بسبب نسخ ويندوز المقرصنة مضطرة إلى توفير طرق الدفع هذه، وبالتالي سنستفيد منها في معاملاتنا المالية الأخرى وتختصر الكثير من الوقت والجهد والمال الضائع بلا فائدة، والأهم من ذلك أنّه لن يبقى حجة لأحدهم لتبرير اتجاهه للقرصنة


ومن المؤكد أنّك لن تتمكن من تثبيت برنامج فوتوشوب مقرصن على خدمة ويندوز مرخصة من مايكروسوفت خاصةً أنّ الإصدارات القادمة ستكون مخصصة لها بشكل أكبر، وسيكون المكان الوحيد للحصول عليها هو متجر التطبيقات الذي ستوفره مايكروسوفت، وسيتحول فوتوشوب والبرامج الشبيهة من لعبة في أيدي الأوغاد إلى أداة حقيقية لها قيمة لن يشتريها سوى من يحتاجها فعلًا، وهذا سيؤدي بدوره إلى اختفاء مصممي الخمسات والنص ليرة، وسيقدم المصمم الحقيقي أعماله بقيمتها الحقيقية وسيبدع أكثر ويساهم في تطوير المجتمع، والأمر ذاته سينطبق على المبرمج وكل الأعمال ذات الصلة، وسيؤدي ذلك إلى ارتفاع الدخل والاتجاه أكثر نحو التعلم والابتكار، وبعد ذلك لن يضطر العلماء إلى البحث عن فرص في الخارج وستظهر حلول مشاكل الكهرباء والمياه والبناء.


والأهم من كل ذلك ستختفي أيضًا هذه القذارة في التعليقات التي ينشرها بعض الشطار كلما تكلمنا عن موضوع حقوق النشر وأهميتها!


https://static.arageek.com/wp-content/uploads/مايكروسوفت.jpg


السيناريو الثاني: سيكابر أبطال الديجيتال عندما لايستطيعون استخدام ويندوز بشكل مقرصن، وسيكتشفون أنّهم من محبي البرمجيات مفتوحة المصدر، وأنّ توزيعات لينكس ممتازة على الرغم من أنّهم كانوا يسخرون منه قبل فترة، ومن أنّه لايمكن أن يكون بديل حقيقي لويندوز، والبرمجيات فيه ضعيفة ولاترقى لمستوى فوتوشوب الممكن تنزيله ببلاش حتى لو مقرصن، لكن عندما يكون الاتجاه هو رفض سياسة مايكروسوفت الحرامية الاحتكارية التي لاتسمح لنا بسرقتها سيكون نظام جنو لينكس (شيخ الشباب).


ليس من ضمن السيناريوهات أن يتم استبدال جميع الأجهزة بحواسيب من شركة آبل على الإطلاق، مع الأسف على الرغم من الفانتازيا وشطح الخيال الشديد في السطور أعلاه، إلّا أنّه لايمكن لذلك أن يحدث إلّا في المسلسلات التي حصلت على رعاية من شركة آبل نفسها


يبدو أنّ الإجراءات التي لم تتخدذها حكوماتنا على مدى عقود في مجال محاربة القرصنة ستقوم مايكروسوفت بفرضها علينا وعلى الحكومات في وقت قريب حال تحويلها ويندوز إلى خدمة، وعن نفسي شخصيًا أتمنى أن يحصل ذلك في أسرع وقت ممكن لنتخلص من الانتهازيين واللصوص الذين يقتاتون على حساب تعب وجهد الآخرين، وحينها فقط ستحل فعلًا وبدون مبالغة ستحل جميع مشاكل الدول العربية!


وفي النهاية أتمنى على كل المبرمجين أو المصممين أو أصحاب أي عمل تقني تضرر بسبب السرقة والقرصنة أن يشاركنا تجربته ورأيه في الموضوع، وشاركنا تصورك لحياة خالية من القرصنة أيضًا!