تفسير جديد لغرابة تصرفات الأجسام في النظام الشمسي الخارجي

الفضاء والفلك والكون  -  بواسطة:   اخر تحديث:  01-08-2020
تفسير جديد لغرابة تصرفات الأجسام في النظام الشمسي الخارجي


على الرغم من أنه يمكننا التنبؤ بسلوك النظام الشمسي بشكلٍ جيدٍ جدًا، لكنّ الأمور تصبح غريبةً بعض الشيء خارج مدار نبتون وبعيدًا عن ضوء الشمس، حيث توجد هنالك مجموعةٌ من الصخور التي تدور حول الشمس في أنماطٍ مختلفةٍ تمامًا عن الأجسام الأقرب.



بسبب هذا الانفصال الواضح عن بقية النظام الشمسي، تُعرف هذه الأجسام المظلمة الجليدية باسم "الأجسام المنفصلة"، وقد كان علماء الفلك يبحثون عن تفسير لتصرفهم بهذا الشكل الغريب.
وحتى الآن، فإن التفسير الأكثر شهرةً هو الوجود الافتراضي للكوكب التاسع، وهو كوكبٌ افتراضيٌّ كبيرٌ غيرُ مرئيٍّ يقبع في أطراف النظام الشمسي، وتفسِّر آثاره الثقالية التجمعَ غير العادي لمدارات مجموعة "الأجسام المنفصلة" خلف نبتون، فتنحرف هذه الأجسام في مدارتها الغريبة تلك بفعل الجاذبية.
لكن تفسير الكوكب التاسع ليس هو الخيار الوحيد، فحاليًا يعتقد عالمان من علماء الفيزياء الفلكية أنهما قد وجدا أفضل تفسيرٍ حتى الآن؛ وفقًا لتحليلهما، فالكوكب التاسع لا يفسد مدارات تلك الأجسام المنفصلة، بل إنهما يجدان أن الجاذبية المشتركة للأجسام المنفصلة نفسها هي ما أدخلت حالة عدم الاستقرار والتي حولت المدارات عبر ملايين السنين لشكلها الغريب الحالي.
تقول عالمة الفيزياء الفلكية آن ماري ماديجان Ann-Marie Madigan من جامعة كولورادو بولدر: "هذه المنطقة من الفضاء أقرب بكثيرٍ بالنسبة لنا من النجوم في مجرتنا أو غيرها من الأشياء البعيدة التي يمكننا أن نرصدها، ومع ذلك هي غير معروفة بشكلٍ جيدٍ بالنسبة لنا. نحن أول فريق يكون قادرًا على إعادة معالجة كلّ الشذوذ المداري الغريب الذي رصده العلماء على مر السنين".
على الرغم من أننا لا نستطيع أن نرى ما بعد نبتون بسهولة، فهنالك مجموعةٌ متزايدةٌ من الأدلة التي تشير لوجود منطقةٍ قد تكون مأهولةً بشكلٍ معقول.
نحن لا نتحدث عن حزام كايبر الذي يمتد من خارج مدار نبتون نحو 30 وحدة فلكية (AU) إلى أبعد من أبعد نقطة على مدار بلوتو، نحو 55 وحدة فلكية، إذ إن سلوك أجسام حزام كايبر مفهومٌ جيدًا، في معظم الأحيان.



نحن نتحدث عن "الأجسام المنفصلة" تلك البعيدة جدًا عن الشمس، فهنالك كويكب غوبلن وهو جرم وراء نبتوني، يكون في الحضيض الكوكبي على مسافة 65 وحدة فلكية من الشمس مع أوج 2106 وحدة فلكية، كذلك هنالك سدنا وهو كوكب قزم يتغير بُعده -بين الحضيض والأوج- عن الشمس بين 76 و937 وحدةً فلكية.



وليست فقط المسافة، فهذه الأجسام ليست في مداراتٍ مرتبة، فعادةً تكون مداراتها بيضويةً للغاية، وعلى زاويةٍ مائلةٍ بالنسبة إلى مستوى النظام الشمسي المسطح نوعًا ما.
للعثور على تفسيرٍ لما يحدث، أجرت ماديجان وزميلها عالم الفيزياء الفلكية ألكسندر زدريتش Alexander Zderic من جامعة كولورادو بولدر، محاكاة للنظام الشمسي الخارجي باستخدام قدرة الحواسيب الفائقة لمهمة الحساب المكثف للكتلة الجماعية والفردية للأجسام في النظام الشمسي الخارجي.



قد لا يختلف هذا عن الأبحاث التي أجراها نفس العالمين ونشراها عام 2018، ولكن حُدِّثت المحاكاة الجديدة لتكون أكثر واقعيةً.



يقول زدريتش: "لقد قمنا بمحاكاة شيءٍ قد يكون موجودًا مرةً واحدةً في النظام الشمسي الخارجي، كما أضاف أيضًا على تأثير جاذبية الكواكب العملاقة مثل كوكب المشتري". هذا وقد غطت محاكاتهم المنطقة بين 100 و1000 وحدة فلكية، وذلك لمجموعة متنوعة من التشكيلات والكتل، مع نقطة انطلاق لمدار منتظم حول الشمس، بالطبع وكما هو متوقع، لم تبقَ الأجسام المنفصلة في مداراتٍ منتظمةٍ لفترةٍ طويلةٍ، بشكلٍ خاص تحت التأثير المشترك للكتل العالية، ومع مرور الوقت في المحاكاة بدأت تلك الأجسام في التفاعل مع بعضها البعض ودفع وسحب وإخراج بعضها البعض عن المسار المنتظم.



في النهاية، حققت المحاكاة نتيجةً تشبه إلى حدٍّ كبيرٍ مدارات الأجسام المنفصلة اليوم، على الرغم من أن الأمر قد تطلب قدرًا معقولًا من الكتلة في النظام الشمسي الخارجي.
تقول ماديجان: "لقد وصلنا لأننا نحتاج أجسامًا ذات كتلةٍ تعادل ما يقرب من 20 ضعف كتلة الأرض، بالطبع هذا ممكن نظريًا، ولكن هذا بالتأكيد سوف يخالف معتقدات الناس".



وعلى الرغم من أن تلك الكتل الإضافية تفوق الكتلة المتوقعة للكوكب التاسع والتي تُقدَّر من 5 إلى 10 أضعاف كتلة الأرض، فإن النتيجة التي توصل لها ماديجان وزدريتش وزملاؤهما تعتبر منافسًا قويًّا لنظرية الكوكب التاسع، خاصةً وأنهم ليسوا الفريق الوحيد الذي أظهر إمكانية أن مجموعة من الصخور يمكن أن تكون المسبب لغرابة تلك المدارات.



وبالإضافة إلى ذلك، حددت عمليتا مسحٍ منفصلتان أسرابًا جديدةً من الأجسام المنفصلة، ما يجعل المحاكاة لا تظهر أي دليل على وجود الكوكب التاسع.



ولكن من المحتمل أنا سننتظر أدوات أفضل لنستطيع أن نكون حكمًا نهائيًا، فكما يقول زدريتش: "يرتبط التعرف على الكثير من سحر النظام الشمسي الخارجي بالتقدم التكنولوجي، فأنت حقًا بحاجة إلى أحدث جيل من التلسكوبات لمراقبة هذه الأجسام".