لقد حدث الكثير من التغير في الخطاب النقدي العربي على وجه التحديد في نهائيات القرن العشرين نتيجة للمناهج المستحدثة القادمة من الغرب ، سواء المنهج السياقي أو النصاني ، حيث تم استخدامها في جميع القضايا المتعلقة بالنصوص العربية الحديثة والقديمة عن طريق الدارسون ، أما المنهج السيميائي فقد كان حلقة الوصل بين الغرب والشرق ، وقد أثرت النصوص الشعرية القديمة في النقاد والدارسون بشكل كبير ، وقامت عليها الكثير من القضايا النقدية والتحليلية وذلك للأهمية التاريخية والثقافية للنصوص الشعرية القديمة .فهي أول شيء يمر عليه الدارس والناقد ، لذلك كان يجب الاهتمام به من خلال النقد المعاصر لأنه من البدايات الأدبية بشكل عام ، حيث يمكن تطبيق عليه الأسس النقدية السليمة الخاصة بالمنهج السيميائي ، حيث يكون من السهل تطبيقه على النصوص الشعرية القديمة بشكل خاص ، ويوجد الكثير من الدراسات النقدية والأدبية التي تم تطبيقها على هذه النصوص القديمة ، وكان هناك العديد من النتائج الهامة في كيفية التعامل مع النصوص الأدبية من خلال المنهج السيميائي الذي استفاد منه النقاد ليس في الشرق فقط ولكن في الغرب أيضاً . [1]
معنى التحليل السيميائي للنصوص الأدبية
المقصود بالتحليل السيميائي للنصوص الأدبية هو دراسة النصوص من مختلف جوانبها بشكل سيميائي للوصول لأعماقه ، واستكشاف المدلولات المحتملة الخاصة به ، بالإضافة لمحاولة ربط النصوص الأدبية بالواقع الفعلي ، والدروس المستفادة منها ليتم الاعتبار بها ، والسيمياء لغة تعني العلامة أو الدلالة .ويتأثر التحليل السيميائي بشكل كبير بالظروف التي تحيط به ، لذلك نجد أن التحليل السيميائي لأحد النصوص قد يختلف من فرد لآخر ، ومن مكان لآخر ، ومن زمن لآخر ، لذلك فهو يحتمل الإبداع فلا يرتبط بأي قيود ، ولكن يمكن أن توجد دلائل من المحلل على ما قام به من تحليل .وهناك جانبين يرتكز عليهما التحليل السيميائي وهما :
خطوات التحليل السيميائي
تختلف خطوات أو آلية التحليل السيميائي حسب النوع الأدبي المطلوب تحليله ، ولكن يوجد نقاط مشتركة بين مختلف الأنواع ، وفيهم يتم اتباع مرحلتين في منهج التحليل السيميائي وهما :مرحلة القراءةوهي المرحلة الأولى وليس المقصود بها القراءة المعتادة لأنها تنطوي على الانفتاح المستمر ، ويعود ذلك لبعض الأسباب ، ولعل أهمها أن النص له أهمية في العديد من المستويات المكانية والزمانية والفردية ، لذلك نجد أن كل قراءة تابعة للمنهج السيميائي تختلف عن بعضها البعض بدرجة كبيرة .مرحلة الانتقالالمرحلة الثانية وفيها يتم الانتقال من مرحلة المادية إلى المعنى ، فمثلاُ الكلمات التي نجدها في المعجم لا تعني بالضرورة نفس المعاني التي ترد إلى أذهاننا عند سماعها ، وعلم العلامات في المنهج السيميائي لا يهتم سوى بالمعنى الذي يصل للأذهان ، لذلك يمكن أن يكون للدال الواحد العديد من المدلولات ، وكل قراءة جديدة يمكن أن تحمل معنى مختلف عن المعنى السابق . [1]
انواع السيميائيات
سيميائية التواصلوهي التي تهتم بدراسة طرق التواصل ، أو دراسة الأدوات والوسائل التي يمكن من خلالها التواصل مع الآخرين والتأثير عليهم ، ويتم الاعتراف بها من خلال المستقبلين لها ، أي يجب أن يُقصد بها التواصل عن طريق المتحدث والاعتراف بها من خلال المتلقي أيضاً ، فمفهوم اللغة بالنسبة لسيميائية التواصل هي نظام للتواصل يوجد به درجة كبيرة من التفاهم والانسجام ، ومنها النموذج الذي قام جاكوبسون برسمه ، وهو عبارة عن (البث ، والرسالة ، والمتلقي ، وسنن الرسالة ، والمرجعية الخاصة بها ) ، حيث تتجاوز التواصل اللساني الذي يتضمن جمل محدودة لها خصائص معينة .السيميائية الدلاليةوهي التي تهتم بدراسة أنظمة الدلائل ، وتتضمن الإيحاءات ولا يوجد فرق بين الأمارة والدليل بالنسبة لها ، وعند الحديث عن الظواهر الدلالية يرتبط ذلك بالحديث عن العلامة ، وذلك لأن الظواهر الدلالية هي عبارة عن نسق معين مكون من العلامات أو الرموز ، لأن اللغة هي الشرط الأساسي الذي يتم من خلاله انتقال المعرفة، وبدون اللغة سوف نعجز عن تلقي أي معارف ، وذلك لأهمية الأدوات اللغوية باللغة ، وكذلك لا يمكن أن نتجاهل البعد السيميائي الذي يتضمن النماذج التحليلية اللسانية ، وذلك أن العلامة تقبل التحليل بالنسبة للسيميائية الدلالية .وبالنسبة للدراسة السيميائية أو ما يُعرف بالتحليل السيميائي ، فهو يشتمل على المبادئ الأساسية الخاصة بالنظرية السيميائية ، وهي تقع ضمن الممارسات النقدية التي تهتم بالتعرف على السلبيات بالنسبة للنظام النقدي التقليدي الذي تم بنائه على العديد من القواعد المُسلم بها ، وبناء على الأحكام التي تم إصدارها سابقاً ، وهذه الممارسات الخاصة بالمنهج السيميائي أحدثت نقلة نوعية في الدراسات النقدية العربية عى وجه الخصوص .وهناك تمييز واضح بين كلاً من ( اللسانيات البنيوية الجملية ) ، و ( السيميوتيقا النصية ) ، في التحليل السيميائي ، حيث أن اللسانيات النبوية الجملية تهتم بترتيب الجملة ، وهو ما يُعرف بالقدرة الجملية ، أما السيميوتيقا ، فتهتم ببناء نظام النصوص والأقوال ، وهو ما يُعرف بالقدرة الخطابية ، حيث يتعامل التحليل السيميائي بالأشكال أو النصوص السردية باعتبارها نوع من العبقرية الإنسانية . [3]