دونالد ترامب ظاهرة وسائل التواصل الاجتماعي التي لم يسبق لها مثيل أبداً

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/11/14
دونالد ترامب ظاهرة وسائل التواصل الاجتماعي التي لم يسبق لها مثيل أبداً

مرَّت شبكة الإنترنت بمحطات عديدة غيرتها وطورتها حتى وصلت إلى الشكل الذي هي عليه اليوم. فعندما يفكر أي شخص بأهم تلك المحطات فربما سيذكر ظهور مواقع هامة مثل جوجل أو فيسبوك، وقد يتحدث عن ثورة التجارة الإلكترونية، وكلها أحداث هامة في تاريخ الشبكة العنكبوتية. ولكن هناك شخص واحد تفاعل معه كل مستخدمي الإنترنت بشكلٍ أو بآخر، ومع ذلك هو لم ينشئ موقع مشهور، ولم يخترع شيئاً جديداً، هو فقط انضم لشبكات التواصل الاجتماعي والعالم من بعدها تغير؛ نعم إنه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الخامس والأربعين، دونالد ترامب.


لطالما كان ترامب ذلك الإنسان صاحب الشخصية الجدلية والتي كانت أفعاله دائماً ما تتصدر الأخبار العالمية، فتخيل أن صاحب هذه الشخصية أصبح رئيساً لأقوى دولة في العالم. لم يشهد الناس سابقاً أي رئيس أو شخصية سياسية في العالم بأسره استخدم الإنترنت كما فعل ترامب. لقد أتقن حقاً قواعد اللعبة وكان دائماً حديث الساعة.


 


بعض الحقائق المدهشة عن حسابات ترامب في مواقع التواصل الاجتماعي


دونالد ترامب ظاهرة وسائل التواصل الاجتماعي التي لم يسبق لها مثيل أبداً


كسر ترامب جميع التقاليد السياسية السابقة التي اتبعها الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما فيما يخص وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كان أوباما يستخدم حساب الرئاسة الأمريكية الرسمي وكان هناك فريق كامل مسؤول عن النشر باسم أوباما على الحساب. بعكس ترامب الذي استخدم حسابه الشخصي بالإضافة لحسابات الرئاسة سويةً. لتصبح جميع قنوات الإعلام حول العالم دون استثناء تترقب المنشور التالي الذي سينشره الرئيس الأمريكي لتبني عليه أخبارها وتحليلاتها.


ويعدّ تويتر المنصة المفضلة لترامب، فقد أتقن استخدام الـ 140 حرفاً في التغريدة بشكل لا يصدق. فكان حسابه في تويتر منصة لنشر آرائه السياسية ومحاربة خصومه ومشاركة النظريات الخيالية التي يؤمن بها. وإليك بعض الحقائق عن حسابه في تويتر:


  • يملك أكثر من 77 مليون متابع.

  • غرد أكثر من 46012 منذ 2009 أي بمعدل 11 تغريدة في اليوم الواحد.

  • تبلغ القيمة السوقية لأي تغريدة من حساب ترامب أكثر من 500 ألف دولار.

  • في كل 20 دقيقة يتم ذكر حسابه في تويتر أكثر من 10 آلاف مرة، فتخيل كمية الإشعارات في هاتفه!.

  • من كلماته المفضلة “الأخبار الكاذبة”، حيث غرد بها أكثر من 150 مرة في أول سنة رئاسية له فقط.

  • 41% من تغريداته كانت بين الخامسة والتاسعة صباحاً.

  • توجد آلاف الحسابات المزيفة التي تنتحل شخصيته.

  • يتابع 50 حساباً فقط، وهي حسابات شركاته وعائلته مثل حساب ابنته إيفانكا وابنه دونالد جونيور.

استخدم ترامب وسائل التواصل الاجتماعي كأداة ومنبر لحملاته الانتخابية بشكل احترافي، وذلك يظهر جليّاً من خلاله حسابه على فيسبوك. استخدم ترامب فيسبوك بشكل أساسي في نشر الإعلانات السياسية المدفوعة عبره، ولكن لماذا استخدم دونالد منصة فيسبوك دون غيرها للإعلان؟ لأن فيسبوك هي المنصة الوحيدة التي تدعم الدفع مقابل عرض الإعلانات السياسية بعد أن رفضت كُبرى الشركات التقنية مثل جوجل وتويتر أن تخوض في هذا المجال، ولأن فيسبوك تملك تأثيراً كبيراً من خلال امتلاكها لعدد من التطبيقات مثل إنستجرام ومسنجر وواتس أب، بالإضافة لامتلاك فيسبوك 250 مليون مستخدم نشط شهرياً في شمال أمريكا يمكن استهدافهم بهذه الإعلانات.


 


دونالد ترامب ظاهرة وسائل التواصل الاجتماعي التي لم يسبق لها مثيل أبداً
بيانات توضح مقدار ما صرفه ترامب على إعلانات فيسبوك

أشارت الإحصائيات إلى أن 45% من ميزانية حملة ترامب الانتخابية كان موجهة للإعلانات عبر الإنترنت، فقد صرف ترامب أكثر من 48.7 مليون دولار على إعلانات لحملته الانتخابية، وليتجاوز مجموع ما صرفه في فيسبوك 111 مليون دولار منذ إنشاء حسابه. يقدر مسؤول سابق في فيسبوك أن مصاريف ترامب على الإعلانات كافية للوصول إلى 126 مليون أمريكي على الأقل.


 


ترامب في عين الحرب على الأخبار الكاذبة


 


دونالد ترامب ظاهرة وسائل التواصل الاجتماعي التي لم يسبق لها مثيل أبداً


شكّل انتشار الأخبار الكاذبة عبر الإنترنت تحدياً حقيقياً للشركات التقنية الكبرى. فقد وجدت فيسبوك وجوجل وتويتر نفسها أمام سيل من الأخبار الكاذبة التي غالباً ما كان يبدأها الرئيس ترامب ويكملها جيش كبير من المتابعين خلفه. وإليك أشهر المعلومات الزائفة التي شاركها ترامب مع العالم بأسره عبر حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي:


  • التلقيح قد يكون سبباً لمرض التوحد.

  • ادعاءات بحدوث هجوم إرهابي في السويد بالرغم من عدم حدوث أي شيء فيها.

  • التشكيك في أصل الرئيس الأسبق باراك أوباما.

  • ادعاءات بتجسس أوباما عليه.

  • اتهامات بتزوير الأصوات الانتخابية والدفع للاحتجاج ضده.

  • الإنفلونزا العادية تسبب ضحايا أكثر مما يسببه كورونا.

  • معالجة مرض كورونا بحقن المواد المعقمة المنزلية في الجسم.

هذا الكمّ الكبير من الأخبار الكاذبة التي كان يروّج لها ترامب، وضعت الشركات التقنية تحت ضغطٍ كبير لم تتعرض له من قبل، الأمر الذي اضطرها إلى المحاربة في سبيل الحد من انتشار تلك الأخبار الكاذبة خصوصاً في فترة الانتخابات الأمريكية. ووجد تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز نُشر في عام 2019، أن ترامب خلال فترة حكمه، أعاد تغريد 217 تغريدة من حسابات غير موثّقة، منها 145 حساباً على الأقل ينشر محتوى يتعلق بنظريات المؤامرة، وأكثر من عشرين حساباً من هذه الحسابات تم إيقافها منذ ذلك الحين.


ولكن ردة الفعل الطريفة التي قام بها ترامب اتجاه الاتهامات المتكررة التي كان يتعرض لها بنشر المعلومات المضللة، كانت عن طريق إعلانه عن “جوائز الأخبار الكاذبة” والتي قام ترامب بتقديمها لوسائل الإعلام التي دائماً ما كانت تُحرّف كلامه وتنشر المعلومات الزائفة عنه؛ حسب وصفه. وقد أعطى الجائزة بالفعل للقنوات الإعلامية التالية: سي إن إن أربع مرات، نيويورك تايمز مرتين، وكلٍ من واشنطن بوست، أي بي سي نيوز، نيوز ويك، وتايم فازت بها مرة واحدة.


في 2017 شارك ترامب هذه التغريدة التي يظهر فيها فيديو مُركب له وهو يصرع قناة سي إن إن الإعلامية في إشارة إلى أن تلك القنوات دائماً ما تنشر الأكاذيب عنه وهو يتحداها دائماً، وهذه التغريدة هي ثاني أكثر تغريدة أُعيد تغريدها في حسابه على تويتر:


 



#FraudNewsCNN #FNN pic.twitter.com/WYUnHjjUjg


— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) July 2, 2017


 


إنهاء الخصوصية في الإنترنت


بعدما وافقت لجنة الاتصالات الفدرالية الأمريكية في نهاية الفترة الرئاسية لباراك أوباما على مشروع يتضمن ضرورة حصول الشركات المزودة لخدمة الإنترنت على الإذن من أجل جمع ومشاركة بيانات المستخدمين لديها في خطوة تحمي خصوصية بيانات المستخدمين الأمريكيين. حيث تستطيع تلك الشركات جمع معلومات كاملة تتعلق بسجل التصفح، والتطبيقات المستخدمة، والموقع الجغرافي.


 


دونالد ترامب ظاهرة وسائل التواصل الاجتماعي التي لم يسبق لها مثيل أبداً


عاد ترامب ووقّع قانون يلغي كل ذلك، معطياً الصلاحية الكاملة لمزودات الإنترنت بحرّية استخدام البيانات ومشاركتها بل وبيعها أيضاً. وقد بررت إدارة ترامب هذه الخطوة بأنها تهدف لخلق مساواة في الفرص بين مزودات الإنترنت والشركات التقنية مثل جوجل وفيسبوك من حيث جمع بيانات المستخدمين. فبدل أن يقوم ترامب بشمل الشركات التقنية تحت مظلة القوانين التي تهدف لحماية الخصوصية، قام بإلغائها للجميع!


 


صراع الجيل الخامس والتطبيقات الصينية


دونالد ترامب ظاهرة وسائل التواصل الاجتماعي التي لم يسبق لها مثيل أبداً


أشعل ترامب خلال فترة حكمه حرب اقتصادية كبيرة جداً بين أقوى دولتين اقتصادياً في العالم؛ الصين وأمريكا. هذه الحرب كانت شديدة الإجراءات وعنيفة الأحداث بين الطرفين. وكان من أبرز أحداثها قيام ترامب بحظر التعامل مع الشركة الصينية هواوي المصنعة للهواتف الذكية والمالكة الأكبر لبراءات الاختراع في مجال الجيل الخامس من الاتصالات 5G بنسبة 19%. هذا الحظر اضطر الشركات التقنية الكبرى لوقف تعاملها مع هواوي مباشرةً، مثل إنتل وكوالكم وزيلنكس وبرودكوم، ولكن التأثير الأكبر والأوسع صدىً على المستوى العالمي كان لشركة جوجل.


الصراع الصيني الأمريكي في الساحة التقنية امتد ليشمل قرارات بحظر كلٍ من تطبيق تيك توك الذي يملك أكثر من 100 مليون مستخدم أمريكي، وتطبيق وي شات والذي يملك أيضاً أكثر من 19 مليون مستخدم في الولايات المتحدة الأمريكية. الأمر الذي برره ترامب بوجود دلائل قوية، حسب وصفه، تفيد بتجسس تلك التطبيقات لصالح الصين الأمر الذي يهدد الأمن القومي الأمريكي.


 


مستقبل الإنترنت في عالم السياسة


دونالد ترامب ظاهرة وسائل التواصل الاجتماعي التي لم يسبق لها مثيل أبداً


كما هو الحال مع جميع جوانب الحياة العصرية الأخرى، أصبح الإنترنت جزءاً أساسياً في الحملات السياسية، مما يخلق شكلاً جديداً من السياسة “الذكية”. ومع ذلك، لا توجد بعد قواعد ومعايير موحدة تنظم الحملات عبر الإنترنت على نطاق واسع، حيث تمتلك بعض الحملات حضوراً أقوى بشكل ملحوظ من غيرها، مثل حملة ترامب؛ وبالأخص عندما ننظر إلى المكاسب السياسية التي حققها ترامب من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت. لذلك، عند تحليل خصائص تواجد ترامب على الإنترنت، يمكننا أن نفهم بشكل كامل طبيعة السياسة في عصر الإنترنت.


السياسة في عصر العولمة، أصبحت مبنية على التصويتات أو كما تعرف في وسائل التواصل الاجتماعي بالإعجابات والتعليقات والتفاعل، ومع الحضور القوي والمستمر لترامب عبر الإنترنت والتعليق والتعبير الدائم عن أفكاره وآرائه عبر حساباته؛ استطاع جذب الأضواء إليه ليملك جيشاً من المتابعين والمخلصين له. إن سياسة ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي مخطط لها بشكل استراتيجي، فمنشوراته رائجة بشكل لا يصدق. إن ما يهم في السياسة في عصر الإنترنت، هو قدرة المرشح على الغزو من خلال أجهزة التلفزيون والكمبيوتر والهواتف المحمولة.


في حين أنه قد يختلف الناس عندما يتعلق الأمر بأداء ترامب في المجالات السياسية التقليدية، إلا أن نجاحه يرجع إلى حد كبير إلى قدرته على الإبحار في عالم العولمة الحديث. ومع ذلك، سيبقى جانب واحد على الأقل ثابتاً ولن يتغير؛ حضور ترامب النشط على الإنترنت لن ينتهي بانتهاء فترة حكمه بكل تأكيد، فهو بلا شك سيلهم جميع المرشحين والسياسيين القادمين في المستقبل، فسياسته ستبقى ناجحة طالما أن وسائل التواصل الاجتماعي بمفهومها الحالي سائدة في عالم الإنترنت.