الحَثّ على صيام التطوُّع
يجدر بالمسلمين الحرص على طاعة الله -تعالى-، والمداومة عليها، والتقرّب منه بإخلاص العبادات له، ومن العبادات التي تُقرّب العبد من ربّه، وتُكفِّر ذنوبه وخطاياه صيام النافلة؛ فهو من الأعمال التي يسعى إليها الكثير من المسلمين؛ طَمَعاً في الأجر والثواب العظيم من الله -تعالى-، فقد ورد عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- حثّ على صيام التطوُّع، ورغّب فيه، قائلاً: (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)،
ومن الأدلّة الواردة في بيان فَضْل صيام النَّفل أو صيام التطوُّع قَوْله -تعالى-: (التّائِبونَ العابِدونَ الحامِدونَ السّائِحونَ الرّاكِعونَ السّاجِدونَ الآمِرونَ بِالمَعروفِ وَالنّاهونَ عَنِ المُنكَرِ وَالحافِظونَ لِحُدودِ اللَّـهِ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ)؛
فَضْل صيام يومَي الاثنين والخميس
يتّضح فَضْل صيام يومَي الاثنين والخميس في أنّ الأعمال فيهما تُعرَض على الله -تعالى-، كما ثبت ذلك فيما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ يَومِ خَمِيسٍ واثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ في ذلكَ اليَومِ، لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا، إلَّا امْرَءًا كانَتْ بيْنَهُ وبيْنَ أخِيهِ شَحْناءُ، فيُقالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا، ارْكُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا)،
ويكفي المسلم شرفاً أنّه يصوم يومَين تُرفَع فيهما الأعمال إلى الله -تعالى-،
حكمة مشروعيّة صيام التطوُّع
شُرِع صيام التطوُّع أو النَّفْل؛ كي يتقرَّب العبد من ربّه، ويكسب رضاه ومَحبّته؛ فقد ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ)،
من فضائل صيام التطوُّع
تترتّب العديد من الفضائل في الحياة الدُّنيا والآخرة على صيام التطوُّع، وبيان البعض من هذه الفضائل آتياً:
- ستر المسلم ووقايته من نار جهنّم؛ فصيام النافلة يُبعد صاحبه عن نار جهنّم؛ إذ وردت عدّة أحاديث تدلّ على ذلك، منها ما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (الصيام جُنَّةٌ، وحِصنٌ حصينٌ من النار)،
[21] وورد عنه أيضاً: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ)،[22] وقال أيضاً: (الصَّومُ جنَّةٌ حصينةٌ).[23] - تربية النفس على صَدّ الشهوات وتهذيبها؛ فقد ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ فإنَّه له وِجَاءٌ).
[24] - امتثال وصيّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فقد حَثَّ أصحابه عليه، إذ ورد عن أبي أمامة الباهليّ -رضي الله عنه-: (قلتُ يا رسولَ اللَّهِ مُرني بأمرٍ ينفعُني اللَّهُ بِهِ قالَ عليْكَ بالصِّيامِ، فإنَّهُ لا مثلَ لَه).
[25] - دخول الجنّة من باب الريّان؛ وهو باب الصائمين، كما ثبت في صحيح البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: مَن أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبيلِ اللَّهِ، نُودِيَ مِن أبْوَابِ الجَنَّةِ: يا عَبْدَ اللَّهِ هذا خَيْرٌ، فمَن كانَ مِن أهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّلَاةِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِن بَابِ الجِهَادِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِن بَابِ الرَّيَّانِ).
[26] - جَبْر ما نقص من صيام الفريضة، وسَدّه؛ فمَن صام نَفلاً مُتطوِّعاً لله -تعالى-، يكون قد أصلح ما أنقصه عن نفسه من فريضة الصيام، كما ورد عن تميم الداريّ -رضي الله عنه-: (أولُ ما يحاسبُ بهِ العبدُ يومَ القيامةِ صلاتُهُ، فإنْ كانَ أتمَّها، كُتبتْ لهُ تامةٌ، وإنْ لم يكنْ أتمَّها، قالَ اللهُ لملائكتِهِ: انظروا هلْ تجدونَ لعبدِي منْ تطوعٍ فتكملونَ بها فريضَتَهُ؟ ثمَّ الزكاةَ كذلكَ، ثمَّ تؤخذُ الأعمالُ على حسبِ ذلكَ).
[27] [28]
المراجع
- 1 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 2840، صحيح. .
- 3 - سورة التوبة، آية: 112. .
- 4 - سورة الأحزاب، آية: 35. .
- 5 - سورة الحاقة، آية: 24. .
- 6 - محمد المهنا (10-شوال-1437)، " خطبةٌ بعنوان: التشويق إلى صيام التطوع " , www.saaid.net , محمد المهنا (10-شوال-1437)، .
- 7 - رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2565، صحيح. .
- 8 - مسلم النيسابوري، <i> " المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " , ، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 1988، جزء 4 , مسلم النيسابوري، .
- 9 - رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم: 2357، حسن صحيح. .
- 10 - عبد العزيز بن باز، <i> " فتاوى نور على الدرب " , ، صفحة 433، جزء 16 , عبد العزيز بن باز، .
- 11 - فضل صيام الاثنين والخميس , www.islamweb.net , 4-3-2004، 9-5-2020. بتصرّف. .
- 12 - رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 24584، صحيح. .
- 13 - سعيد حوّى (1994م)، <i> " الأساس في السنة وفقهها-العبادات في الإسلام " , (الطبعة الأولى)، سوريا: دار السلام للطباعة والنشر والت , سعيد حوّى (1994م)، .
- 14 - تعريف و معنى يتحرى في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي , www.almaany.com , 9-5-2020. بتصرّف. .
- 15 - سورة الإسراء، آية: 14. .
- 16 - رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح. .
- 17 - أحمد حطيبة، <i> " شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان " , ، صفحة 7، جزء 19 , أحمد حطيبة، .
- 18 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح. .
- 19 - محمد التويجري (2009م)، <i> " موسوعة الفقه الإسلامي " , (الطبعة الأولى)، الأردن-عمان: بيت الأفكار الدولية، صفح , محمد التويجري (2009م)، .
- 20 - سعيد القحطاني (2010م)، <i> " الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة " , (الطبعة الثانية)، الرياض: مركز الدعوة والإرشاد ، صفحة 3 , سعيد القحطاني (2010م)، .
- 21 - رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5177، صحيح. .
- 22 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1894، صحيح. .
- 23 - رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم: 614، صحيح. .
- 24 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5065، صحيح. .
- 25 - رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 2220، صحيح. .
- 26 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1897، صحيح. .
- 27 - رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن تميم الداري، الصفحة أو الرقم: 2829، صحيح. .
- 28 - سعيد القحطاني (2010م)، <i> " الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة " , (الطبعة الثانية)، الرياض: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 342 , سعيد القحطاني (2010م)، .