قد لا تكون فكرة تعلّم لغتين معاً جيدة، لكنها ممكنة

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/10/23
قد لا تكون فكرة تعلّم لغتين معاً جيدة، لكنها ممكنة

نودّ جميعاً حين نُسأل “كم لغةً تتكلم؟” أن نجيب برقم أكبر من 1، لكننا نعلم -ومنذ أيام المدرسة- أن تعلّم اللغات ليس بالأمر الهيّن، فاكتساب لغة جديدة يتطلب صبراً والتزاماً كبيرين. ولذلك وبشكل عام علينا قبل البدء بتعلم لغة جديدة أن نسأل أنفسنا: “لم قد نرغب بتعلّم لغة جديدة؟”.


قد تدفعنا رغبة بالسفر إلى بلد جديد، أو أن مجال عملنا أصبح يتطلب لغةً إضافية. قد يدفعنا الشغف وحب اللغات، أو الرغبة بأن نقرأ كتاباً أحببناه باللغة الأصلية التي كُتب فيها. لكن ماذا لو تطلّب عملنا تعلّم لغتين معاً لزيادة فرص تميّزنا؟ أو أن خطة سفرنا تضمّنت بلداناً مختلفة؟ ولربما كان شغفنا وحماسنا كبيران كفاية ليحفزانا حتّى نتعلم أكثر من لغة واحدة في نفس الوقت، فهل ذلك ممكن؟


الجواب هو نعم! ولكن…


لا يتعلق تعلّم اللغات بحفظ الكلمات الجديدة وفهم القواعد فقط (وهما أمران ضروريان قطعاً)، لكن تعلم لغة جديدة يرتبط بالانغماس فيها بشكل كامل وجعلها جزءاً من حياتنا. يشبه الأمر حل أحجية معقدة. لذا لا ينصح معظم متعددي اللغات بتعلّم أكثر من لغة كلّ مرّة وعلى الأخص إن كان هدف المتعلم الوصول إلى مستوى متقدّم فيها ولم يكن لديه معرفة مبدئية بإحداها. وإن كان الأمر اضطرارياً، يدعو الخبراء ألا يتعلم المرء أكثر من لغتين في كل مرة. وبالعودة إلى تشبيه الأحجية، فإن تعلم لغتان معاً يماثل خلط قطع أحجيتان معقدتان معاً.


والآن بعد أن أدركت التحدي، إن كنت ما تزال مستعداً للأقدام عليه فإليك أهم ما يجب أن تعرفه:


6 أمور يجب أن تمتلكها قبل أن تبدأ رحلة تعلّم لغتين معاً


1. الوقت:


يتطلب تعلّم لغة جديدة أن تخصص وقتاً محدداً في نهارك لتعلم هذه اللغة، وفي حالة تعلّم لغتين عليك أن تزيد هذا الوقت. ليس من الضرورة أن تضاعف وقت تعلم اللغات، لكن عليك أن تقدّر الوقت اللازم الذي تتطلبه كلّ لغة.


2. مهارات تنظيم الوقت:


بالطبع لا يكفي أن تملك الوقت، عليك أن تكون ماهراً في تنظيم مهماتك اليومية. سيزيد تعلم لغتين معاً من الضغط والتوتر لذا عليك أن توازن بين العمل والدراسة ووقت الراحة حتى لا تتعرض للاحتراق النفسي.


3. تجربة تعلم لغة سابقة:


ينصح معظم متعددي اللغات أن لا تقدم على تعلم لغتين معاً إن لم تملك تجربةً سابقاً في تعلم لغة واحدة كبالغ من قبل. وجود تجربة سابقة يعني أنك على معرفة بمراحل عملية التعلّم ومدرك لأفضل طريقة دراسة ناسبتك، ما سيسهل المهمة عليك.


4. معرفة بمفهوم SMART:


يستخدم هذا المفهوم حين يرغب فرد أو شركة في وضع هدف لأنفسهم. ترمز أحرف هذا المصطلح إلى:


Specific: محدد


Measurable: قابل للقياس


Achievable: قابل للتحقيق


Relevant: ذو صلة


Time-based: مقيد بزمن


يمكن تطبيق هذا المفهوم على أيّ شيء تقريباً، وعليك حتماً أن تجرّب تطبيقه على عملية تعلمك للغات، فمثلاً:


S: حدد هدفاً تريد أن تصل إليه: أريد أن أصل إلى مستوى (B2) في اللغة الألمانية.


M: يجب أن تكون قادراً على قياس نتائج الهدف: سأتقدم إلى امتحان في المستوى (B2).


A: على هدفك أن يكون قابلاً لأن يتحقق: لا تقل أريد أن أتحدث الألمانية كالمتحدثين الأصلين خلال 3 أشهر.


R: على هدفك أن يكون مرتبطاً بشيء ما أو حتى بشغف ما: لا تتعلم اللغة فقط لأنك تريد أن تزيد عدد اللغات التي تعرفها، أو لأن أصدقاءك يتعلمونها. ستشعر في الناهية بالملل وستكون قد أضعت وقتك.


T: ضع خطة زمنية محددة وواقعية: قل سأصل إلى المستوى (B2) في اللغة الألمانية خلال 4 أشهر على أن أتقدّم مستوىً واحداً في كلّ شهر.


5. منهاج أكاديمي جيّد:


ابحث عن أفضل منهاج تعليمي في كلتا اللغتين حتى وإن كانت أكثر كلفة لأنها ستوفّر عليك الوقت والمال الذي ستضيعه لاحقاً في ترميم نقص المناهج الضعيفة.


6. روح رياضية:


من المهم جداً أن تعلم أنك حتى وإن اتبعت خطةً محكمة قد لا تحقق النتائج التي أردتها في نهاية الأمر. قد تحتاج لتغيير مخططك الزمني أو بذل المزيد من الجهد. عليك دائماً أن تكون مستعداً للتقبّل والتكيّف.


5 نصائح لتتبعها أثناء عملية تعلّم لغتين معاً


1. اختر لغتين مختلفتين:


تبدو دراسة لغتين متشابهتين في الكلمات والقواعد أكثر منطقية وعملية، لكن هذا غير صحيح. يُعتبر الأمر خاطئاً والسبب وراء ذلك بسيط ويُعرف بظاهرة الـ”Bleeding”. تعني هذه الظاهرة أن اللغتان ستبدأن بالامتزاج معاً، فمثلاً يبدأ دماغ المرء بتطبيق قواعد اللغة الأولى على مفردات الثانية ما يؤدي إلى التشتت والضياع. لذا ابتعد عن تعلم اللغات المتشابه مثل تلك التي من أصل رومانسي كالإيطالية والإسبانية مثلاً.


2. حدد أيّ لغة تشكل أولويةً بالنسبة لك:


تختلف صعوبة كل لغة تبعاً لعدة عوامل تعود بعضها للغة نفسها وبعضها الآخر يعود للمتعلم، ولذلك قد لا تتمكن من تحقيق المستوى نفسه في كلتا اللغتين في ذات الوقت، لذا عليك أن تحدد أي اللغتين تمثّل أولويةً بالنسبة لك وتريد أن تتطور بها أسرع، لتستطيع أن تركز عليها أكثر وتبذل جهداً أكبر.


3. قسّم الوقت بين اللغتين بطريقة صحيحة:


ينصح خبراء اللغة أن تقسم وقتك بين اللغتين 80-70 بالمئة للغة الأولى و30-20 بالمئة للغة الثانية.


4. اربط كل لغة بسمة معينة:


سيساعدك ذلك على أن تفصل بشكل كامل بين اللغتين. اختر ألوان قرطاسية معينة لكل لغة، وبإمكانك أن تذهب أبعد من ذلك فتحدد زاوية مختلفة في غرفتك لكل لغة تطبعها بطابع بلد اللغة الأصلي. اطلق العنان لإبداعك.


5. تحدّث باستمرار:


تعد هذه النصيحة من كلاسيكيات نصائح تعلم اللغات، لكن القليل جداً من الأشخاص يطبقها فعلياً.


عليك ومنذ اليوم الأول أن تبدأ باستخدام مفردات كل لغة (تذكر أن تفصل بينهما هنا أيضاً).


قد تشعر بالغرابة حين تبدأ التحدّث باستخدام اللغة الجديدة وقد ينظر الناس إليك بغرابة، لكن اعتبر الأمر مكسباً إيجابياً سيساعدك على أن تثبت اللغة أكثر في عقلك.


3 نقاط تجنبها بينما تتعلّم لغتين معاً


1. التعاقب الأسبوعي:


أي أن تدرس اللغة الأولى فقط لأسبوع ثمّ تدرس اللغة الثانية فقط في الأسبوع التالي وهكذا… لا تُعتبر هذه الطريقة فعّالةً على الإطلاق. إذ أنك وريثما تعود للغة الأولى ستكون قد نسيت ما تعلمته سابقاً، وستمضي وقتك في مراجعة المعلومات التي تنقصك. ادرس كلتا اللغتين بشكل يوميّ.


2. دراسة اللغتين في نفس الجلسة الدراسية:


كأن تجلس لتشاهد مسلسلاً باللغة الأولى بينما تحلّ تمارين قواعدية باللغة الثانية. سيشتت ذلك تركيزك في كلتا اللغتين، وستنهي هذه العملية دون أية فائدة تُذكر.


3. الاستعجال في الوصول إلى النتائج:


إن كنت قد تعلمت سابقاً لغةً ما في 6 أشهر، فقد تبني أمالاً أن بإمكانك تعلّم لغتين في نفس المدّة، بينما يتطلّب ذلك وقتاً أطول. قد يدفعك بطء النتائج إلى الاستعجال دون أن تعطي كلّ لغةً حقها من الوقت. حاول أن لا تفعل ذلك وتذكر أنه من الطبيعي جداً أن تطول فترة التعلم.


صحيح أن مهمة تعلّم لغتين معاً مهمةٌ صعبة وشاقة لكنها ممكنة ونتائجها النهائية مرضية وتستحق التعب. وبما أنك وصلت إلى نهاية المقال فذلك يعني أن لديك ما يتطلبه إنجاز هذا التحدي وما عليك إلا البدء بالتنفيذ!


شاركنا تجربتك إن كان قد سبق لك أن تعلمت أكثر من لغة في الآن نفسه وحدّثنا عن الصعوبات التي واجهتك!