مكانة الأبناء في الإسلام
تتعدّد مسؤوليات الوالدين في الأسرة، وإحدى هذه المسؤوليّات الرئيسة المنوطة بهم هي تربية الأولاد؛ وهي من الواجبات التي أمر الله -تعالى- بها الوالدين وأمر بها النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فيقول الله -تعالى- في القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)،
وردت في السنّة النبويّة أيضاً نصوص تبيّن إلقاء مسؤوليّة تربية الأولاد ورعايتهم على الوالدين، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، الإمامُ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ راعٍ في أهْلِهِ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِها ومَسْئُولَةٌ عن رَعِيَّتِها، والخادِمُ راعٍ في مالِ سَيِّدِهِ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ قالَ: - وحَسِبْتُ أنْ قدْ قالَ - والرَّجُلُ راعٍ في مالِ أبِيهِ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، وكُلُّكُمْ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ)،
كيفيّة تربية الأبناء في الإسلام
تتفرّع الاتّجاهات التي يجب على الوالدين أن يعتنوا بتربية أبنائهم عليها، وهذه الاتّجاهات كما يأتي:
- العقيدة: يكون تثبيت العقيدة في قلب الابن بتعليمه كلمة التوحيد "لا إله إلا الله"، ومقتضياتها ومعانيها، وتحبيب الطفل بالله -تعالى- بذكر صفاته ونعمه على البشر، والأفضل أن يبتعد المربّي عن ربط ذكر الله -سبحانه- بالنار والعذاب والعقاب، وتعليمه أنّ الله -تعالى- مطّلع عليه في كل وقت وحين، وعليه مراقبة الله -تعالى- في أفعاله وأقواله.
- العبادة: تكون تربية الابن من الناحية العباديّة بتعليمه أوّلاً أركان الإسلام الخمس، ثم تعليمه كيفيّة الوضوء والصلاة، وحثّه عليها وتحبيبه بها واصطحابه إلى المسجد.
- الأخلاق: يكون زرع الخلق الحسن في قلب الابن بالحبّ والبعد عن القسوة والعنف، والشعور بالأمن من جهة الوالدين، ثمّ بالقدوة، فحين يرى الطفل أبواه صادقين مثلا يتعلّم منهما ذلك، كما ويُمدح الطفل إن فعل سلوكاً حسناً.
- السلوك والآداب: تعليم الطفل السلوكيّات الحسنة بالقدوة؛ فيحرص الأب على إلقاء السلام على أولاده، والتستّر أمامهم، والإحسان إلى الجيران، وبرّ الوالدين وطاعتهما وغير ذلك من السلوكيّات الحسنة.
- البناء الجسدي: يحتاج الأطفال إلى اللعب والمرح، ويمكن دمج ذلك مع الرياضة لتقوية أجسادهم، ويكون ذلك بإتاحة وقت كافٍ للعب، وتعليم الطفل السباحة والجري وبعض الألعاب البدنيّة، وتغذيته بغذاء صحّي متوازن.
- البناء النفسي: يكون بالانصات للطفل، وتخصيص وقت للكلام والمناقشة معه، والبعد عن التهديد والتخويف المستمر، واحترام ذات الابن وشكره حين يُحسن.
- البناء الاجتماعي: يكون ذلك بجعل الطفل ينخرط مع من حوله من الأطفال، وتسجيله في المراكز الصيفيّة وحلقات تحفيظ القرآن، كما ويمكن أيضاً إعطاء الطفل مسؤوليّة معيّنة؛ كإكرام الضيف والقيام بضيافته.
- البناء الصحي: يكون ذلك بالاهتمام بغذائهم ومطاعيمهم الصحّية، ورقيتهم بالرقية الشرعية، وتعويدهم على النوم والاستيقاظ المبكّرين.
- البناء الثقافي: يكون ذلك بتعويد الأطفال على القراءة وتشجيعهم عليها، وحلّ الألغاز والألعاب الفكريّة، والقراءة معهم، وتدريبهم على الإلقاء والخطابة.
- الثواب والعقاب: يكون ذلك باتّباع أسلوب المكافأة دائماً، والمعاقبة أحياناً، والتنويع في أسلوب العقاب دون الضرب، إنّما بالزجر والنظرة الغاضبة، والقصاص.
وإحدى أهم أساليب التربية التي يجب على المربي أن يأخدها بعين الاعتبار هي ألّا يكلف الطفل أو اليافع ما لا طاقة له به، حيث يعود ذلك بأثر عكسي على سلوكه، كما ويعفو المربّي عن الطفل إن أخطئ، ويحرص على تكليفه بما يستطيع فعله،
كيفية تربية الأطفال في الإسلام
يبدأ المربّي المسلم بتعويد الطفل على العبادات منذ الصغر، وإنّ زراعة حبّ الطاعة وكره المنكر في الطفل وهو صغير يكبر معه؛ وقد حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- الوالدين على أمر الأطفال بالطاعات وتعوديهم عليها رويداً رويداً وذلك في الحديث الشريف قال: (مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سَبعِ سنينَ، واضْرِبوهم عليها وهم أبناءُ عَشْرٍ، وفَرِّقوا بينَهم في المضاجِع)،
- اختيار مجموعة من الرفاق الذين يرافقون الطفل إلى المناطق التربويّة والدينيّة آمنة؛ فيكونون نعم العون له في الطاعة، وإن كان هناك رفيق لا يرتاح له المربّي فلا يجب أن يظهر العداء له، إنّما يحاول أن يبيّن للولد أن سلوك رفيقه سيء وينبغي الابتعاد عنه.
- إبعاد الأولاد قدر المستطاع عن الشاشات الرقميّة بلا فائدة، وإيجاد بدائل مناسبة ومسلية؛ كالمسابح، والمخيّمات الكشفية، والملاهي، ومن طرق التقليل من جلوس الأبناء أمام الهاتف أو التلفاز أو الحاسوب أن ينظّم المربّي هذا الوقت؛ فيكون محدوداً لا مفتوحاً، كما ويمكن استخدام هذه الوسائل في تقوية جوانب معينة عند الأطفال؛ كالاكتشاف، والتعلّم، والحفظ ونحوها.
- حسن اختيار الأب لزوجته؛ فالأم لها حصّة كبيرة فيما سيصبح عليه الولد أو البنت، فالابن يأخذ من صفات أبيه ومن صفات أمه، لذا على الأب أن يتخيّر الزوجة الصالحة.
- تحرّي البيئة الصالحة التي يختلط بها الأبناء؛ سواءً في البيت أو الشارع او المدرسة، والأفضل وضع الأولاد في بيئات تعظّم الدين وشعائر الإسلام، وتغرس فيهم قيم الحشمة والحياء.
- اغتنام الغرائز الفطرية التي زرعها الله -تعالى- في الطفل، ومنها إشباع حب الطفل للاستقلاليّة والتجريب والشجاعة، ومنها اللعب؛ وله عدّة أشكال ووسائل، ومنها اللعب الجماعي وألعاب العقل والألعاب الفرديّة أو الدمج بينها، ومنها إشعال حبّ التنافس، وذلك بانخراط الطفال بالألعاب الجماعيّة مع مراعاة القيم والفروق العمريّة، ويحذر المربي أن يكون التنافس سبباً في التشاحن والحسد بين الأطفال، ومن هذه الغرائز كون الطفل كائن اجتماعي، وتغتنم هذه النقطة بجعل الطفل ينخرط في النشاطات الاجتماعيّة؛ كالأكل الجماعي، والزيارات، وصلاة الجماعة ونحوها.
كيفية تربية البنات في الإسلام
كانت تربية النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لبناته مليئة بالرحمة والرقة واللطف؛ وهو -عليه السلام- قدوة لجميع الآباء في ذلك؛ فقد كان -عليه السلام- يفرح ويستبشر عندما يرزق ببنت، وعلى الأب والأم أن يحسنا تربية البنت وتأديبها وتعليمها وتزويجها لمن يستحقّها ممّن يتقي الله -تعالى- فيها،
كيفية تربية المراهقين في الإسلام
تربية المراهقين الإيمانية تكون بعدد من الطرق والأفكار، ومنها ما يأتي:
- العفويّة والبساطة أثناء نصح اليافع وتوجيهه، واستخدام الطرق غير المباشرة.
- المزج بين الخطاب العاطفي والخطاب العقلاني، واسمتالة اليافع من خلال الحبّ والتقدير؛ فاليافعين يمتازون بعقول منفتحة، وحيويّة ونشيطة، ويحبّون من يناقشهم ويحاورهم.
- البدء بتعليم اليافع وتعريفه بمرحلة البلوغ وما يصاحبها من تغيّرات، وذلك يجعله مستعدّاً لها.
- تدريب اليافع على التفكّر والنظر والتأمّل.
- توجيه اليافع إلى اللجوء إلى الله -تعالى- في حالات الألم والشدائد، حيث تكون نفسيته في تلك المرحلة ضعيفة هشة، ويحتاج إلى من يدعمه ويوجّهه.
- الدمج بين الجانب النظري والعمليّ في التعليم، ويكون ذلك بتعليم المراهق الأمور الأساسيّة نظرياً، وجعله يطبّق ذلك على أرض الواقع.
- تجديد وتنويع أساليب التربية المتّبعة، حيث لا يشعر اليافع بالملل، وتصل إليه المعاني بطريقة سلسة.
المراجع
- 1 - سورة التحريم، آية: 6. .
- 2 - سورة الشعراء، آية: 214. .
- 3 - محمد صالح المنجد (2009)، <i> "موقع الإسلام سؤال وجواب" , ، صفحة 41، جزء 10 , محمد صالح المنجد (2009)، .
- 4 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 893، صحيح. .
- 5 - د. أحمد المزيد، <i> "130 طريقة في تربية الأبناء" , ، مصر: دار الوطن للنشر، صفحة 5-16 , د. أحمد المزيد، .
- 6 - عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2016)، <i> "ركائز في تربية الأبناء" , (الطبعة الأولى)، الكويت: مطبعة النظائر، صفحة 8-19 , عبد الرزاق بن عبد المحسن ال .
- 7 - د. محمد محمد بدري (2006)، <i> "اللمسة الإنسانية لمحات في فن التعامل مع الأبناء" , (الطبعة الثالثة)، القاهرة: دار الصفوة، صفحة 238-240 , د. محمد محمد بدري (2006)، .
- 8 - د. محمد محمد بدري (2006)، <i> "اللمسة الإنسانية لمحات في فن التعامل مع الأبناء" , (الطبعة الثالثة)، القاهرة: دار الصفوة، صفحة 632-634 , د. محمد محمد بدري (2006)، .
- 9 - رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن أبي داوود، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 495، إسناده حسن. .
- 10 - مصطفى العدوي (1998)، <i> "فقه تربية الأبناء" , (الطبعة الأولى)، جدة: دار ماجد عسيري، صفحة 84-85 , مصطفى العدوي (1998)، .
- 11 - عائض القرني، <i> "دروس الشيخ عائض القرني" , ، صفحة 2-4، جزء 28 , عائض القرني، .
- 13 - محمد بن يوسف عفيفي (2002)، <i> "من الهدي النبوي في تربية البنات" , ، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 396-399 , محمد بن يوسف عفيفي (2002)، .
- 14 - مصطفى العدوي (1998)، <i> "فقه تربية الأبناء" , (الطبعة الأولى)، جدة: دار ماجد عسيري، صفحة 247 , مصطفى العدوي (1998)، .
- 15 - سعيد بن محمد آل ثابت، <i> "التربية الإيمانية للمراهقين" , ، صفحة 13-15 , سعيد بن محمد آل ثابت، .