مكث يوسف -عليه السلام- سنواتٍ طويلة بعيداً عن والده، حيث كانت البداية عندما شعر إخوة يوسف بالغِيرة منه؛ بسبب حبّ والده يعقوب -عليه السلام- له، وتمييزه عن باقي إخوته، فدبّروا له مكيدةً، أبعدوه فيها عن والده، حيث رموه في بئرٍ لم يستطع أن يخرج منها إلّا بمرور قافلة، عاونوه على الخروج، لكنّ أصحاب القافلة أخذوه معهم، وابتاعوه عبداً في أسواق مصر، وهناك قضى سنين طويلة يتقلّب فيها بين العيش عند العزيز، ودخول السجن، ثمّ اعتلائه عرش مصر عندما أصبح عزيزها، وهنا كانت بداية حاجة إخوته إليه في زمن القحط الذي أصاب منطقة مصر وما حولها، فأتى إخوته يريدون المعونة من عزيز مصر، فأرجعهم إلى ديارهم بالحيلة حتى استطاع لقاء والده بعد سنواتٍ من الفراق، وورد ذكر لقاء يوسف بوالده وأهله في القرآن، حيث قال الله تعالى: (فَلَمّا دَخَلوا عَلى يوسُفَ آوى إِلَيهِ أَبَوَيهِ وَقالَ ادخُلوا مِصرَ إِن شاءَ اللَّهُ آمِنينَ*وَرَفَعَ أَبَوَيهِ عَلَى العَرشِ وَخَرّوا لَهُ سُجَّدًا وَقالَ يا أَبَتِ هـذا تَأويلُ رُؤيايَ مِن قَبلُ قَد جَعَلَها رَبّي حَقًّا وَقَد أَحسَنَ بي إِذ أَخرَجَني مِنَ السِّجنِ وَجاءَ بِكُم مِنَ البَدوِ مِن بَعدِ أَن نَزَغَ الشَّيطانُ بَيني وَبَينَ إِخوَتي إِنَّ رَبّي لَطيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ العَليمُ الحَكيمُ).
جانب من حياة يوسف
ورد ذكر قصة يوسف بشيءٍ من التفصيل في القرآن الكريم، وخصّص لذلك سورة كاملة، وهي سورة يوسُف، حيث وردت القصة لا للسرد فقط؛ بل لأخذ الدروس والعِبر منها؛ حيث إنّها زاخرةً بالأحداث المتفاوتة في الابتلاء، والرفعة، والدعوة، وغير ذلك، وكان يوسف أحبّ أولاد يعقوب إلى قلبه، وكان يميّزه عن إخوته في المحبّة والمعاملة، حتى شعر إخوته بالغيرة منه، وهمّوا بالقضاء عليه؛ ليتسنّى لهم التقرّب من أبيهم دون أن يكون يوسف موجوداً بين أظهرهم، فدبّروا له مكيدةً، وذهبوا به بحُجّة التنزّه واللعب، فألقوه في بئرٍ عميقةٍ لا يستطيع الخروج منها، وعادوا إلى أبيهم يبكون، حاملين قميصه ملطّخاً بدمٍ كذب، وزعموا أنّ الذئب أكل يوسف، وهم عنه غافلون.
دروس مستفادة من قصة يوسف
تتعدّد العِبر والدروس المستفادة من قصّة يوسف عليه السلام، منها:
- يجب على العبد أن يبتعد عن المواطن أو الأفعال التي يظنّ أنّ منقلبها سوء عليه، لذلك أرشد يعقوب ابنه يوسف ألّا يقصّ رؤياه التي رآها على إخوته؛ تجنّباً لسوءٍ يطاله جرّاء ذلك.
- لا بدّ من العدل بين الأبناء؛ حتى لا يظهر بينهم الحسد والغيرة، التي قد تعمي صاحبها فتوصله إلى شرّ الأفعال والأخلاق، وهذا ما حصل مع يوسف وإخوته حين ميّز يعقوب يوسف، واختصّه بالمودّة عليهم.
- بعض الشّر أهون من بعضه؛ فالإلقاء في البئر كان أهون على يوسف من القتل.
- الحذر والبعد عن الخلوة مع النساء الأجنبيات.
- ينبغي على العبد الصادق مع ربّهِ أن يلتجأ إليه، ويحتمي به عند وجود أسباب المعصية، حيث لجأ يوسف إلى ربّه قائلاً: (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ).
[8] - يجب على الإنسان أن يعبد الله -تعالى- في الشّدّة والرّخاء على حدٍّ سواء، فيوسف كان يعلّم الناس التوحيد، ويدعوهم إلى عبادة الله وهو في السجن.
المراجع
- 1 - سورة يوسُف، آية: 99-100. .
- 2 - قصة يوسف عليه السلام , www.alukah.net , 2018-4-10. بتصرّف. .
- 3 - تفسير قوله تعالى " فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين " , www.library.islamweb.net , 2018-4-10. بتصرّف. .
- 4 - تفسير قوله تعالى فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين , www.library.islamweb.net , 2018-4-10. بتصرّف. .
- 5 - سورة يوسف، آية: 26-27. .
- 6 - دراسة تربوية لسورة يوسف عليه السلام , www.saaid.net , 2018-4-10. بتصرّف. .
- 7 - دروس وعبر من قصة يوسف عليه السلام , www.alukah.net , 2018-4-10. بتصرّف. .
- 8 - سورة يوسف، آية: 33. .