كيف من المُمكن أن أكسب بعض المال من خلال معرفتي وإلمامي لبعض اللغات الأجنبيّة؟! كيف من المُمكن أن أعين وظيفتي المسكينة التي أصبحت لا تقوى على جلب بعض الحفاضات للأطفال في ظل هذه الغلاء الفاحش؟! يطلق البعض هذه الأسئلة ومن ثم يتركها لتعلو في الفضاء وكأنّها فقاعة صغيرة ارتفعت وغابت بين الغيوم.
العديد من أصحاب الحب المعرفي الدائم يميلون إلى تعلّم اللغات من باب الهواية أو من باب آخر. إلاّ أنّنا سنرشدك الآن إلى باب ستستطيع من خلاله تحقيق بعض الأموال والاستفادة من هذه اللغات الثمينة التي تملكها.
صحيح أن تعلّم لغة جديدة يفتح أبواب العقول، إلاّ أنّه أيضًا يفتح أبواب البنوك! وبالتالي إعانة وظيفتك المسكينة إن وجدت، أو كوظيفة أساسيّة إن لم تكن تملك وظيفة أساسًا.
إذًا، ومن خلال لغتك الأجنبية التي تتقنها، سنتكلم عن الوظائف العشر التي من الممكن أن تعمل بها وتحقق دخلًا ماديًا أيضًا.
معلّم، مُدرّس خاص، مدرّس على الإنترنت
الوظيفة الأولى التي ستقفز أمام وجهك عندما تتقن لغة جديدة ما، والتي يُمكن تلخيصها بمحاولة تعليم نفس اللغة التي تعرفها إلى الآخرين، فلو تعلّمت الألمانيّة مثلًا، تكون وظيفتك المقبلة هنا هي، مُدرّس لغة ألمانية.
لكن هنا يجب الإشارة إلى ثلاثة مستويات من هذه الوظيفة اللطيفة، فالمستوى الأول هو أن تكون مُعلّم في مدرسة ما تُريد تدريس هذه اللغة ولا سيما المدارس الخاصة غير الحكوميّة، أو لربما الحكوميّة التي تحوي شُعب مليئة بالطلبة الكسالى الأشرار.
أمّا المستوى الثاني فهو أن تكون مُدرس خاص، والحال هنا أكثر رفاهيّة، ولا سيما عند تواجد عدد طلاب صغير أو طالب واحد لربما، تفهم عليه ويفهم عليك دون الحاجة لإبداء بعض التوبيخات والشتائم.
وأخيرًا، مُدرس على الإنترنت، ولا سيما في حال تواجد وسائل عديدة للدفع الإلكتروني، ومن هنا يُمكن القول أنّ هذا الاتجاه سيكون هو السائد في الأيام المقبلة حتمًا.
المدرس الخاص، المعلّم، والأستاذ على الشبكة هي الوظائف الأولى في هذا المجال.
مترجم شفوي
مد الجسور بين لغتك الأم الأصلية واللغة الأخرى التي تتقنها، يُمكن أن يكون أفضل مجال للعمل في هذا المجال وكسب في المال أيضًا، ومحاولة ” التجسير” هذه تتلخص بأن تكون مُترجمًا شفويًّا.
الأمر مُفيد من ناحيتين، الأولى زيادة طلاقة في استخدام اللغة، والثانية كسب بعض المال، أمّا سيئته فهي أنّك بحاجة لامتلاك القليل من الجرأة!
نعم القليل من الجرأة، فالمترجم الشفوي سيكون مضطرًا لإسماع صوته لآلاف البشر ربما أثناء ترجمته، لا سيما في الأماكن المهمة كالمحاكم ومجالس الأمم المتحدة وغيرها.
كما أنّ الأمر يحتاج إلى احتراف ودقّة في الترجمة وسرعة بديهة من أجل تحويل المصطلحات، فكن مُستعدًا لكل هذه الأمور.
المترجم الكتابي
لم يعد لديك حجة الخجل هنا، فالمترجم الكتابي – الإنسان الذي يعمل في الظلال – لا يحتاج إلى إسماع صوته للآذان بقدر ما يحتاج إلى إيصال كلماته المترجمة للناس!
يُمكننا هنا أن نعرّف الترجمة بأنّها عمليّة تقديم نص مفهوم بالنسبة للجمهور المستهدف، لذلك قد يحتاج الأمر منك بعض الذكاء ولا سيما في انتقاء الكلمات والمصطلحات وتحويلها إلى اللغة الأخرى دون التأثير على المعنى.
مع الحفاظ طبعًا على كلمات سهلة لدى القارئ، وليس مصطلحات صعبة مقعّرة يصعب علينا النظر إليها قبل فهمها حتى!
كما قلنا، على عكس الترجمة الشفويّة يكون المترجم الكتابي وراء كواليسه مُختبأً، وبالتالي ليس هناك داعٍ للخجل، ولا سيما أنّك ستحصل على صناديق رصينة من الذهب بعد كل ترجمة مُحترمة!
كتابة قصص الأطفال
بالنسبة للمبتدئين في مجال اللغات، فإن هذه الوظيفة مُناسبة جدًا. ولا سيما أنّها ستفيدك من عدّة نواحي، أولها توطيد دعائمك اللغوية من جهة، ثانيها كتابتك لبعض القصص الطفوليّة المسلّية.
بعيدًا عن الترجمة الضخمة للكتب القديمة المهترئة، لدينا هنا كتابة قصص الأطفال البسيطة والتي لا تحتاج إلا لعقل خيالي نوعًا ما، وبعض الوقت لأجل سكب الأفكار وكتابتها في أسلوب سلس غير مُعقّد.
وقد تساهم أيضًا هنا – بطريقة غير مُباشرة – في بث الوعي الإنساني في الأطفال من خلال هذه القصص، خصوصًا إن تناولت بعض الأمور المهمة والهادفة من الناحية الأخلاقيّة.
مدوّن
الكتابة والتدوين وتبادل الخبرات من خلالها، قد تكون من أفضل الأمور التي ستضيفها إليك امتلاك لغة جديدة ومحاولة توظيفها لأجل العمل. خصوصًا أنّهم سيحتاجون إليك، كونك تتكلم بلغتهم لكنك من ثقافة أخرى تمامًا!
لنفرض أنّك مدوّن عربي لكنك تُجيد اللغة الصينيّة، ألا ترى أنّك تمتلك فرصة عمل في التدوين لدى بعض الصحف والمجلات الصينية مثلًا! حتمًا سيكون هناك فرصة لك هنا؛ لأنّك مهم عندهم كونك غريب من بيئة أخرى ولكن تجيد لغتهم وتجيد الكتابة بها.
تخيّل أن يكون لديك في موقعك كاتب أجنبي لكنه يُجيد العربيّة، كم سيكون هذا مُميز؟! ألا تجد بعض الأهمية في وجود هكذا أشخاص لديك! خصوصًا أنّ مقالاتهم ستحمل طابعًا آخر من بيئة وثقافة أخرى!
نفس الأمر ينطبق على الجميع إذًا، فحاول أن تضع في خطتك الوظيفيّة أن تكون مدوّنًا أو بائعًا ربما، أو أي شيء على هذا النمط الذي تكلمنا عنه.
يوتيوبر
إمّا عن طريق اليوتيوب، وذلك من خلا تخطي عدد كبير من المشاهدات مما يُتيح لك الحصول على مُقابل مادي بسببها، أو من خلال دروس مصوّرة مُفيدة تُعرض على القناة ومن ثم يُمكن تحويلها إلى DVD وبالتالي يُصبح بالإمكان بيعها.
إلاّ أنّ النقطة الأهم هنا هي تقديم مادة مُفيدة فعلًا، وليس ما اعتدنا على رؤيته في يوتيوبنا! فالمشاهد لن يتابع لفترة طويلة أي شيء مُبتذل أو ذو قيمة سطحيّة، ولن يدفع في سبيله أي قرش أبدًا، لذلك القيمة الحقيقية للمحتوى المعروض وفائدته المطلوبة هي العناصر الحاكمة في هذا المجال.
والأمثلة كثيرة على المحتوى المُفيد، لدينا تعلّم اللغات مثلًا، أو تعلّم البرمجة أو الصيانة وهلم جرًّا من هذه الأشياء التي تُفيد الإنسان ولا تُضيّع وقته أبدًا.
دليل سياحي
ما هو أول شيء ستفكر به عندما تذهب لدولة أجنبيّة لا تعلم شيئًا عن لغتها ولا عن مناطقها وأماكنها وثقافة أهلها؟! قطعًا ستفكر بدليل سياحي يُرشدك من التيه الذي أنت فيه، وهذا هو ما ستكونه أنت عندما تتقن اللغات الأجنبيّة!
الدليل السياحي أو المرشد السياحي، من أبرز الوظائف التي من المُمكن الحصول عليها في حال امتلاك لغة أجنبيّة والإلمام ببعض معالم وتاريخ وثقافة دولة ما والرغبة في مشاركتها مع الآخرين.
المرشد السياحي وظيفة جادة، إلاّ أنّها بنفس الوقت ممتعة وشّيّقة ولا سيما أنّك ستقابل الكثير من الناس من مختلف الأجناس والثقافات واللغات.
مدير تواصل
لنفرض لدينا شركتين على وشك توقيع صفقة ضخمة بينهما، إلاّ أنّ هناك بعض العوائق في التواصل، خصوصًا أنّ الشركتين من قارات مُختلفة وثقافات مُختلفة، وأهم شيء من لغات مُختلفة.
من الذي سيلعب دورًا محوريًا هنا؟!
مدير التواصل حتمًا.
سيكون هذا المدير مسؤول عن إنشاء التواصل بين الأطراف والتي تكون غالبًا جاهلة ببعض الأمور المُتعلّقة بالأطراف الأخرى. ولا سيما كما قلنا في حال اختلاف اللغات فيما بينهم، فيبرز الدور المهم لأشخاص مسؤولين عن التواصل. خصوصًا اللفظي منه وليس مُجرّد كتابة الرسائل والخطابات.
من هنا نرى أنّ (إدارة التواصل) بين الأطراف الضخمة ولا سيما في مجال الأعمال أحد أبرز الوظائف المُتعلّقة بأصحاب اللغات الأجنبيّة.
باحث
صحيح أنّ اللغة الإنكليزيّة هي اللغة المُهيمنة على كافة الأبحاث والمراجع والوثائق لا سيما الحديثة منها، إلاّ أنّ اللغات الأخرى لا تزال تلعب دورها في الميدان، خصوصًا لدى بعض المؤسسات والمنظمّات المتخصصة التي يقودها أفراد من الباحثين.
إذ يوجد بعض المؤسسات المعنيّة ببعض الأمور التاريخيّة ولا سيما القديمة، فتحتاج بدورها إلى لغات مُعيّنة من أجل استكمال أبحاثها وإنجازها، وهنا لا بد من وجود بعض الأشخاص الذين يحملون لغات أجنبيّة خصوصًا إن كانت هذه اللغات قديمة كالسريانيّة والآراميّة وغيرها.
ربما يكون الموضوع هنا على نطاق ضيق وخاص جدًا، إلاّ أنّه موجود وفرصة جيّدة لمن يمتلك أحد هذه اللغات القديمة والتي يُريد أن يستعملها في مجال ما.
مدير توطين المنتج
يُمكن أن يُعرّف هذا المدير على أنّه مُترجم لغوي من جهة ومترجم ثقافي من جهة أخرى! فهو ليسَ المسؤول عن نقل الكلام من لغة لأخرى فقط، بل مسؤول أيضًا عن نقل الثقافة من موطنها التي نشأت فيها إلى مكان آخر غريبة هي فيه!
للتوضيح لدينا مثلًا (ماكدونالد) في الهند ليست كما نعرفها أبدًا، بل اسمها هناك هو (ميهراجا ماك)! وهي خالية من لحم البقر أيضًا! إذ تستخدم لحمًا آخر كون البقر له مرتبة خاصة في الهند، لذلك غيروا الاسم والوصفة لكي تناسب ذوقهم وثقافتهم!
هنا يبرز دور مدير توطين المنتج، إذ هو المسؤول عن ترجمة لغوية وثقافيّة للمنتجات، ومحاولة إدخالها إلى جميع المجتمعات دون المساس بأي ديانة أو ثقافة معينة أو تقليد اجتماعي متوارث.
فيكون الشعار هنا لا يهم الاسم ولا اللغة ولا الوصفة حتى، المهم هو أموالك عزيزي المستهلك! المهم هو أن تدفع لنا! وهذا ما يحصل طبعًا.