الله الرزاق
الله -تعالى- صاحب الأسماء الحسنى والصفات العلا، تعالى عن الشريك والولد، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إنَّ في القرآن الكريم ذكرٌ لأسماء الله -تعالى- وصفاته وأفعاله أكثر من ذكر الطعام والشراب والنكاح في الجنة، وأعظم آية في القرآن الكريم هي آية الكرسي المُتضمنّة لأسماء الله -تعالى- وصفاته، ومن أسماء الله -تعالى- اسم الله الرزّاق، ويُقْسم الرزق إلى قسمين؛ الأول رزق الأبدان، وهو عام يشمل البَر والفاجر وكل دابة، لذلك استنكر الله -تعالى- على الكفار عبادة من لا ينفعهم ولا يرزقهم، فالله بيده ملكوت كل شيء وهو وحده الرزَّاق، فمن يرزق الجنين في بطن أُمه ويحفظ قوته سواه؟ ومن يرزق الطير في الوكر والسمك في البحر والثعبان في الجحر سواه؟
وتأمّل كيف أذِن الله -تعالى- بلطفه وحكمته للعصفور الصغير أن يدخل في فم التمساح؛ ليأخذ بقايا الطعام من بين أسنانه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنَّكم توكَّلونَ على اللهِ حقَّ توكُّلِه لرزقَكم كما تُرزقُ الطيرُ تغدو خماصًا وتروحُ بطانًا)،
كيفية جلب الرّزق سريعاً
خلق الله -تعالى- السماوات في يومين، ثمَّ عمد إلى الأرض فقدَّر فيها أقواتها في أربعة أيام، وأمر عباده أن يطلبوا الرزق منه وحده، فهو خالق هذا الكون بكلِّ ما فيه من العجائب والمعجزات التي لا تزال تُكتشف إلى يومنا هذا، أمَّا ما يُعانيه الناس من المجاعات، واحتباس المطر، فليس لعدم وجود ما يكفي الناس على الكوكب، إنَّما هو بذنوب العباد وآثامهم، وقد زاد في هذه الفترة من الزمان اضطراب الناس وقلقهم بشأن أرزاقهم، ويعود هذا القلق في حقيقته إلى بعد الناس عن حقيقة أنَّ الله وحده هو الرزَّاق، ومما يخفّف من هذا القلق عِلم الإنسان أنَّ الله -تعالى- أول ما خلق خلق القلم، فقال له: اكتب، فكتب القلم مقادير السماوات والأرض، كما كتب ما هو كائن قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، ثمَّ جفَّ القلم وطوى الله -تعالى- عن الناس علم الغيب، لكنَّه أمرهم باتخاذ الأسباب والسعي الدائم لتحصيل الرزق المقدَّر.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الشأن: (إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ في ذلكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ في ذلكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ فَيَنْفُخُ فيه الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ، أَوْ سَعِيدٌ)،
وقد وقف الإسلام بين مقاصد الدنيا والآخرة، فلما كان العمل والكسب من ضروريات الحياة هيّأ الله -تعالى- للناس الأسباب المعينة على تحصيل مصدر عيشهم، ومما يؤكد ذلك أنَّ الله -تعالى- ربط بين العبادة والعمل في الكثير من الآيات، وفي ذلك يقول ابن عباس: "كانوا يتّقونَ البيوعَ والتجارةَ في المواسمِ والحجِ، يقولونَ: أيامُ ذكرٍ"، فأنزل الله -تعالى- عليهم قوله: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّـهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ)،
أسباب الرزق
يُكثر الناس من الشكوى من ضيق العيش وعدم وجود البركة مع كثرة الأعباء والمسؤوليات ونسيان ما شرع الله -تعالى- لعباده من الأسباب والمفاتيح التي تجلب الرزق، ومنها:
- الإكثار من الاستغفار مع المسارعة إلى التوبة، فمتى رجع الناس إلى الله -تعالى- بارك الله في أرزاقهم وأصلح بالهم.
- الإنفاق في وجوه الخير والعطف على الضعفاء والمساكين، فمن فرَّج عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا، فرَّج الله عليه كربةً من كرب الآخرة.
- الحرص على صلة الأرحام، فقد وعد الله -تعالى- من يداوم على صلة الأرحام بطول العمر وكثرة الرزق.
- التوجه إلى الله -تعالى- بالتضرع والدعاء، فالله هو الملاذ في العسر واليسر، وما وقف أحدٌ ببابه فنحَّاه، ولا يخيّب من دعاه ورجاه.
في السماء رزقكم
يُروى عن الأصمعي أنَّه خرج ذات يوم من المسجد الجامع في البصرة، فإذا برجلٍ أعرابي جاف بيده قوسٌ وسيف، فاقترب منه وسلَّم عليه، فبادر الرجل إلى سؤاله وقال: ممن الرجل؟ فأجاب قائلاً: الأصمعي، فسأله: ومن أين أتيت؟ فردَّ عليه الأصمعي وقال: من مكان يُتلى فيه كلام الله تعالى، فتعجَّب الأعرابي وقال: وهل للرحمن كلام يتلوه الآدميون؟ قال: نعم، فطلب منه الأعرابي أن يتلو عليه شيئاً من كلام الله، فتلا عليه سورة الذاريات حتى وصل إلى قول الله: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)،
المراجع
- 1 - حسام الجبرين (18-7-2011)، " الله الرزاق " , www.alukah.net , حسام الجبرين (18-7-2011)، .
- 2 - رواه محمد جار الله الصعدي، في النوافح العطرة، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 275، صحيح. .
- 3 - محمد المنجد، " القلق في طلب الرزق " , www.almunajjid.com , محمد المنجد، .
- 4 - رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2643، صحيح. .
- 5 - سورة البقرة، آية: 198. .
- 6 - احمد الفقيهي (2-3-2013)، " العمل والكسب في الإسلام " , ar.islamway.net , احمد الفقيهي (2-3-2013)، .
- 7 - أمير المدري، " من رسائل الإيمان (29) مفاتيح الرزق وأسبابه " , www.saaid.net , أمير المدري، .
- 8 - سورة الذاريات، آية: 22. .
- 9 - في السماء رزقكم , alimam.ws , 9-4-2019. بتصرّف. .
- 10 - صالح الفوزان، " السعي في طلب الرزق " , www.alfawzan.af.org.sa , صالح الفوزان، .