ما هي معجزات الأنبياء والرسل

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ٠٩:٢٠ ، ١٤ نوفمبر ٢٠١٧
ما هي معجزات الأنبياء والرسل

المُعجِزة

اقترن ذِكر الأنبياء عادةً مع بعض الأمور الخارقة للعادات والطبائع التي جرى العُرف على مثلها، وإنّما جاء تأييد الأنبياء والرُّسل بمثل تلك المُعجِزات من باب زيادة تصديق الناس لهم، واعتقادهم اليقينيّ بأنّهم مُرسَلون من الله -سبحانه وتعالى- خاصةً لمن آمن بهم من الناس، ولتكون حُجّةً على من لم يُصدّق ببعثهم من قبل الله، وغالباً ما تكون تلك المُعجِزات فيما اشتُهِر فيه قوم ذلك النبيّ، بحيث تكون مُعجِزة النبيّ أو الرسول خرقاً لما اعتاده قومٌ معيّنون مع بروزهم في ذلك المجال وخبرتهم فيه، ومثال ذلك مُعجِزة خاتم الأنبياء والمُرسَلين سيّدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- التي هي القرآن الكريم، حيث كان أهل قريش يبرعون في البلاغة والفصاحة وإتقان اللغة، فكانت مُعجِزة النبيّ لهم كتاباً شديد الفصاحة والبلاغة على لسان أميٍّ منهم، ومع بلاغتهم وفصاحتهم إلا أنّهم عجزوا عن الإتيان بجزء من مثله، فما هي أهمُّ المُعجِزات التي أيَّد الله بها أنبياءه ورُسله؟

معنى المُعجِزة

المُعجزة لُغةً


المُعجِزة لُغةً مأخوذةٌ من العَجْز؛ وهو يعني التأخّر عن الشيء، والعَجْز ضدُّ القدرة، وعَجَزَت المرأة تعجِز عُجُوزاً إذا كَبُر سِنُّها، وعَجَز فلان عن فعل شيءٍ يعجز عَجْزاً وعَجَزاناً؛ أي أنّه ضعُف ولم يقدر على فعله، وقد سُمِّيت العجوز بذلك لعجزها وضعفها، وعدم قدرتها على فعل الكثير من الأفعال التي كانت تقوم بها في السابق، والعجز يدلُّ على معنيَين رئيسَين، هما: الضّعف، ومؤخّر الشيء أو آخره، والأمر المُعجِز: هو الذي يعجز البشر عن الإتيان بمثله، ومنه المُعجِزة، أمّا التاء في لفظ مُعجِزة فليست تأنيثاً لها، إنّما هي من باب المُبالغة في الإعجاز.1

المُعجزة اصطلاحاً


يمكن تعريف المُعجِزة في الاصطلاح بأنّها (أمر خارق للعادة، يظهره الله على يد مُدّعي النبوّة؛ تصديقاً له في دعواه، مقرونة بالتحدّي مع عدم المعارضة)، وتتميّز المُعجِزة عن باقي الأمور الخارقة بأنّها يجب أن تكون خارقةً للعادات، والقوانين الكونيّة الثابتة المُتعارف عليها بين الناس عموماً، ومن ذلك ما جاء على أيدي أنبياء الله عليهم السّلام، ومنها مثلاً عدم إحراق النار مع أنّها في العادة تحرق ما يصيبها، وإحياء الموتى الذين في العادة لا يحيون بعد الموت، وتحويل العصا إلى حيّة تتحرك، مع أنّ الجمادات والعصيّ في العادة لا تتحرّك.1

مُعجِزات الأنبياء والرُّسل

لكلّ نبيٍّ من أنبياء الله أو رسولٍ من رُسُله مُعجزة على الأقلّ يتميز بها، وقد جاء ذكر بعض مُعجِزات الأنبياء في كتاب الله، بينما ذكر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعضها الآخر في أقواله التي صحّت نسبتها إليه، أمّا باقي مُعجِزات الأنبياء التي لم يأتِ لها ذكرٌ في كتاب الله وسنة رسوله، فقد نُقِلت إلينا عن أنبياء الله بالتناقل والرواية حتى بلغت حدّ الشهرة، أما أبرز المُعجِزات التي تفرَّد بها بعض الأنبياء فمنها ما سيأتي بيانه في الفقرات الآتية:


مُعجِزة نوح عليه السّلام


بعد أن دعا نوح -عليه السّلام- قومه إلى الإيمان بالله ولم يؤمنوا به -رغم أنّه أطال العهد فيهم- حينها أمره الله -سبحانه وتعالى- بصنع سفينةٍ ليحمل فيها مَن آمن معه، وقد كانت تلك السفينة من المُعجِزات التي أعطاها الله سبحانه وتعالى لنوح عليه السّلام؛ حيث كانت في حينها سابقةً لم يشهد لها الناس مثيلاً، كما أنّ لها من الخصائص ما يميّزها عن غيرها من السُّفن التي جاءت بعدها، فكيف لسفينة مثلها أن تسير في البحر تتلاطمها الأمواج دون أن تتحطّم أو تغرق، وتنجو بمن عليها من البشر والدّواب! قال تعالى: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ)،[2] ومن إعجاز تلك السفينة كذلك أنّ جميع من لم يركب فيها أغرقه الطوفان حتّى لو التجأ إلى مكانٍ بعيد اعتقد أنه سُينجيه من الطوفان، فلم ينجُ إلا من ركب السفينة ممّن آمن من قوم نوح عليه السّلام، وذلك بحدِّ ذاته إعجازٌ منقطع النظير لا يمكن تخيُّله أو حتى تصوّر الميزات التي احتوتها تلك السفينة، حتّى جعلتها غير قابلة للتحطّم أو الغرق، مع أنّها مصنوعةٌ من الأخشاب.[3]

مُعجِزة صالح عليه السّلام


تميّز نبي الله صالح -عليه السّلام- بمُعجِزةٍ لم يُعطَ أحدٌ غيره من الناس مثلها، كغيره من أنبياء الله الذين آتاهم الله ممّا عنده من الأمور الخارقة للعادات، فقد أيّد الله -سبحانه وتعالى- نبيّه صالحاً بناقة؛ أخرجها الله لقوم صالح من الصّخر، بعد أن طلبوا منه ذلك حتى يصدّق نبوّته وما جاءهم به من عند الله، ورغم أنّ مجرد إخراج الناقة من صخرة صمّاء يُعدّ مُعجِزةً بحدّ ذاتها إلا إن تلك الناقة كانت في جميع تفاصيلها مُعجزةً؛ حيث كان من إعجازها أن خُصِّص لها شرب يوم من النبع الذي يشرب منه قوم صالح، فتشرب بقدر ما يشرب قوم صالح جميعهم، بينما كان لقومه شرب يومٍ آخر غير يوم شرب الناقة، وكان من إعجازها كذلك أن تعطيهم يوم شربها لبناً ليشربوه بقدر ما أخذت من نبعهم فيكفيهم ذلك اليوم، حتّى عقرها أحدهم بعد مؤامرةٍ دبّرها القوم لأجل ذلك، فعذّبهم الله بفعلتهم.[4]

مُعجِزة سيّدنا إبراهيم عليه السّلام


بعد أن دعا سيّدنا إبراهيم -عليه السّلام- قومه إلى عبادة الله وترك ما كانوا يعبدون من الأصنام، وحاجَجَهم لأجل ذلك بكل الوسائل والسُّبل، كذّبوه وآذوه، فحطّم أصنامهم ليُثبت لهم ضعفها وقلّة حيلتها، وأنها مجرّد حجارة لا تضرّ ولا تنفع، فلمّا عجز القوم عن دفع حجج إبراهيم الكثيرة والتي توافق جميعها المنطق وتخالف ما يعتقدون، حينها أجمعوا على حرقه بالنار حتى لا تتضرّر آلهتهم التي أصبح إبراهيم يُهدّدها بدعوته الحقة، قال تعالى في وصف حالهم: (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ*قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ).[5]

ولحرق سيّدنا إبراهيم عليه السّلام، جمع قوم إبراهيم حطباً كثيراً، ثمّ جعلوا ذلك الحطب في حفرة عميقةٍ من الأرض، وأشعلوا النار فيها، فكان لهيبها مرتفعاً جداً، وشررُها من عِظمه يتطاير، ثمّ وضعوا إبراهيم -عليه السّلام- في منجنيقٍ؛ مخافة أن يصيبهم شررها أو حرُّها الشديد، وألقوه في النار، فقال حينها: (حسبي الله ونعم الوكيل)، وقد أتاه جبريل وهو في الهواء، فقال له: (ألك حاجة؟ فقال: أمَّا إليك فلا، وأمّا من الله فبلى)، حينها جاءت المُعجِزة الإلهيّة لإبراهيم بقول الله تعالى: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ)،[5] فلم تحرقه تلك النار على عِظَمها وشدّة حرِّها، ولم تحرق سوى وَثاقِه الذي ربطوه به، فكانت تلك المُعجِزة خرقاً لجميع الأعراف والعادات؛ إذ إنّ من الطبيعي أن تحرق النار جميع ما تلمسه أو تقترب منه، لكنها لم تؤذِ إبراهيم مجرّد إيذاء.[6]

مُعجِزات سيّدنا موسى عليه السّلام


مُعجِزات نبيّ الله موسى -عليه السّلام- كثيرةٌ متعددة، بل إنّها أكثر من أن تُذكر، وذلك لكونه اُرسل إلى قومٍ معروفين بقوّة سحرهم، والتَّحكم بالأبصار، والتلاعب بعقول الناس، لذلك كانت مُعجِزاته تتلاءم مع القوم الذين اُرسل إليهم، أمّا أهمُّ مُعجِزات موسى عليه السّلام، فمنها ما يأتي:[7]
  • مُعجِزة العصا: هي أبرز مُعجِزاته على الإطلاق؛ حيث كان فيها العديد من الميزات، فقد تحوّلت إلى حيّة تسعى، فتوهّم من يراها أنّها كائنٌ حيّ، كما تحولت إلى حيّة ابتلعت عصيَّ قوم فرعون وحبالهم؛ لمّا جرى بينهم وبين موسى التنافس.

  • مُعجِزة يد موسى: كانت تنقلب يد موسى -عليه السّلام- إلى بيضاء لا سوء فيها بمجرد أن يدخلها في جيبه، وقد حصل ذلك عندما ذهب إلى فرعون يدعوه إلى الإيمان بالله.

  • مُعجِزة انفلاق البحر: لما فرَّ موسى ومن معه من فرعون وجنده، ضرب موسى بعصاه البحر فانفلق إلى فلقتين، وتشكّل لهم فيه طريقٌ، فاستطاعوا النجاة من فرعون وجنده.

  • مُعجِزة الرّجز(العذاب): أنزل الله -سبحانه وتعالى- الرجز والعذاب بشتّى الأصناف على قوم فرعون؛ ليؤمنوا بموسى، وقد تنوّعت مُعجِزات الرجز، فمرّةً يأخذهم بالقحط والجدب، ومرّة بالدّم، ومرة يبعث إليهم الجراد والقُمَّل والضفادع، وغير ذلك من الآيات والمُعجِزات.


مُعجِزات سيّدنا عيسى عليه السّلام


مُعجِزات نبي الله عيسى كذلك كثيرة، ولعلَّ أظهرها وأهمَّها على الإطلاق مولده بلا أبٍ وكلامه في المهد ليُخبر الناس بصدق قول أمّه مريم، ويبلغهم أنّه نبيّ الله إليهم، ومن مُعجِزاته أنّه كان يصنع من الطين طيراً ثمّ ينفخ فيه فيطير بأمر الله، وأنه كان يُبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله، ويُنبئ الناس بما يدّخرون في بيوتهم، كما كان عيسى -عليه السّلام- يُحيي الموتى بأمر الله.[8]

مُعجِزات سيّدنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام


إنّ معحزات نبيّ الله محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- تربو على الألف كما يقول الإمام ابن قيم الجوزيّة، أمّا أعظم تلك المُعجِزات على الإطلاق فهي القرآن الكريم، وهو كلام الله التي تحدى الله بها قريش وهم أهل الفصاحة والبلاغة، فعجزوا عن الإتيان ولو بسورةٍ من مثل القرآن أو أدنى من ذلك، ومن مُعجِزات رسول الله ما حصل وانتهى، ومنها ما حصل وما زال باقياً حتى يشاء الله، فالقرآن العظيم مُعجِزة الله الخالدة والآية الباقية الدائمة، فلا يمكن أن يتغير أو يتبدَّل، أما مُعجِزات رسول الله التي انتهت فمنها:[9]
  • ما جرى في حادثة الإسراء والمعراج، وفي هذه الحادثة وحدها عددٌ من المُعجِزات.

  • انشقاق القمر.

  • تكثير القليل من الطعام بين يدي المصطفى صلّى الله عليه وسلّم.

  • أن ينبع الماء من بين أصابعه؛ حتى يشرب منه الجيش.

  • حنين الجذع إليه بعد أن فارقه وانتقل إلى المنبر.

  • سلام الحجر عليه في مكة.

  • شفاء المرضى بإذن الله تعالى.

المراجع