ما معنى المؤتفكات

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ١٤:٤٩ ، ١٩ ديسمبر ٢٠١٨
ما معنى المؤتفكات

نبيّ الله لوط عليه السلام

ذُكر في كتب التاريخ في نسب لوط -عليه السلام- أنّه: لوط بن هارون بن تارح وتارح هو آزر، وهو ابن أخ إبراهيم عليه السلام، إذ إنّ هارون هو أخو إبراهيم، وناحور، وكلّهم أبناء آزر، وذكر في وصف لوط -عليه السلام- أنّه كان رجلاً أبيض حسن الوجه، صغير الأذن، دقيق الأنف، طويل الأصابع، جيد الثنايا، أحسن الناس مضحكاً إذا ضحك، وأحسن الناس وأرزنهم، وأكثرهم حكمةً، ولوط هو اسم أعجميّ ليس له في العربية جذر، وليس له اشتقاق من اللواط، بل إنّ اللواط كلمةٌ عربيةٌ جذرها لاط ويلوط، وهو الشذوذ وإتيان الفاحشة، وما من شكّ أنّ أنبياء الله -تعالى- منزّهين عن الفحش والفواحش، ولا يُمكن أن يكون أصل اسم النبي مشتقّ من فعلٍ خبيثٍ كهذا.[1][2]

معنى المؤتفكات

وردت كلمة المؤتفكات في القرآن الكريم في قول الله تعالى: (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)،[3] وقال أيضاً: (وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ)،[4] ويُقصد بالمؤتفكات في الآييتين الكريمتين قوم لوطٍ عليه السلام، إذ إنّهم كذّبوا نبيهم وكفروا به، وجاؤوا بالخطيئة وفعلوا اللواط، فأهلكهم الله -تعالى- بذنبهم.[5][6] وأمّا الإفك في اللغة فهو الكذب العظيم المُفترى، فإن قيل أفّاك قُصد به الرجل الكذّاب كثير الكذب فهي صيغة مبالغة، وأمّا المؤتفكات فتأتي بمعنى الرياح تختلف مهابّها فتقلب الأرض، ويُقصد بذلك مدائن قوم لوط التي قُلبت على أهلها.[7][8][9]

دعوة لوط عليه السلام لقومه

عاش لوطٌ -عليه السلام- في فترة رسالة إبراهيم عليه السلام، وقد آمن به واهتدى بسنّته، وهاجر معه في رحلاته وتنقّلاته، حتى نزل أمر الله -تعالى- عليه بالرسالة إلى قوم سدوم، وهي قرية في الأردن تقع قرب البحر الميت، فحمل نبي الله لوط رسالة التوحيد إلى قومه، الذين كانوا يُعرفون أيضاً بسوء أخلاقهم وبذائتهم، وعظيم الطغيان والفساد وقطع الطرق على المسافرين، وانتشار اللواط والفاحشة بينهم، ولا يستحيون من ذلك أيضاً، بل يُظهرونه أمام بعضهم البعض، فجائهم نبيهم داعياً إلى الانتهاء عن كلّ تلك الأفعال القبيحة، وآمراً إيّاهم بالتوحيد، والتوجّه لله -تعالى- بالعبادة.[2]لم يستجب قوم لوط لنبيهم عليه السلام، ولم يؤمن بدعوته أحد، بل قابله القوم بالكفر والتكذيب، وحاولوا إخراج نبيهم من قريتهم كارهين دعوته لهم بالطهر والفضيلة، حيث قال الله تعالى: (أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)،[10] فكان الطهر والعفة سببٌ لبغضهم وذمّهم وعنادهم وجدالهم لنبيهم، ولم يكتفوا بذلك بل تحدّوا نبيّهم أن يُنزل عليهم عذاباً من الله -سبحانه- إن كان نبيّاً صادقاً حقّأً، قال الله تعالى على لسان القوم: (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)،[11] فحينئذٍ دعا لوطٌ ربّه أن ينصره على قومه، فأجاب الله -تعالى- دعاءه.[2][12]

ضيوف النبي لوط ومراودة القوم

عندما توجّه لوطٌ -عليه السلام- إلى ربّه بسؤاله النصرة على قومه أرسل الله -تعالى- له ملائكة ليُلحقوا العذاب بقومه، وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل، فنزلوا أوّلاً عند نبي الله إبراهيم -عليه السلام- ليبشّروه بنبيّه إسحاق، ويُخبرونه بخبر إهلاك قوم لوط، ففزع إبراهيم -عليه السلام- من خبر إهلاك القوم الكافرين، وحاول أن يجادل الملائكة في ذلك، وذكّرهم بوجود لوطاً -عليه السلام- في القرية، فأخبرته الملائكة أنّ الله -تعالى- سينجّي لوطاً، وسيهلك القوم بأكملهم، قال الله تعالى: (فَلَمّا ذَهَبَ عَن إِبراهيمَ الرَّوعُ وَجاءَتهُ البُشرى يُجادِلُنا في قَومِ لوطٍ*إِنَّ إِبراهيمَ لَحَليمٌ أَوّاهٌ مُنيبٌ*يا إِبراهيمُ أَعرِض عَن هـذا إِنَّهُ قَد جاءَ أَمرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُم آتيهِم عَذابٌ غَيرُ مَردودٍ)،[13] ثمّ خرجت الملائكة من عند إبراهيم متوجّهين إلى قُرى قوم لوط، ودخلوها وقت الظهيرة، وأضافوا نبي الله لوطاً.[2]لم تُخبر الملائكة نبي الله لوطاً -عليه السلام- في بادئ الأمر أنّهم ملائكة، بل ظنّهم ضيوفاً فرحّب بهم وقدّم لهم الإكرام والضيافة، لكنّه شعر بالغمّ والضيق الشديدين لأنّ الملائكة كانوا قد أتَوا على هيئة شبّان جميلين مشرقي الوجوه فيهم نضارة الشباب، فخشي عليهم من قومه، وخشي من الفضيحة التي قد يُسبّبونها له، وعندما رأت زوجة لوط الضيوف، وكانت كافرةً بدين زوجها متّبعةً قومها، أسرعت إليهم تُخبرهم أنّ ثمّة ضيوفاً شباباً بديعي الجمال في بيت زوجها، فأقبل القوم مسرعين إلى حيث البيت، يطلبون بإلحاحٍ من نبي الله أن يمكّنهم منهم، فاغتمّ نبي الله لوطاً، وخرج إليهم، وأغلق الباب وبدأ يحاول إقناع القوم بقُبح ذلك، لكنّ قومه لم يلتفتوا إلى تذكيره ونصحه، وحاولوا أن يفتحوا الباب ليروا الضيوف في الداخل.[2]

إهلاك قوم لوط

لمّا رأت الملائكة شدة الكرب الذي أصاب نبي الله لوطاً بسبب إلحاح قومه وإصرارهم عليه، لأجل إدخالهم عند الضيوف أخبرت الملائكة لوطاً أنّهم ملائكةٌ وليسوا من البشر، وأنّ القوم لن يستطيعوا الوصول إليهم وإيذائهم، ثمّ إذا أذن الله -تعالى- بإنهاء هذا القرى الظالمة أمر نبيّه لوطاً أن يخرج مع أهله ليلاً وقبل شروق الشمس، وألّا يلتفتوا إلى القوم إذا نزل فيهم العذاب، فخرج نبي الله لوطاً مع أهله وزوجته، لكنّ الله -تعالى- أخبر لوطاً أنّ زوجته ستهلك مع الهالكين لأنّها كفرت برسالة زوجها ولم تتّبعه، ثمّ أرسل الله -تعالى- جبريل -عليه السلام- إلى القوم الكافرين، فرفع قراهم وقد كانت أربع أو خمس، رفعها بريشةٍ واحدةٍ من جناحه إلى عنان السماء حتى سمع أهل السماء أصوات القوم وصياحهم، ثمّ جعل عاليها سافلها وهوى بها في الأرض، ثمّ أرسل الله -تعالى- عليهم الصيحة وأمطرهم بحجارة سجّيلٍ من السماء، تنزل على الرجل فتدفعه وتقتله، وقد لحق زوجة لوط العذاب فهلكت مع من هلك.[2]

المراجع