لماذا استحوذت جوجل على فريق بيكسل في شركة HTC التايوانية؟

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/10/28
لماذا استحوذت جوجل على فريق بيكسل في شركة HTC التايوانية؟

على بُعد أيام قليلة من حدثها الكبير الخاص بالكشف عن الجيل الجديد من هواتفها عالية الأداء بكسل Pixel، ظهرت شركة جوجل في الصورة بطريقة شبه مفاجئة وعملية استحواذ جديدة كعادتها، بإغلاقها عملية الاستحواذ بشكل نهائي على قطاع الهواتف في شركة HTC التايوانية بصفقة بلغت 1.1 مليار دولار.


الشركة التايوانية العريقة تعتبر من الشركاء الداعمين والمؤثرين في خطة جوجل لاقتحام سوق الهواتف الذكية بالتعاون معها في تصنيع وتطوير العتاد الخاص بعائلة هواتف Pixel حاليًا وNexus سابقًا، فلماذا استحوذت الشركة على قطاع الهواتف فقط في شركة HTC؟ وما هي دوافعها الحقيقية وراء هذا الأمر؟ وهل على أبل وسامسونج أن تحذرا من هذا الاستحواذ في قادم السنوات؟


أولًا ما هي تفاصيل عملية الاستحواذ؟


الأنباء التي وردت تفصّل بأنّ الصفقة لم تشمل شركة HTC التايوانية بأكملها ولا حتى قطاع الهواتف الذكية بأكمله، كما حصل في صفقتها السابقة عند استحواذها على موتورولا Motorola في العام 2011، والتي لم تذهب كما أرادتها جوجل وباعتها في نهاية المطاف لشركة لينوفو الصينية.


بدلًا من ذلك، فقد استحوذت فقط بشكل منفصل على القطاع الذي يعمل على تصنيع وتطوير عائلة هواتفها الذكية Pixel في شركة HTC، هولاء الموظفين والذين تتراوح تخصصاتهم ما بين باحث ومطور ومصمم هم العمود الرئيسي في إطلاق النسخة الأولى من هاتف Pixel في العام السابق. لذلك، ركزت جوجل فقط على هذا القطاع وهولاء الموظفين دون بقية الشركة، مع الاستمرار في التعاون مع الشركة التايوانية في المستقبل بحسب تصريح Rick Osterloh نائب رئيس قسم الهاردوير في شركة جوجل.


هذه المرة تبدو الآمال والتوقعات عالية لجوجل في اقتحام سوق الهواتف الذكية بكل قوة برمجيًا وعتادًا، كما تفعل أبل مع هواتفها الشهيرة آيفون، فجوجل لديها الانتشار الكبير في هواتف المستخدمين من خلال نظام التشغيل أندرويد بالتعاون مع مصنعي الهواتف الآخرين.


نظام التشغيل وحده لا يكفي!


لماذا استحوذت جوجل على فريق بيكسل في شركة HTC التايوانية؟


جوجل وعمليات الاستحواذ قصة طويلة لم ولن تنتهي بهذا الاستحواذ، وعلينا أن نرجع بالوراء قليلًا عند إستحواذ الشركة على علامة Motorola الأمريكية في العام 2011، هذه الصفقة أرسلت رسائل عدة وتفاءل بها الجميع بأنّ جوجل لديها القدرة على المنافسة في سوق تصنيع الهواتف الذكية وستدخل هذا السوق بكل قوة، ولكن يبدو أنّ جوجل خاب ظنها أو لم تكن مستعدة بعد لهذه الخطوة الكبيرة.


فجوجل كانت منتشية بنظام التشغيل أندرويد وسيطرتها على أجهزة المستخدمين. لذلك، جعلت تركيزها منصب بصورة كبيرة على تطوير هذا النظام، ودفعها للشركات المصنعة مع استقطاب شركات أخرى لتفعيل هذا النظام في أجهزتهم التي يصنعوها.


وحاولت اقتحام سوق تصنيع وتطوير الهواتف على استحياء بعد استحواذها على Motorola من خلال إصدار هاتفها الأول Nexus  الذي تم تجميعه من خلال شركات أخرى مثل HTC وهواوي مع تدخلها بشكل بسيط على التصميم، وهنالك انتقادات وجهت لها بأنّ بعض إصدارات Nexus قد جاءت مشابهة لهواتف Motorola التي استحوذت عليها.


هذا الأمر جعلت جوجل تدرك بأنّها ليست مستعدة بعد لهذا السوق التنافسي الرهيب، واكتفت فقط بتقديم نظام التشغيل للشركات الأخرى والتعاون معها في إطلاق هواتف الآندرويد، هذه الخطوة جعلت الشركة لا تربح بطريقة مباشرة وهذا ما كان يسبب لها هاجسًا أو غيرة مهنية، فطالما نظامنا يحقق هذا المعدل من الانتشار على أجهزة المستخدمين فلماذا لا ندخل السوق بكامل قوتنا، وبدلًا من أن نكون شركة برمجيات فقط فالمانع أن نكون شركة برمجيات وعتاد في آن واحد ونقتحم السوق بعلامتنا الخاصة؟!


إذًا ما الفائدة التي ترجوها جوجل من هذا الاستحواذ؟


لماذا استحوذت جوجل على فريق بيكسل في شركة HTC التايوانية؟


للإجابة على هذا السؤال علينا أولًا أن نتطرق للجيل الأول من علامة الهواتف الخاصة بشركة جوجل Pixel، منذ إصدار هذه العلامة في العام السابق 2016 وجوجل تفتخر بشهادة الجميع بأنّها أخيرًا قد تحولت من شركة برمجيات فقط إلى شركة برمجيات وعتاد في مجال الهواتف الذكية.


فهي قد أكدت بأنّ هاتف Pixel و Pixel XL قد تم تصنيعه بالكامل تحت مظلة جوجل، وشركة HTC دورها  فقط كان بالتجميع كما تفعل شركة Foxconn  مع أبل وهاتفها الشهير أيفون، كما أنّها جاءت بمواصفات أقل ما يقال عنها أنّها ثورية وعالية الأداء في منافسة مباشرة مع هواتف iphone 7 و Galaxy 7  حتى أنّ الأسعار مع هذه الهواتف كانت متقاربة للحد البعيد.


بكل تأكيد النجاح من عدمه ليس هذا وقت الحديث عنه لجوجل بالذات، فالأهم هو إصدار هاتف يمكن مقارنته بهواتف أبل وسامسونج منذ البداية، وهذا ما فعلته في جيلها الأول مع عائلة Pixel، وأتى الاستحواذ الأخير لقطاع الهواتف في شركة HTC خاصةً مع قرب الإعلان عن الجيل الثاني من عائلة Pixel بأنّ الشركة لديها خطط طويلة الأجل للدخول في سوق الهواتف الذكية، ويمكن تلخيص الفائدة الحقيقية لجوجل من هذا الاستحواذ في النقاط التالية:


  • ضمان وجود شريك استراتيجي ومهم مثل شركة HTC إلى جانبها وعدم خسارتها لصالح منافس آخر مثل سامسونج أو أبل أو إحدى الشركات الصينية الصاعدة، بالرغم من تأكيد الشركة بأنّها مستمرة في تصنيع الهواتف الذكية، إلّا أنّه من المتوقع في قادم السنوات بأن تخرج الشركة نهائيًا من هذا السوق للتركيز على معدات الواقع الافتراضي التي تنتجها لصالح شركة جوجل نفسها، خاصةً وأنّ الشركة كانت بالفعل قد عانت في العام 2015 من تراجع حاد في أعمالها مع حالة التنافس العالية التي يشهدها سوق الهواتف الذكية.

  • وعلى نفس المنوال أيضًا فقد ضمنت جوجل الآن وجود 2000 موظف من ذوي الخبرة في مجال الهواتف الذكية، وتتنوع أعمالهم ما بين البحث والتطوير والتصميم، والذين كانوا يمثلون العمود الرئيسي في إنتاج وإطلاق العديد من هواتفها جوجل مثل: Nexus  سابقًا و Pixel حاليًا، هذا العدد الكبير من الموظفين ومع الصعوبات التي واجهتها شركة HTC، سيكونون محط أنظار الشركات الأخرى خاصةً الشركات الصينية الصاعدة والواعدة جدًا. لذلك، وجود هذا العدد الضخم من الموظفين تحت مظلة بحجم شركة جوجل من شأنه أن يدعم خطط الشركة طويلة الأمد في تحولها الكامل من شركة برمجيات إلى شركة برمجيات وعتاد معًا في سوق الهواتف المحمولة.

  • مع انتظار إطلاق الجيل الثاني من عائلة Pixel في الأيام القادمة، فإنّ الإعلان عن هذه الصفقة في هذا الوقت بالذات رسالة من جوجل للجميع خاصةً المنافسين المباشرين بأنّ الشركة لديها خططها الخاصة باقتحام سوق الهواتف الذكية من جميع الزوايا، ولن تكتفي بعد الآن بزاوية واحدة فقط من خلال تطوير نظام التشغيل وحده، بل التصميم والتصنيع أيضًا له مكانة هامة لدى الشركة، وأنّ استهداف المستخدمين أصحاب الفئة العليا هو الهدف وليست الفئة المتوسطة فقط.

  • الحصول على ترخيص براءات اختراع عديدة بشكل قانوني وصحيح تمامًا من شركة HTC يغنيها مستقبلًا تجنب الدخول في قضايا قانونية قد تخصم منها الكثير معنويًا وماديًا خاصةً إذا استحوذت شركة أخرى على HTC، وجدير بالذكر أنّ الدخول لسوق الهواتف الذكية يتطلب حذر شديد في كل تقنية جديدة يتم إضافتها للهاتف الذكي خاصةً في جانب العتاد.

  • سيؤدي هذا الاستحواذ أيضًا إلى “إغلاق الدائرة” “بشكل محكم لشركة جوجل، مما يتيح لها التحكم بالكامل في عملية إصدار هاتفها الذكي من التصميم إلى التصنيع، مما يتيح لشركة جوجل مزيدًا من المرونة لتجربة الميزات والتصاميم الجديدة مع تقليل العديد من مشكلات الأجهزة والبرمجيات المرافقة لهواتف الأندرويد.

  • التحكم في جميع العمليات التسويقية و التسعيرية، فمن خلال الاستحواذ فإنّ عملية إصدار هواتفها الذكية بكاملها أصبحت تحت مظلتها الآن، وبالتالي تستطيع أن تتحكم بشكل كُلي في تسويق هاتفها بالطريقة التي تراها مناسبة بدون تدخل الشركة المصنعة للهاتف، كما أنّ وضع أسعار لهواتفها القرار الأول والأخير سيكون لها بشكل كامل بدون تدخل أي طرف خارجي، وبالتالي الفائدة الربحية من بيع الهاتف الذكي سيعود لها بالكامل وبطريقة مباشرة تمامًا، مع  إنشاء مراكز الدعم والبيع الخاصة بها في المدن والدول المختلفة كشركة أبل وهاتفها الشهير آيفون.

بكل تأكيد شركة جوجل لديها باع في عمليات الاستحواذ منذ قديم الزمان، ولكن تحول استراتيجية الشركة كُليًا وتحويلها لشركة متعددة الأنشطة تحت اسم ألفا بيت، وقدوم المدير التنفيذي ساندر بتشاي Sundar Pichai لقيادة جوجل والذي يمثل الضلع الأهم في منظومة الإنترنت، شهدت الشركة قفزات كبيرة في تعزيز أعمالها ودخولها أسواق كانت تعتبر مغامرة كبيرة لشركة بحجم جوجل في الدخول إليها لوجود منافسين كِبار قد سبقوها باشواط عديدة.


وفي قطاع الهواتف المحمولة الذكية تبدو الشركة واثقةً من أنّها ستقطع حصتها عاجلًا أم آجلًا، وبما أنّها قد دخلت المنافسة أخيرًا بهاتفها الرائد Pixel الذي استقبل استقبالًا حارًا بمواصفاته العالية، يبدو المستقبل أكثر إشراقًا للشركة في الحصول على الكعكة الكبرى في هذه السوق خاصةً وأنّ نظام التشغيل الأكثر استخدامًا ملكًا لها.