غالباً وكإنسان عادي.. تستيقظ مع “صباح الخير” لتعد مشروبك المفضل وتستمع لموسيقاك الجميلة مع رياضة أو بدون لكن مع تطور التكنولوجيا وبنسبة كبيرة تحولت “صباح الخير” لتصفح فيسبوك كما تحول مشروبك المفضل وموسيقاك الرائعة لمتعة جديدة وهي صور وفيديوهات الانستجرام التي تشبه كل شيء بالواقع أكثر من الواقع نفسه وبإمكانك استبدال مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وإنستجرام بتويتر وتيك توك أو ما شئت من برامجك المفضلة.
ولأن ذلك يؤسفني جداً وأنا كنت مثلك قررت كتابة هذا المقال لك، من المهم قبل أن نبدأ توضيح أن العلاقة بين مواقع التواصل الاجتماعي تعتمد على الفرد وظروف حياته، أمّا الآن أجب عن هذه الأسئلة: هل حاولت أن تلغي حسابك على فيسبوك ولم تستطع أو استطعت ولكن سرعان ما تراجعت؟ هل تستطيع مقاومة إشعار هام لم تفتحه أو الامتناع عن تفقّد هاتفك الذكي كل ساعة أو حتى دقيقة حسب مشاغلك؟
تشبه هذه الأعراض أعراض الإدمان، سنتعرف على مضار هذه العادات الآن وفي النهاية سأقدم لك بعض الحلول لتجربتها.
إليك ما اعترف به Chamath Palihapitiya تشاماث باليابيتيا نائب الرئيس السابق لنمو المستخدمين في فيسبوك لجمهور من طلاب ستانفورد قائلاً: “أشعر بالذنب الهائل”، وكان يجيب عن سؤال حول تورطه في استغلال سلوك المستهلك (مستخدم فيسبوك).
وأوضح قائلاً: “إن حلقات التغذية المرتدة قصيرة الأمد التي خلقناها والتي تعتمد على الدوبامين تعمل على تدمير الكيفية التي يعمل بها المجتمع”. ففي حديث باليابتييا، سلط الضوء على شيء يعرفه أغلبنا ولكن قِلة منا يدركونه إدراكاً كاملاً، فالهواتف الذكية ووسائل الإعلام الاجتماعية مصلحتها الحقيقية أن تحولنا إلى مدمنين متقدمين.
إذا كنت قد وضعت هاتفك في غير موضعه، فربما تكون قد شهدت حالة من الذعر إلى أن يتم العثور عليه. ويزعم نحو 73% من الناس أنهم يجربون هذه النكهة الفريدة من القلق، وهو أمر منطقي عندما تفكر في أن البالغين في الولايات المتحدة يقضون ما متوسطه من ساعتين إلى أربع ساعات يومياً في النقر على أجهزتهم والكتابة والسحب على الشاشة، وينتج عن هذا ما يزيد على 2600 لمسة يومية.
كما أنَ هواتفنا الذكية زودتنا بمخزون غير محدود تقريباً من المحفزات الاجتماعية، الإيجابية منها والسلبية فكل إشعار، سواء كان رسالة نصية، أو “أعجبني” على إنستجرام، أو إشعاراً على الفيس بوك، من الممكن أن يكون حافزاً اجتماعياً إيجابياً وتدفق الدوبامين وفي سياق تطوري، تكافئنا السلوكيات المفيدة وتحفزنا على تكرارها.
وهناك أمثلة أخرى تسلط الضوء على جهد أكثر عمداً لاحتكار وقتك. ولنتأمل هنا تطبيق إنستجرام لجدول مكافآت ذي نسبة متغيرة، إن خوارزميات الإشعارات في إنستجرام سوف تحجب أحيانًا “تسجيلات الإعجاب” على صورك لتسليمها في نوبات كبيرة. لذلك عندما تقوم بتفحص بمنشورك، قد تشعر بخيبة أمل للعثور على استجابات أقل مما كنت تتوقعه، فقط لاستقبالهم في حزمة أكبر في وقت لاحق، لقد تم تحضير مراكز الدوبامين من قبل تلك النتائج السلبية الأولية للاستجابة بقوة لتدفق التقييم الاجتماعي المفاجئ.
وفي دراسة مدتها أسبوع واحد أجريت على 1095 مشارك في أواخر عام 2015 في الدنمارك، تقدم هذه الدراسة أدلة سببية على أن استخدام فيس بوك يؤثر سلباً على صحتنا.
ومن خلال مقارنة مجموعتين من المشاركين، مجموعة العلاج (المشاركون الذين أخذوا استراحة من فيس بوك) بمجموعة التحكم (المشاركون الذين ظلوا يستخدمون فيس بوك)، تبين أن أخذ استراحة من فيس بوك له تأثيرات إيجابية حيث تصبح عواطفنا أكثر إيجابية ونرتاح للحياة أكثر.
بالإضافة إلى ذلك، تبين أن هذه التأثيرات كانت أعظم كثيراً بالنسبة للمفرطين باستخدام فيس بوك ، ومستخدمي فيس بوك السلبيين، والمستخدمين الذين يميلون إلى حسد الآخرين على فيس بوك، كما أنّ قضاء المزيد من الوقت أمام هواتفنا الذكية يؤدي إلى زيادة الشعور بالوحدة والاكتئاب والقلق والعزلة الاجتماعية وانخفاض الروابط العاطفية.
لكن هنا أود توضيح نقطة هامة وهي أنّ الوحدة لا تعني العزلة الاجتماعية التي تعرف على أنها البعد بشكل مادي عن الآخرين وعدم وجود قنوات للتواصل. أمّا الوحدة فهي شعور بعدم وجود من يفهمك ويشاركك الاهتمامات وقد تعيش الوحدة وأنت داخل غرفة مزدحمة بالأشخاص.
في دراسة أخرى أيضاً طُبقت على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وإنستجرام وسناب شات، تم تعيين المشاركين عشوائياً كمجموعة تحكم، ومجموعة علاج تستخدم فيسبوك وسناب شات وإنستجرام لمدة نصف ساعة بمعدل 10 دقائق لكل منصة في اليوم.
خلال الأسابيع الثلاثة التالية، شارك المشاركون لقطات شاشة لبطارية iPhone لإعطاء الباحثين الأرقام الأسبوعية التي تمثل استخدام كل فرد لهذه التطبيقات، ومع وجود هذه البيانات في المتناول، نظرت عالمة النفس والمديرة المساعدة للتدريب السريري في قسم علم النفس لدى جامعة بنسلفانيا Melissa G. Hunt مليسيا ج.هانت بعد ذلك إلى سبعة نواحي خاصة بالنتائج منها الخوف من النفي، والقلق، والاكتئاب، والوحدة وضعف جودة النوم. ونشرت استنتاجاتها في مجلة Journal of Social and Clinical Psychology.
قالت:
“إليكم خلاصة الأمر إنّ استخدام وسائل إعلام اجتماعية أقل مما تعودنا عليه من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض كبير في كل من الاكتئاب والوحدة. وهذه التأثيرات واضحة على وجه الخصوص بالنسبة لهؤلاء الأشخاص الذين كانوا أكثر اكتئاباً عندما قدموا إلى الدراسة”.
وتقول أيضاً إنّ بعض الكتابات الحالية على مواقع التواصل الاجتماعي تشير إلى كمّ هائل من المقارنات الاجتماعية التي تحدث عندما تنظر لحياة أشخاص آخرين وخاصة على إنستجرام، فمن السهل أن نستنتج أن حياة أي شخص آخر رائعة أو أفضل من حياتك.
سوف أقدم لك بعض الحلول، لكن أود قبل طرحها تنبيهك إلى أنّها قد تبدو سهلة ولكنها من الممكن ألّا تكون بهذه البساطة.
إيقاف تشغيل الإشعارات
من الأسهل التركيز على مهامك اليومية وعدم تشتت انتباهك بسهولة عند إيقاف الإشعارات، فإنّها عبارة عن تذكير دائم بأنّ هناك شيئاً يحدث في عالم الإنترنت أنت لا تعرفه، وهنا أيضاً يوجد ميزة ممتعة فعند دخولك بالوقت الذي حددته لنفسك تجد عدد إشعارات أكبر مما يجعل التجربة أكثر إثارة، لتجربتها اتبع هذه الخطوات، ادخل إلى إعدادات هاتفك الذكي أو الضبط قم باختيار التطبيقات ثم التطبيق الذي تريد تعطيل إشعاراته مثل فيسبوك أو ماسنجر أو إنستجرام ومن ثم إيقاف تشغيل الإشعارات.
قم بتعيين منبه على الساعة أو الهاتف
للحد من الوقت الذي تقضيه على الوسائط الاجتماعية، اختر حداً وفقاً لشدة إدمانك، على سبيل المثال، ساعة في اليوم، أي ما يعادل سبع ساعات في الأسبوع، ومتى تتحقق من حساباتك، ابدأ بتشغيل المنبه. عندما تصل إلى الحد الأقصى، كن قوياً ولا تستسلم لإغراء إضافة المزيد من الوقت، سوف يكون هذا بمثابة اختبار قوي لقوة إرادتك، ولكنه سوف يستحق ذلك في النهاية.
اختيار الوقت المناسب
احرص على عدم استخدام هاتفك قبل النوم مباشرة هذا من شأنه أن يضعف جودة نومك، كما يفضل أيضاً عدم استخدامه عند الاستيقاظ فهذا يستنزف طاقتك قبل البدء بيوم جديد بنشاط.
احصل على هواية جديدة
قد يكون لديك وقت فراغ أكبر بكثير الآن بعد أن حاولت تقليص استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي، يمكنك تعلم مهارة جديدة أو القيام بشيء ما كنت تريد القيام به دائماً ولكن لم يكن لديك الوقت مطلقاً كالعزف على آلة موسيقية أو تعلم لغة جديدة أو تعلم لغة برمجة مثلاً بالإضافة إلى هوايتك الجديدة ستبقي عقلك ويديك مشغولين بأشياء مفيدة.
كن واقعياً عند تحديد الأهداف
ضع التزامات صغيرة في عملية فطام تدريجية، تماماً كما نستطيع أن نتدرب على تناول كميات أقل من السكر نستطيع تدريب أنفسنا على الإقلال من الإدمان على هواتفنا، قد يتضمن هذا التدريب إعلان مهلة 30 دقيقة لوسائل التواصل الاجتماعية، أو تخصيص يوم كامل بدونها.